بعد إصابة أكثر من مليون وربع المليون شخص ووفاة سبعين ألف حالة
نقل بلازما المتعافين من الوباء.. هل سيحد من عدد الوفيات بفيروس كورونا؟
الثورة /متابعة / محمد الجبري
وصل عدد المصابين بفيروس كورونا حول العالم إلى مليون وثلاثمائة ألف حالة، وأكثر من سبعين ألف حالة وفاة، بينما بلغ عدد المتعافين من الفيروس أكثر من ربع مليون مصاب وأصبح عدد المتعافين رقماً مهما ً جداً ليس لأنهم لم يلقوا حتفهم ونجوا من الموت جراء هذا الوباء، بل لأنهم أصبحوا طريقاً لنجاة الآخرين من المصابين؛ فقد اكتشف الأطباء والعلماء أن بلازما الدم الخاصة بالمتعافين تعطي رداً إيجابياً قوياً في شفاء المصابين الذين لازالوا يتجرعون ويلات هذا الوباء، فتزويد المصابين ببلازما الدم من متعافين جعل دمهم أكثر قوة بعد مصارعتهم ومحاربتهم الفيروس ونجاحهم من الخروج من حالة الخطر وهو ما أكده مختصون في هذا المجال.
العلاج بالبلازما ليس بالجديد بالنسبة للأطباء وثبتت فعاليته لدى المتعافين في دراسات على نطاق ضيق في السنوات الأخيرة ضد أمراض معدية أخرى مثل إيبولا وسارس. واستخدم لأول مرة في 1918م ضد وباء الإنفلونزا الإسبانية، وأيضا الحصبة والالتهاب الرئوي البكتيري والعديد من الإصابات الأخرى قبل ظهور الطب الحديث.
الدكتور يحيى مكي عبد المؤمن، الطبيب الاختصاصي في علم الفيروسات بالمستشفى الجامعي في ليون الفرنسية، كان واحدا من الأطباء الذين لجأوا للبلازما، إذ يقول في تصريح لفرانس24 إنه وصفه “لعلاج مصابين أطفال ورجال بفيروس ’بارفوفيروس باء19‘ وأعطى نتيجة إيجابية” كما يقدم هذا العلاج، “للمرضى الذين خضعوا لعملية زرع الأعضاء، خاصة الكلى، لأن هذا النوع من العمليات يضعف مناعتهم”.
ودعا مستشفى “مونت سيناي” في نيويورك المرضى السابقين بكوفيد-19 إلى التبرع بالبلازما، ولا يمكن للمريض بالوباء أن يساهم في العملية، ومن شفي منه نهائيا عليه أن ينتظر 14 يوما قبل تبرعه، شرط أن يكون جسمه في الوقت نفسه خاليا من جميع الأمراض المعدية كاللإيدز (السيدا) وأمراض الكبد الخطرة.
وسارعت عائلات المرضى عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى الاستفسار حول طريقة التبرع، ويبدو أن الإقبال كان واسعا، فيما يشدد مسؤولو الصحة على الالتزام بشروط التبرع، وقالت الدكتورة جولي ليدجروود من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية: “لا نريد أخذ البلازما من شخص لديه استجابة مناعية متواضعة، إن ذلك لن يكون مفيدا”.
وتحتوي البلازما على كمية مهمة من المضادات الحيوية القادرة على تقوية مناعة المريض في وجه خطر الفيروس، وهناك من هذه المضادات ما يعرف بـ”إي إي جي”، حسب شروحات الدكتور يحيى مكي لفرانس24، توجد في دم المصابين والمرضى الذين استطاعوا التغلب عليه.
وبالإضافة إلى “إي جي جي” التي تبقى في الدم لسنوات، يتوفر جسم الإنسان على مضادات حيوية أخرى تدعى “إي جي إم” لا يتجاوز بقاؤها في جسم الإنسان الستة أشهر، ويشير الدكتور مكي إلى أن هذه المضادات الحيوية لها القدرة على التصدي للفيروسات التي تهاجم جسم الإنسان، إلا أنها تتناقص لدى المسنين، ما يفسر أن الأشخاص الطاعنين في السن يكونون أكثر عرضة للخطر إذا أصيبوا بكوفيد-19.
ويتوفر الجسم على ثلاثة أجهزة مناعية، تحميه من الطفيليات والبكتيريا والفيروسات، وهذه المناعة يمكن أن تتعرض للتدهور ليس فقط بسبب كبر السن فقط، وإنما أيضا بفعل الإصابة بأمراض مزمنة.
وعلى غرار الولايات المتحدة، انطلق العلاج بالبلازما في إيطاليا أيضا، فيما ستبدأ فرنسا العمل به الأسبوع المقبل، وكان الأطباء في الصين بدورهم قد وصفوه لمرضاهم، لكن لم يحسم الأطباء إن كان هذا النوع من العلاج كافيا للقضاء على الفيروس، وتكون البشرية بذلك قد انتصرت على الوباء الذي تشن عليه حربا منذ أسابيع.
وأفادت وكالة “آكي” الإيطالية، الخميس الماضي، بأن تجربة علاج البلازما تمت في مستشفى سان ماتيو التعليمي بمدينة بافيا، جنوب ميلانو بإقليم لومبارديا، التي تعتبر المنطقة الأكثر تضررا من فيروس كورونا في إيطاليا.
وأوضحت أن اثنين من الأطباء (زوج وزوجته) كانا من أول المتبرعين بالدم، وكانا ضمن أول المصابين بفيروس كورونا في محافظة بافيا.
وسبق أن أفادت صحيفة “Repubblica” الإيطالية بأن أطباء متخصصين في مدينتي مانتوفا وبافيا الواقعتين في إقليم لومبارديا يعكفون على دراسة استخدام بلازما الدم في علاج المصابين بفيروس كورونا المستجد.
وذكرت الصحيفة أن الأطباء بدأوا التجارب التي تشمل 20 مريضا، وذلك بحقنهم ببلازما الدم من أولئك الذين تعافوا وتغلبوا على الفيروس.
ولكن يبدو أن هناك من لم يقر بالموضوع جزئياً منهم الدكتور ديفيد رايش، رئيس مستشفى “مونت سيناي” في نيويورك قائلاً “من الصعب علميا معرفة مدى نجاعة الدواء ضد المرض، حتى نجربه”، ، قبل أن يضيف في تصريح نقلته عنه وكالة “أسوشيتد برس”، أن “العلاج تم البدء به ونأمل أن العملية تكلل بالنجاح”، إلا أن التجارب الراهنة لن تؤدي إلى حلول سحرية على ما يؤكد بروس ساشياس المسؤول الطبي عن مركز التبرع بالدم في نيويورك المكلف بجمع عينات البلازما في أكبر مدينة أمريكية، ويوضح “علينا أن ندرك أننا نجهل كل شيء عن الموضوع”، وهو ما يشدد عليه الأخصائيان إلداد هود وستيفن سبيتالنيك اللذان يشرفان على التجارب في مستشفى إيرفينغ التابع لجامعة كولومبيا.
ويوضح الطبيب سبيتالنيك “نظن أنه بعد سبعة أيام إلى 14 يوما من بداية الإصابة يطور المصابون ردة فعل مناعية ويفرزون كميات كبيرة من الأجسام المضادة، لكن لا نعرف بالتحديد متى تبلغ عملية الإنتاج هذه ذروتها”، وتشير بعض البيانات إلى أن الذروة تحصل بعد 28 يوما من الإصابة، ويأمل في أن توفر أبحاثهما صورة أوضح، ويؤكد الطبيب هود أن كل تبرع بالبلازما “قد ينقذ حياة ثلاثة إلى أربعة أشخاص”.
ونشرت لوس أنجلوس تايمز، أنه بموجب المبادئ التوجيهية الصادرة هذا الأسبوع من قبل وكالة AABB – وهي وكالة دولية غير ربحية تركز على طب نقل الدم والعلاجات الخلوية الأمريكية – يمكن أن تصبح العشرات من مراكز الدم المجتمعية في جميع أنحاء البلاد مصدرًا رئيسيًا للعلاج الذي يعود إلى قرن من الزمان والمعروف باسم العلاج بالبلازما النقاهة.
ويستخدم العلاج منتجات الدم المأخوذة من الأشخاص الذين تعافوا من عدوى فيروسية، ويتم حقنها في المرضى الذين لا يزالون يعانون من الفيروس.
وقد تم استخدام العلاج بالبلازما التجريبي خلال إنفلونزا 1918م المدمرة ، وكذلك لعلاج الحصبة في ثلاثينيات القرن العشرين، وفي السنوات الأخيرة ، تم استخدام العلاج بالبلازما لعلاج ضحايا فيروس إيبولا والسارس و.H1N1
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد سابقاً أن الكلوروكوين، أحد أقدم وأشهر الأدوية المضادة للملاريا، حصل على الموافقة في الولايات المتحدة كعلاج من فيروس كورونا وصرح باستخدامه.
وفي تصريح صحفي أخر أكد ترامب أن الكلوروكوين حصل على الموافقة كعلاج للفيروس من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، الهيئة المسؤولة عن ترخيص الأدوية في أمريكا.
وقال ترامب “سنكون قادرين على إتاحة هذا الدواء على الفور تقريباً لقد كانت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية رائعة، أتموا مراحل الموافقة لقد تمت الموافقة عليه”.
لكن للتوضيح، تمت الموافقة على الكلوروكين كعلاج للملاريا والتهاب المفاصل، وكانت إدارة الأغذية والأدوية واضحة في القول بأن هذا لا ينطبق على علاج الأشخاص المصابين بفيروس كوفيد – 19.
وقالت الإدارة “لا توجد علاجات أو أدوية معتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج كوفيد – 19 أو الوقاية منه”.