قراءة تحليلية في كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله – بمناسبة جمعة رجب
محمد فاضل العزي
تمثل كلمة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- في مناسبة جمعة رجب خطابًا جامعًا بين البعد الإيماني، والبعد الثقافي، والبعد السياسي-الاستراتيجي، والبعد العسكري، وتأتي في ظرف تشهد فيه الأمة الإسلامية تصعيدًا غير مسبوق في محاولات الاستهداف الشامل لهويتها وكرامتها ومستقبلها.
أولًا: جمعة رجب كمرتكز الهوية والإيمان
ركّز السيد القائد على أن جمعة رجب ليست مجرد ذكرى تاريخية، بل محطة إيمانية كبرى تعبّر عن أعظم نعمة نالها الشعب اليمني: نعمة الهداية للإسلام.
فالاحتفاء بهذه المناسبة هو احتفاء بالانتماء، وبالتحول المصيري الذي شكّل هوية اليمنيين عبر التاريخ، ورسّخ فيهم الأصالة والسبق الإيماني، الاحتفال هنا ليس طقسًا، بل وعيًا بالهوية ومسؤولية تجاهها.
ثانيًا: معركة الهوية أخطر ميادين المواجهة
أبرز السيد القائد أن المواجهة مع الأعداء لم تعد عسكرية فقط، بل فكرية وثقافية وهوية، وهي الأخطر لأنها تستهدف الإنسان من الداخل: تفريغه من انتمائه، فصله عن القرآن، تحويله إلى تابع بلا وعي ولا كرامة.
وهنا يحذّر من الحرب الناعمة الشيطانية التي تستخدم عناوين خادعة (حقوق، حريات، حداثة…) لتدمير القيم والأخلاق.
ثالثًا: النفاق كحالة خطيرة داخل الأمة
قدّم السيد القائد توصيفًا عميقًا لحركة النفاق بوصفها: انتماءً فارغًا بلا مصداقية، وارتباطًا دخيلًا يوجّه المواقف والولاءات.
وهي أخطر من العداء المعلن، لأنها تبرر الاستباحة، التطبّيع مع الإجرام، وتهيّئ الأمة للقبول بالذل والقتل اليومي.
رابعًا: الجهاد بمعناه القرآني الأصيل
شدّد السيد القائد على أن الجهاد الحقيقي، ليس شكليات أو شعارات، وليس خدمة لأعداء الإسلام، بل هو وسيلة لحماية الأمة والمستضعفين، وهو معيار صدق الانتماء الإيماني، ومظهر التحرر من الطاغوت والارتباط العملي بمنهج الله.
خامسًا: طاغوت العصر وخطورته غير المسبوقة
سمّى السيد القائد بوضوح طاغوت العصر أمريكا – وكيان الاحتلال – الصهيونية العالمية – بريطانيا – وأدواتهم، وبيّن أنهم جمعوا كل أشكال الظلم والإفساد ويمتلكون أدوات إضلال غير مسبوقة يستهدفون القيم، والأخلاق، والقرآن تحديدًا، فالقرآن كما أكّد السيد القائد – هو الخطر الحقيقي على الطاغوت؛ لأنه يفضحهم
ويكشف جرائمهم ويحفظ صلة الناس بالله
سادسًا: استهداف القرآن…
مدخل السيطرة على الأمة أوضح السيد القائد أن: ضرب قدسية القرآن وتحريف المناهج وحذف الآيات وتغييب مفاهيم الجهاد والولاء، كلها خطوات تهدف إلى فصل الأمة ذهنيًا ونفسيًا عن القرآن، تمهيدًا لتحويلها إلى أداة بيد الأعداء.
سابعًا: فلسطين كنقطة كاشفة للزيف
تناول السيد القائد الواقع الفلسطيني بوصفه الميزان الكاشف: من قتل يومي وتهجير
وانتهاك الأقصى ونهب الثروات، وتجويع غزة، وفي المقابل: صمت أنظمة، وتطبيع وشراء ثروات مسروقة، وتمويل غير مباشر للعدو، وكما وصف السيد القائد سقوط أخلاقي وديني واستراتيجي.
ثامنًا: اليمن كنموذج يقلق الأعداء
أشاد السيد القائد بالخروج المليوني العظيم للشعب اليمني دفاعًا عن القرآن، معتبرًا إياه موقفًا فريدًا عالميًا وتعبيرًا عن أصالة الانتماء ومصدر قلق حقيقياً للأعداء، كما أكّد على دور الوقفات القبلية والتعبئة الشعبية والإعلام الجهادي، بوصفها أعمدة صلبة في معركة الوعي والموقف.
خلاصة الموقف
كلمة السيد القائد ليست توصيفًا للواقع فقط، بل خارطة طريق، وعي بالهوية وتمسك بالقرآن، وتحرر من الطاغوت واستعداد دائم وحهوزية، وبين الجهاد بمفهومه الصحيح، وهي دعوة صريحة لأن تكون الأمة، يقِظة، واعية، ثابتة، ومتحركة وفق منهج الله، لأن ما يُحاك لها أخطر من أي وقت مضى، وما يحميها هو صدق الانتماء الإيماني لا غير.
