إضافة إلى الدوافع العقائدية المقيتة

عداء آل سعود لليمن.. أطماع متزايدة في ثرواته ومقدراته

 

الثورة / محمد دماج
تعكس مذبحة تنومة الوجه القبيح والغادر الذي يعبَّر عن حقد دفين لآل سعود تجاه اليمنيين حيث جاء هذا الحقد الدفين مع قدوم آل سعود الفاشيين إلى الحكم واستمر حتى يومنا هذا ضد اليمن واليمنيين والذي عبَّر عنه آل سعود من خلال شن العدوان مؤخرا.
فهذا العداء ليس وليد اليوم وإنما جاء به آل سعود إرضاء للصهيونية البريطانية والغربية عموما التي تريد نشر الفتن بين المسلمين فآل سعود جاءوا منفذين للسياسة الصهيونية والغربية ومازالوا حتى اليوم يشنون العدوان ضد أطفال ونساء اليمن خوفا من العمق التاريخي لليمن بشعبه ومكانته وموقعه إلى جانب أطماعهم بثرواته حيث يعبَّر العدوان السعودي الأمريكي عن الوجه البشع لآل سعود ..
ونحسب أن هذه الحرب بنتائجها ستكون سبباً تاريخياً كبيراً في نهاية الدور السعودي في اليمن، وربما في نهاية الدولة السعودية ذاتها، لأن التضحيات التي قدمت على مذبح الحرب ثمنها غالٍ للغاية وهي من شدة هولها وقسوتها لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، بل ستكون فاتحة لعصر جديد من العلاقات بين الدولتين؛ لن يستطيع فيه اليمنيون نسيان طعم الدم والنار التي أشعلتها الدولة السعودية في قلب هذا البلد الذي كان (سعيداً) قبل أن يُطل عليه ليل آل سعود الطويل!!”
إن الحرب الدائرة اليوم بين السعودية واليمن ليست الأولى، رغم قسوتها وفداحة الدماء التي تنزف فيها من فقراء اليمن وشعبها الأصيل؛ ونحسب أن هذه الحرب غير العادلة وغير الأخلاقية لن تكون الأخيرة.
إن المتأمل لتاريخ العلاقات اليمنية–السعودية في شقها الخلافي الدامي سيكتشف كم هي المواقف والمراحل التي توشحت بالدم، وكيف أن آل سعود كانوا دائماً في موقف المعادي لليمن، إما خوفاً من قدرة شعبها وقوته، أو طمعاً في ثرواتها وأرضها.
إن فهم الحرب الحالية التي شنتها السعودية منذ العام 2015م ولا تزال مستمرة ومدمرة لا يستقيم دونما الالتفات إلى الماضي، أو على الأقل إلى بعض صفحاته الدامية لنعرف أن الحرب ليست نشازاً، أو استثناءً، لكنها امتداد لتاريخ طويل من الدم، والنار، بين الدولة السعودية ودولة اليمن بجنوبها وشمالها؛ لقد كان هاجس الكراهية عاملاً ثابتاً في تاريخ العلاقات بينهما، وكان عبدالعزيز بن سعود (مؤسس الدولة السعودية الثالثة قد قال محذراً ومشيراً إلى موقع اليمن على الخريطة وهو على فراش الموت وحوله أولاده الوارثين : ” انتبهوا .. انتبهوا فمن هنا سيأتي هلاككم وزوال ملككم، فلا تطمئنوا لهم وحاربوهم باستمرار وبكل الوسائل وفى كل الأوقات سلماً أو حرباً).. ولقد التزم “الورثة” بالوصية حتى يومنا هذا.

محطات من العداء
ولمعرفة بعض صفحات هذه العلاقات الدامية يحدثنا التاريخ أن الصراع بدأ منذ الدولة السعودية الأولى في بدايات القرن التاسع عشر، حين غزت قوات حزم العجماني اليمن 1898م، مروراً بعام 1921م حيث حادثة الحج اليماني في وادي تنومة ومقتل 3000 حاج يمني على يد ابن سعود، وتوقيع اتفاقية مكة بين ابن سعود والحسن الإدريسي عام 1926م لفصل الدولة الإدريسية عن اليمن، واتفاقية تسليم (المجرمين) بين البلدين في 15 يناير1932م تحت الضغط ، ووقوع الحرب السعودية ـ اليمنية عام 1934م وتوقيع معاهدة الطائف ، والمشاركة السعودية في قمع انتفاضة 1948م ثم المشاركة في قمع انتفاضة 1955م ثم الدماء التي سالت على أرض (البلاد السعيدة) بعد ثورة سبتمبر 1962م في الحرب الأهلية لمدة ثمان سنوات ذهب ضحيتها آلاف القتلى والجرحى واليتامى والأرامل، والضغوط السعودية لإقالة محسن العيني من رئاسة الوزراء عدة مرات أثناء الحكم الجمهوري، والضغوط المماثلة من أجل تعيين نصير السعودية في اليمن حسن العمري كرئيس للوزراء أربع مرات، وإشعال النظام السعودي حرب الحدود بين اليمنيين عدة مرات بواسطة عملائه.

محاولات اغتيال الحمدي
أخذ تعهد من الحجري بإقفال ملف الحدود بين البلدين إلى الأبد، والضغط السعودي على الرئيس الحمدي لطرد الخبراء السوفيت واستبدالهم بأمريكيين ومحاولات الانقلاب عليه والتي قام بها الشيوخ المدعومون من قبل النظام السعودي ضده: في 13 يوليو 1975م ثم في 16 أغسطس 1975م، ثم ثالثة في 20 فبراير 1976، ثم رابعة في بداية يوليو 1977م في صعدة حتى قتله في اكتوبر 1977. ثم تنصيب شخص موالٍ لهم هو الرئيس الغشمي وتجنيد عبد الله الأصنج كعميل لهم في اليمن والمحاولات السعودية المستميتة لمنع حصول الوحدة بين البلدين ومحاولات الانقلاب الأخرى ومنها حادثة مايو 1987م، والمصادمات الحدودية التي كانت تقع كل عامٍ تقريباً.

الورقة الاقتصادية
* إن عدد سكان اليمن اليوم يشكل نصف عدد سكان الجزيرة العربية، وتتنبأ شركات النفط العالمية بمستقبل نفطي جيد، ولذلك فإن السعودية لم تكن لتدع اليمن يعيش في أمانٍ واستقلال لما لذلك من آثار على سياستها الداخلية والخارجية بل استغلت الضعف الاقتصادي لليمن لتفرض عليه سياستها.
ولكن لنعد مرة أخرى للتاريخ الذي يحدثنا – أيضاً – أنه في صبيحة 15 (يناير) 1902م تمكن عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود مع نحو أربعين من أنصاره من قتل عجلان بن محمد حاكم الرياض من قبل آل الرشيد، بعد أن وضع خطة وتحركاً من الكويت بمساعدة أميرها آنذاك مبارك آل صباح، وبعد أن وطّد عبد العزيز حكمه في الرياض توجه إلى المناطق المجاورة لاحتلالها، ثم احتل الأحساء وحائل ثم عسير والحجاز، وهكذا أتم عبدالعزيز الاستيلاء على مناطق الجزيرة العربية حتى أطلق عليها مسمى (المملكة العربية السعودية) في 18 سبتمبر 1932م.
وفي عام 1932م استطاعت قوات الإمام يحيى أن تحتل واحة على حدود نجران، حيث أجلت عنها الحشود السعودية ، واستمرت المفاوضات عامين ولم تسفر عن أي نتائج.

هجوم سعودي على اليمن
* وفى أبريل عام 1934م هاجمت القوات السعودية اليمن مرة أخرى ، واستطاع أحد جيوشها التي كان يقودها ولي العهد السعودي أن يحرز تقدماً صغيراً في المناطق الخلفية على حساب القوات اليمنية بقيادة ولي العهد اليمنى الأمير أحمد .. أما الجيش الآخر بقيادة فيصل فقد تحرك بسرعة في اتجاه تهامة واستطاع الاستيلاء على الحديدة.
وطلب الإمام مساعدة من الخارج من الإيطاليين والبريطانيين والفرنسيين الذين كان لديهم هدف واحد هو عدم رؤية السعوديين بالقرب من المستعمرات التابعة لهم (اريتريا ، عدن ، جيبوتي) ، ولذلك أرسلوا السفن الحربية إلى الحديدة ليضغطوا على عبدالعزيز حتى يقبل وساطتهم.

إذعان عبدالعزيز آل سعود
وأذعن عبدالعزيز لتهديد الدول الأوروبية وعقد معاهدة مع الإمام سميت “معاهدة الطائف”، انسحب بمقتضاها من اليمن مقابل إجبار الإمام يحيى على القبول بسيطرة السعودية على عسير، متضمنة منطقة الحدود– نجران وجيزان–وتعويضاً مقداره مائة ألف جنيه من الذهب.
لكن في عام 1935 وقعت حادثة مهمة استهدفت حياة الملك عبد العزيز ، حينما قام ثلاثة يمنيين بمحاولة قتل الملك ، وهو يطوف بالكعبة ، لكن نجله وولي عهده الأمير سعود – حينها – تلقى طعنات المهاجمين الثلاثة ، وقتل المهاجمون ، وكان الاعتقاد الذي ساد فيما بعد هو أن الذى دبر المحاولة كان الأمير أحمد ولي عهد الإمام، ويبدو أن لهذا الاعتقاد ما يبرره في ظل ما أشيع عن عدم قبول أحمد بالنتائج التي حدثت في عسير .. وما يؤكد هذا الاعتقاد طلب الملك عبدالعزيز من الإمام يحيى أن يقنع ابنه أحمد بعدم المطالبة بعرش أبيه.
لم تكن محاولة اغتيال الملك عبدالعزيز هي آخر محاولات الشعب اليمنى للتخلص من الهيمنة السعودية أو إبداء التذمر منها ، فقد قام الشعب اليمنى بالعديد من المحاولات، ومنها : اختطاف طائرة ركاب سعودية هي الأولى في تاريخ الطيران المدني السعودي وذلك في 6 نوفمبر 1984م.. فقد كانت الطائرة – وهى من طراز ترايستار – قادمة من لندن إلى جدة ومن ثم إلى الرياض ، وبعد إقلاعها من مطار جدة سيطر أحد مختطفيها على كابينة القيادة وبيده مسدس وأجبر قائد الطائرة على التوجه إلى طهران ، فاتصل قائد الطائرة بمطار طهران وأبلغتهم بالأمر ، وطلب من المسؤولين هناك أخذ الإذن من السلطات الإيرانية بدخول أجواء إيران وقد استسلم المختطفون للسلطات الإيرانية ، وقد كانت مطالبهم تتلخص في وقف تدخلات السلطات السعودية في اليمن الشمالي وإطلاق سراح السجناء اليمنيين السياسيين في السعودية ، وبالرغم من عدم حصول المختطفين على مطالبهم فإنهم استطاعوا بعمليتهم هذه إسماع صوت شعبهم للعالم.
أما الحادثة الثانية فقد كانت محاولة اختطاف طائرة سعودية من طراز بوينج 737 قام بها شاب يمني في 17/ 3/ 1985م، فقد كانت الطائرة متوجهة من جدة إلى الكويت ، وهدد الشاب بنسفها بقنبلة يدوية ، ولم تعلن الحكومة السعودية شيئاً عن مطالبه ، وقد هبطت الطائرة في مطار الظهران بحجة انها بحاجة إلى وقود وهناك قام حرس الطائرة بإطلاق النار على المختطف أحمد العلوي وأردوه قتيلاً ، إلا أنه فجر القنبلة قبل مقتله بلحظات فأحدث بعض الخسائر المادية دون أن يصاب أي من الركاب بأذى.

صفحات الدم والنار
ومن صفحات الدم والنار في تاريخ العلاقات السعودية اليمنية ما أشار إليه صلاح نصر مدير جهاز المخابرات العامة المصرية في مذكراته عن موقف فيصل الرافض لحل مشكلة اليمن سلمياً ، فيقول : ” اقترح عبدالناصر في ديسمبر سنة 1962م فكرة سحب القوات المصرية من اليمن (التي ذهبت إلى هناك مساندة للثورة اليمنية وحامية للأمن القومي المصري في باب المندب)، بشرط أن تتوقف معونة السعودية والأردن إلى الملكيين ، لكن الأمير (فيصل) ولي عهد السعودية ورئيس الحكومة في عهد أخيه الملك سعود وقتها وجد الفرصة سانحة للانتقام من عبدالناصر عدوه اللدود ، فلم يكتف برفض عرض عبدالناصر ، بل قام بإعلان رفض السعودية للكسوة الشريفة التي كانت ترسلها مصر سنوياً للكعبة الشريفة منذ أمد بعيد ، وكان لمصر الفخر في ذلك بين الأمم الإسلامية كافة.

خشية أمريكية من حرب اليمن
والواقع أن محاولة كيندي لإقامة تسوية سلام في اليمن لم يكن منشؤها تعاطف واشنطن مع عبدالناصر ، لكن الأمريكيين كانوا يخشون احتمال تهديد عرش السعودية لو تورطت في حملة صراع طويل الأمد مع القاهرة ، وهذا بالتالي يهدد مصالح الولايات المتحدة البترولية ، وهى إحدى المصالح الرئيسية لواشنطن في المنطقة.
ولذلك لم يمر شهران على انقلاب السلال حتى قام كيندي بالتوسط لوقف النزاع في اليمن ، فأرسل ممثلاً خاصاً له من واشنطن للاستماع إلى الأطراف المتنازعة ، لكن “فيصل” والإمام البدر المخلوع رفضا العرض ، بينما تحمس له عبدالناصر والسلال.
وأخفق كيندي في وساطته ومن ثم انسحب من المسرح ، لتتولى الأمم المتحدة مهمة إيجاد تسوية لحل النزاع ، في الوقت الذى كان فيه “فيصل” مصراً على تسديد الطعنات المستمرة لعبد الناصر” .
وإذا كان صلاح نصر اعتبر أن كيندي أخفق في وساطته تاركاً الأمم المتحدة تتولى مهمة إيجاد تسوية لحل النزاع ، فإن د. فوزى أسعد (الباحث والمعارض السعودي المرموق والضابط السابق في الجيش) يرى أن الرئيس الأمريكي قد بذل جهوداً لوضع حد للحرب الأهلية في اليمن ، وذلك بالضغط على السعوديين لوقف مساعداتهم للملكيين، بعد اقتناعه بأنه لا البدر ، ولا الحسن وأتباعهما يستطيعون إسقاط النظام الجمهوري طالما كان هذا النظام يتمتع بتأييد غالبية الشعب اليمنى ومساندة القوات المصرية ، وطالما كانت القوى الوطنية في اليمن ترحب بالتدخل المصري ، وأن جهود الرئيس كيندي أثمرت في هذا السبيل ، وحسب مذكرة كتبها وزير الخارجية بتاريخ 7 سبتمبر 1963م ” فإن المساعدات السعودية قد تقلصت إلى الحد الذى أثر على عمليات الملكيين العسكرية”.

تعاون مع تل ابيب ضد ثورة اليمن
ويحدثنا التاريخ عن التعاون السعودي الإسرائيلي في ضرب ثوار اليمن في الستينيات، وفى خلق مناخ سياسي وعسكري يزيد من تورط عبدالناصر في اليمن حتى تسهل هزيمته من إسرائيل، وهو ما حدث في حرب 1967م، لتتوالى المؤامرات السعودية على اليمن في السبعينات والثمانينات.

إجهاض الوحدة اليمنية
وفي العشرين السنة ما بين 1974م وحتى 1994م حاولت السعودية جاهدةً إجهاض أي محاولة لتحقيق الوحدة اليمنية، وفي أكثر من مرة أحبطت الوحدة بوسائل سعودية متعددة منها اغتيال ثلاثة رؤساء يمنيين منهم اثنان في الشمالهما (الحمدي 1977م والغشمي 1978م) وإعدام واحد في الجنوب (سالم ربيع1978م)..! تلى ذلك استمرار نشوب حرب الجبهة في المناطق الوسطى.

نجران وجيزان وعسير
أيضاً كانت هناك مباحثات بشأن الوحدة منذ 1979م وحتى أوائل التسعينيات وكلها فشلت، فقد أثرت السعودية على قرارات شمال اليمن حينها بشأن الوحدة في كل جلسات المفاوضات، وكان عبدالله بن حسين الأحمر من أبرز المعارضين للوحدة، وعقب الوحدة اليمنية عام 1990م، توترت العلاقات بين السعودية واليمن، لأن معاهدة الطائف التي وقعت عام1934م نصت على ضم عسير وجيزان ونجران للسعودية حتى العام 1992م، ومن ثم كان ينبغي إعادتها لليمنيين وهو ما لم يحدث حتى يومنا هذا، بل قامت السعودية ببناء قاعدة عسكرية في عسير.. وبدأت مشروعا بثلاثة بلايين دولار لتسوير الحدود، وضخ الاستثمارات في جيزان..
ثم حاولت السعودية عزل الحكومة اليمنية، وكان اليمن قد وقع اتفاقا حدوديا مع سلطنة عمان، فقامت السعودية بإثارة خلافها القديم مع السلطنة ضغطاً على مسقط لإلغاء الاتفاقية مع صنعاء.

العداء تجاه اليمن
ويحدثنا التاريخ أن السياسة السعودية بالنسبة لليمن لم تتغير أبداً في تلك الفترة، حيث سعت الرياض إلى منع القوى الصديقة أو الحليفة لليمن من تكوين أي قواعد للنفوذ لها هناك اعتقاداً من آل سعود بأن هذه القوى سيكون لها تأثيرها على الأحداث ، لا في اليمن وحدها ولكن في شبه الجزيرة كلها ، والحالة المثالية- كما كانت ولاتزال- من وجهة نظر الرياض أن يكون نظام الحكم في شبه الجزيرة العربية بأكملها ملكياً ، كما هو الحال في الدول الصغيرة المطلة على الخليج العربي، وقد بذلت السعودية جهوداً كبيرة خلال السبعينات والثمانينات من القرن الماضي في اليمن- الشمالي والجنوبي، عن طريق مساعدة بعض العملاء المحليين لإسقاط نظام الحكم الجمهوري واستبداله بنظم حكم أكثر ملاءمة للرياض ،وفشلت الرياض في النظامين، لكنها استطاعت في اليمن الشمالي أن تجعل لحلفائها دوراً رئيسياً في النظام الجمهوري القائم ، ونظراً لعدم استطاعة السعودية ضمان استمرار النظام الملكي القبائلي في جنوب السعودية ، فإنها سعت إلى الحفاظ على سيطرتها على هذه المنطقة بحيث تمنع أي تدخل عالمي أو إقليمي ، وبينما نجحت السعودية في إبعاد المصريين عن اليمن الشمالي ، فقد فشلت في إبعاد السوفييت عن اليمن الجنوبي.

إفراغ الوحدة من مضمونها
هذا وتؤكد وقائع التاريخ أن الرياض سعت إلى منع أي نوع من الوحدة اليمنية ، حيث كانت ترى في اتحاد اليمن خطراً على هيمنتها على شبه الجزيرة العربية ، وستكون له مطالب تحررية وحدوية ترجع إلى حرب عام 1934م بين الملك عبدالعزيز والإمام يحيى ، وفى (1972 – 1973م)، (1979 – 1980م) لعبت السعودية دوراً رئيسياً في قرار اليمن الشمالي بعدم تنفيذ اتفاقيات الوحدة التي وقعها مع اليمن الجنوبي ، وقد تمت الوحدة بالفعل في التسعينيات من القرن الماضي رغم المحاولات المستميتة للنظام السعودي لإفشال تلك الوحدة ، لكن سياسة المملكة نجحت في أن تجعل الوحدة بدون قيمة تذكر ، بعد موافقة اليمن على ترسيم الحدود عام 2000م (اتفاقية جدة) تاركة عسير وجيزان ونجران اليمنية التي احتلتها المملكة بالقوة في الثلاثينيات.

معاهدة جدة
ورأت المعارضة اليمنية يومها أن معاهدة جدة كانت بمثابة المخدر لليمنيين ، لم تحل مشاكل الشعب بل زادت مشاكلهم تعقيداً ، لأن المعاهدة لا تخدم إلا مصالح نظام آل سعود ولا تقدم لليمن إلا الذل والقهر والفقر لتبقى اليمن تحت إمرة وسيطرة ورحمة نظام آل سعود، وهو ما كان بالفعل طيلة الفترة الممتدة من التسعينيات حتى (2015م) التي أحال فيها آل سعود اليمن إلى ركام ودمار، ورغم ذلك لم يستسلم اليمنيون بل ازدادوا صموداً ومقاومة.. ونحسب أن هذه الحرب بنتائجها ستكون سبباً تاريخياً كبيراً من أسباب نهاية نهاية الدور السعودي في اليمن، وربما في نهاية الدولة السعودية ذاتها، لأن التضحيات التي قدمت على مذبح الحرب ثمنها غالٍ للغاية وهي من شدة هولها وقسوتها لن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، بل ستكون فاتحة لعصر جديد من العلاقات بين الدولتين؛ لن يستطيع فيه اليمنيون نسيان طعم الدم والنار التي أشعلتها الدولة السعودية في قلب هذا البلد الذي كان (سعيداً) قبل أن يُطل عليه ليل آل سعود الطويل.

قد يعجبك ايضا