عائشة الطويلي –
يخرج من تحت الأنقاض يبتلع رذاذ الأوراق يبحث عن صخرة يتوارى خلف ظلالها , يهرب من صور الأشياء يرتجف من أعماقه الممتلئة بصرخات تنهال عليه من تحت الأرض, تتوسل إليه أن يعود ولكنه لا يستطيع لقد نهض من تحت رفاته لقد عاد ليلقي نظرته الأخيرة على من فقدهم بصره وامتنع عن رؤيتهم والتصق فمه فلم يقدر على التحدث إليهم!
عاد لترتطم الصور ببعضها في مخيلته ويعجب من مشاهد لم يتوقع رؤيتها وظهورها بهذا الشكل, يندفع نحو طريق كانت قد داسته قدماه يوما ما يركض ويركض متواريا خلف ظلاله, يخشى أن يصطدم بوجوه ظل زمنا يهرب من ملاقاتها حين كانت تصر على اللحاق به والتجسس عليه ومعرفة تفاصيله.
استمر في السير ليقابل وجوها لا يعرفها من قبل لكنها تشبه أحدا ما, ظل يحدق فيها ليرتطم بجدار البيت القائم خلف قصص ما تزال تختمر في ذاكرته الملقاة أعلى الجسد..
يسمع دوي انفجار ضخم يكاد يمزق أذنيه ليهرع مختبئا خلف أنقاض انحشر بداخلها وعندما هدأ المكان أسرع مهرولا نحو طريق آخر مبتعدا عن ذلك الصوت, يستمر في الركض حتى يسقط منهارا على الأرض, متعبا لا تقوى قدماه على تحمله ملتصقة قدماه بالتراب وكأنها تقول له: عد إلى قبوك حتى لا ترى الأعنف ويقضي عليك هول الأنين.
رغم ذلك النداء الموحش لكنه يستمر في السير نحو طرق عدة تتحدث عن قصص للموت تنطق بأسماء عديدة تتلون وتتكور بحجم الأشكال الموجودة في ذلك المكان وعيناه ترمقان من بعيد صورا لدخان كثيف قادما نحوه وفي الجهة الأخرى يرى أجسادا متآكلة يشتعل منها لهب ويخرج من حناجرها أنين لا يكاد ينقطع, يصعد فوق تلة ليختبئ من صوت آخر ملقى أقصى المكان لتنزلق قدماه في مستنقع آخر يأوي إليه كثير من الناس يركضون بعيدا يخافون من شيء ما يلحق بهم لكنه لا يمر من بينهم ولا من خلفهم ولا من تحت أقدامهم, ولا من فوقهم..ترى: ما ذلك الشيء الذي لا يكاد يبين ويهلع الناس منه¿
Prev Post
قد يعجبك ايضا