البيانات السياسية .. مزيدا من التعقيد

يعتدل في جلسته بيننا وكأنه يريد أن يقول شيئاٍ هاماٍ فيما يتعلق بعمله في صياغة البيانات لإحدى المكونات الفاعلة في الساحة السياسية « كلما كان ما أكتبه أقل عدائية كلما أجد الاعتراض من قبل كثيرين وأعرف أنهم يريدون حماس أكثر داخل البيان المقدم الذي يعبر عن وجهة نظرنا حول قضية معينة.
ليس هذا فحسب لا يجد البيان الأقل حدية تفاعلاٍ خارج المكون السياسي « حتى أن المواقع الالكترونية والصحف لا تتعامل معه بالنشر وقد لا ينشر إطلاقاٍ « يعرف المتحدث أن السبب هو ذاته فيعيد كتابة بيان جديد ممتلئ بالعداء للآخرين وبالاتهامات لهم وبتحميل كافة المسؤولية في كل شيء للخصوم .

الخطورة في البيانات السياسية الرائجة حاليا هو تكريسها لمصطلحات معينة وتسميات الخصوم بمفردات تلقى انتشاراٍ جماهيرياٍ واسعاٍ ويصنف على أساسها المجتمع وقد يحدث له نوع من التقسيم وفقا لهذه المسميات التي تتحملها وسائل الإعلام كنوع من الحقائق غير القابلة للنقاش والمراجعة ودون إدراك منها لخطورة ما تقوم به من تدمير للبناء الاجتماعي .
وجرت العادة بالإعلام على أن يطلب من المكون السياسي بيان ليعبر به عن رأيه ويصبح هذا الرأي المضمن في بيان هو التوجه الرسمي للمكون السياسي يقول وليد عبدالواسع المحرر في أخبار اليوم: نفضل كصحفيين التعامل مع البيان الصادر عن المكون السياسي أو الاجتماعي أفضل من تعاملنا مع قيادة هذا المكون كأفراد فقد تكون الآراء التي يطرحها الأفراد انعكاساْ لوجهة نظرهم فقط وقد يجدون فرصة للتراجع عنها واعتبارها اجتهاداٍ شخصياٍ بينما البيان يعتبر الممثل لكل الآراء داخل المكون ويتحلى بمسؤولية أكبر .

لا يلتزم بشيء
لكن هل هو عقلاني هل يضع حساباٍ للنتائج المترتبة على إصداره – الإجابة تقول إنه لا تترتب أية مسألة على البيانات مهما كانت طائشة التعبير وملغومة المضمون مجهولة المصدر أحيانا ففي إحدى جلسات البرلمان المنعقد في دورته الماضية تمسك عدد من النواب بتخصيص جلسه كاملة في مناقشة بيان اتضح فيما بعد أنه مجهول المصدر ومذيل بعبارة صادر عن علماء في اليمن دون ذكر لأسمائهم رغم خطورة مضمونه فقد هاجم البيان مندوب الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر وانتقص من دوره الدبلوماسي بل وذهب إلى التحدث عن انتماءاته السياسية وأفكاره ومعتقداته وهي ليست محل نقاش ولا يجب أن تكون محل نقاش لأنها شؤون خاصة به ولا تقلل أو تزيد من طبيعة مهمته الدبلوماسية في البلاد .
تم مناقشة بيان مجهول أحضره نائب في جيبه بعد أن حصل عليه من احد المارة وحسب النائب شوقي شمسان فإنه لا يعقل أن يتم مناقشة كل ورقة يحصل عليها دون أن يكون صاحبها معلوماٍ كجهة مسؤولة عن ما تقول والبيان لابد أن يكون واضح المصدر والهدف وواضح التعابير ولا يتضمن لغة استفزازية وهجومية ولا ألفاظاٍ تنتقص من الآخر مهما كان البيانات هي الجسر الذي يربط بين الجماهير والمكونات السياسية وهي التي تحدد طريقة التعامل وتوجيه الإتباع في التعامل مع المكونات الأخرى ومع المجتمع .

قد يتبناه شخص
المشكلة هي أن البيان قد لا يخضع للمراجعة والتقييم من قيادة المكون السياسي وقد يتبناه شخص واحد داخل المكون ولا يهتم بعرضه على الآخرين ما يجعله مجرد تعبير عن رأي أحادي داخل الهيئة السياسية ولا يؤثر على سمعة الحزب أو المكون بصورة كاملة وتصاب قواعد الحزب بعدم القدرة على تحديد المواقف من المجريات التي تحدث ويلجأ كل عضو إلى تبني رأى خاص به قد يكون مخالف لتوجه وأهداف ومبادئ المكون الذي ينتمي إليه يقول محمد المكش وهو عضو احد الأحزاب العريقة: إنه يبحث عن توجه حزبه وموقفه بين رأي الكتاب الذين يعتقد أنهم ينتمون إلى نفس الحزب ويعبرون عن توجهه لكنه يفاجأ أحياناٍ باختلاف وتباين بين هؤلاء الكتاب ولا يعرف أي الآراء تعبر عن توجه الحزب العام .
وللدلالة على هذا يمكن قراءة المشهد الذي حدث مع رؤية الحزب الاشتراكي اليمني حيث كانت وجهة نظره حول عدد الأقاليم مختلفة عما سواه من الأحزاب فقد كان يتبنى نظام الإقليمين فقط وهو ما كان مخالفا لعدد كبير من أعضائه الذين لم يجدوا الرأي الواضح لحزبهم وظلوا يدافعون عن وجهة نظر الأحزاب والمكونات الأخرى دون علم منهم ولم يحصلوا على أي إيضاحات أو بيانات تشرح لهم محددات الموقف المتخذ وتركوا للتباين القائم على وجهات النظر الفردية المبنية على موقف شخصي .

مهما هربوا
البيان هو الحجة التي يجب أن يقيم على أساسها صاحبه ومهما حاول التهرب منه الا انه الشهادة الوحيدة الملزم بالوفاء بها وكل هروب هو تراجع عن التزام ولا يحتاج إلى اجتهاد كي يتبرأ مما قدم .
ومع ذلك هناك من يناقض بياناته من حين لآخر ويدع التضارب سائدا فيما يتبناه ويعتقد انه ينجح في وضع ضبابية على مواقفه حتى يتمكن سرا من الهروب من الالتزام بها أو حتى الاعتراف .

قد يعجبك ايضا