موظفو السجون .. سجناء بحكم المهنة بحاجة إلى اهتمام ورعاية

عبدالرحمن علي الزبيب
السجون حديث ذو شجون تكتظ السجون بنزلاء بسبب تباطؤ اجراءات التحقيق والمحاكمة واختلالات تنفيذ الاحكام القضائية ويتحمل عبء اكتظاظ السجون ليس فقط نزلاء السجون بل ايضاً موظفي السجون الذين يتحملون مشقة وعناء والقيام بمهام مضاعفة بسبب ارتفاع عدد السجناء بشكل كبير نتيجة سلسلة الاختلالات التي تصاحب اجراءات ايداع النزلاء والافراج عنهم جميع السجناء وفقا للدستور الوطني يجب ان يكون ايداعهم السجون تنفيذاً لحكم قضائي وفي حالات استثنئاية أوضحها القانون وحددها حصراً في القضايا الجسيمة ووفقا لشروط محدده يتم احتجاز الاشخاص في السجون ولفترات محددة لايجوز تجاوزها ولكن ؟
يوجد العشرات في كل سجن والمئات من الاشخاص داخل السجن دون جريمة اقترفموها ودون حكم قضائي صادر ضدهم وأودعوا السجون لتنفيذها انهم سجناء بحكم المهنة .
بمعنى أن العاملين في السجون ايضاً محتجزة حريتهم بسبب أن عملهم في داخل السجون ويتحملون أعباء كبيرة نتيجة هذا العمل الهام ويتحملون مخاطر كبيرة يستوجب ان يواكبها حقوق وضمانات تعوضهم عن مشاق العمل في السجون وهنا نتساءل ويستاءل جميع موظفي السجون: لماذا لا يتم منح موظفي السجون الرعاية والتآهيل المستمر اللازمين لقيامهم باعباء هذه الوظيفة الهامة والخطيرة وأين إجراءات الحماية لهم والتأمين من المخاطر المحتملة .
يستلزم التوعية بأهمية عمل موظفي السجون والجهود التي يبذلونها وتصحيح النظرة السلبية نحوهم بسبب الفهم الخاطىء لمهام وصلاحيات موظفي السجون وكأن موظف السجن هو من يحتجز حرية الانسان وانه السد الحاجز بين السجين وبين فضاء الحرية لايعرفون بأن موظف السجن موظف رسمي مهمته رعاية السجين وتوفير احتياجات السجين وتنظيم شؤون السجن لكي يكون مكانا ملائماً لإقامة السجناء فيه لايوجد صلاحيات ولا من اختصاص موظفي السجون حبس شخص او الافراج عن السجناء فالجهات الإدارية والقضائية من خارج السجن هي المختصة بذلك وأي اختلالات أو تجاوزات تكون غالباً من الجهات المختصة صاحبة الصلاحية في الإيداع بالحبس أو الإفراج عن السجناء .
يجب أن نسأل أنفسنا جميعاً: ماذا قدمنا لموظفي السجون من حقوق لنطالبهم بواجباتهم ؟
هل يتم تدريبهم باستمرار لصقل مهاراتهم وتوسيع معارفهم القانونية والحقوقية؟
هل يتم منحهم حوافز تشجيعية لتعويضهم عن ما يكابدوه من معاناة وتعب وحبس طويل بلاذنب ؟
في جميع دول العالم يتم منح موظفي السجون مستحقات مالية كبيرة لتحفيز الكوادر الجيدة للتسابق والانخراط في العمل في السجون كما يتم منحهم امتيازات كبيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر تخفيض سنوات الخدمة وتخفيض فترة الدوام بحيث لاتتجاوز أربع ساعات ويكون العمل بنظام الشفتات كون الخدمة والعمل في السجون شاقة ولها ظروف خاصة يستوجب الاهتمام.
السجون هي إصلاحيات للتأهيل والإصلاح تقوم بنفس وظيفة المستشفى فالمستشفى يقدم الأدوية والعلاجات للمرضى بعناية هامة وبكادر طبي قوي ومؤهل بشكل ممتاز لخطورة الحالات الذي يستهدفونها بعملهم وكذلك السجون هي مراكزعلاج وإصلاح وتأهيل والهدف هو تغيير سلوك السجناء ليعودوا للمجتمع مواطنين صالحين مؤهلين للاستمرار في الحماية دون مخالفة للقانون ودون تجاوز له لذلك يستوجب ان يكون موظفو السجون مؤهلين بشكل كبير للقيام بهذا العمل الهام والعناية بالسجناء والقيام بكافة الجهود لتغيير سلوكياتهم.
كل جهود تحسين اوضاع السجون والسجناء لم تكلل بالنجاح بشكل كبير وبحسب ما يطمح إليه الجميع ليس بسبب غياب الإرادة فالإرادة الوطنية موجودة وبقوة لإصلاح السجون وتحسين أوضاع السجناء ولابسبب نقص الإمكانيات المادية فالسجون في مقدمة أولويات اهتمامات الدولة ومؤسساتها واذا وجد قصور في الجانب المالي فهو على مستوى جميع قطاعات الدولة والسجون ربما أفضل من بعض مؤسسات الدولة الأخرى ومازالت محل اهتمام قيادة الدولة ولكن ؟
نتساءل باستمرار: أين يكمن الخلل ؟.. أين المشكلة ؟ لماذا لايتم تحسين أوضاع السجون ؟؟
الإجابة تكمن في عدم الاهتمام بكافة المنظومة المتعلقة بالسجون وفي مقدمتها موظفو السجون الذين يعتبرون أساس أي إصلاح في السجون وأول مداميك إصلاح وضع السجناء .
موظفو السجون يحتاجون الى الحقوق المادية التي تقدر جهودهم الهامة وتحفزهم للاستمرار في العمل بابداع وانتظام والتزام وحقوق معنوية تقدر لهم هذا العمل الهام الذين يقومون به .
ومن أهم احتياجات موظفو السجون هو التدريب والتأهيل المستمر ليقوموا بأعمالهم بجودة أكبر وبخبرة جيدة لتكون مخرجات السجون تحقق أهداف إنشائها في الإصلاح والتأهيل .
يجب أن يشعر موظفو السجون بالاستقرار الوظيفي واشباع احتياجاتهم المادية والمعنوية والتأهيل والتدريب المستمر لهم لكي يستطيعوا ان يشاركوا في إصلاح وتأهيل السجناء، ففاقد الشيء لايعطيه وهذه قاعدة عامة لا استثناء لها.
فكما نسعى ويسعى المجتمع لتحسين أوضاع السجناء والاهتمام برعاية اسر السجناء كحق قانوني وإنساني فكذلك الموظّف لدى السجن هو أيضاً إنسان يحتاج للتحسين وتحتاج اسرته للرعاية .
وفي الأخير :
نؤكد على أهمية تحسين أوضاع موظفي السجون مادياً ومعنوياً وتدريب وتأهيل مستمر ليقوموا بأداء عملهم بجودة أكبر ودون أي أخطاء أو مخالفات .
نحن لانبرر الأخطاء بسبب قصور في أوضاع موظفي السجون ولكن يجب أن يتم دراسة تحسين اوضاعهم لرفع مستوى أدائهم ليكون مواكباً للمأمول .
تنتشر النظرة السلبية عن موظفي السجون في المجتمع وهذا خطأ كبير يستوجب تصحيحه ومعالجته وان تكون نظرتنا ايجابية وبأن هذا الموظف في السجن يحجز حريته بإرادته بعكس السجين ولكن يستمر في ذلك احتراماً لعمله .. نعم .. يواجه موظفو السجون ضغوط الحياة وصعوبات العمل نتيجة غياب التدريب المستمر وضعف الحافز الذي يطمئن روح السجناء ويعزز من استقراره الوظيفي ولكن رغم كل تلك المعوقات إلاّ أن موظفي السجون يقومون بأعمالهم ومستمرون بلا تلكؤ فما جزاء الإحسان إلا الإحسان .

قد يعجبك ايضا