أثر الإيمان في تحقيق الأمن


إن الأمن في الأوطان والسلامة في الأبدان أكبر نعمة وأعظم مطلب تسعى إلى تحقيقه الأمم والشعوب ويطمح إليه الأفراد والجماعات على مر العصور فهو سبيل الدعة والطمأنينة وطريق الرخاء والاستقرار ورغد العيش فبه تعم البركات وتصلح الأحوال وتهنأ الحياة ويعيش الناس في أمن وطمأنينة وراحة بال وهذه النعمة العظيمة تقوم على دعامتين أساسيتين هما الإيمان بالله تعالى والاستقامة على العمل الصالح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليقترن الأمن بالأمان فتتم النعمة وتتجلى الكرامة وتتحقق الحياة الهادئة يقول جل وعلا “الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون”.
إن الإيمان بالله وحده يحمل كل فرد في المجتمع على أن يكون عيناٍ ساهرة ويداٍ حافظة أمينة ونفساٍ رحيمة مشفقة ساعية إلى اجتناب كل ما من شأنه أن يؤذي أو يسبب لهم الخوف في أنفسهم وأموالهم أو أعراضهم فضلاٍ عن الاعتداء عليها لأن الشرك بالله والبعد عنه سبحانه هما السبب المباشر الذي يؤدي إلى زرع الخوف في النفوس وضياع الأمن من القلوب وقد كانت حياة الجاهلية أكبر دليل على ذلك حيث الفوضى والاضطراب اللذين كانا يخيماٍ على مجتمعاتهم وما يحدث فيها من الغارات على بعضهم البعض والحروب القبلية التي تقوم بين القبائل ثأراٍ لأتفه الأمور فتمكث أعوام عديدة وقد وقعت حروب مدمرة وصراعات طاحنة استمرت بعضها عقوداٍ من الزمن أهدرت فيها الدماء وسلبت فيها الأموال وانتهكت فيها الأعراض فجاء الإسلام بأمنه وإيمانه فآمن الناس على أرواحهم وممتلكاتهم وبشرهم المصطفى “صلى الله عليه وسلم” إن هم استقاموا على دعامتي الأمن (الإيمان بالله تعالى والعمل الصالح) أن يتحقق لهم الأمن المنقطع النظير في دنيا الواقع وأن يجعلهم الله خلفاء الأرض وأن يبدلهم من بعد خوفهم أمناٍ حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله تعالى والذئب على غنمه يقول جل وعلا “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلكم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناٍ يعبدونني لا يشركون بي شيئاٍ ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون”.
استتباب الأمن تكريم من الله تعالى لعباده المؤمنين ولذلك قرر الإسلام ما يحفظ ذلك ويديمه على المجتمع المسلم فحرم الاعتداء على النفوس بإزهاقها وإيذائها بل جعل عقوبة من يزهقها النار في الآخرة تكريماٍ وصيانة لهذه النفس المسلمة بل جعل قتلها بدون سبب يبيح ذلك كقتل الناس جميعاٍ قال تعالى ” منú أِجúل ذِلكِ كِتِبúنِا عِلِى بِني إسúرِائيلِ أِنِهْ مِن قِتِلِ نِفúسٍا بغِيúر نِفúسُ أِوú فِسِادُ في الأِرúض فِكِأِنِمِا قِتِلِ النِاسِ جِميعٍا وِمِنú أِحúيِاهِا فِكِأِنِمِا أِحúيِا النِاسِ جِميعٍا وِلِقِدú جِاء تúهْمú رْسْلْنِا بالبِينِات ثْمِ إنِ كِثيرٍا منúهْم بِعúدِ ذِلكِ في الأِرúض لِمْسúرفْونِ32/وقال جل من قائل :” ومن يقتل مؤمناٍ متعمداٍ فجزاؤه جهنم خالداٍ فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباٍ عظيماٍ” .
وقال رسول الله “صلى الله عليه وسلم” لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار”.
وقال “صلى الله عليه وسلم” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداٍ رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله”.
لقد أراد الإسلام من ذلك كله تحقيق الحياة الآمنة المستقرة الهادئة لأتباعه أفراداٍ ومجتمعات والتي لا يعكرها سلوك العابثين والمنحرفين ولذلك شرع الله سبحانه وتعالى الحدود والتعزيرات الزاجرة لكل من يحاول العبث والإخلال بأمن المجتمع المسلم وجعل سبحانه وتعالى عقوبة المفسدين في الأرض المحاربين لله ورسوله “صلى الله عليه وسلم” وجماعة المسلمين عقوبة شديدة لما يسببونه من ترويع للآمنين وإخافة للمسلمين والمستأمنين ونشر للفساد في الأرض قال جل وعلا ” إنِمِا جِزِاء الِذينِ يْحِاربْونِ اللهِ وِرِسْولِهْ وِيِسúعِوúنِ في الأِرúض فِسِادٍا أِن يْقِتِلْواú أِوú يْصِلِبْواú أِوú تْقِطِعِ أِيúديهمú وِأِرúجْلْهْم منú خلافُ أِوú يْنفِوúاú منِ الأِرúض ذِلكِ لِهْمú خزúيَ في الدْنúيِا وِلِهْمú في الآخرِة عِذِابَ عِظيمَ”.
إن نعمة الأمن من النعم العظيمة التي أنعم الله بها علينا فلا رخاء إلا في ظل الأمن ولا سعادة إلى في كنف العافية ولا يقوم سلطان الأمن ولا تثبت أركانه إلا إذا حافظ كل فرد عليه فهو شعار المسلم وشارته والوصف النائب عليه وإذا كان الأمن وحمايته واجباٍ من واجبات الدولة فهو كذلك واجب من واجباتنا نحن كأفراد فنحن الذين ننعم به وحقيق علينا أن نشارك في صيانته وحمايته.
نسأل الله بمنه وقوته أن يحفظ البلاد من شر الأشرار وكيد الفجار وأن يوفق ولاة أمورنا للقضاء على جذور الشر والفساد وأن يحفظ لهذه البلاد دينها وعقيدتها وأمنها وقادتها وعلمائها إنه ولي ذلك والقادر عليه.

*عضو بعثة الأزهر الشريف باليمن

قد يعجبك ايضا