اختبار نهائي للسلطة الفلسطينية

عباس السيد

 

ربما تكون قضية الأسرى الفلسطينيين الستة الذين نجحوا في تحرير أنفسهم من المعتقل الإسرائيلي ، هي الاختبار الأخير للرئيس محمود عباس وسلطته ، فإما أن تبدو في النتيجة كسلطة ترعى الفلسطينيين ، أو على الأقل لا تعمل على الإضرار بهم ، أو تبدو كسلطة تابعة لـ “الشاباك “، إما أن تكون الأجهزة الأمنية لحماية الفلسطينيين ، أو يتحول عناصرها إلى كلاب بوليسية يقودها الإسرائيليون في الأزقة والشوارع والبيوت في القرى والمدن الفلسطينية .
تصريح وزير الحرب في كيان الاحتلال يثير الشكوك ويبعث على المخاوف ، أمس الجمعة ، قال الوزير الصهيوني بيني جاشس “إن التعاون مستمر مع السلطة الفلسطينية للبحث عن الأسرى الستة ” . أي تعاون هذا؟ وهل يمكن أن يكون هناك قوانين أو معاهدات تلزم السلطة بتعاون من هذا النوع ؟ .
الأسرى الستة كانوا في قبضة الاحتلال ، وفي سجن بالغ التحصين، وعلى الفلسطينيين سلطة وأحزاباً وشعباً أن يحمِّلوا كيان الاحتلال مسؤولية سلامة الأسرى الستة ومصيرهم ، فحتى الآن لا يوجد أي دليل على خروجهم من السجن الإسرائيلي ، إلا الرواية التي تقدمها أجهزة الاحتلال ، وعلينا أن لا نستبعد احتمالات أخرى:
الأول: أن يكون الأسرى الستة قد نجحوا فعلاً في تحرير أنفسهم من المعتقل الإسرائيلي ، وهذه معجزة إلهية بالنظر إلى مستوى التحصين للسجن والقدرات الأمنية الإسرائيلية ذات الخبرة العالية في إنشاء ومراقبة المعتقلات والسجون . لقد حول الإسرائيليون فلسطين بكامل جغرافيتها إلى سجن كبير للفلسطينيين يتحكمون بحدوده وسمائه وبحره .. فكيف أخفقوا في مراقبة سجن “جلبوع” ؟! .
الاحتمال الثاني: أن تكون أجهزة الاحتلال قررت تصفية الأسرى الستة ، ثم ادعت أنهم فروا من السجن .
ثالثاً: قد يكون كيان الاحتلال اختلق هذه القصة كذريعة لتمشيط المدن والبلدات الفلسطينية في كافة المناطق المصنفة “ألف ، وباء ، وجيم” ضمن خطة أمنية.
يجب أن لا يغفل الفلسطينيون هذه الاحتمالات ، على الأقل لكبح جماح بعض إخوانهم ممن يتطوعون للعمل ككلاب بوليسية تابعة للشاباك الإسرائيلي .
السلطة الفلسطينية ضعيفة ، نعم ، لكن لديها الكثير لمواجهة الضغوط الإسرائيلية ، حتى اتفاقيات التنسيق الأمني مع الإسرائيليين لا يمكن أن تسري على هذه القضية، لأن مشاركة أجهزة السلطة في عمليات البحث وإعادة المناضلين الستة إلى المعتقل الإسرائيلي بإمكانه أن يرشِّد عملية التنسيق والمشاركة في هذه المهمة ، وأن يقول لقادة الاحتلال ” لو حبيبك عسل خلي منه وسل ” أو بصيغة أخرى ” لو صاحبك عسل لا تلحسه كله”، فبمثل هذه المشاركة ستقضون عليّ وعلى سلطة محمود عباس وعلى التنسيق الأمني معكم .
هذا هو الاختبار النهائي للسلطة الفلسطينية ، وعليها أن تحذر ، فقد سقطت في اختبارات عدة ، آخرها كان اغتيال الناشط الفلسطيني نزار بنات في سجن تابع للسلطة في يونيو الماضي .
الشعب الفلسطيني بملايينه هو المعني الأول بهذه القضية ، فإعادة المناضلين الستة إلى المعتقل الإسرائيلي ، لا سمح الله ، ستكون نكسة إضافية أخرى في تاريخ النضال الفلسطيني ضد المحتل، نكسة سوف يستغلها الإسرائيليون لترميم صورتهم التي مزقها “سيف القدس” وداستها نعال المقاومة اللبنانية ومرغتها في الوحل عامي 2000 و 2006 .
عجز السلطة الفلسطينية عن حماية المناضلين الأحرار الستة لا يعفي الملايين من الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية من توفير الحماية للأبطال الستة . لا تستطيع أي قوة في الدنيا أن تعيدهم إلى الاعتقال إذا تولى الفلسطينيون العُزل حمايتهم ، والحماية تبدأ بتجريم وتخوين أي أجهزة أو عناصر فلسطينية تعمل كـ “كلاب بوليسية” تابعة للشاباك أو الموساد .
aassayed@gmail.com

قد يعجبك ايضا