طباعة أوراق نقدية بدون غطاء قانوني تدمير للعملة الوطنية

خمس سنوات من الحصار والحرب الاقتصادية

 

 

شماخ:إجراءات منع التداول بالعملة غير القانونية ضربة استباقية حدت من تدهور قيمة الريال
الهادي:طباعة العملة غير القانونية تسببت في إنعاش المضاربة على الدولار وتراجع قيمة الريال إلى مستويات غير مسبوقة

عمد العدوان وأدواته على مدى خمس سنوات إلى تدمير البنية التحتية لليمن وكافة مقومات الحياة في سبيل إخضاع الشعب اليمني وتنفيذ المخططات الأمريكية والإسرائيلية الرامية إلى السيطرة على اليمن والتحكم في قراره السيادي واستقلاله من خلال استهداف الاقتصاد الوطني ومنها تدمير العملة الوطنية بطباعة نحو تريليون و200 مليار من العملة اليمنية بدون غطاء نقدي أجنبي والتسبب في إنعاش المضاربة على الدولار مما أدى إلى تدهور قيمة الريال إلى مستوى قياسي وبصورة غير مسبوقة.

الثورة / منصور شايع

تدمير الاقتصاد
تشير تقديرات اقتصادية إلى أن الريال اليمني فقد منذ بداية العدوان قبل خمسة أعوام 150 % من قيمته، وأدت أزمة السيولة الحادة إلى ارتفاع التضخم إلى نحو 40 %، إضافة إلى ارتفاع كلفة سلة الغذاء 60 %.
حيث قفز سعر صرف الدولار أمام الريال من حوالي 215 ريالاً للدولار في عام 2016م إلى حوالي 550 ريالاً مقابل الدولار في الوقت الراهن وارتفاع مستوى التضخم وعملية نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء إلى عدن .
إلى جانب محاولة سحب العملة الصعبة من البنوك اليمنية الخارجية عبر عملاء آل سعود من المرتزقة من أجل إضعاف البنك المركزي اليمني، من ناحية الجانب الائتماني بحسب خبراء الاقتصاد، وإضعاف قيمة العملة اليمنية من خلال تجريدها من الغطاء الذهبي والعملة الصعبة من ناحية ثانية..وبالتالي فإن الهدف السعودي الأمريكي من تجريد البنك من غطائه من العملة الصعبة، دفع الأطراف الخارجية إلى فقدان ثقتها بالجانب الائتماني للبنك وبالتالي شل العملية الاقتصادية في اليمن.
أما النقطة الثانية وبحسب خبراء الاقتصاد لضرب قيمة العملة اليمنية، فتمثل في السعي إلى تجريدها من الغطاء أو من خلال طبع أوراق نقدية مزورة وضخها في الأسواق، ونتيجتها معروفة أيضاً وهي تدمير الوضع الاقتصادي، ودفع البلاد إلى الانهيار الاقتصادي، ومن ثم تمكين النظام السعودي والإماراتي من السيطرة والهيمنة على الأوضاع ، وتسييرها بالشكل الذي يريد سيدهم الأمريكي.
إفشال المخطط
وتفاديا لكل ذلك وافشالا لمخططات سارعت حكومة الإنقاذ إلى إصدار قرارها رقم (57) لسنة 2018م، الذي قضى بمنع التداول بالعملة غير القانونية وتجريم كل من يتعامل بها، وما أعقب ذلك من جهود للجهات القضائية والأمنية والاقتصادية في الحد من الآثار التضخمية للعملة بمنع تداولها طيلة الأعوام الماضية في سبيل الحفاظ على مدخرات المواطنين ورأس المال الوطني من التآكل واستقرار سعر الصرف ولضمان بقاء القوة الشرائية للعملة الوطنية وتجنب مزيد من زيادة الأسعار للسلع، حيث قرر البنك المركز رئيسي في صنعاء اعتبار التداول أو الحيازة للعملة الجديدة غير القانونية إضراراً حسيمة بالاقتصاد الوطني والعملة الوطنية القانونية وكذلك المصلحة الوطنية العليا وغير المصرح بها من البنك المركزي اليمني – المركز الرئيسي – صنعاء. كما أعلن عن تعويض المواطنين «الأفراد» المغرر بهم من غير «التجار والبنوك والصرافين» بنقد إلكتروني أو بالعملة الوطنية القانونية عما بحوزتهم من العملة غير القانونية «حسب السقف المعتمد» من خلال منحهم فرصة تسليمها خلال ثلاثين يوماً ابتداءً من تاريخ 19/12/ 2019م إلى أقرب مركز لوكلاء المحافظ النقدية الإلكترونية وهي:
(موبايل موني – كوالتي كونكت – إم فلوس)
رقابة ميدانية
كما نفذ البنك المركزي والجهات المعنية نزولاً ميدانياً للرقابة على المصارف والبنوك لضمان عدم التعامل بالعملة الجديدة واتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان استقرار سعر الصرف ومنع مزيد من التدهور للريال اليمني، واتخذ البنك المركزي مع الجهات المختصة إجراءات صارمة .. وبحسب تقارير النزول الميداني للبنك فقد تم إغلاق عدد من المنشآت التجارية ومحلات الصرافة المخالفة وتطبيق الإجراءات القانونية عليها.
وكان لتلك الإجراءات التي اتخذت من قبل البنك المركزي والأجهزة المختصة لمواجهة تداعيات العملة غير القانونية الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في الحد والتخفيف من آثار وأضرار عبث العدوان بالقطاع المالي والمصرفي والاقتصادي عموما على حياة المواطنين ،واستطاعت حكومة الإنقاذ بفضل الله وبصمود ووعي أبناء الشعب أن تنجح في التخفيف من وطأة تلك الآثار على الواقع المعيشي للمواطن وبالأخص في المناطق والمحافظات التي تحت سيطرتها، مقارنة بما تعيشه المحافظات المحتلة من تدهور لسعر الريال اليمني فيها أكثر من صنعاء وبفارق كبير .
تحذير مبكر
وزارة المالية في حكومة الإنقاذ من جانبها كانت قد حذرت في وقت مبكر من مخاطر طباعة عملة جديدة وطرحها في السوق المحلية . معتبرة أن ذلك الإجراء أداة من أدوات الحرب التي يستخدمها العدوان ومرتزقته في عدن ، وأشارت إلى أن السوق المحلية فيها زيادة في السيولة النقدية 70 % من حجم الاقتصاد القائم متواجدة لدى الصرافين ورجال المال والأعمال، وأفادت بأن البنك المركزي اليمني في صنعاء أنزل قرابة 600 مليار ريال خلال عامي 2015 و 2016م في الوقت الذي انخفض فيه الطلب الكلي والناتج المحلي الحقيقي إلى درجة كبيرة جداً بسبب العدوان والحصار، وبالتالي الزيادة في السيولة النقدية بالإضافة إلى ما لدى القطاع المصرفي من ودائع نقدية غير مستثمرة حوالي 20 % من حجم الودائع، وكذلك الفائض في الاعتماد النقدي حوالي 60 إلى 70 % من الحجم الحقيقي للاقتصاد، ولذلك لا وجود لأي مبررات لطباعة العملات.
انقاد الريال
من جانبه أشاد الأخ أحمد شماخ الخبير المالي والاقتصادي بقرار حكومة الإنقاذ الوطني وقف التداول بالعملة الجديدة لما من شأنه انقاد الريال من الانهيار وهو ما يسعى اليه العدوان ومرتزقته لزيادة معاناة المواطنين والتضييق عليهم في معيشتهم . مشيرا إلى أن استبدالها بالنقد الإلكتروني مناسب جدا إذا تمت دراسة الموضوع أكثر والاسترشاد بتجارب مماثلة من دول تستخدم ذات العملة، لكنه حاليا يعتبر مناسبا للظروف الحالية نتيجة انعدام السيولة وسيساعد في إيقاف تدهور الاقتصاد وتراجع قيمة العملة وقد يساهم في حل كثير من المشاكل العالقة فيما يخص السيولة وانعدام السيولة في السوق المصرفي اليمني.
كما يمثل ضربة استباقية لمواجهة مخططات العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي الذي استخدم النقد الورقي كأداة من أدوات عدوانه على اليمن .
مستدركا إن قرار استخدام النقد الالكتروني قد يواجه عوائق لأنه سوف يستخدم في محافظات معينة فقط، مما يعيق التعاملات الداخلية بين المحافظات وذلك بسبب وجود أربعة بنوك مركزية مستقلة في اليمن، وأيضا ستكون هناك عوائق في التعاملات التجارية العالمية لأننا في اليمن نستورد ما يقارب 90 % من احتياجاتنا من الخارج وقد ربما تسبب أضرارا لشريحة الموظفين الذين يتسلمون رواتبهم من عدن وهذا سيكون مشكلة كبيرة عليهم.
تأثير مباشر
ولمزيد من التوضح عن الأضرار التي أحدثتها عملية طباعة أوراق نقدية جديدة، أكد الخبير الاقتصادي خالد عبدالله الهادي أن طباعة أوراق نقدية جديدة كانت أداة من أدوات العدوان ومرتزقته لتحطيم الاقتصاد الوطني بشكل عام وأثرت تأثيرا مباشراً على الاقتصاد المحلي في جميع المجالات الصناعية والمنتجات الزراعية وعملت على كساد كبير داخل الوطن وخصوصا بعد نقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء عاصمة الجمهورية اليمنية..
مشيرا إلى أن تلك العملة أثرت تأثيرا مباشرا لتداولها في مجال المصارف البنكية والمصرفية مما ادى إلى ركود اقتصادي في جميع المجالات والتعاملات البنكية والمصرفية على حد سواء .
وأضاف : أما على المستوى المحلى كان غرض العدوان من طبع هذه الكمية الكبية من العملة هو تدمير للبنية التحتية للاقتصاد الوطني نظرا لعدم جديتها في مجال الاستثمار وفي مجال البناء والتشييد والإعمار لتضارب نفعية وشروط تداولها عند التجار في الداخل بل أصبحت اشبه بالرباء لديهم.. لأنهم لا يستطيعون تداولها، إلا وفق شروط تفرض عليهم .. وكل ذلك كان هدفه ضرب العملة في الداخل وسحب العملة الأجنبية من السوق المحلية والدخول في عملية المضاربة بالعملة وبالتالي تدهور قيمة الريال والدخول في تضخم كبير . وقال : أدت طباعة العملة الجديدة وفرض تداولها وباختصار إلى فقدان الريال اليمني قيمته أمام العملات الأجنبية والعالمية حيث تراجعت قيمة الريال بين عامي 2015م و2019 م بنسبة تزيد عن 150 % أي من حوالي 215 ريالاً للدولار إلى حوالي 560 ريالاً للدولار في بداية العام 2020م .
إرباك السوق المحلي
وأوضح الخبير الاقتصادي الهادي أن طباعة عملات جديدة مختلفة عن العملة المتداولة حالياً يعمل على إرباك السوق المحلي خاصة في ظل الحرب والعدوان وعدم الاستقرار . مبينا أن العملة غير القانونية ستزيد من انقسام التعاملات المالية بين شمال البلد وجنوبها وهو ما يحدث الآن. فالأمر يبدو وكأننا أمام عملتين لدولتين، وليست عملة واحدة لبلد واحد. ففي صنعاء ثمة تشديد على التعامل بالفئات النقدية القديمة ومنع الإصدارات الجديدة خدمة للاقتصاد والصالح العام، وفي عدن يجري التعامل بالإصدار الجديد وسحب القديم.
هذا يعني أن أكثر مناطق الكثافة السكانية والتعاملات التجارية والتي تتمركز في الشمال، لا يجري فيها الإقبال على النقود الجديدة لامتصاصها، فمقرات الإدارة العامة لكل البنوك والمصارف التجارية المحلية التي تتواجد في صنعاء، ممنوعة هي وعملاؤها من تداول الإصدارات الجديدة. وكذلك شركات الصرافة والمرافق الرسمية. ما يعني أن تداول الإصدار النقدي الجديد يظل محدوداً في المناطق المحتلة.

قد يعجبك ايضا