صنعاء.. “تماسي الأطفال” تراث يستوطن الأزقة

 

الثورة /
لرمضان في مدينة التراث العالمي (صنعاء) عاداته وتقاليده الخاصة، يُصبح فيه الشعر نجماً من نجوم أسمار شهر الصوم، فهنا في صنعاء لا يُذكر رمضان إلا وتذكر معه جلسات الشعر والإنشاد وتماسي الاطفال..
وتتميز صنعاء بمجالس السمر التي تتواصل طوال ليالي رمضان، حيث ينتشر في كل حارة ما يُسمى “بالمبرز” وهو ديوان كبير يحرص أبناء الحي على التجمع فيه وحضور جلساته بعد صلاة التراويح وحتى قرب السحور، وعادة ما تشهد هذه المجالس فعاليات مختلفة يكون للشعر نصيباً مهماً فيها، من خلال التباري بالشعر في مجالس ليلية تضم مختلف الشرائح الاجتماعية، على رأسهم الشعراء والأدباء والمثقفون..
لكن يظل أكثر ما يُميز رمضان في صنعاء هي تلك “التماسي” التي يؤديها أفواج الأطفال أحلى أداء، من خلال ترديد شعر التمسيات الذي يتجدد بحلول رمضان فيحلو في الشفاه والأسماع، وهو نشيد طفولة لا يؤديه إلاّ زمُر من الأطفال، وبحسب الأديب اليمني عبد الله البردوني يبدأ الأطفال يتهيأون لشهر رمضان من أواخر شهر شعبان وينتظرون بهجة التماسي التي يكسبون بها مقادير ضئيلة من النقود..
حيث يجتمع الأطفال خلال الأسبوع الأول من رمضان حول بيوتهم يرددون التماسي الخاصة بالأدعية لآبائهم كقولهم:
“يا رمضان يابو الحماحم
أدي لبي قرعة دراهم
يا رمضان يابو المدافع
ادي لنا مخزن بضائع”
ويستمر هذا النشيد نصاً وأداءً حول بيوت الأطفال، وعندما ينتهي الأسبوع الأول من رمضان ينطلق الأطفال إلى البيوت القائمة في الأحياء المجاورة، حيث يؤدون أغاني التمسية في كل باب ويبدأ أول الأداء بقولهم:
” يا مسا واسعد الله المسا
يا مسا جدد الله الكسا”
وعندما يعطيهم أحد البيوت قطعة النقود يردد الأطفال:
” يا مسا جيت أمسِّي عندكم
يا مسا والجمالة هي لكم”
أما البيوت التي لا تعطي وهي قادرة أو تلك التي تعطي غير المطلوب فإن مجاميع الأطفال تُطلق أناشيد تعِّبر عن السُخرية بهذه البيوت كقولهم:
يا مسا جيت أمسِّي من “خبان”
يا مسا راجموني بالكبان
وهذه إشادة بالعطاء ولكنه العطاء غير المطلوب، إذْ جعلوا من “الكُبان” وهو نوع من الخبز الشهي بدلاً عن النقود! أما عندما تمنع البيوت القادرة نفحة صغيرة من الأطفال، فإنهم –أي الأطفال- يهاجمون الذي يعطي بقولهم:
يا مسا جيت أمسَّي من “ذمار”
يا مسا لاحقونا بالحجار
وأيضا هنالك أنشودة جميلة يرددها الأطفال في رمضان وهي من التراث الصنعاني ، تقول في مطلعها:
رمضان روحي روحي …رسول الله ممدوحي
رمضان شهر الطاعة ….مرحبا بالسفوحِ
رمضان شهر الإحسان …..صومه بالخير يوحي
فهذه الأناشيد المسماة بالتماسي هي إنشاد جماعي خاص بليالي رمضان إلى ليلة العيد.. وهذه الأناشيد على تكرارها ووراثتها تعمل على إشاعة البهجة وتصفي على ليالي رمضان طرافة وخصوصية على سائر ليالي الشهور.

قد يعجبك ايضا