من يتابع قنوات الدفع المسبق هذه الأيام يجد عجب العجاب، كلها تتحدث عن أشياء وهمية، ما يلفت النظر هو ذلك العدد الكبير من مراكز الوهم المسماة بالدراسات التي تشكلت في بلاد الشتات، كلها تقول بأنها متخصصة وقادرة على التحليل، لكن المتابع حينما يستمع إليها يجد أنها تتحدث عن غثاء كغثاء السيل، لا يوجد منطق أو عقل يُسلم بما يصدر عن الأشخاص الذين يمثلونها أو الذين ينتمون إليها، لأنه في الغالب شخص واحد يكون المركز والسكرتارية والبواب والجماهير ، بما يوحي أن هذه المراكز تشكلت في ظروف استثنائية اضطروا إليها لكي يضمنوا بقاء الراتب، لذلك نجد كل مركز يتحدث بما يُرضي الطرف الممول، أحدهم تابع لقطر ، والآخر للسعودية ، والثالث للإمارات، والرابع لتركيا أو بريطانيا، والخامس مشتت بين عدد من الدول العربية والأجنبية، وهكذا مراكز مجرد يافطات ورقية لا وجود لها في الواقع، ولا تقوم بأي جهد يُذكر، سوى أنها تحاول تضليل المتابع لضمان المقابل الشهري فقط، وتنتظر التوجيهات من الممول الأساسي.
زادت حدة مشاركات هؤلاء الناس في الآونة الأخيرة عندما انطلقت مساعي ما يُسمى بجهود إحلال السلام في اليمن، على خلفية المبادرات الأمريكية ثم السعودية، الكل يغترف من وحل الخيانة ويتحدث بأفق انتهازي، هدفه الأساسي التعبير عمّا يرضي أسياده الحقيقيون، حتى أن أحدهم شبه الموضوع بتلك القصة المعروفة التي تقول بأن شخصاً كان يمتلك قطاً جميلاً من حيث الشكل والمظهر، وعندما ضاقت به الحال قرر بيعه، فنزل به إلى السوق وبدأ يعرضه للبيع، فجاء الأول يسأله بكم هذا الهر، والثاني بكم هذا القط، والثالث هذا الدم، والرابع هذا البس، وغيرها من الأسماء والمسميات التي تطلق على القطط، مع كثرة الأسماء إلا أن الثمن لم يتجاوز الدرهم، ضاق الرجل ذرعاً، رمى القط إلى الأرض وهو يقول اذهب عليك اللعنة، ما أكثر أسماءك وما أقل ثمنك، وهذا هو حال هذه المراكز، أسماء رنانة طنانة وعبارات فظفاظة لكن المحصول لا شيء، والناتج عبارة عن هرطقات، كما قلنا هي في واد والواقع في واد آخر.
الغريب أن هناك أشخاصاً كنا نعرفهم أنهم أصحاب مواقف، لكنهم تحولوا إلى مجرد إمعات وببغاوات تردد ما تقوله قنوات العدوان، لا أدري هل هم مكرهين على مثل هذا الفعل؟! أم أن الخيانة حولته إلى سلوك وطبع يتقمصه كل من احتاج إليه لكي يظهر الولاء لأسياده، وكم كانت المفاجأة لدى مواطن معروف على درجة عالية من الثقافة، حينما استمع إلى رئيس أحد المراكز يتحدث بأن شوارع صنعاء خالية من المارة والدكاكين مقفلة، والمليشيات تطارد الناس في الشوارع، لم يتمالك نفسه صاح بأعلى صوته (عليكم اللعنة .. عليكم اللعنة .. لقد مسختم كل شيء حتى القيم والأخلاق والمبادئ وتعمدتم الكذب حتى تحول إلى زاد يومي تقتاتونه صباحاً ومساء من أجل إرضاء أسيادكم) منذ تلك اللحظة قرر عدم الاستماع إلى مثل هذه القنوات التي تبث الفاحشة كما قال، وأصبح يردد هذا القول في كل مكان يذهب إليه.
والسؤال الذي يجب أن نطرحه على هؤلاء هل فعلاً ما زلتم يمنيين تنتمون إلى هذا الوطن؟! كيف تصدقون الخزعبلات التي تتلقونها من غرفة الإعلام المشتركة للمعتدين؟! لاشك أنه سيأتي اليوم الذي تمقتون فيه أنفسكم، لكن سيكون هذا اليوم بعد فوات الأوان، وبعد أن تكونوا قد سقطتم من أعين الناس وتمزقت شخصياتكم وسمعتكم أشلاء، تتحدثون عن وجود إيراني ودور إيراني ودور مباشر لسفير إيران في صنعاء، وكأنكم في هذا الجانب تعتمدون على مبدأ القياس الذي أقره فقهاء الشرع، تقيسون ما يقوم به آل جابر الحاكم الفعلي لكم ولكل الفئات الضالة المشتتة في عدد من الدول، وتعتبرون أن السفير الإيراني يقوم بنفس الأعمال، و هذا قياس ظالم ولا وجود له إلا في أذهانكم، لأننا وكل اليمنيين لم نشاهد هذا السفير الذي تفترون عليه إلا في التلفزيون، يُعبر عن مواقف بلاده ولا شأن له بما يجري في الداخل اليمني، بينما آل جابر يقوم بدور الحاكم الفعلي والمتصرف في كل صغيرة وكبيرة بحسب اعتراف قادتكم، ويستند في كثير من الأحيان إلى تعليمات السفيرين البريطاني والأمريكي، كونهم المرجع الحقيقي لكل الفئات المتحالفة ضد اليمن واليمنيين، المشكلة أنكم استمرأتم الكذب والخداع والزيف وبدأ الواحد منكم يُصدق الآخر ، كأنكم تضحكون على أنفسكم وتريدون من هذا الشعب أن يصدق ما تقولونه وما يصدر عنكم، وهذا بعيد كل البُعد ومستحيل، لأن الشعب اليمني واع ويعرف أين الحق والصواب وأين الباطل والبهتان، وأنتم من حيث لا تدركون من دفع اليمنيين جميعاً إلى ميادين القتال والصمود والبطولات، وإلى زيادة التمسك بقيادة المسيرة القرآنية لأنها تتمسك بالصدق وتُعبر عنه في كل الأقوال والأفعال، ولا تتردد قيد أنملة في الحديث عن أي انتكاسة تتعرض لها إيماناً من قائد المسيرة بأن الرائد لا يكذب أهله، ولو أنكم فقط دققتم في ذلك الخطاب الضافي الذي أعلنه قائد المسيرة القرآنية السيد/عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة انتهاء العام السادس من العدوان ودخول العام السابع، لوجدتم فعلاً أن هنا في صنعاء قيادة تعرف ما تريد وتمتلك قضية، وتنطلق من هذه القضية باتجاه تصويب الأخطاء الفادحة التي تراكمت في الواقع على مدى عقود من الزمن، وكنتم أنتم بالذات من ينتمون إلى الإخوان المسلمين أحد أسباب انتشار تلك الأخطاء والممارسين لها صباحاً ومساء، لكنكم كنتم تضللون الناس وتمارسونها بدعوى الدفاع عن الدين والتعصب له، وهذه جريمة أخرى ما بعدها جريمة، خاصة أن المواطن المسكين الذي أثرتم عليه بدأ يلاحظ التحولات التي طرأت عليكم وكيف أنكم أصبحتم تمارسون ما كنتم تنهون عنه صباح مساء وبدون خجل وبوجوه سافرة.
الحقيقة أن هناك زلات وهنات عظيمة عليكم أيها المرتزقة والخونة، وكم أشعر بالأسف لوجود من كنا نعتبرهم مثقفين وأصحاب مواقف، انزلقوا إلى هذه المزالق وأصبحوا يتغنون بالطائفية والعنصرية بدون وعي وبلا خشية لا من الله ولا من الناس، المطلوب من هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم وأن يعرفوا أن الوطن سيظل قوياً بأبنائه وصامداً بصمود الأبطال المدافعين عن حياضه في كل الجبهات، والنصر سيكون إن شاء الله قريباً.. قريباً.. قريباً .. والله من وراء القصد ..