يمر المشهد السياسي الأمريكي بتحول تاريخي، حيث تتزايد الأصوات المعارضة للكيان الصهيوني وممارساته القمعية في فلسطين، لا سيما داخل الجامعات الأمريكية. هذا التغير اللافت في الرأي العام الجامعي، والذي كان يُعرف سابقاً بدعمه المطلق لإسرائيل، يُعد بمثابة تسونامي تغيير يهدد مستقبل اللوبي الصهيوني ونفوذه في الولايات المتحدة.
عوامل تغذية التحول:
1. الوعي المُتنامي بالظلم التاريخي:
* حدث مفصلي: حرق الجندي الأمريكي آرون بوشنل نفسه احتجاجاً على جرائم الحرب في غزة، كشف عن مدى عمق الاستياء من السياسات الأمريكية الداعمة للاحتلال، حتى داخل المؤسسة العسكرية.
* قوة الصورة: سهلت وسائل التواصل الاجتماعي نقل الواقع المرير في فلسطين، مكسرةً احتكار وسائل الإعلام الأمريكية للرواية، ومُظهرةً الوجه الحقيقي للاحتلال.
* الانفتاح الثقافي والديني: تعزيز التواصل بين الطلاب من مختلف الخلفيات ساهم في تفكيك الصورة النمطية عن الفلسطينيين، وفهم أعمق لطبيعة الصراع.
2. الرفض المُتصاعد للسياسات الأمريكية المنحازة:
* صفقة السلاح الفضيحة: أثارت صفقات الأسلحة الضخمة مع الكيان الصهيوني غضب الطلاب الأمريكيين، الذين يرفضون تمويل آلة الحرب الإسرائيلية بأموال دافعي الضرائب.
* الفيتو الأمريكي المُخزي: استخدام الفيتو ضد قيام دولة فلسطينية كشف ازدواجية المعايير الأمريكية، وأثار موجة إحباط لدى الطلاب الذين يتطلعون للعدالة.
* تصادم القيم: يرى الطلاب تناقضاً صارخاً بين القيم الأمريكية التي يتغنون بها، مثل العدالة وحقوق الإنسان، وبين دعمهم غير المشروط لدولة تمارس التمييز العنصري والاضطهاد.
3. دور الحركة الطلابية ومنظمات يهودية مناهضة للصهيونية:
* المقاطعة وسحب الاستثمارات: تتصاعد حملات المقاطعة وسحب الاستثمارات من الشركات والمؤسسات المتواطئة مع الاحتلال، بما في ذلك الجامعات التي لها شراكات بحثية أو عسكرية مع الكيان الصهيوني.
* أصوات يهودية معارضة: منظمات يهودية مثل «ناطوري كارتا» و»الصوت اليهودي من أجل السلام» تلعب دوراً محورياً في كشف زيف الادعاءات الصهيونية، وتفنيد الرواية التاريخية المشوهة.
4. تراجع تأثير الرواية الصهيونية:
* جيل يهودي جديد: يتميز الجيل الجديد من اليهود الأمريكيين بانفتاحه على مصادر المعلومات المتنوعة، وتراجع تأثير الرواية الدينية التقليدية عليهم، مما يجعلهم أكثر تقبلاً للرواية الفلسطينية.
ختاما: أرى أن هذا التحول في الرأي العام الجامعي تحدياً كبيراً للكيان الصهيوني ولوبياته في الولايات المتحدة، ويُنذر بتغيرات جذرية في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. قد تُسهم هذه الحركة الطلابية المتنامية في الضغط على الحكومة الأمريكية لإعادة النظر في مواقفها المنحازة، وربما تُمهد الطريق نحو مستقبل أكثر عدلاً للشعب الفلسطيني.
Prev Post