رب ضارة نافعة سياحيا !!

يحرص الأتراك على الاستمرار في مسيرة البناء والتنمية التي بدأوها منذ سنوات ويعملون بكل جهد ونشاط مستغلين الأحداث المتسارعة التي تحدث في الكثير من الدول خاصة الدول القريبة منهم ومن المجالات التي ينشط الأتراك في تطويرها وتنميتها بصورة مستمرة ودون توقف عند حد معين (القطاع السياحي) معتمدين في ذلك على ما تمتلكه تركيا من مقومات الجذب السياحي والتاريخي الممتدة جذوره إلى عصور مختلفة, استمدت هذا الثراء من تاريخها العريق الذي يحكي حضارات عدة كانت فيها تركيا وتحديدا مدينة اسطنبول أبرز المدن السياحية وأهمها في تركيا حاضرة للعديد من الدويلات والممالك ولعل أبرز تلك الممالك التي أثرت في هذه المدينة ومثلت لها ثراء استثنائياٍ الدولة البيزنطية والدولة الإسلامية حيث كانت اسطنبول عاصمة للعثمانيين الذين حكموا البلدان الإسلامية لقرون عدة بعد انتهاء الحكم العباسي ولعل الشواهد التاريخية إسلامية كانت أو بيزنطية تعد خير شاهد ودليلاٍ على ثراء هذه المدينة وليس الأهم هنا الثراء بقدر ما هو مهم كيف عمل الأتراك على استغلال تلك المقومات التاريخية ليصنعوا من خلالها حراكا سياحيا مزدهرا يتطور كل عام.

اليمن لاتستغل مقوماتها
كم من بلدان لديها مقومات السياحة ومنها التراث الممتد إلى عصور ضاربة جذورها في أعماق التاريخ لكنها لم تحسن استغلال تلك المقومات أو على الأقل تحافظ عليها ومن هذه الدول بالطبع بلادنا التي تمتلك تراثا وتاريخا عظيما وتعتبر من الدول ذات الثراء الكبير في هذا المجال لكنها لم تستطع حتى الآن استغلال هذا التراث والاستفادة منه كما عملت تركيا وغيرها من الدول ذات السياحة المتطورة والتي لا تقل اليمن ثراء عنها بل إننا في اليمن نسعى إلى تدمير هذا التراث والعبث به بصورة مخزية جدا دون رادع أو رقيب وحسيب.
وفي زيارتنا الأخيرة لمدينة اسطنبول الأسبوع الماضي ورغم أن الموسم السياحي قد انتهى بدخول البرد القارس والثلوج الكثيفة إلا أننا وجدنا في الشوارع والأماكن السياحية الكثير من السياح صحيح أنهم ليسوا بتلك الكثافة التي يتواجد فيها السياح أثناء الموسم السياحي في فصل الصيف والذي يصل إلى حد الازدحام الشديد والطوابير الطويلة جدا أمام المعالم السياحية إلا أن تواجد السياح في فصل الشتاء رغم البرد القارس كان مثيرا للاهتمام خاصة تواجد السياح من دول الخليج العربي وبشكل كبير وفي كل الأماكن التي تواجدنا فيها.
البديل المناسب
عندما سألنا عدداٍ من السياح الخليجيين حول ما تمثله اسطنبول من جذب سياحي بالنسبة لهم كانت إجاباتهم تتلخص في أن اسطنبول باتت من أكثر الوجهات السياحية كونها تحوي الكثير من المعالم والمزارات السياحية المتنوعة منها تاريخية (إسلامية وغير إسلامية) أيضا تحوي مواطن وأماكن الجمال والمناظر الخلابة كذلك الأحداث التي تمر بها بعض الدول العربية وكانت هذه الدول وجهات سياحية للكثير من السياح الخليجيين ومنها “اليمن – سوريا- تونس- المغرب- مصر” كل هذا ساعد اسطنبول على أن تكون البديل المناسب للكثير من السياح الخليجيين.
وأكدوا أن الأمن يمثل أبرز الأشياء التي يريدها السائح وهذا ما وجدوه متوفرا في اسطنبول كذلك الانفتاح الكبير لدى السكان وتقبلهم للآخر مهما كانت ثقافته ففي الشارع يمكنك التجول بارتياح تام مع أسرتك مهما كانت الهيئة التي أنت وأسرتك عليها فمثلاٍ الحجاب الذي كان في تركيا يمثل مشكلة حقيقية بات الآن متاحاٍ لمن أراد دون حرج أو رفض من السكان.
وأشار البعض ممن تحدثنا إليهم إلى أن التسوق بات من الأشياء الهامة التي تجذب السياح إلى اسطنبول فالأسواق فعلا رأيناها مزدحمة بالسياح وخاصة الخليجيين ولعل أبرز الأسواق التقليدية في اسطنبول السوق المسقوف “جراند بازار” والبازار المصري.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الاستعدادات تجري على قدم وساق لإنشاء مطار ثالث في اسطنبول يخطط له الأتراك أن يكون أكبر مطار في العالم حيث من المتوقع أن يتسع لـ(150) مليون مسافر سنويا.. وهذا ما نود توضيحه حيث ورد خطأ غير مقصود في مادة الأسبوع الماضي بأن هذا العدد للمسافرين والمتوقعين عبر هذا المطار بشكل يومي والصحيح أن هذا العدد بشكل سنوي وهنا وجب التصحيح.
تطوير السياحة العلاجية
لم يقف اهتمام الأتراك بالسياحة عند هذا الحد بل تعداه إلى جوانب عديدة ومنها توجه الأتراك نحو السياحة العلاجية وبدأت البرامج والخطط تتجه للاهتمام بهذا النوع من السياحة وجذب السياح إليها من مختلف أنحاء العالم ومنها بلادنا التي يخرج منها سنويا الكثير من الناس إلى عدة دول طلبا للسياحة العلاجية ولهذا تحرص تركيا على جذب أولئك السياح أو نسبة كبيرة منهم لغرض السياحة العلاجية في مستشفياتها باسطنبول أو غيرها من المدن التركية.
لهذا كانت أحد برامجنا لزيارة تركيا السياحة العلاجية حيث نظم القائمون على الرحلة “الخطوط الجوية التركية” والذين يشكرون على حسن التنظيم وكرم الضيافة التي غمرونا بها وعلى رأسهم السيد أحمد ترسون مدير الخطوط التركية بعدن والذي رافقنا أثناء هذه الرحلة ونظم لنا لقاء مع أطباء يمنيين قدموا منذ أسابيع إلى تركيا للاطلاع على تجربة تركيا في مجال السياحة العلاجية, حيث تحدثت إلينا الدكتورة رشا مصطفى مديرة أحد المكاتب المتخصصة بإرسال السياحة العلاجية من بلادنا إلى العديد من الدول ومقر هذا المكتب في مدينة عدن حيث أوضحت أن الخدمات المقدمة في تركيا والجودة أرقى وأفضل من الدول التي يقصدها الكثير من اليمنيين للسياحة العلاجية فقد أصبحت تركيا تنافس أوروبا وتحديدا ألمانيا في هذا النوع من السياحة وباتت تمتلك الكثير من الوسائل والتقنيات الحديثة في هذا المجال فمثلا لديها أجهزة تعد الأولى عالميا في مجال علاج السرطان بالإشعاع أدخلتها بعض المستشفيات المتخصصة بالسرطان منذ أسبوعين فقط.
وأكدت أن زيارتها وزملاءها من الأطباء إلى تركيا جاءت بعد أن لاحظت أن العديد من اليمنيين يريدون تركيا ويسألون عنها طلباٍ للسياحة العلاجية فيها بعد أن بدأوا يسمعون عن المستوى الذي وصلت إليه تركيا في هذا المجال.
وقالت: ولهذا قمنا بعمل هذه الزيارة والالتقاء بعدد من المسؤولين في بعض المستشفيات من أجل الحصول على عروض وتخفيضات تتناسب مع مستوى دخل المواطن اليمني وفعلا حصلنا على تخفيض 30 % مقارنة بالسياح القادمين من دول أخرى أيضاٍ تخفيض في الفنادق والمواصلات وغيرها من الأشياء والعروض التي تعد مناسبة فعلا للكثير من المواطنين اليمنيين.
ويؤكدنائب مسؤول الشرق الأوسط في الخطوط التركية السيد آدم جيلان أن الخطوط التركية تقدم تخفيضاٍ بنسبة 50 % من قيمة التذاكر لكل يمني يأتي إلى تركيا لغرض السياحة العلاجية وحتى إذا ما دفع قيمة التذكرة كاملة يستطيع استرجاعها بموجب خطاب من المستشفى الذي يتعالج فيه بتركيا.
وأشار إلى أن تأشيرة الدخول إلى تركيا لطالب السياحة العلاجية من اليمن تمنح سريعاٍ ودون تأخير.

قد يعجبك ايضا