بطولات السبات الشتوي

حسن الوريث

 

تشهد الأيام الأخيرة من كل عام عودة محمومة لما يسمى بـطولات الجمهورية لمختلف الألعاب التي تقيمها اتحادات رياضية تعاني من مرض عضال وتصنف أغلبها بين المريضة والميتة، لكنها فجأة وبشكل يثير السخرية والاستغراب تستفيق هذه الاتحادات من سبات عميق لتركز أنشطتها بطولة المحافظات بطولة الكأس وبطولة الجمهورية في شهر واحد فقط وهذا المشهد لا يعكس إلا شيئاً واحداً وهو نشاط السبات الشتوي بغرض تصفية الحسابات والعهد والميزانيات، لا بناء جيل رياضي، ولطالما اعتادت الاتحادات الرياضية في بلادنا على إقامة الأنشطة بطريقة الساندويتش أو الأرز المضغوط الجاف كوجبة رياضية سريعة هزيلة ومفتقرة لأي عنصر غذائي فبدون روح المنافسة الحقيقية أو التخطيط طويل المدى تُصبح هذه البطولات مجرد هيكل فارغ.

طبعا تتذرع هذه الاتحادات بقلة ذات اليد وضعف الموازنة التي تصلها من وزارة الشباب وصندوق الفشل الرياضي وبدلاً من أن تكلف نفسها عناء البحث الجاد عن مصادر تمويل مستدامة عبر الرعاة والاستثمار الرياضي أو الشراكات تخلد إلى سباتها في انتظار المدد من بيت الجد وهذا السلوك يكرس ثقافة الاتكالية ويثبت عجز هذه القيادات عن إدارة كيانات يفترض بها أن تكون قاطرة للرياضة والسؤال الجوهري الذي يجب طرحه: كيف تسمحون باستمرار هذه المهازل؟ فهذه الأنشطة لا ترقى بمستواها التنظيمي والفني إلى مستوى ألعاب الأحياء والحارات الشعبية، كما أنها تفتقر إلى التخطيط حيث يفترض أن يكون هناك برنامج سنوي معد مسبقا يتم إعداد الفرق بناء عليه ما يؤدي إلى تداخل في المواعيد والتحضيرات السريعة والمُرتجلة ومشاركة محدودة ومستوى فني متدني لا يُفرز أبطالاً حقيقيين.

المأساة الأكبر هي أن قيادات عليا من وزارة الشباب والرياضة تحضر وتُشرف على افتتاح واختتام هذه المهازل والغريب والمريب أنهم لا يبدون أي اعتراض أو يسجلون أي ملاحظات على طريقة تسيير هذه الأنشطة أو مستوى هذه البطولات والأكيد ان هذه الأنشطة التي تُقام في نهاية السنة ليست وليدة روح رياضية مفاجئة بل هي تلبية لهدف واحد ووحيد وهو لهف ما تبقى من موازنة العام فقط لا غير فهي مجرد حيلة بيروقراطية لتبرير صرف الأموال وإغلاق الميزانية السنوية بدلاً من أن تكون استثماراً في بناء الأبطال وتطوير الرياضة.

يجب على وزارة الشباب والرياضة تحمل مسؤوليتها الأخلاقية والمهنية لوقف هذه المهزلة فوراً من خلال إلزام الاتحادات بخطة سنوية محكمة تبدأ من أول العام وليس آخره وربط الدعم المالي بالإنجازات والمستوى الفني والالتزام بالشفافية وتفعيل الرقابة الجادة على البطولات التي أصبحت بطولات شكلية فارغة وعلينا أن ندرك أن بناء الأبطال لا يتم بوجبات سريعة وبطولات السبات الشتوي بل بتخطيط طويل المدى ودعم مستدام وبطولات حقيقية ومسابقات مستمرة طول العام إذا أردنا تطوير رياضتنا مالم فإن الوضع سيبقى كما هو وتبقى رياضتنا محلك سر.

قد يعجبك ايضا