مختصون: التبعيات المتعددة ونقص البنى التحتية والمختصين، يؤثر سلبا على دور هذه المراكز في تقديم خدماتها
فجوة بين ما تقدمه مراكز التربية الخاصة من خدمات وما يحتاجه ذوو الإعاقة الذهنية
الثورة / قضايا وناس
يقاس مستوى تقدم الدول بمقدار ما تقدمه من خدمات الرعاية والتأهيل لذوي الإعاقة.
ويعتبر ذوو الإعاقة الذهنية من أكثر فئات الأشخاص ذوي الإعاقة احتياجا لخدمات الرعاية والتأهيل، وفي بلادنا يتم تقديم خدمات الرعاية والتأهيل لذوي الإعاقة الذهنية في مراكز تسمى مراكز التربية الخاصة والتي تستقطب الدعم من المنظمات المختلفة وفي مقدمتها صندوق رعاية وتأهيل المعاقين الذي يقدم موازنات تشغيلية سنوية لهذه المراكز ويشرف على برامجها المتنوعة كالتدخل المبكر والتأهيل والدمج والعلاج الطبيعي والتخاطب والتكامل الحسي والرعاية والنقل والخدمات الطبية كالعمليات الجراحية والأدوية وتدريب الكوادر المتخصصة والإدارية وغيرها من الخدمات التي تقدمها المراكز لذوي الإعاقة الذهنية بطريقة مباشرة ومنها عن طريق صندوق رعاية وتأهيل المعاقين، إلا أن هناك فجوة كبيرة بين ما يحتاجه ذوو الإعاقة الذهنية من خدمات وما تقدمه هذه المراكز، الأمر الذي يضاعف من حالات ذوي الإعاقات الذهنية ومن معاناة أسرهم ويعود السبب في هذا النقص إلى طبيعة العلاقة بين جهات الدعم ومراكز التربية الخاصة من ناحية ونقص البنى التحتية والإمكانات المادية والمختصين وانعدام التخطيط الاستراتيجي وتعدد التبعيات من ناحية أخرى .
وينبغي على مراكز التربية الخاصة لذوي الإعاقة الذهنية تقديم خدمات متكاملة لذوي الإعاقة الذهنية قائمة على تشخيص دقيق باستخدام أدوات قياس مقننة ومن قبل متخصصين ذوي خبرة وبناء برامج تربوية وفق طرق علمية سليمة من قبل فريق متعدد التخصصات وتفعيل دور كل منهم وتنفيذها من قبل معلمي تربية خاصة ومتخصصين وذوي خبرة بالاشتراك مع كل عضو في الفريق على ان تشمل كل جوانب النمو الخدمات المساندة والانتقالية وتوفير برامج توفير مهني وإرشاد أسر ذوي الإعاقة الذهنية .
الأستاذ الدكتور يوسف عبدالله الشجاع -أستاذ التربية الخاصة المشارك- نائب عميد كلية التربية بجامعة إب الأسبق ونائب عميد مركز التعليم المستمر بجامعة إب، يوضح ان هناك تداخلاً وتعدداً في التبعيات لهذه المراكز، فهي تتبع الشؤون الاجتماعية كجمعيات ومنظمات كمؤسسة مجتمع مدني وأيضا تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية وتشرف عليها أيضا وزارة التربية والتعليم كمدرسة تقدم خدمات تربوية لذوي الإعاقة الذهنية، كما تتلقى هذه المراكز دعما من صندوق ورعاية تأهيل المعاقين والكثير من المنظمات بأشراف متعدد .
ويؤكد الدكتور الشجاع أن هذه المراكز لا تستطيع التخطيط الاستراتيجي الحقيقي في ظل التبعيات المتعددة خصوصا وان بعض الجهات تقدم مدربين غير متخصصين في هذا المجال في بعض دوراتها، مما يربك المتدربين ممن يقدمون الرعاية والخدمات لذوي الإعاقة الذهنية في هذه المراكز .
أما بالنسبة للمناخ التنظيمي، فيوضح الدكتور الشجاع ان هناك عدة هياكل تنظيمية داخل هذه المراكز ولا يوجد هيكل تنظيمي موحد بحيث تستطيع الجهات الإشراقية ان توجه العاملين فيها .
كما يوضح الدكتور الشجاع انه رغم الإيجابيات التي حققتها هذه المراكز خلال السنوات الماضية إلا أن هذه المراكز تحتاج لأن تكون خطواتها علمية في هذا المجال، لأن التربية الخاصة تخصص طبي تربوي اجتماعي يحتاج إلى خطوات علمية.. حيث أن الكثير من المراكز يكون العمل فيها فردياً في حين يحتاج العمل إلى فريق متخصص يعد البرنامج لكل طفل وكل معاق، يتكون هذا الفريق من الطبيب ومعلم التربية الخاصة وأخصائي القياس العقلي والذي هو مهمل في هذه المراكز، حيث لا توجد مقاييس للقدرات العقلية، ولا يوجد متخصصون في هذه المقاييس إلا فيما ندر.
كذلك لا بد من مشاركة أخصائية المخاطبة وأخصائي العلاج الطبيعي والأسرة ومعلم التربية الخاصة بالدرجة الأولى، في إعداد البرنامج، بحيث تحشد الجهود نحو تحقيق الهدف وهو الوصول بهذا الفرد المعاق لأقصى درجة تسمح بها قدراته العقلية .
تحديات وصعوبات
وبحسب مختصين، فإن الأسباب التي سبق ذكرها ليست هي فقط من تؤثر على أداء هذه المراكز، فهناك تحديات تواجه هذه المراكز تتمثل في البنى التحتية وضعف الإمكانات المادية.. إضافة إلى أن هناك تحديات في إيجاد الخبرات حيث لا يوجد سوى أخصائي واحد في كل مركز .
ويؤكد المختصون على ضرورة توسيع هذه الخبرات لكي تقدم هذه المراكز خدماتها للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية على أعلى مستوياتها وبما يحقق احتياجات هذه الفئة.
ماهي الإعاقة الذهنية؟
الإعاقة الذهنية هي انخفاض كبير في مستوى الأداء الذهني للشخص منذ الولادة أو الطفولة المبكرة مما يؤدي إلى محدودية في القدرة على القيام بأنشطة الحياة اليومية الاعتيادية.
وتعد الإعاقة الذهنية ظاهرة اجتماعية تنتشر بقوة في جميع المجتمعات، حيث تتطلب رعاية خاصة واهتماماً متزايداً من جميع النواحي النفسية والاجتماعية والتربوية والجسمية خاصة فئة الأطفال، وعلى الدولة توفير وبناء مؤسسات مراكز رعاية ومؤسسات قائمة على تربية وتعليم هذه الشريحة، وتوظيف برامج متخصصة تربوية واجتماعية مصممة بشكل خاص لمواجهة حاجات الأطفال المعاقين والتي لا يستطيع معلم الصف العادي تقديمها، كما تساعدهم على فهم المعلومات المختلفة، وعلى فهم حتى المفاهيم عن طريق بعض الصور أو الأشكال أو الألعاب، وتتضمن التكفل والعناية بهم وتحقيق ذواتهم، ومساعدتهم على تنمية قدراتهم على أقصى حد ممكن، بالإضافة إلى محاولة إدماجهم اجتماعيا وأكاديميا ومهنيا وإيجاد نوع من التوازن النفسي الشخصي والاجتماعي، والتعايش مع أقرانهم داخل أسرهم ومع جميع الفاعلين في الحياة الاجتماعية.