فوكس نيوز: الأموال الخليجية لها مفعول السحر على المراكز الفكرية والأكاديمية في أمريكا الأمم المتحدة ومجلس الأمن في عهدة تجار النفط والسلاح

 

مبعوثو الأمين العام مارسوا سياسة التسويف والمماطلة بغية منح العدوان الوقت الكافي لفرض واقع جديد على الأرض ولد الشيخ أوجد مساحة واسعة للمكونات والعناصر المؤيدة للعدوان
غريفيث ضابط مخابرات بريطاني يلعب على المتناقضات السياسية
بنعمر: القرار 2216 صاغه السعوديون وشكل غطاء للفظاعات التي تلت بعد ذلك
مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى عبدالإله حجر: تعيين مبعوث أمريكي خاص لليمن طمأنة للنظام السعودي وإعادة الهيمنة الأمريكية على بلادنا

* ما يسمى بالأمم المتحدة بالمجمل العام تمثل النشأة اليهودية المحضة التي ما من أدنى شك أنها واجهة اليهود في المحافل الدولية ، خصوصا وقد أظهرت منذ نشأتها عقب إصدار قرار تقسيم فلسطين أنها ليست إلا نتاجاً لليهود في تلك المحافل الدولية وبالتالي يخطئ من يعتقد أن ما يسمى بالمناديب أو المندوبين لما يسمى بالمنظمة الأممية محايدون أو أنهم مع قضايا الشعوب المستضعفة, وما هو حاصل يؤكد أنها ليست إلا أمة اليهود المتحدة تحت غطاء وستار وأقنعة زائفة أبرزها حقوق الإنسان وحق تقرير المصير كشكليات الهدف منها تضليل الوعي الجمعي لأهل الأرض بصفة عامة وشكل خاص بالعرب والمسلمين المخدوعين بمسمى وسطاء تلك الأمم بالظاهر وما هم بوسطاء وإنما هم عسكر يعملون مع اليهود وفق أقنعة وأشكال متعددة.
وبالتالي فإن تلك المنظمة هي الشيطان الأصغر لامبريالية أكثر قذارة ، تبطن الحقد المقدس لكل ما هو عربي وإنساني حتى لو كان عميلا وتابعا لتلك العقيدة الصهيونية ولكنها في ظاهر اللغة تظهر غير ما تبطن .

الثورة / إسكندر المريسي

تتحدث عن الشفافية والوضوح وهي قوة شيطانية خفية، تتكلم في ظاهر المعنى عن القرارات التاريخية وعن التحولات السياسية وعن التنمية المستدامة ، شعاراتها الحب والإخاء والمساواة ، فيما برنامجها الممنهج تدمير البلدان وقتل الشعوب المستضعفة بشعاراتها المزيفة وحقوق الإنسان وحرية المرأة والعدالة الانتقالية وهي في الحقيقة والواقع اللص الدولي.
مبعوثو المنظمة الدولية.. إدارة الأزمات لا حلها
* يتزايد عدد مبعوثي الأمين العام للأمم المتحدة في العالم ووصل عدد هؤلاء في الوقت الراهن إلى 111مبعوثا خاصا موزعين على مختلف القارات ومناطق النزاعات ولم يتمكن المبعوثون الحاليون أو من سبقهم من إيجاد أي حلول ناجعة لتلك الصراعات .
فمنذ أن تم عام 2011م تعيين جمال بنعمر مبعوثا من قبل الأمم المتحدة إلى اليمن كان في البدايات الأولى لتعيينه يؤدي دوره ويتحدث مع الأطراف وما يسميه بالمكونات السياسية على أن دور الأمم المتحدة دور مكمل لدور اليمنيين وأنه وسيط محايد بين أطراف سياسية مختلفة وبالتالي المنظمة الأممية لا تفرض الحلول ولكنها تستخلص المقترحات من جميع الأطراف لذلك فإن الحل كما كان يردده ذلك المبعوث هو حل من اليمنيين والى اليمنيين. مشيرا حينها إلى مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي عقد برعايته وما يؤكد نوايا المبعوث الأسبق جمال بنعمر ما جاء بمقالة تحت عنوان «عودة الدبلوماسية إلى اليمن ..ماذا بعد؟ ولماذا وصلنا إلى هنا؟ نشرته نيوزويك الأمريكية فبراير الماضي.
قال بنعمر: كان الاتفاق «بين اليمنيين» مطروحا على الطاولة، وقد أَطلعتُ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تفاصيله، بل وكنت أُجري مناقشات مع كبار المسؤولين السعوديين حول المكان الذي يفترض أن يحتضن حفل التوقيع.
وأضاف: بعد يومين على عودتي من الرياض، وبدون سابق إنذار، بدأت الغارات الجوية، ومن نافذة الفندق حيث كان يقيم فريق الأمم المتحدة، تابعت بمرارة حجم التدمير الذي كانت تتعرض له إحدى أقدم المدن في العالم «صنعاء القديمة».
وتابع : للأسف، وفر قرار مجلس الأمن عبر القرار 2216 غطاء للفظاعات التي تلت بعد ذلك، قرار صاغه السعوديون، وحملته بسرعة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى مجلس يفترض أنه معني بضمان الأمن والسلم الدوليين.
الأمم المتحدة شريك فاعل في العدوان على اليمن
* ومما لا شك فيه أن لعبة الأمم المتحدة هي من أوصلت اليمن إلى الحالة الراهنة وبحسب مراقبين عندما شعرت بأن مبعوثها السابق بنعمر كان بمقدوره حلحلة الأزمة والتوصل الى تسوية سارعت إلى استبداله بمبعوث جديد اسماعيل ولد الشيخ الذي كانت مهمته الأساسية توسيع العناصر المحلية المؤيدة للعدوان الخارجي وإيجاد مساحة واسعة لتلك العناصر لما من شأنه تكريس النزاعات الأهلية والمباعدة الجذرية بين الحلول والمعالجات الممكنة وبالمقابل من ذلك التكاثر للجماعات المؤيدة للتدخل الخارجي يضفي مشروعية على العدوان السعودي بالنظر لما يبحث عنه من مؤيدين لذلك العدوان داخلياً .
ومعنى ذلك مزيد من التشظي السياسي القائم ومضاعفة معاناة ومأساة الشعب اليمني جراء العدوان السافر الذي يشن على بلادنا.
فلو لم تكن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي كلاهما داعمين للملكة السعودية في حربها الإجرامية على اليمن لأدانت تلك المنظمة العدوان على الأقل ولكنها كانت كما ظهر جزء لا يتجزءا من ذلك العدوان لأنها لم تدن العدوان بينما ميثاق الأمم المتحدة والتشريعات الناتجة عنه تلزم ذلك المبعوث بإدانة العدوان ما لم يصبح مسوقاً ومؤيداً لما تقوم به دول التحالف من عدوان على اعتبار أن ذلك العدوان يتم على عضو في الأمم المتحدة معترف به لأنه في أعماله السياسية شرع لمزيد من العدوان بدلاً من الاستنكار وإدانته وما صدر عنه من تصريحات ناعمة تدعو إلى ضبط النفس ليس لها معنى إلا تغطية لذلك العدوان .
وكان المفترض أن يصدر الأمين العام آنذاك بياناً يدين فيه الدول المعتدية على اليمن في اقل التقديرات الممكنة لتغطية وقاحة المنظمة الدولية من خلال ما يقوم به مبعوثها من تسويف ومماطلة وتلاعب في الوقت وإطالة الوعود ثم إلغائها ثم المماطلة والتكرار وذلك سمة تلك المنظمة فالتلاعب في المواعيد ثم إلغاء ما تم الاتفاق عليه ونقض العهود الهدف من ذلك إعطاء متسع من الوقت لمواصلة الأعمال الإجرامية ضد بلاد اليمن .
غريفيث مبعوث ضد السلام ويلعب على المتناقضات السياسية
* ولا يختلف الدور للمبعوث الحالي غريفيث عن سابقه فلا فرق بين مسمى المندوب السامي البريطاني في عدن إبان الاحتلال والمندوب البريطاني باسم المبعوث الأممي تقول الدكتورة فاطمة رضا وهي يمنية تعمل في محكمة الجنايات الدولية :»غريفث يتحمل مسؤولية كل ذلك إنه كالحرباء يتلون بكل ألوان الطيف السياسي في اليمن إنه رجل عسكري سابق ولا يعرف عن السياسة سوى أنها نفاق.
وتضيف الدكتورة فاطمة رضا في مقال على صفحتها بالفيسبوك : المبعوث الأممي غريفيث لا يعمل على إحلال السلام في اليمن بل يلعب على المتناقضات السياسية , هو ضابط سابق بالجيش البريطاني ومخبر لاحق في MI6 ويميني متطرف فماذا تتوقعون منه , الرجل يشتري ولاء الجميع فيخسر الجميع .
وبحسب الكاتبة فإن الأمن البريطاني قام بالقبض عليه 4 مرات هذا العام وهو يقود السيارة في لندن تحت تأثير شرب الخمر كما ذكرت صحيفة تليغراف البريطانية , الرجل في الثمانين وهو مخمور غالبا ومخضرم في العمل المخابراتي فقد عمل مع جهاز المخابرات البريطاني طويلا , واغلب طاقمه في اليمن ضباط سابقين في بريطانيا «.
المبعوث الأمريكي لليمن : طمأنة للنظام السعودي
* وحول تعيين واشنطن مبعوث خاص الى اليمن أوضح مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى للشؤون الدبلوماسية عبدالاله محمد حجر قائلا: يحاول الرئيس الأمريكي سواء من الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي أن يفي بوعوده الانتخابية فكان ترامب الجمهوري وعد بحلب السعودية وبالفعل التزم بذلك فكانت السعودية أول بلد يزوره ترامب وعقد معها صفقات بيع أسلحة بمبالغ كبيرة ، وعلى نفس المنوال كان الرئيس بايدن الديمقراطي وعد في حملته الانتخابية بإحلال السلام في اليمن وإيقاف بيع الأسلحة ومعاقبة وملاحقة بن سلمان قاتل الصحفي خاشقجي, وذلك بغرض تجميل صورة حزبه وتلبية الطلبات الملحة من الكونجرس الأمريكي بوقف الحرب في اليمن وإيهام العالم بصدق توجهه إلى السلام ، فعمد إلى استخدام أسلوب افضل وأنيق في ابتزاز السعودية ماليا حيث ألغى قرار إدراج أنصار الله من قائمة الإرهاب الأمريكية ثم عين مبعوثا خاصا أمريكيا إلى اليمن ليندر كينغو هو شخصية دبلوماسية عمل مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج ونائب السفير الأمريكي في الرياض في الفترة 2013 – 2016 وقبل ذلك عمل في منظمة الهجرة الدولية والأمم المتحدة في أفغانستان والسودان وباكستان ، ويعتبر ذلك الاختيار هو المناسب لطمأنة النظام السعودي حول جميع تصريحاته وتحركاته وطبيعتها الدعائية ، وزاد على ذلك بصدور تصريح القائد العسكري الأمريكي للمنطقة الوسطى بأن أمريكا ملتزمة بأمن السعودية بالإضافة إلى تصعيد الغارات الجوية على اليمن والتي لا يمكن للسعودية أن تقوم بها إلا بالمعلومات اللوجستية الأمريكية والقنابل الأمريكية وتزويد الطائرات بالوقود في الجو ،وقد أكد المبعوث ذلك النهج الكاذب والمخادع بتقديم مبادرة حوت كل ما يهدف إليه النظام السعودي من عدوانه على اليمن وهو اعادة الهيمنة على جميع شؤون اليمن وتقسيمه واحتلال أراضيه ، وكان بعيدا حتى عن ما حوته مبادرة جون كيري في عام2016 م بشأن اليمن .
السعودية استخدمت البترودولار لتمرير سياساتها وعدوانها على اليمن
* عمدت السعودية في السنوات الأخيرة وخاصة في عهد الملك سلمان إلى الإستفادة من البترودولار لتمويل سياساتها العدائية وتقديم الدعم المالي والتسليحي لحلفائها، وتستخدم الرياض البترودولار لشراء الأسلحة الغربية وشن العدوان على اليمن ودعم الإرهابيين في سوريا والعراق ومعاداة ايران، وهذا كله فقط جزء من السياسات الهجومية السعودية.
البترودولار أو دولارات النفط ظهرت في الساحة الدولية في السبعينيات عندما ارتفعت أسعار النفط، وفي عام 1974 اتفقت الرياض وواشنطن على ان تتم كل تعاملات النفط السعودي بالدولار ومن ثم تستثمر الرياض هذه الأموال لشراء سندات الخزينة الأمريكية وفي المقابل تعهدت أمريكا بالدفاع عن الحقول النفطية السعودية أمام روسيا وايران وتزويد السعودية بالسلاح، ومن ثم قررت دول أوبك في عام 1975 أن تبيع نفطها بالدولار الأمريكي فقط.
وتعتبر السعودية التي تمتلك 16 % من مخزون النفط العالمي أكبر مصدر للنفط في العالم ولذلك بات مصطلح البترودولار محصورا فقط بالسعودية التي تتدخل في شؤون الدول ، حيث تشن الرياض حربا غير متكافئة على الشعب اليمني بالاستفادة من البترودولار وهذه الحرب تدل على الجنون السعودي من التطورات الجارية في المنطقة حيث تحولت السياسات السرية السعودية إلى سياسات تدخليه علنية في شؤون الدول العربية وقد قتلت السعودية الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال ودمرت البنى التحتية اليمنية وقصفت المستشفيات والمدارس وهذا يوضح هوية مشتريات السلاح السعودي بالبترودولار والسياسات السعودية العدوانية في وقت لم تحقق الرياض أي من أهدافها المعلنة من الحرب في اليمن وهي فقط تسببت بكارثة إنسانية وزادت من الهواجس الأمنية لدول المنطقة.
ربما لم تحتج أنظمة الخليج في تاريخها، وعلى وجه التحديد السعودية، إلى الأفراط في تبديد أموالها كما هو حاصل اليوم، لاستمالة رجالات السياسة والبرلمانيين والاكاديميين والخبراء والمؤسسات النافذة والمؤثرة في السياسات الأمريكية والغربية على اختلاف توصيفاتها وأهميتها. فيما المقابل، الذي تتوخاه، هو ضمان استمرار بقاء حكامها على سدة عروشهم بمنأى عن الهزات والأزمات المتتالية التي تضرب عالمنا العربي.
في الماضي، لم تكن دول الخليج، وفي مقدمتها السعودية، بحاجة إلى القيام بذلك، كان هناك إجماع في أوساط النخب الغربية على دعم هذه المشيخات لأسباب عديدة. ومع اندلاع ثورات «الربيع العربي» أضحت المخاطر أكبر.
في الواقع لم ولا تملك مشيخات النفط، وفي مقدمتها السعودية، منذ نشأتها حتى يومنا هذا، أي بدائل أخرى سوى العملة النقدية. فافتقادها أي من مقومات القوة (التطور الصناعي والتكنولوجي وقلة الطاقات العلمية والبشرية لديها، وعدم امتلاك جيش قوي) جعل المال وسيلتها الوحيدة لتحقيق أجنداتها المحلية والإقليمية ومآربها لتثبيت دعائم الحكم، حيث تحول البترودولار لاحقاً، إلى استراتيجية أحادية، تم اعتمادها بشكل متزايد ولافت في الآونة الأخيرة لمقاومة الضغوط ومواجهة الأزمات الداخلية والخارجية، وقد عرفت بـ«القوة الناعمة».
كل ما كتب ويكتب عن تراجع مكانة السعودية في الغرب، والولايات المتحدة تحديداً، تدحضه الوقائع التي تجعلك أمام سيل من الأسئلة التي لا يتوقف ذهنك عن طرحها وتتلخص بالاتي: لماذا لم تتحدث وسائل الإعلام الغربية عمّا تمارسه السعودية في اليمن من قصف وارتكابها لجرائم حرب وجرائم إبادة؟
وكيف حصلت السعودية على مقعد في منظمة العمل الدولية وتشارك في وضع سياساتها وميزانيتها رغم ما تعاني منه قوانين العمل لديها من خروقات واضحة لمواثيق وقوانين العمل الدولية؟ وكيف تفوز المملكة بفترة ولاية ثالثة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كذلك لجنة المرأة، وهي التي لم تعط لنسائها حتى رخصة قيادة السيارة إلا قبل أشهر، فضلاً عن بقية حقوقها الأخرى؟
وكيف تحول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صاحب التصريحات القاسية والساخرة ضد النظام السعودي، والذي اتهم منافسته هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الماضية بالتعاون مع السعودية وتلقّي أموال منها، إلى أكبر داعم للعاهل السعودي ونظامه؟ وكيف سكت ويسكت الغرب عن نشر السعودية للفكر التكفيري، ودعمها وقطر للجماعات الإرهابية (في2018، عُرض فيلم وثائقي حمل عنوان «أسرار السعودية»، وهو من إنتاج مشترك لشبكة «زد دي إف» التلفزيونية الألمانية شبه الرسمية، وشبكة «بي بي سي» البريطانية، ويقدّم للجمهور الألماني والأوروبي صورة صادمة وغير معهودة عن المملكة، ككيان فاحش الثراء يوجّه منذ عقود مداخيله من أموال النفط لترويج نمط متشدّد من الإسلام، وفي دعم وتمويل الإرهاب إقليمياً وعالمياً)، وقتلها للمعارضين، وآخرهم جريمة تقطيع الصحافي السعودي جمال الخاشقجي «بالمنشار»؟ وما هو سر الازدواجية وسياسة غض النظر التي يتم التعاطي بها مع هذه الأنظمة من قبل الغرب والولايات المتحدة الماضية، ومضيها قدماً في توفير جميع أسباب الرعاية والحماية والتبرير لأفعالها التي باتت تهدد العالم؟
أن يكون نظام ما أداة طيعة لتنفيذ السياسيات الأمريكية، لم يكن يوماً معياراً لواشنطن كي لا تتخلى عنه وإنما يخضع الأمر للظروف والأدوار, إذ إن هناك حكاماً وملوكاً ورؤساء لطالما حظوا بحماية أمريكية وغربية لعقود طويلة، لكن في لحظة مفصلية، فقدوا مظلة الحماية الأمريكية والغربية لهم، بالرغم من ذوبانهم في سياسات واشنطن، وصولاً إلى تقديمهم مصالح الغرب على مصالح شعوبهم.
إلا أن الحسابات تختلف عندما تملك دولة ثروات مالية لا تشحّ، إلا مع نضوب النفط، كمشيخات الخليج، خصوصاً السعودية. حينئذٍ، من الطبيعي أن يفسد «المال» مبادئ واشنطن لتحل محلها مبادئ أخرى، لعل أبرزها «من يدفع أكثر يحصل على الدعم والتأييد».
على الدوام، شكلت الاستراتيجية أعلاه السلاح الأمضى لدول الخليج والرياض من خلالها تخطت المشاكل والمطبات التي اعترضتها داخلياً أو خارجياً، عبر اللجوء إلى توظيف سلطة المال لديها واستخدام ثرواتها الريعية من النفط، لشراء التأثير والنفوذ وتوجهات البعض ومواقفه، إلى جانب استثمارات في الثروات السيادية، وتقديم المساعدات الإنمائية الانتقائية، ورعاية مشاريع تديرها جامعات مرموقة ومتاحف، وتجنيد المؤسسات الفكرية والمراكز البحثية والمراكز المتميّزة لصناعة الرأي والنخب السياسية المؤثرة، وغيرها من المراكز الثقافية المحترمة، والسيطرة على كيانات بعينها إدارياً ومالياً، وذلك من أجل إيجاد لوبي أميركي قوي مساند ومؤيد للسياسات الخليجية والسعودية.
100 مليون دولار لتحسين الصورة
* لعبت جماعات الضغط التابعة لأنظمة الخليج والسعودية والإمارات وقطر خصوصاً، والموجودة بكثرة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، (وما زالت تلعب) دوراً مؤثراً بشكل أو بآخر في السياسة الأمريكية والرأي العام الغربي ككل.
تأتي الرياض في مقدمة الدول التي استثمرت في جماعات الضغط التي دعمت دائماً توجهاتها حيال الملفات الإقليمية التي تحتاج إليها، لا سيما حربها على اليمن وقضية الخاشقجي مثلاً. بعد عام 2011، بلغ إنفاق اللوبي السعودي، والذي عُرفبـ«لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأميركية ــ سابراك»، بعد الإعلان عن إطلاقه في مارس 2016، أرقاماً قياسية. لقد كان دائماً هناك هبات خليجية، لكنها تصاعدت بشكل كبير بعد «الربيع العربي».
مع مرور الزمن، شوهت الأموال الخليجية «مجتمع السياسة الخارجية لواشنطن» الذي ساعد بفعالية في الترويج وتضخيم الأصوات المؤيدة للخليج. مجلة «ذي نايشن» الأسبوعية، والمقرّبة من صناع القرار السياسي، لفتت في تقرير لها، في 18 سبتمبر 2015، إلى أن الأموال السعودية لا تزال قادرة على شراء النفوذ في واشنطن، على الرغم من تراجع اعتماد الاقتصاد الأميركي على واردات النفط الخام من الجزيرة العربية.
صحيفة «واشنطن بوست»، من جهتها، كشفت عن أن السعودية أنفقت وحدها، في العام 2017 فقط، حوالي 100 مليون دولار لإعادة بناء صورتها، منها 27.3 مليون دولار على جماعات الضغط والاستشاريين، حيث تُبيّن السجلات العامة وجود200 شخص مسجلين كعملاء للمملكة، بحسب ما أوضحه بن فريمان، من مركز السياسة الدولية.
مطلع عام 2014 م ، أصبحت أموال الخليج في واشنطن لا لبس فيها ، الإمارات لم تكن أقل سخاء من حليفتها السعودية فتمويل أبو ظبي لمراكز التفكير والأبحاث الغربية أثار الجدل في الولايات المتحدة وأوروبا، على إثر نشر وثائق مسرّبة من البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة (تم الاستيلاء عليها من حساب بريده الإلكتروني الخاص)وجعل بعض المراكز البحثية ــ خصوصاً في أعقاب مقتل الخاشقجي ــ تعلن توقفها عن قبول الدعم والمنح المالية الخليجية، وكان أبرزها «مركز التقدم الأمريكي» الذي برزت فضيحته حول فصله لموظّفين سرّبا رسائل تثبت تأثيراً غير مقبول من الإمارات على آراء الباحثين في المركز.
في الواقع، لم يكن معهد الشرق الأوسط خلية التفكير الوحيدة التي كانت تتصيّده البترودولارات الإماراتية، غير أنه يعدّ من بين الخلايا الأكثر نشاطاً. ففي ابريل 2008، بعد شهر واحد من تعيين العتيبة في منصبه الجديد، قام ماك ماكليلاند الابن، وهو استشاري مقيم في الإمارات، بالتواصل بالنيابة عن رئيس مجلس إدارة «المعهد»، ويندي تشامبرلين، مع العتيبة، ليخبره بأنه التزم بجمع 50 مليون دولار من الإمارات العربية المتحدة لصالح «المعهد»، وطلب مساعدته لجمع هذا المبلغ.
على الدوام، ركز التمويل الإماراتي ــ السعودي على استهداف غالبية مراكز الأبحاث الكبرى مثل: تشاتهام هاوس، بروكينجز، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، معهد الشرق الأوسط، مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي، ومركز الأمن الأمريكي الجديد.
تظهر الرسائل الإلكترونية التي حظي بها موقع «ذا إنترسبت»، كيف ساعد إيان ديفيس، أحد كبار اللوبيات في شركة «أوكسيدنتال بتروليوم»، في توطيد الصلة بين العتيبة و«مركز الأمن الأمريكي الجديد»، وهي خلية تفكير تم تأسيسها وإدارتها من قبل خبراء الأمن القومي الذين كانوا مرتبطين بإدارة أوباما، والتي كان العتيبة في حرب مفتوحة معها إلى النهاية.
أظهر البريد الإلكتروني للعتيبة أن «الغرب للبترول»، (شركة بترول وغاز أمريكية مقرّها الرئيسي هيوستن في تكساس، وينحدر أبرز شركائها من الإمارات العربية المتحدة، ألا وهي الشركة الوطنية للبترول التي تعاقدت معها لمدة 30 سنة في مشروع مشترك وهو «مشروع غاز الحسن»، الذي يعدّ «أكبر مشروعات الغاز الطبيعي في الشرق الأوسط»)، تدعم سراً مركز الأمن الأمريكي الجديد، وذلك خدمة لمصلحة الحكومة الإماراتية.
ولاحقاً، ظهرت مساعدة مؤسسي مركز الأمن الأميركي الجديد، عندما مرّروا وثائق تحث إدارة ترامب على التخفيف من القيود المفروضة على الإمارات العربية المتحدة بشأن نقل طائرات من دون طيار للمشيخة الصغيرة، التي عمدت أيضا، الى تمويل افتتاح مكتب براق لمركز «الدراسات الاستراتيجية والدولية» وسط مدينة أبو ظبي بقيمة مليون دولار.
في عام 2014 أيضًا، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تحقيقاً عن تمويل الحكومات الأجنبية «مراكز الفكر»، كاشفة عن ارتفاع كبير في أرقام الهبات التي وصلت إلى ملايين الدولارات تقدم على شكل تبرعات إلى العديد من المراكز الأكثر نفوذًا في واشنطن، والتي كانت تصدر أوراقًا بحثية، وتستضيف منتديات عالمية، وتنظم جلسات إحاطة تتماشى عادة مع جداول أعمال الحكومات الأجنبية (الخليجية)، لكبار المسؤولين في حكومة الولايات المتحدة.
تحدثت الصحيفة عن وقائع عدة، تظهر تأثير تبرعات الحكومات الخليجية على سلوك مراكز التفكير والرأي، منها ما ذكرته عن الزائر السابق في «بروكينجز» في قطر، سليم علي، الذي قيل له وفقًا للصحيفة ألّا يكتب نقدًا للحكومة القطرية.
المثير أنه قد لا تجد أحدًا في العاملين في مراكز الدراسات التي تتلقى تمويلًا خليجيًا، يعترف «بالسحر الذي يفعله المال بهم»، لكنهم يعترفون بذلك بشكل غير مباشر، بحسب موقع فوكس نيوز الإخباري الذي نقل عن خبراء يعملون في هذه المراكز وصفهم للتبرعات الخليجية بـ«أنها تقوم بدور أكثر ذكاءً في التأثير على واشنطن، وهو دور أقل وضوحًا، وبالتالي أقل دراماتيكية. لكن هذا الدور نظامي، ومن ثم فهو منتشر».
من منظور هؤلاء الخبراء، لا يعني أن تتلقى مؤسسة فكرية أو أكاديمية تموّل أعمالها من تبرعات خليجية أنهم اشتروها ودفعوا ثمنها. لكنهم يقرّون بأنه نوع من تأثير إسكات الصوت. إنه يتعلق بما لا يتم كتابته. فهم لا يجادلون بوجود تأثير غير معلن، فالباحثون الذين يدركون بشكل طبيعي حساسيات الممولين، عليهم أن يفكروا مرتين قبل الكتابة بشكل نقدي حول هذه القضايا.
يفصح أحد الخبراء العاملين في هذه المراكز، عن الأفكار التي قد تكون لدى باحث يموّله الخليج، بالقول «يمكنني الكتابة عنالطائفية في السعودية، لكنني قد أخسر بعض المال، ويمكنني أيضًا أن أكتب عن انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات، ولكن، كما تعلمون، هناك انتهاكات في كل مكان، وهناك ملايين الأشياء الأخرى يمكنني الكتابة عنها».
خبير آخر يلخص الواقع بكلمات تؤكد التأثير الخليجي على سياسة المراكز البحثية والفكرية، فيشير إلى أنه «ربما لن يؤثر ذلك على كيفية إجراء التحليل، لكن قد يكون هناك بعض الرقابة الذاتية على مواضيع معينة لا تثيرها دون داع، وهي موضوعات حساسة للسعوديين أو غيرهم في الخليج». ويضيف «إن مخاطر الرقابة الذاتية تصبح واضحة بشكل خاص، عندما يعد الممولون الأجانب بالتبرعات المتكررة، بدلًا من كتابة شيك لمرة واحدة، فيما النوع الخطير من التمويل هو تجديد التمويل، لأنه يؤدي إلى الرقابة الذاتية».
المؤسسات البحثية والأكاديمية الغربية تتنافس على الأموال الخليجية تبعية المؤسسات البحثية والأكاديمية الأميركية والغربية، أخذت منحًى تصاعديًا مع نضوب المصادر التقليدية للتمويل كدعم الحكومة المحلية مثلًا، لذا باتت تتنافس على أموال الخليج، وتقدم زمالات أو مراكز أبحاث جيدة التجهيز أو ممولة من الخليج، أو رواتب وموارد مالية جيدة يمكن لأي شخص من خلالها التقدم في مسيرته المهنية، مقابل تضخيم وجهات نظر السياسة الخليجية.
معظم القائمين على مؤسسات السياسة الخارجية لواشنطن توجهوا أو زاروا الإمارات، وجرى تبرير ذلك بأنه رحلة عمل، لكنها بالمقابل كانت مريحة لتولد لديهم ما يكفي من المشاعر التي تجعلهم مولعين بالإمارات. يقول أكاديمي أميركي مقيم في الشرق الأوسط لموقع VOX في معرض تعليقه على تلك الزيارات: «إنهم يسافرون في مقاعد الدرجة الأولى، ويزورون المتاحف، ويقولون بعدها إنهم ذهبوا إلى الشرق الأوسط».
ويضيف: بالمقابل المسؤولون الإماراتيون، غالبًا ما يكونون على دراية بالعادات الأميركية، سعداء بالترفيه عنهم. فالإمارات لديها رسالة مقنعة لتوصيلها إلى جمهور صغير ــــ لكنه قوي ــــ من نخب السياسة الخارجية الأميركية.
الممالك الخليجية تولت كذلك رعاية عدد من الجامعات الغربية البارزة وبعض أساتذتها ومراكز البحوث فيها والبرامج البحثية الخاصة بها. حيث تبرعت السعودية بحوالى 30 مليون دولار لمبنى جديد لـ«مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية» التابع لجامعة أوكسفورد العريقة، ويضم هذا المركز عددًا كبيرًا من الزمالات الممنوحة.
التمويل السعودي طال أيضا جامعة أركنساس التي مُنحت حوالى 27 مليون دولار كهبة لمركز دراسات الشرق الأوسط التابع لها. إضافة إلى العديد من الجامعات، منها: كورنيل، وروتجرز، وبرنستون وغيرها. فعلى سبيل المثال، سميت أستاذية الفكر والثقافة الإسلامية في جامعة كاليفورنيا تيمنًا باسم الملك السعودي السابق فيصل بن عبد العزيز آل سعود.
وفي السياق ذاته، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أنه في عام 2005، أعيد تسمية مركز التفاهم الإسلامي ــــ المسيحي في جامعة جورجتاون، ليصبح مركز الوليد بن طلال، بعد تلقيه هبة بقيمة 20 مليون دولار من الوليد، وهذا ما دفع أحد أعضاء الكونغرس حينها إلى التساؤل عما إذا كان هذا المركز وجّه انتقادا للسعودية.
في عام 2006 عينت جامعة إكسيتر العريقة التي تعدّ موطن المركز الوحيد في لندن للدراسات الخليجية، حاكم الشارقة سلطان بن محمد القاسمي، عضوًا مؤسسًا لكلية المتبرعين لديها، وذلك كعرفان بالجميل، بعدما دفع سلطان مبلغًا من المال لمبنى القاسمي في الجامعة (الذي يضم معهدا للدراسات الإسلامية والعربية)، وموّل اثنتين من الاستاذيات: أستاذية الشارقة للدراسات العربية والثقافة المادية الإسلامية، وأستاذية الشارقة للدراسات الإسلامية.

قد يعجبك ايضا