استثمارات قيادات المرتزقة تزدهر في مصر وتركيا والسودان خلال خمس سنوات من العدوان والحصار

174 شركة استثمارية أسستها قيادات المرتزقة في تركيا و100 ألف شقة في القاهرة

5 آلاف برميل من نفط صافر ينقلها المرتزقة يومياً عبر صهاريج تابعة لشركات محسن
مصر تفتح أبوابها لاستثمارات اليمنيين، التي تشير التقديرات الأولية إلى أنها تجاوزت 16 مليار دولار خلال سنوات العدوان
ارتفاع النشاط التجاري والاستثماري لأثرياء الحرب الموالين للعدوان في السودان في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير
شركات الصرافة سيطرت على 1٫5 تريليون ريال بسبب قرار نقل البنك إلى عدن
تجار الحروب من المرتزقة قاموا بتبييض وتهريب 30 مليار دولار بعمليات معقدة عبر وكلاء لثمان دول

الثورة /..
قال الخبير الاقتصادي رشيد الحداد: إنه في الوقت الذي ينضمّ فيه مليون يمني إلى قائمة الفقراء، سنوياً، منذ بداية العدوان والحصار، ينضمّ المئات من القياديين اليمنيين الموالين للعدوان إلى قائمة الأثرياء، فالحرب التي تعدّدت مآسيها في اوساط المواطنين بين العوز والجوع والهلاك بغارات العدوان أو بالأوبئة والأمراض القاتلة، فتحت أبواب الثراء للكثير من القادة العسكريين والسياسيين التابعين للخائن عبدربه منصور هادي.
مؤكدا أن الحرب على اليمن كانت سبباً في مزيد من الفقر والجوع والموت، ومثّلت فرصة العمر بالنسبة للمسؤولين التابعين للفار هادي، ونائبه الجنرال علي محسن الأحمر، وقيادات بارزة في الأحزاب المؤيدة للعدوان، وأن العشرات من القيادات العسكرية الموالين لهادي خلعوا بزّاتهم العسكرية، واتجهوا نحو تأسيس شركات تجارية وصناعية واستثمارية في عدد من الدول العربية والأجنبية، من بينها مصر والأردن والسودان وتركيا وماليزيا وصولاً إلى الصين، وعلى المنوال نفسه، مضت قيادات سياسية وحزبية في استغلال الحرب لرفع أرصدتها في البنوك، وتأمين مستقبلها بعد العدوان، بشراء عقارات ضخمة واستثمار في عدة دول.

“الإحصاء التركية”
واضاف الحداد قائلاً: إنه وعلى الرغم من السرية التي حرص عليها تجار الحرب وسماسرتها على مدى خمس سنوات، إلا أن تقارير عدد من الدول كشفت العديد من جوانب ما يقومون به، ففي أواخر شهر أكتوبر 2019م، تحدث تقرير صادر عن «هيئة الإحصاء التركية» عن ارتفاع عدد المنازل التي اشتراها مستثمرون يمنيون في تركيا خلال الفترة القليلة الماضية بمعدّل 536 % مقارنة مع الفترة نفسها من 2015م (1082 منزلاً مقابل 170 منزلاً)، وبحسب البيانات الرسمية التركية التي أوردتها وكالة «الأناضول»، فإن الإقبال الكبير من قبل اليمنيين على شراء المنازل في تركيا أدخل اليمن للمرة الأولى في التاريخ ضمن الـ10 الأوائل في قائمة الدول الأجنبية الأكثر شراءً للعقارات في تركيا، كذلك أظهرت الإحصائيات قيام «رجال أعمال يمنيين» بتأسيس 174 شركة في تركيا خلال فترة العدوان بمليارات الدولارات.

حاضنة
ويقول الحداد إن ارتفاع النشاط التجاري والاستثماري لأثرياء الحرب الموالين للعدوان في السودان في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير الذي مثّل حاضنة لاستثمارات حزب الإصلاح (الاخوان المسلمون) خلال السنوات الماضية، قوبل بسخط من قِبَل القطاع الخاص السوداني؛ على اعتبار أن تلك الاستثمارات كانت تتمّ عن طريق رُخصٍ يملكها مواطنون سودانيون، ما دفع بوزير التجارة والصناعة السوداني الحالي مدني عباس مدني، إلى حظر ممارسة النشاط التجاري من قِبَل الأجانب إلا بموجب قانون الاستثمار أو اتفاقيات حكومية خاصة، وحصره على السودانيين فقط، وبموجب القرار المذكور، بدأ خلال الأيام الماضية منع الأجانب من الدخول في إجراءات الاستيراد كافة، ومن ممارسة عمليات البيع والشراء، سواء مباشرة أم عن طريق وسيط محلي، وذلك لصالح القطاع الخاص السوداني الذي عانى من منافسة غير شريفة خلال السنوات الماضية.

شراء الشقق
ويضيف إنه وعلى عكس السودان، فتحت مصر أبوابها لاستثمارات اليمنيين، التي تشير التقديرات الأولية إلى أنها تجاوزت 16 مليار دولار خلال سنوات العدوان.
ووفقاً لمصادر اقتصادية يمنية في القاهرة، فإن إقبال اليمنيين على شراء الشقق في العاصمة المصرية خلال السنوات الخمس الماضية تجاوز 100 ألف شقة، لا يقلّ ثمن الواحدة منها عن 25 ألف دولار، إضافة إلى شراء الآلاف من الفلل الفارهة في عدد من المدن المصرية من قِبَل مسؤولين يمنيين موالين لـ«التحالف»، وأن تجاراً موالين للعدوان وآخرين مستقلين وفقا للمصادر أسّسوا أكثر من 160 شركة تجارية وخدمية، وافتتحوا العشرات من المؤسسات الخدمية كالمطاعم الضخمة والفنادق، فضلاً عن مصانع إنتاجية للصناعات الخفيفة والمشروبات والصناعات البلاستيكية والملابس الجاهزة، مُقدِّرةً حجم استثمارات قيادات سياسية وعسكرية وتجار يمنيين في مصر بأكثر من 12 مليار دولار، وبحسب المعلومات، فإن 50 أسرة يمنية وصلت القاهرة منذ منتصف 2018م حتى منتصف 2019م، استثمرت بـ250 مليون دولار في قطاعات عديدة، أبرزها العقارات والتعليم. هذه الاستثمارات امتدّت أيضاً إلى الأردن التي دخلتها مئات الملايين من الدولارات على أيدي قيادات عسكرية في قوات هادي، وماليزيا، فضلاً عن الصين التي توجّهت إليها أموال الأحزاب الموالية للعدوان خشية تعرّضها للحجز من قِبَل وزارة الخزانة الأمريكية.

استغلال
ويشير الحداد إلى أن تجار الحرب ومستثمريها استغلّوا الانقسام المالي والاقتصادي بين صنعاء وعدن، وتكاثر شركات الصرافة في السوق اليمنية وسيطرتها على تريليون ونصف تريليون ريال يمني بسبب قرار نقل البنك المركزي إلى عدن، والصادر أواخر سبتمبر 2016م، من أجل تمرير عملياتهم في غسل الأموال وتهريبها.
وفي هذا الصدد، قدّر أستاذ الاقتصاد في جامعة عدن، الدكتور يوسف سعيد، «تكلفة خروج رؤوس الأموال الخاصة، والأموال المغسولة التي حصل عليها تجار حروب بطرق غير مشروعة وجرى تبييضها وتهريبها عبر وكلاء للصرافين وبعمليات معقدة إلى ثماني دول بحثاً عن فرص استثمارية آمنة ومجزية خلال السنوات الماضية، بـ30 مليار دولار»، ولم يستبعد الدكتور سعيد وقوف عدة جهات وراء دعم عمليات تهريب الأموال إلى الخارج، مشدداً على أن القضاء على هذه الظاهرة سيتمّ في حال تحقيق السلام في البلاد وتفعيل البنك المركزي لأدواته كافة.
وتندرج عمليات تهريب العملات الأجنبية، والتي تصاعدت خلال السنوات الثلاث الماضية، في إطار محاولات «التحالف»، منذ أواخر العام 2016م إحداث أزمة مدفوعات، وإيصال البلد إلى العجز الكامل عن استيراد الغذاء والدواء والوقود جراء سحب السيولة من الدولار من السوق وتهريبها، وما زاد الطين بلّة قيام حكومة هادي باستنزاف الوديعة السعودية المُقدَّرة بملياري دولار (والمُقدَّمة مطلع العام 2018م) خلال ستة أشهر فقط، وذلك تحت غطاء فتح اعتمادات مستندية لتمويل احتياجات اليمن، ما كبّد البنك المركزي خسارة تتجاوز 240 مليار ريال كفارق سعر.

تقاسم
ويعتقد مراقبون أن فريق محافظ البنك السابق حافظ معياد تَقاسَمها مع تجار محدودين، واستغلّ تجار الحروب العدوان والحصار من أجل بناء امبراطوريات مالية من المضاربة بالعملات الأجنبية في السوق اليمني، وإدارة سعر الصرف بما يتناسب مع مصالحهم، وافتعال أزمات المشتقات النفطية للكسب غير المشروع، يضاف إلى ذلك وقوف القيادات العسكرية والسياسية وجماعات المصالح والنفوذ المقربة من هادي وحكومته وراء نهب الإيرادات العامة للدولة، وفرض رسوم وإتاوات ظالمة على القطاع الخاص والتجار المستوردين تحديداً، ورفع كلفة الخدمات، كجواز السفر الذي ارتفعت رسومه من 5000 ريال يمني في صنعاء إلى 100 ألف ريال في المحافظات الواقعة تحت سيطرة حكومة هادي، فضلاً عن مصادرة عائدات النفط الخام والغاز، والاستحواذ على تقديم خدمات الكهرباء في مارب والمحافظات الجنوبية والشرقية، وإيقاف مؤسسات الكهرباء الحكومية.
وتقوم سلطات مارب بالسماح بنقل قرابة 5000 برميل من خام صافر الخفيف خلال الفترة القليلة الماضية، عبر مئات الصهاريج التابعة لتجّار مقرّبين من نائب الرئيس الجنرال علي محسن الأحمر من صافر إلى منطقة شرق عياذ الصحراوية الواقعة بين محافظتَي مأرب وشبوة. بكمّياتٌ تمّ رفعها مؤخرا إلى 10 آلاف برميل، لتُنقَل عبر أنبوب نفطي تستخدمه شركة «OMV» النمساوية في شبوة لضخّ النفط إلى ميناء النشيمة الواقع على البحر العربي، وهو أحد موانئ شبوة التي تستخدمها مافيا تهريب النفط من الخارج إلى الداخل، من خلال إدخال سفن عبر البحر العربي وخليج عدن مُحمّلة بمادة الديزل (السولار) إلى شواطئ شبوة، لبيعها في السوق السوداء اليمنية.

جماعة مصالح
وأكدت مصادر اقتصادية في صنعاء أن جماعة “مصالح” تابعة لحكومة هادي، وتضمّ قيادات عسكرية تقف وراء تهريب 300 ألف برميل من نفط صافر الخفيف وجني 18 مليون دولار منه شهرياً، معتبرة ذلك سابقة خطيرة، أما على الأرض فقد قوبلت عمليات التهريب تلك باعتراض العشرات من مسلّحي قبيلة الدماشقة الماربية، التي اعتبرت ما يحدث «عملاً غير مشروع وسرقة منظّمة لثروة مارب»، وتسبّب هذا الاعتراض في مواجهات بين المسلحين القبليين وميليشيات محسوبة على «الإصلاح» في منطقة المختم شرق صافر في محافظة مارب، وأدت إلى إحراق عدد من ناقلات النفط الخام في منطقة الرويك الواقعة بين منطقتَي صافر التابعة لمارب والعبر التابعة لحضرموت، إثر هجوم المسلّحين القبليين عليها، وعلى رغم فرض قوات موالية لهادي طوقاً أمنياً لحماية خطوط التهريب، إلا أن حالة الاحتقان لا تزال مستمرّة.
عملية التهريب الأخيرة في مارب جاءت بعد قرابة شهر من اكتشاف قيام عصابات مرتبطة بقيادات عسكرية وأخرى حزبية في المحافظة نفسها بسرقة النفط الخام من «القطاع 18»، أحد أكبر حقول النفط في صافر.

ثقب
ووفقاً لمصادر في القطاع، فإنّ عصابات مجهولة قامت بإحداث ثقب في أنبوب النفط الخام الناقل من «القطاع 18» إلى صافر بطول أكثر من 20 كيلومتراً، سَمَح لها بشفط النفط بواسطة أنابيب بلاستيكية إلى شاحنات التهريب، وقدّرت المصادر الكميات التي تتمّ سرقتها وتهريبها يومياً بما بين 3000 و6000 برميل يومياً، وبحسب مصادر قبلية في المناطق الحدودية بين شبوة ومارب، فإن مُهرِّبي النفط يسيّرون عشرات الصهاريج التي تحمل النفط الخام المسروق يومياً، بحماية ألوية تابعة لحكومة هادي تقوم بتأمين طريق تلك الصهاريج ليلاً.

نهب وتهريب
بينما شركة صافر- المملوكة للدولة- أكدت العام المنصرم رسمياً تعرّض النفط الخام من الأنابيب الناقلة ومن الآبار لعملية نهب وتهريب منظّمة، متهمةً شبكات كبيرة بالوقوف وراء السرقة والتهريب والبيع. لم تستبعد مصادر في الشركة أن تكون مافيا النفط قد جلبت خلال السنوات الماضية مصافي مؤقتة صينية الصنع تُكرّر كميات بسيطة من الخام تتراوح بين 500 و1000 برميل يومياً.

أجود خام
ويُعدّ خام صافر- وفقاً لمصادر عاملة في إنتاج النفط- من أجود أنواع النفط الخام في العالم، إذ أنه يُصنّف كـ«مزيج برنت بلاس»، وهو يُستخدم- بعد مزجه بالديزل- في تشغيل المضخات الزراعية والمولدات الكهربائية الكبيرة، ومن السهل بيعه في الأسواق، وتَوازى تصاعد ظاهرة التهريب من حقول صافر، التي كانت تنتج قبل العدوان أكثر من 35 ألف برميل يومياً، مع تزايد الشكوك حول صحة حديث شركة صافر عن قيامها بإعادة حقن الفائض من النفط الخام في الآبار، وسط ترجيحات بتعرّضه هو الآخر لعملية نهب منظمة.

نفق سري
وفي ظلّ اتّساع نطاق ظاهرة التهريب وامتدادها إلى محافظة شبوة اكتشفت أجهزة الأمن الشهر الماضي نفقاً سرياً لتهريب النفط شرق مدينة عتق مركز المحافظة، وبحسب المصادر الأمنية فإنّ النفق كان موصولاً بخطّ الأنبوب الناقل للنفط الخام بين حقل عياد النفطي في شبوة وميناء التصدير في النشيمة.
يُشار إلى أن عملية تهريب النفط من صافر عبر الصهاريج تهدد أنبوب النفط الرئيسي الذي كان ينقل صادرات صافر إلى الخزان العائم التابع للشركة في ميناء رأس عيسى النفطي في الحديدة غرب اليمن بطول 450 كيلو متراً، وفي هذا الإطار يحذّر خبراء من كارثة بيئية إذا استمرّت حكومة هادي في تعطيل عمل الأنبوب، ومنع دخول فريق الأمم المتّحدة الفني المكلّف بمعاينة خزان صافر.
وكانت الأمم المتّحدة استجابت لمطالبة صنعاء بالعمل على تفادي تسرّب نفطيّ من الخزان في أغسطس الماضي 2019م، حيث أقرّت إرسال فريق فني لتقييم حالة الخزان وإجراء الإصلاحات الضرورية له، إلّا أن تحالف العدوان رفض السماح للفريق بالدخول، وذلك بهدف إجبار صنعاء على التنازل عن مليون و147 ألف برميل من خام صافر يحويها الخزان منذ خمس سنوات.

نحو المهرة
ناهيك عن النهضة العمرانية الخاصة بالإخوان في مارب وتوجه استثماراتهم خلال العامين الماضيين نحو المهرة أيضاً، ولجوء بعض مسؤولي حكومة هادي إلى مشاركة أصحاب محلات يمنية في السعودية بإنشاء مطاعم ومتاجر وتوسيع أنشطتهم بطرق غير رسمية، يضاف إلى ذلك متاجرة المرتزقة بالعملة والمضاربة بها كون المضاربة بالعملة تحولت إلى باب من أبواب الثراء غير المشروع .

قد يعجبك ايضا