الأسير المحرر عرفات علي الخالدي يروي لـ(الثورة ) معاناته في سجن قاعدة خميس مشيط: المرتزقة قتلوا زميلي الأسير الكرار بجانبي وباعوني بثلاثة آلاف ريال سعودي

 

أول سؤال وجهه المحقق السعودي لي هو “هل تعرف السيد؟ وكم مرة قابلته وأين ؟
الأسير قاسم الأعرج مات في الزنزانة من شدة التعذيب والضرب

وراء كل أسير قصة مؤلمة عاشها خلال فترة أسره في سجون تحالف العدوان التي يفتقد فيها السجانون لكل معاني الإنسانية واستخدموا خلالها كل الأساليب الإجرامية في تعذيب أسراهم ومن ضمن هذه القصص قصة الأسير المحرر عرفات علي محمد صلاح زيد الخالدي أحد الأسرى الذين تم أسرهم في جبهة عسير في شهر نوفمبر عام 2016م من قبل المرتزقة وتم بيعه للسعوديين بمبلغ ثلاثة آلاف ريال سعودي وقضى مدة ثلاث سنوات وثلاثة أشهر إلى أن تم إطلاقه .
” الثورة” التقت بالأسير المحرر عرفات زيد وكان لها معه هذا اللقاء فإلي الحصيلة:

الثورة  / محمد الروحاني

*في البداية حدثنا أين تم أسرك وكيف تم أسرك ؟
كنت في جبهة عسير أنا وستة أفراد من زملائي في علب وفي إحدى الليالي تم تمشيط المنطقة التي كنا فيها بالطيران قبل أن يزحفوا علينا بيوم .. وفي اليوم الثاني قبل المغرب تم تمشيط المنطقة بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة واستمر التمشيط إلى الساعة الرابعة قبل الفجر وبدأ الزحف علينا من المرتزقة والسعوديين بأكثر من أربعين مدرعة وطقماً.. وذلك بالتزامن مع تحليق الطيران الحربي والأباتشي وتمت المواجهة بيننا ومرتزقة العدوان حتى الظهر والطيران يقصف ، أول ضربة سقط خلالها زميلي الكرار وبعدها بساعة سقطت أنا جريحاً .. وتم سحبنا من قبل زملائنا الباقين إلى جرف في نفس المكان وتواصلت المواجهات بين باقي زملائي الأربعة والمرتزقة .. وأثناء المواجهات سقط زميلي أبو رماح جبهان شهيداً وتواصلت المواجهات إلى قبل المغرب وسقط اثنان من زملائي جريحين وهما أبو معتز معرف وأبو صقر الاسعدي وبقي زميلنا أبو عبد الرحمن المدومي مستمراً في المواجهة حتى صباح اليوم التالي وبعدها سقط جريحاً وتوقفت المواجهات .
وبعد الظهر ونحن في موقعنا، وجراحنا تنزف وصل المرتزقة إلى عند ابو عبدالرحمن المدومي واخذوه وهو جريح ووصلوا للجرف الذي كنت أنا وزميلي الكرار فاقدي الوعي بسبب إصابتنا البليغة عندها قام أحد المرتزقة بإطلاق النار على زميلي الكرار المدومي ووضع البندقية في صدري وأطلق النار علي لكن الرصاص في البندقية كان قد نفد وبينما هو يغير قرناً جديد جاء شخص آخر قال له:” لا تقتله سنحصل مقابل بيعه على 3000 ريال سعودي”، وتم بيعنا إلى السعوديين وأثناء وصولنا إلى عند السعوديين تم ضربنا وشتمنا بكلام سيئ وكانوا يعملون لي بخاخاً علشان اصحو من الغيبوبة ، فصحوت والسعوديون محلقون علي هم والمرتزقة .. قالوا لي سنعمل معك مقابلة، قل فيها بأنك مغرر بك، وان الحوثي خدعك ومنعك من الرجوع الى منطقتك طبعاً أنا كانت إصابتي في الرأس والصدر كنت أسمعهم وأنا لا استطيع الكلام .. وقام اثنان من المرتزقة بسحبي برجلي وإحراقي بولاعة وأنا ما لم احس بذلك إلا بعد أن احرقوني بشدة وتكلمت حسب تعليماتهم .
إلى أين تم نقلك بعدها ؟
نقلونا إلى المستشفى وكانوا يعطونا حبوباً حتى لا نموت وبعدها بيومين أخذوني فوق عربية إلى فوق باص ورموني إلى فوق الباص وانا مقيد ومكلبش ومغطى على رأسي بالكامل .. وبعد ذلك سحبوني وأوصلوني إلى غرفة مترين واليوم الثاني جاء المحقق السعودي وبدأ بالتحقيق معي .
ما هي الأسئلة التي وجهها المحقق إليك ؟
أول سؤال كان أين هو السيد ؟ .. انا تفاجأت بهذا السؤال فأجبت في اليمن قال، تكذب يا ملعون الوالدين وكان برفقته ثلاثة عسكر واحد معه بندقية “آلي ” والثاني عصا كهرباء وواحد معه البندق وفاتح على السريع وانا مكلبش ومقيد وفي نفس الوقت مشلول غير قادر على الحركة بسبب الضربة التي في رأسي، قال لي تعرفه قلت له نعم .. قال كم تعرفت عليه مرات فأجبت عليه: أكثر من عشر مرات، قال طيب متى آخر مرة التقيت به ؟ .. فقلت: لم ألتق به .. قال يا ملعون الوالدين أنت قلت انك تعرفه، وقال للعسكر اضربوه لما يعترف، ضربوني حتى أغمي عليّ وراحوا من عندي، وثاني يوم جاء المحقق نفسه ففتح الباب ودخل إلي وقال يا مجوسي، يا كلب قسما بالله لو ما تعترف لا خليك أنت والبلاط سواء وأضع البسطار على فمك .
قال: أنت قلت انك تعرف السيد، قلت: نعم، قال: أين آخر مرة عرفته ! قلت له قبل شهر في التلفزيون .. صاح عليّ وقال للعسكر دقوه هذا كلب عاصي ضربوني ضرباً شديداً .. وبعدها قال لي: السيد حقك في إيران يا واطي و…و… ومن ثم قال لي: اين الصواريخ الباليستية، قلت له: لا أعرف، فقاموا بضربي مرة ثانية .
قال: اين مخازن الأسلحة، حدد لي المخازن ؟ وجابلي ” آيباد ” قلت له والله ما اعرف، فعاودوا ضربي، قال: خلاص حدد لي المخازن التي في الجبهات قلت له ما بش مخازن في الجبهة .. قال: من اين بيسلحوكم ؟ قلت له من الدورة ويدخلونا للجبهة.. قال: اين المدفعية التي كنتم تضربونا بها ؟ .. قلت له يا اخي والله انهم دخلونا للجبهة في الليل لا أعرف شيئاً فضربوني ..وجابلي الآيباد وقال من أن يأتيكم المدد ؟ من كثر الضرب حددت له الخط وراح من عندي، وجاء اليوم الذي يليه وقال أجب عليّ وإلاّ سنعذبك نفس البارح تماماً، قلت له تمام.. قال: كم كان عددهم في الموقع، قلت: ستة ..قال ستة فقط ولنا أسبوع بنزحف عليكم يا كذاب – استغرب شويه- وقال: كلاب، قال له واحد: بيشربوا من حق السيد يعني مسحورين واستمر في التحقيق معي أكثر من 15يوماً كل يوم كان يوجه لي سؤالاً جديداً، وآخر يوم جاء و قال لي: متى رحت مع الحوثي وكم لك معهم وكيف مشيت معهم؟ قلت له رحت معهم أدافع عن بلادي .. قال: جئت تدافع عن بلادك والشيعة في بلادكم واستمررت في السجن لمدة 21 يوماً، تعرضت خلالها لجميع أنواع التعذيب .
بعد الواحد والعشرين يوماً إلى أين تم نقلك؟
تم نقلي الى سجن جديد في قاعدة خميس مشيط حيث وصلت الى السجن وكان فيه مجموعة من الأسرى من المجاهدين وممن تم اختطافهم من الطرقات وصيادين ومسجونين تابعين لما يسمى بالمقاومة .
ما الذي حدث معك في سجن خميس مشيط ؟
وصلت الى سجن خميس مشيط الذي قضيت فيه ثلاث سنوات وثلاثة أشهر .. وفي سجن خميس مشيط منذ وصولي قاموا بتعذيبي ففي كل يوم من الساعة الحادية عشرة بالليل إلى الساعة الثالثة قبل الفجر ونحن نجلس ووجوهنا الى الجدار ولم يكن يسمح لنا بالخروج الى الحمام سوى مرة واحدة فقط في اليوم وكانوا يعطونا علاجاً كان يسبب لنا اسهالاً شديداً لإخراج الأسحار حسب تعبيرهم .. ويأتون بشيخ يقرأ علينا القرآن وهذا العلاج كان يتسبب بنزول الدم من أجسادنا ..كان ممنوع علينا الكلام وإذا التفت واحد منا علقوة عرض الباب من الصباح الى المغرب وإذا تكلمت عن الشخص الذي بجانبك يقومون بتقييدك ويطلعوك ويجلدوك ويكهربوك وما يعيدوك إلا فوق العربيات واستمررنا على هذه الحالة لمدة عامين .
هل تتذكر معاناة الأسرى الباقين ؟
نعم أتذكر ما حدث مع الأسير بدر المحويتي وهو شخص مجهول وصل من اتجاه جيزان الى أحد المواقع السعودية ودخل إلى الموقع يطلب الطعام والماء فقاموا بأخذه الى جيزان وعذبوه وآتوا به الى سجن قاعدة خميس مشيط.. وفي يوم من الأيام أتى الضابط السعودي وأخرجه من العنبر وجلدوه وأرجعوه فوق عربية وقبل دخوله العنبر طلب الذهاب إلى الحمام فأوصلوه الى الحمام وكسر اللمبة التي في الحمام محاولاً الانتحار فسحبوه الى السيب ” الممر ” ومن شدة صراخه قمنا الى الأبواب فرأينا أكثر من عشرين عسكرياً كانوا يسحبونه والدماء تملأ السيب ” الممر ” فقمنا بهز الأبواب وصرخ جميع من في السجن وفجأة دخلت قوات الطوارئ بحوالي الف عسكري ومن قوات الحرس الملكي وقوات الشرطة ولم يستطيعوا السيطرة على السجن فجاءت القيادة لمفاوضتنا واتفقنا معهم على عدم ممارسة التعذيب وعاهدونا على ذلك امام كتاب الله، لكن التعذيب استمر بل وأسوأ من الأول.
وعدنا في أحد الأيام وصرخنا في 15 شعبان قمنا نصلي الشعبانية وهم منعونا حيث دخل أكثر من أربعين عسكرياً واصلنا الصلاة وبعدها أوقفونا من الساعة الثامنة الى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ثم اتوا إلينا واخرجونا الى الحمامات فتحوا للعنبر 6 الذي كنت فيه وعنبر 15 وعنبر 7 والضابط جاء يريد كلبشتهم واخراجهم لجلدهم فرفضنا الخروج قمنا صرخنا وكسرنا الأبواب طبعاً كنا عنبر 6 وعنبر 15 ماشيين في السيب الى الحمام وباب العنبر مفتوح والذي في عنبر 15 قاموا بفتح الشبك الخارجي وخرجنا الى السيب الذي يوصل الى الحمام عندما قام واحد من الأسرى بفتحه .. خرج الاسرى متحمسين يريدون الموت من شدة التعذيب اتجه بعض الاسرى الى البوابات وخرجوا وبمجرد خروج اثنين من الأسرى واحد اسمه أحمد الحنجي من بني حشيش اطلقوا عليه النار وجرحوه في رجله، أما الثاني فهو وليد الحسام من الحيمة، الذي مازال في السجن الى الآن، فجرحوه في رجله هو الآخر وجاءت القيادة ففاوضتنا واتفقنا على نقلنا الى سجن آخر بجوار السجن الذي نحن فيه ومن ثم نقلتنا قوات الطوارئ وفي السجن الثاني تعرضنا للتعذيب أكثر من السابق من قبل الشرطة لمدة 11 يوماً منعونا خلالها من الخروج إلى الحمام حيث كنا نقضي حاجتنا في قراطيس ونقصوا علينا كمية الأكل الى حبة خبز وحبة جبن الصبح والليل.. وبقينا الى قبل رمضان بثلاثة أيام حتى جاء رئيس السجن أبو نادر وقاموا بإخراج الأسرى والعساكر يعذبونهم ويركلونهم الى ان يصلوا الى الحمام وبعدها وفروا لنا أكلاً وكانوا يخرجونا مرة في اليوم الى الحمام الى يوم أربعة رمضان ..خلال هذه الفترة بنوا لنا أكثر من أربعين زنزانة كل زنزانة طولها متر وعرضها متر وانفرادي أكثر من ثلاثين انفرادي وفي اول جمعة في رمضان جاء العقيد يستفزنا فقمنا بإطلاق الصرخة وبمجرد ما صرخنا قاموا بضخ الغازات وطفايات الحريق الى ان اظلم السجن ولم يعطونا يومها فطوراً الى الساعة الثالثة قبل الفجر حتى جاءت قوات الطوارئ وقوات التدخل السريع واطلقوا علينا الرصاص وقنابل صوتية وكان هناك اكثر من عشرين الف عسكري حول السجن .. سحبونا على واحد واحد الى الزنازين وفي البوابة عند وصولنا يضربونا ضرباً شديداً ويقيدونا قيداً إضافياً ويفحصوا علينا بجهاز كشف الحديد وكانوا أكثر من الف وثمانمائة عسكري يضربونا إلى أن يوصلونا الى الزنازين والانفرادي وانا كنت من ضمن الذين أوصلوهم الى الزنازين حيث قالوا عنا بأننا محرضون .. أوصلونا الى الزنازين والدماء تقطر من اجسادنا وكانوا يضعون في كل زنزانة أربعة أسرى بمساحة متر في متر وكان هناك أسير اسمه قاسم الاعرج من حجة من مبين استشهد امام زملائه في الزنزانة من شدة التعذيب، استمررنا على هذه الحالة يوماً كاملاً، وفي اليوم الذي يليه اخرجوا من كل زنزانة اثنين واستمررنا سبعة اشهر وفي الزنزانة كانوا يعلقونا الى السقف من الساعة الثانية منتصف الليل الى الساعة الحادية عشرة ظهراً وكانوا يخرجونا الحمام مرتين يوصلونا الى باب الحمام ويردونا يضربونا والطعام كان عبارة عن حبة تميز في الصباح وحبة في المساء ولم اخرج من الزنزانة إلا قبل اطلاقي بعشرة ايام .
كيف عرفت انهم سيطلقونك ؟
لم اعرف إلا فوق الباص قبل وصولنا الى مطار أبها أعطونا ثوباً ابيض وسروالاً طويلاً وكنا مقيدين وعيوننا مغطاة ولم يفكوا لنا القيود إلا بجانب الطائرة بعد وصولنا الى مطار أبها حيث فتحوا لنا عيوننا ونزلنا وفكوا لنا القيود وهم يعملون بروفات ليستقبلونا وقالوا لنا لقد تم الإفراج عنكم من قبل خادم الحرمين الشريفين بدون أي مقابل .
هل هناك أسرى تتذكرهم مازالوا في الأسر ؟
نعم منهم الأسير مطهر محمد أحمد المدومي، أسر في جبهة عسير.. والأسير وليد محسن يحيى معرف، أسر في جبهة عسير في منفذ علب والأسير عبدالولي جبهان، أسر في قلل الشيباني .. والاسير محمد صالح العيوي أسر في مارب ، والاسير ناجي احمد محفظ الويناني اسر في مارب ، محمد نبيل السوسوة، اسر في الربوعة بعسير ، زياد الاسدي اسر في الربوعة ، حمزة عبدالجليل الديلمي، اسر في الجوف ، اسماعيل الحرجي، اسر في جيزان ، عبدالجليل مرغم، اسر في جبهة مارب .
هل تنوي العودة الى الجبهة ؟
نعم انوي في أقرب وقت ومنتظر فقط للتوجيه وكلي شوق للعودة إلى الجبهة فنحن اخترنا طريق الجهاد وسنواصل المسيرة الى أن يكتب الله لنا إحدى الحسنيين إما النصر أو الشهادة .
رسالتك الى الاسرى الذين لازالوا في السجون ؟
أقول لهم اصبروا ان الله مع الصابرين، مهما قضيتم في السجن فلابد من الفرج من الله .. وواجبنا ان نشرح لكل يمني معاناتكم وما تتعرضون له من التعذيب من قبل العدوان السعودي الامريكي الاسرائيلي في سجن قاعدة خميس مشيط .
رسالتك إلى القيادة الثورية والسياسية ؟
اولاً اهنئ القيادة الثورية ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالعام الجديد وأقول له لو خضت بنا البحر يا سيدي لخضناه ونحن رهن اشارتك وتوجيهاتك ، واهنئ القيادة السياسية ممثلة بالرئيس مهدي المشاط بدخول العام الجديد واهنئ كل فرد وكل جندي وكل إنسان غيور على بلاده، كما أهنئ المرابطين في الجبهات وأقول لهم: إننا في اقرب وقت سنكون مدداً وسنداً لكم .

قد يعجبك ايضا