تصفية حركات التصحيح بقيادة الحمدي¡ وسالمين جعلت


استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
فكرة الدولة المدنية تتراجع
◄ تفرغ رأس هرم السلطة لشراء الولاءات الشخصية .. أضاع الدولة المدنية
ضعف البنية التعليمية والثقافية المكبلة بالجهل والموروث المتحيز .. أعاق الدولة المدنية
◄ منظومات الحكم المتعاقبة كانت تفتقر للثقافة المؤسسية كطريقة لبناء الدولة
الحديث عن محاولات الوصول إلى دولة مدنية حديثة في الأنظمة المتعاقبة منذ إنجاز ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر أمر في غاية التعقيد .. لأن تشابك الوقع اليني بفسيفسائه القبلية والعسكرية وقوتي اليسار خلقت عوائق مركبة .. أضف إلى ذلك العوامل الخارجية إقليمية ودولية .. واتصالها المباشر بقوى الداخل .. وكل ذلك جعل مشروع الدولة المدنية الحديثة مجرد حلم في فضاء مشحون بتعقيدات ثقافية وأيديولوجية .. غاية في الصعوبة..

جمال محمد عبد الجبار – محلل سياسي يقول: إن قيام الدولة المدنية الحديثة يجب أن تسبقه استحقاقات كبرى فمن غير المعقول إنشاء دولة مدنية حديثة على انقاض مشروع نهج حكم بدائي لم تتشكل فيه مقومات نظام الحكم كدولة ناهيك عن أنه في أحسن حالاته يصل إلى ما قد تسميه منظومة حكم عشائري قبلي دخل حديثاٍ في محاولات تحويل هذا الإرث إلى ما يشبه كيانات تأخذ شكل الدولة البسيطة جداٍ والتي كما نعرف أنها لم تكن حتى تملك منظومة هيكل حكم إداري أو حتى عسكري وخاصة في شمال البلاد آنذاك الذي خرج من منظومة حكم بسيط في عهد الإمامة, بالإضافة إلى منظومة حكم استعمار بريطاني طبق نظام حكم المستوطنات بشكله البسيط جداٍ وحصره فقط في مدينة عدن الميناء الذي كان مهتماٍ بإدارته لأنه يحقق له متطلبات أمنية واقتصادية وأما بقية المناطق فقد تركت على شكلها القبلي (سلطنات).
وأضاف بالقول: واكتفى البريطانيون بعقد اتفاقيات تخدم مصالحهم وتحقق المصالح للسلاطين القائمين على تلك السلطنات ولتعيش تلك السلطنات في أوضاع تتأرجح بين سلطان ورث التقاليد والأعراف من أسلافه وسار على نهجها وبين اتفاقيات مع البريطانيين اعتبروها صكوك قوة لتحقيق مزيد من النفوذ والسيطرة والقوة ليدخل الشطران آنذاك مرحلة استحقاقات إنجاز متطلبات الثورتين على أرضية هشة بسبب الحكم الفردي والاستعماري على الرقعتين وبدلاٍ من الولوج في تحقيق الاستحقاقات التاريخية التي ناضلت كل القوى الوطنية الخيرة من أبناء اليمن من أجل أن يتحقق.
حركات التصحيح المدني
وتابع عبدالجبار بالقول: وبدلاٍ من تحقيق هذا المطلب الوطني الشعبي كان للبنية التعليمية والثقافية الغارقة في التخلف والجهل إلى جانب الموروث الذي استطاع الشكلان السابقان من الحكم زراعته في هذه التربة المتخلفة اثر في جر القوى الوطنية إلى تجاذبات وصراعات داخلية لم تمكنها من التفكير بمتطلبات الاستحقاق الثوري الذي كانت تنشده الجماهير اليمنية بالإضافة إلى إفرازات الواقع السياسي والفكري الذي بدأ بالتشكل على ارض الخارطة الإقليمية والعربية على شكل تجاذبات حزبية أدخلت القوى السياسية الحية في أتون اختلافات فكرية شدتهم بعيداٍ عن الانتماء الأصلي ليجدوا أنفسهم يبتعدون كثيراٍ معتقدين اقترابهم من تحقيق آمال وطموحات تحقق الرفاهية للشعب اليمني متناسين أن هذه التجاذبات هي التي أبعدتهم عن مشروعهم الوطني .. إلى جانب الخبرة القصيرة والبسيطة في التعامل مع الواقع السياسي الذي يصل في بعض الأحيان إلى درجة السذاجة ..
وسلط الضوء على تجربة الذين كان قد دخلوا تجربة الحكم الذي أفرزه واقع التأثر بالمد القومي والأفكار الاشتراكية بين رفاق الثورة ليبدأ صراع رفقاء وفرقاء الثورة فيدخلون مرحلة اصطفاف غير واع متجاهلين واقع التخلف الشديد الذي تعيشه التربة اليمنية ليخلص الكثيرون إلى أن تجربتي الثورتين ظلتا حبيستي الصراع غير الواعي حتى أتت حركة 22 يونيو 1969م التصحيحية التي التقى فيها رفقاء الصراع والاختلاف للتوجه نحو تكتل وفر الحد الأدنى من نقاط الالتقاء على ضرورة تصويب المسار الثوري وتوفر زعامة تتمتع بالكاريزما الشخصية والوطنية مدعومة بنهج إصلاحي غير قابلة للفساد والإفساد ولتصبح شخصية سالم ربيع علي الرئيس الذي اجتذب أسلوبه عامة وبسطاء الناس ليشكل الأمل في قيام مشروع وطني لدولة تتجه نحو تحقيق مصالح من قاموا وساندوا الثورة بأموالهم ودمائهم غير أن منطلقات الرجل ذي التأثر بالفكر الماوي ( نسبة إلى الزعيم الصيني ماوتسي تونج) قادته إلى مرحلة من التخوين من قبل رفاقه وقد ساند ذلك الصراع الاشتراكي الاشتراكي بين النموذجين الروسي والصيني .
سالمين والحمدي
وأضاف : إن ذلك جاء متزامنا مع حكم فترة سالمين ( كما كان الناس يحبون أن يلقبوا به رئيسهم سالم ربيع علي ) مع بروز شخصية ذات كاريزما قيادية شابة تمثلت في شخصية المقدم إبراهيم الحمدي الذي قام بانقلاب تصحيحي في الشمال سمي بحركة ?? يونيو التصحيحية ???? وليبدأ الرجلان مرحلة جديدة من زرع الأمل في نفوس اليمنيين بالخروج من الدوامات السابقة وقيامهم بتصويب مسار الثورتين لولوج اليمن عهداٍ جديداٍ عزز ذلك البدء في القيام بخطوات جادة نحو السير في خطى إعادة تحقيق الوحدة اليمنية واشتراك الرجلين بخصوصية قدرتهما على اجتذاب قلوب البسطاء في الشارعين وحصولهما على تأييد لم يحصل عليه غيرهما من قبل من حكام اليمن.
وقال: إن الكثيرين آنذاك كانوا يرون أن الخروج الحاد عن منظومة التحالف التي قادت الحركة التصحيحية في الجنوب بقيادة سالم ربيع علي هي إحدى النقاط التي حسبت له لكنها هي التي أصابته في مقتل وبنفس القدر حدث لصديقه إبراهيم الحمدي حين قرر إخراج المشائخ في الشمال من صنعاء وإبعادهم عن التأثير على مجريات السياسة والحكم بالوصول إلى الإقصاء التام وهو ما أصاب الأخير في مقتل أيضاٍ .. ويعتقد الكثيرون بان ما قام به الزعيمان اللذان حظيا بشعبية غير مسبوقة ارتكبا أخطاء الخروج عن الواقع السياسي بشكل فج أدى إلى فشلهما وفشل ما كانا يسعيان إليه متناسيين الاستقطاب الدولي الحاد الذي قسم الشمال إلى حصة المعسكر الرأسمالي الغربي وقسم الجنوب إلى حصة المعسكر الاشتراكي الشرقي .
ومضى يقول: بالإضافة إلى عدم الفهم الواعي لهذه التقسيمة والتعامل الواعي معها بما تفرضه من تكتلات داخلية تصب في خانات المصالح الحادة للطرفين بشكل حاد لا يقبل الإخلال به نتيجة لما وصلت إليه الأمور في مسار الحرب الباردة بين المعسكرين . إلى جانب أن التجربتين استخدمتا نفس الأساليب والأشخاص في الاتجاه نحو التغيير متناسيتين أن الواقع لن يتغير بمجرد النيات وان التغيير يستلزم التغيير في نفسية وعقلية الناس على كل الأصعدة وانه لا يمكن قيادة الناس عبر القفز على واقع التواجد الحي لبقية المكونات وهذا أيضاٍ أحد الأسباب الهامة في فشل المشروعين.
محاولات .. ولكن
الدكتور القانوني أحمد الأديمي – جامعة صنعاء يقول: الدولة المدنية الحديثة هي دولة القانون دولة المؤسسات التي تتكون من مؤسسات عدة وفقا لنظام قانوني لا تتأثر بمن يرأسها ولا من يستقيل منها وهي عكس الدولة الفردية أو النظام الشمولي
فأساس قيام ثورة 26 سبتمبر اذن كان ضد شمولية النظام والحكم وتطويع كل القوانين الضئيلة التي كانت تظهر من حين لآخر عبر لوائح تنظيمية أو تنفيذيه أو حتى ما يتعلق بالمعاملات الشرعية فكانت تكيف كيفما شاء النظام ووقت ما يشاء ولهذا كان انبلاج ثورة سبتمبر وقبلها ثورة 48م.
وأضاف: توالت الأنظمة الجمهورية ابتداء من عهد السلال وانتهاء بحركة التصحيح التي قادها الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي نستطيع القول بوجود أنظمة حاولت بناء الدولة المدنية الحديثة أما بعد نظام الحمدي فهناك محاولات لبناء الدولة الحديثة لكنها كانت عبر أحزاب وحركات تم التخلص منها كان أبرزها حركة عيسى محمد سيف غير أن أعظم هذه الحركات التي كانت واعية وفعلا استطاعت السير قدما في بناء الدولة المدنية الحديثة تمثلت في نظام الرئيس ابراهيم الحمدي الذي لم يتسن له الحكم إلا لسنتين وبضعة أشهر ومع ذلك لا يوجد مشروع تم في اليمن أو وضع له أساس حتى اليوم إلا مشروع الحركة التصحيحية التي قادها الحمدي ليس فقط في المجال المدني بل وفي المجال المجتمعي والثقافي والعسكري
وذكر الأديمي عدداٍ من العوامل التي مكنت حركة التصحيح المتمثلة بإبراهيم الحمدي من النضال لتحقيقها ومن ذلك أنه كان من بيئة قبلية تطعم بحياة القضاء أي الدليل والدليل المناهض والتكييف فاستطاع أن يدرك الأمرين اللذين أعاقا بناء الدولة المدنية الحديثة منذ الثورة فهما بمنزلة القبيلة التي تسيطر على مفاصل الدولة وتستحوذ على قوة الدولة العسكريه لهذا كان التحالف القبلي العسكري من جهة إضافة إلى القوى الإقليمية التي كان يرعبها قيام ونجاح اليمن والتي أوثقت كل الأنظمة الثورية وكبلته بتحالفها مع القبيلة والعسكر
وفي نهاية المطاف استطاعت تلك التحالفات أن تقضى على زعيم الحركة التصحيحية وآخر معاقلها المتمثلة بعيسى محمد سيف
أطماع خارجية
وتطرقت إلى حركة التصحيح في الجنوب عام 69 هذه الحركة التي تبناها الرئيس الشهيد سالم ربيع على والتي كان من رموز الحكم فيها عبد الفتاح إسماعيل وعلى ناصر محمد الذي أصبح آنذاك رئيساٍ لمجلس الوزراء وفي حقيقة الأمر كان سالم ربيع على أوسع وابعد وأكثر تطويرا لمعنى الاشتراكية وكان يتهم انه يتبع الشيوعية الصينية في الوقت الذي اطلع على سيرته يجد انه كان اشتراكيا بالاسم ليتمكن من خلالها أن يبلور مشاريعه الوطنية
ومن المؤلم أن هذا الرجل لم يأخذ قدره الحقيقي في التاريخ وفي الكتابة عنه حيث تزامنت حركته مع حركة ابراهيم الحمدي وكانا يمثلان نفس النهج إذ أن ايديولوجية الرئيسين كانت واحدة الوطن وكانا يدركان الطابور الخامس والمعوقات لكنهما عملا حتى تم قتل الرجل الأول ومن ثم تعاونت دول المنطقة كذلك على سالمين وتخلصت منه عبر الحزب نفسه وبحجة قتل الرئيس الغشمي وتحت مسمى التصحيح ولا أدل على ذلك من أسلوب قتله والغدر به نفس الأسلوب الذي اتبع في قتل ابراهيم الحمدي
ولخص العوامل الداخلية والخارجية لفشل قيام دولة مدنية في الأنظمة السابقة , الأولى تحالف القبيلة والعسكر فالقبيلة هي العسكر والعسكر هم القبيلة وكان الرؤساء والأنظمة لا تستطيع فكاكا خاصة أنها هي من ترشحه وتدعمه , بالإضافة إلى الأنظمة الوطنية المتمثلة بالأحزاب وجماعات الضغط والتي هي ارتجاع وصدى لأنظمة عربية أو إقليمية أو دولية فلم يكن هناك أحزاب وطنية إلا أحزاب تابعة لهذا القطر أو لذاك القطر أو لنظرية دولية اقتصادية سياسية وهذا كان سببا في عدم التواجد الحقيقي والتأثير القوي لهذه الجماعات التي كانت سرعان ما تتأثر ببلد الفكرة سلبا وإيجابا وتعطى في حين يرضى النظام وتبعد متى ما اراد النظام
وأكد أن النظام الإقليمي والمصالح الغربية في المنطقة لا يمكنها تجاهل موقع اليمن الجغرافي الممتاز من الناحية الإستراتيجية منذ غابر الزمن يتحكم بالتجارة ويمر به ثلثا تجارة النفط العالمية وثلث التجارة الدولية إضافة إلى موقعها الاستراتيجي الذي يمثل العمق العالمي من الناحية العسكرية , إضافة إلى تميزها بالتنوع الجغرافي والثراء السكاني وقيام حضارات قديمة كبيرة بها سيطرت إلى ساحل العاج في إفريقيا في الوقت الذي نجد أن معظم الدول المحيطة بها دول حديثة النشأة أسرية النزعة , فكان الخوف من قيام دولة مدنية فيها كارثة بالنسبة لتلك الأنظمة التي سرعان ما أدركت خطر ذلك عليها فعمدت إلى السيطرة على اليمن عن طريق إبراز اسر ومشايخ وقادة استطاعت أن تسيطر عليهم إضافة إلى الناقمين ممن كانوا من إتباع الأنظمة الملكية والعصبوية السلالية من جهة إضافة إلى تطعيم الحركات المدنية برموز تعمل على إفشالها وطنيا.
طبقة الأسياد
فيما يرى الدكتور علي أحمد أكاديمي بجامعة صنعاء إلى أن إعاقة قيام مشروع دولة مدنية حديثة خلال الأنظمة السابقة التي حكمت اليمن كان من أسبابه دعم القبائل بالسلاح حتى أصبحت البلاد قبائل متنازعة وذلك بهدف استمرار البقاء في عملية نهب البلاد وتمزيق الشعب من قبل الأنظمة الحاكمة بل عملت على نفخ نار الفتنة بين القوى الإسلامية وما يعرف بالقوى المدنية .
ويقول وأما الطبقة التي تعتبر نفسها طبقة الأسياد من أصحاب الثروة والسلطة والمصالح وصناعة القرار والذوق العام فكانوا يرفضون الديمقراطية لأنهم لا يمثلون الأغلبية وبهذا فقدوا الثقة بينهم وبين الطبقة الاخرى وهم الاغلبية من الشعب اليمني و الذين يعملون لدى الطبقات الأولى التي تعتبرهم العبيد الذين يجب أن يتبعوا الطبقة الأولى في كل شيء – متبعة أسلوب تعميق الطائفية والمناطقية والمذهبية في أوساطهم
الحكم الرجعي
الأكاديمي والحقوقي مهدي بلغيث يقول: اعتقد أن سبب فشل الأنظمة السابقة والتي امتدت إلى عشرات السنين يعود إلى عدة أسباب ومن بين هذه الأسباب أن الدولة لم تبن على أسس صحيحة أي انه لم تكن دوله مؤسسات ولم يكن القرار فيها مؤسسيا بل كانت تدار بالعقلية الرجعية والعقلية القبلية السبب الثاني وجود مشاكل مستمرة أنهكت الدولة وأبقت سلطة جماعات الضغط والمصالح وسلطة القبيلة اقوي فكانت هذه الأطراف تتجاذب الدولة مما أوجد تأثيرا في بنيتها وجعل منها دوله هشة وضعيفة و السبب الآخر هو وجود توريث ولا ينحصر في شخص او أسرة بل كان في كل من يدير منظومات الحكم فكل كان يدير عمله بعقلية التوريث مما اوجد ظلما يعيشه الشعب بكل مقاييسه وطبقاته أيضا وعدم وجود مواطنة متساوية بين المواطنين وهذا بدورة أدى إلى انعكاس سلبي على الكفاءات التي هاجرت إلى المهجر وإلى إحساس بعض الفئات من الشعب بالتهميش والإقصاء واتجاهها نحو اخذ حقوقها بالقوة وهذا اوجد الكثير من المشاكل والقضايا الشائكة والتي كانت عائقا أمام وجود دولة مدنية حديثة
لافتاٍ إلى أحداث حرب صيف 94م التي قال أنها كانت طعنة في خاصرة الوطن من جميع الأطراف التي شاركت في الحرب وما تلاها من تأثيرات سلبية ومظالم وسلب للحقوق واعتداءات جسيمة أقحمت اليمن في وحل الصراعات المناطقية والطائفية والحزبية .
صلاحية البرلمان
القانوني والمحامي الدكتور فيصل المجيدي – رئيس مركز إسناد لتعزيز القضاء والقانون : أعتقد أن عدم قيام دولة مدنية حديثة سابقا كان يتعلق بثقافة الوصول إلى الحكم المرتبط ببناء و?ءات شخصية تعتمد على المصالح الشخصية للحاكم واعتماد القرار الفردي بعيداٍ عن المؤسسات بهدف إيجاد مؤسسات شكلية أكثر يجمل الحاكم الفرد بها صورته الحكمية.
واضافب: لقد أوجد الحاكم البرلمانات المنتخبة على طريقته وحجم تأثيرها على الرغم من حرص هذه الأنظمة على ظهورها بالمظهر الديمقراطي إ? أنها في حقيقة الأمر لم تجعل للإرادة الشعبية أي دور حقيقي في هذا المضمار لأن الصلاحيات الموجودة له في البرلمان خاضعة لسيطرته إضافة إلى التدخلات الخارجية على مستوى الإقليم الجوار التي كان دورها رئيسياٍ في الحفاظ على دويلة هشة أن لم نقل في ا?ساس أن بعض الدول تشعر بان اليمن حديقة خلفية لها وبالتالي قد تشعر أن اليمن تعد و?ية تابعة لها و? يجوز أن يكون لها قرارها الخاص
ولهذا ?يزال البحث عن دولة مدنية حقيقية قائما حتى اللحظة دولة تتسم بالمؤسسية ضماناتها استقلال القضاء وسيادة القانون
الاستبداد السياسي
الدكتور عبد الملك الضرعي – أكاديمي في جامعة صنعاء يقول: هناك إشكالية في اليمن على مستوى الشطرين سابقاٍ أو بعد الوحدة في22مايو1990م تلك الإشكالية تتعلق بالصراعات الداخلية سواء كانت بين قوى سياسية أو مجموعات مسلحة وكذا الانقلابات التي عاشتها اليمن في مرحلة ما قبل الوحدة وبالتالي حالة عدم الاستقرار السياسي تعد العائق الرئيس أمام حدوث عملية الانتقال من نظام سياسي التي خليط بين القبلية والدولة ومن الاستبداد بصوره السياسية والطائفية إلى نظام سياسي وطني ديمقراطي يكفل المواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية والحرية ومن ثم عملية الانتقال إلى دولة مدنية حديثة مرتبطة إلى حد كبير بوجود قيادة سياسية وطنيةونعني بالقيادة السياسية الوطنية منظومة الأحزاب السياسية في الحكم أو المعارضة أو المستقلين والفعاليات السياسية والمدنية الأخرى
وأضاف بالقول: إن تلك القيادة السياسية ومعها القيادة المجتمعية يجب أن تتبنى المصلحة الوطنية العليا وفق رؤية تنموية شاملة ومستدامة ومخططة مرحلياٍ ويعني ذلك بالضرورة الابتعاد عن المصالح الشخصية والآنية والمشاريع الفئوية الصغيرة وصولاٍ إلى مشروع وطني كبير يسعد بنتائجه كل أبناء الوطن وفي مقدمتهم البسطاء من الناس وذوي الدخل المحدود ويستدعي تحقيق ذلك بسط سيادة الدولة على كل شبر في أرجاء الوطن وسيادة النظام والقانون على كل المواطنين دون تفرقة وكذا الشراكة الوطنية الحقيقية في كل من الثروة والقوة والسلطة.
وقال : أما والوطن تتجاذبه قوى متصارعة تتحاور بصورة مدنية في فندق موفمنبيك نهاراٍ وتتقاتل بصورة بدائية تعود لعصر ما قبل الدولة في محافظات يمنية عديدة ليلاٍ فإن الجمع بين هذه المتناقضات سيبقي اليمن لعقود قادمة خارج سياق مفهوم الدولة المدنية الحديثة.
دولة هشة
وبين العوامل الخارجية المؤثرة في عملية الانتقال السياسي والمجتمعي للأنظمة اليمنية التي يري أنها عديدة ونتاج طبيعي للأهمية الإستراتيجية لموقع الجمهورية اليمنية وبالتالي هناك عدد من الأطراف الدولية الإقليمية والعالمية من مصلحتها بقاء اليمن دولة ضعيفة غير مستقرة حتى يسهل التأثير على قرارها المستقل سياسياٍ واقتصادياٍ واجتماعياٍ وتحول اليمن إلى دولة حديثة ومستقرة بمكونها السكاني الكبير وموقعها الجغرافي المتميز ومواردها المتنوعة سيحولها إلى واحدة من أبرز دول الإقليم وذلك لايروق لكثير من قوى النفوذ والهيمنة الإقليمية والدولية مؤكداٍ أن الخروج من قوة المؤثرات الخارجية لن يكون إلاِ بوحدة القرار والرؤية المستقبلية لمختلف المكونات السياسية والاجتماعية وهو ما يمكن تلخيصه في الوحدة الوطنية بمواجهة التدخلات الخارجية مهما كان مصدرها وتحت أي لافتة كتبت .
الجبهة القومية
الكاتب وليد دماج يقول : أعتقد أن تركيبة الأنظمة السياسية القائمة سابقا هي التي أعاقت مثل هذا التحول خصوصا بعد انتصار تحالف القوى التقليدية إن جاز لنا أن نطلق على المنتصرين في أحداث أغسطس مجرد قوى تقليدية في الشمال وهو تحالف يضم الكثير من القوى المتنفذة القبيلية والعسكرية وأولئك المرتبطين ببعض الأنظمة المناوئه للثورة والجمهورية من صفوف الجمهوريين طبعا كما أن الأمر في الجنوب قد تم بعد صراع مرير بين القوى الوطنية الجبهة القومية وجبهة التحرير ما أدى إلى إضعاف الخط الثوري وخط بناء الدولة المدنية.
الشيوعية
من جهته يرى الدكتور نبيل الشرجبي – علاقات دولية جامعة الحديدة أن الدولة المدنية لم تكن في أولويات تفكير القيادتين في الشطرين والسبب في ذلك دخول الشطرين في صراع الحرب الباردة وكذا صراع الأجنحة داخل كل شطر ففي الشمال كان أولا صراع الدولة مع الملكيين ثم مع الجنوب ثم صراع القوى التقدمية مع القبلية وكذا في الجنوب صراع الجبهة القومية وجبهة التحرير ثم صراعه مع الشمال ومع السعودية وعمان وانخراط الجنوب مع المشروع الماركسي لتغيير المنطقة ودخوله حروبا في الصومال وإثيوبيا ثم صراع الأجنحة الجنوبية في الحزب الاشتراكي في ما بينها بمعنى أن الهدف الأساس كان الحفاظ على النظام لمواجهة الآخر ومن ثم فلا مجال للتفكير في الدولة المدنية وأصبحت مسالة الولاء للخارج أو السوفيت حينها أولوية.
وتابع بالقول : توجد عوامل عديدة لم تساعد على التفكير في الدولة المدنية ففي الشمال تعتبر القبيلة واحداٍ من أقوى الأسباب لان طريقة تفكير القبيلة في الحكم هو أن تكون هي فوق الدولة أما إذا كانت الدولة مدنية فإن القبيلة سوف تصبح جزءاٍ من مكونات الدولة والعامل الآخرة هو غياب ثقافة مؤيدة ومستنيرة تدعم الاتجاه وخاصة مع غلبة الاتجاه نحو ديني تقليدي وهو اتجاه مناهض للدولة المدنية بالإضافة إلى الأمية التي كانت سبباٍ آخر وخاصة في جانبها السياسي الذي يعطي الأولوية في الحكم والوجاهة للعسكر والنمط العسكري أما في الجنوب فإن الايديولوجية كانت الأقرب للشيوعية وهي ضد الدولة المدنية على اعتبار أن الأولوية كانت لوجود دولة قائدة قوية تقدم خدمات اجتماعية ولا دور لأي قوى أخرى تقوم بذلك كما أن الحرية السياسية لعبت دوراٍ في ذلك ومنعت أي تطور في ذلك الاتجاه المدني.
وأختم حديثه بالقول: لقد كان للصراعات الشخصية دورها في إجهاض أي تحرك نحو المدنية ويكفي أن نشير إلى أن كل ما قيل عن وجود دولة في الجنوب بعيد عن الواقع لان كل الحروب والصراعات في الجنوب كانت تتم بين شخصيات لها أطماع شخصية وحسمت الصراعات تلك عسكريا وليس عن طريق الدولة ودولة القانون كما كانوا يدعون آنذاك , وللعلم أن أساس الحكم في الدولة المدنية هو القانون وليس الفتوة كما كان ذلك قائما في شمال اليمن آنذاك .

قد يعجبك ايضا