مع الأكرم منا جميعاً

أحمد يحيى الديلمي

أحمد يحيى الديلمي

 

 

بالأمس ودّعنا كوكبة من الشهداء الأبرار الذين فاضت أرواحهم إلى بارئها ، وهم يسطرون أعظم البطولات في صد الأعداء الذين جاؤوا لاحتلال الوطن ، وكانوا من الأوائل الذين دافعوا في منطقة الدريهمي وبذلوا أرواحهم رخيصة يحملون في نفوسهم هدفين لا ثالث لهما، إما الفوز بالشهادة أو النصر ، والحمد لله أن الأولى تحققت، والثانية ها هي تتحقق على يد زملائهم الأبطال المجاهدين الذين يتغنون بالنصر أو الشهادة كمن سبقهم ، غير عابئين بالتهديدات من قبل طائرات وبوارج الأعداء التي تحاول أن تتحكم في المدخل الغربي لليمن وتسيطر على البحر الأحمر بتوجيهات أمريكية.
بخلاف حالة الوجوم والحزن التي تسيطر على الناس في مثل هذه المواقف ، فلقد كانت أفواه المشيعين باسمه والوجوه مشرقة والأفواه تردد الأدعية وتطلب من الله أن تنال ما نالته هذه الكوكبة من فضل الشهادة وارتقاء الأرواح الكريمة إلى بارئها، من فضائل هؤلاء الشهداء التي تعتبر كرامة خاصة بهم أنهم استشهدوا قبل ثلاث سنوات وظل الأعداء يحتفظون بأجسادهم الطاهرة وكأنهم يحتفظون بمكسب كبير بحسب عقلياتهم الواهنة التي تتغنى بالوهم وتعتبر عدم مواراة الشهداء نصرا مبينا بالنسبة لهم ، غير مدركين أنهم محتفظون بأجساد لا حراك فيها أما الأرواح فقد صعدت إلى بارئها تنعم بما وعده الله سبحانه وتعالى الشهداء في القرآن الكريم .
مثل هذه المواقف العظيمة وهذه الحشود الكبيرة لا شك أنها تُعبر عن أشياء كثيرة أهمها أننا في الصف الوطني نتباهى بالشهداء ونشيعهم في وضح النهار وفي مواكب رسمية كبيرة وتُعلن أسماؤهم وعددهم بدون خجل أو خوف من أحد ، فهؤلاء شهداؤنا وهم من بذلوا أرواحهم رخيصة من أجل كل مواطن يمني ، ويستحقون التكريم والذكر الدائم لمناقبهم وبطولاتهم العظيمة ، وهذا يعني أننا نفضح تلك الادعاءات الكاذبة التي تتحدث عن مئات القتلى جراء قصف الطيران السعودي والإماراتي ، إننا نقول الحقيقة لا سواها ولا نخفي شيئا عن المواطن اليمني الذي يحس بالأمن والاستقرار في منزله وموطنه ومسقط رأسه ، بينما إخوانه في المناطق المحتلة يعانون الأمرّين من التعذيب والخطف والاغتيال وفرض الإرادات الشاذة وتنال أعمالهم الدنيئة الرجال والنساء والأطفال، وهذا فضل من الله سبحانه وتعالى وهي الكلمة العظيمة التي رددها شهيد الوطن الخالد الشهيد صالح الصماد عندما تحدث عن عدم حيازة أولاده مسكنا يؤويهم في صنعاء في حالة استشهاده وأكمل العبارة بقوله ” وهذا فضل من الله ” فعلاً إنه فضل من الله وجود مثل هؤلاء الأبطال الميامين الذين قدموا أرواحهم رخيصة في سبيل هذا الوطن الغالي ، وأثناء موكب التشييع سمعت الأفواه تلهج بالثناء على الشهداء وتبارك لآبائهم ما حققوه من فوز عظيم بأن اصطفى الله أبناءهم شهداء بل وزادهم ابتلاء في لحظات الفقد وعدم معرفة مصير أولادهم والذي دام ثلاث سنوات متعاقبة، حتى جاء النصر المبين وتم تحرير الدريهمي من الأوباش المغامرين الذين تحولوا إلى أدوات رخيصة يستخدمها المعتدون لانتعالهم في بسط النفوذ والسيطرة على اليمن بل ويمهدون الطريق للأعداء كي يحتلوا اليمن ، وهذا بعيد عنهم بُعد مكة عن اليهود ، المهم أننا أحسسنا بلحظات قدسية عظيمة ونحن نودع هذه الكوكبة الذين ظلت أجسادهم أسيرة لدى الأعداء كما هي عادتهم لا يطلقون جثث الشهداء إلا بعد أن يذيقوهم الويل .
من جانب آخر، فإن مواكب التشييع هذه تؤكد ما تبديه المسيرة من اهتمام بالشهداء وحرص شديد على إعادة أجسادهم الطاهرة إلى ذويهم لمواراتها تراب الوطن ، وفي هذا الجانب أتحدى المرتزقة والعملاء أنهم يهتمون بشهيد أو جريح ، إلا بنفس مناطقي أحياناً ومذهبي حينا آخر، كما يقال ” كل شاة معلقه برجلها”، يطبقون هذا المثل حتى في من يحمون كراسيهم ، وكلهم مرتزقة موضع الحماية والحامي ، وإن شاء الله أن هذه المواكب ستضاعف الأجر من الله ولو بدعوة أحد المشيعين المقبولة عند الخالق سبحانه وتعالى ، وهذا هو المقياس الذي تسير على نهجه المسيرة فهي مسيرة قرآنية تعمل ببُعد ديني وأولئك يعملون بغايات دنيوية وهذا هو محور الفرق وأساس التفاضل ، والله من وراء القصد ..

قد يعجبك ايضا