الصناعات الوطنية والمستقبل الواعد

د. عبد العزيز الحوري

 

 

تعرف الصناعة بأنها عملية تحويل المواد الخام إلى منتجات ذات فائدة وتنقسم إلى صناعات تقليدية وحديثة، في الصناعات التقليدية والتي تشمل الحرف والأعمال اليدوية لا تكون هناك حاجة لاستخدام آلات معقدة ومعدات بينما يتطلب النوع الثاني من الصناعات وجود مصانع ومعامل تحتوي بداخلها على معدات وآلات لتحويل المواد الأولية إلى مواد أخرى، ولعل أهم مقومات الصناعات الوطنية في أي بلد هي: وجود موقع جغرافي مناسب وقريب من المواد الخام ومصادر الطاقة اللازمة للتشغيل كذلك ضرورة توفر المواد الخام اللازمة للصناعة بدلاً من استيرادها وما يترتب عليها من أعباء بالإضافة إلى توفر الأيدي العاملة الماهرة وشبكة الطرق والاتصالات اللازمة لنقل العمال أو المواد أو المنتجات من المصنع وإليه، والأهم من هذا كله هو وجود سياسات وطنية داعمة لإقامة صناعة وطنية وخلق بيئة جاذبة للاستثمار من قبل الدولة ووضع القوانين والتشريعات التي تسهل وتنظم عملية الاستثمار وهذا ما ينبغي أن تتوجه إليه حكومة الإنقاذ في صنعاء خاصة في ظل هذا العدوان والحصار الظالم على اليمن منذ أكثر من ست سنوات، وإمكانية تحويل الحصار إلى فرصة وتهيئة بيئة مناسبة للصناعات الوطنية.
إن اليمن لا زالت تمثل بيئة خام في مجال الاستثمار الصناعي وغنية بمواردها وموادها الخام المنتجة محلياً أو التي سيتم إنتاجها اذا ما تم إنشاء المعامل والمصانع المختصة في مختلف مجالات الإنتاج ومن الجدير بالذكر أنه يوجد في اليمن العديد من مواقع الرمال السوداء الحاوية لمعادن ثقيلة اقتصادية مثل الذهب والبلاتين والمونازايت والزركون والروتايل والمجنتايت والماس والكلوراندم .. إلخ، والتي تدخل في العديد من الصناعات كصناعة هياكل الطائرات والسيراميك والأدوات الصحية والحراريات وغيرها، حيث يصل احتياطي الرمال السوداء الحاوية للمعادن الثقيلة في اليمن إلى حوالي 500 مليون طن حسب ما ذكره أرشيف Wayback Machine واي باك مشين، كما أظهرت نتائج التحاليل المعدنية نقاوة عالية لمعدن الزيليت تصل إلى 95% في بعض المواقع وهذه نسبة نقاوة عالية جداً تؤكد إمكانية استخدام مثل هذه الخامات في العديد من الصناعات مثل صناعة تكرير النفط وصناعة الورق والمنظفات والبلاستيك وهناك العديد من المعادن الأخرى بمختلف أنواعها موجودة في اليمن وقد أشارت إلى ذلك العديد من الدراسات والأبحاث.
والمسؤولية اليوم ملقاة على عاتق الجميع وزارات وهيئات ومؤسسات وقطاع عام وخاص ورجال مال وأعمال بالتوجه للاهتمام بمثل هذه المواضيع وتأسيس بيئة صناعية قوية والاستفادة من تجارب دول العالم في هذا المجال والبدء من حيث انتهى الآخرون وحتماً سنحقق شعار صنع في اليمن وستكون الصناعات الوطنية بإذن الله منافسة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي إذا ما استشعر الجميع مسؤولياتهم وأدركوا حجم الفجوة فيما بيننا وبين الآخرين في هذا المجال وعمل الجميع على مواكبة التغيرات والتطورات المتسارعة في مجال الصناعات والتكنولوجيا.

قد يعجبك ايضا