من عاصمة العواصم إلى غزة هاشم

عبد الإله عبد القادر الجنيد

 

أَيَحسَبُ الكيانُ الصّهيونيُّ الغاصبُ، ومَنْ وراءَه الغربُ الكافرُ بقِيادةِ الشّيطانِ الأكبرِ الأمريكيِّ رأسِ الشّرِّ والمصائبِ، وأدواتُهُمْ الإقليميّةُ المتمثّلةُ بمحورِ الانبطاحِ والنّفاقِ، وقُوارين النّفطِ الأعرابِ، وعصاباتِ العمالةِ والخيانةِ والارتزاقِ، أنَّ يَمَنَ الحكمةِ والإيمانِ بِقيادةِ الهُداةِ الأعلامِ عن مَؤامراتِهِمْ وكَيْدِهِمْ غافلونَ، وعن مَخطَّطاتِهِمْ الشّيطانيّةِ جاهلونَ؟

بَلى، إنّا لِمَكْرِهِمْ وخِداعِهِمْ لَمُدْرِكونَ، وبِما أَخْبَرَنا اللهُ سبحانَهُ وتعالى عنهم في كتابِهِ الكريمِ لَعالمونَ.

وكذلكَ شأنُ اليَهودِ ونَقْضِهِمْ للعُهُودِ، وأطماعِهِمْ التي لا حَدَّ لَها من حُدودٍ، وشِدَّةِ عَدائِهِمْ للمؤمنينَ، وحَقْدِهِمْ الدّفينِ، وتَرَبُّصِهِمْ بكُلِّ المُسْلِمينَ.

ولَعلَّ ما يَجري على الإخوةِ الأشقاءِ في جَنوبِ لُبْنَانَ من جَرائمَ اغتيالاتٍ وانتهاكاتٍ، وجَرْفٍ وتدميرٍ للمُنشآتِ والبُنيانِ، نَقْضاً صارخاً لاتّفاقِ وقْفِ إطلاقِ النّارِ والعُدوانِ، في ظِلِّ صَمْتِ الضّامِنينَ اللئام.

ناهيكم عن تَماديهِ في اغتصابِ واحتلالِ مِناطقَ واسعةٍ مِن سُوريا، والهِيمنةِ الكاملةِ على هَضبةِ الجولانِ.

فمَنْ كانَ عَدُوّاً للهِ فلا عَهْدَ لهُ ولا مِيثاقَ، ولَنْ يَسْتَنْكِفَ عنِ الاستمرارِ في ارتكابِ أَبْشَعِ الجرائمِ والحِصارِ الخانقِ، مُسْتَقْوِياً بقُوى الجَبْتِ والطُّغيانِ.

فضلا عن تواطؤ مَجْلِسِ الأمنِ، وهيئاتِ الأُمَمِ المُتَّحدةِ، والمُنظَّماتِ اللَّاإنسانيّةِ التي تَكيلُ بمِكْيالينَ خِدمةً لِقُوى البَغْيِ والإجرامِ.

فكذلكَ باتَ واقعُ حالِ غَزَّةَ مِن بَعْدِ إعلانِ وقْفِ جَرائمِ الكِيانِ.

أَوَما كانتْ مَلْحَمَةُ الطُّوفانِ العارمِ لعامينَ كاملينَ إلا جولةً من جولاتِ الصِّراعِ مع العَدُوِّ الغاصبِ، التي خاضَ فيها عِبادُ اللهِ الصّالحونَ ضِدَّ العَدُوِّ الصّهيونيِّ اللَّدودِ اللَّعينِ.

ولولا أنَّهُ تَجَرَّعَ الوَيْلاتِ والهَزائمَ المُنْكَراتِ، وجَلَبَ على نَفْسِهِ الخِزْيَ والعارَ، وعَجَزَ عن تَحقيقِ أَهْدافِهِ أو القَضاءِ على المُجاهدينَ الأحرارِ، فَنالَ مِن أُولِياءِ اللهِ المُجاهدينَ الثّابتينَ الأخيارِ في كُلِّ الجبهاتِ والثُّغورِ في مِحْوَرِ الجهادِ والقُدسِ والمُقاومةِ ما نالَ مِن بَأْسِ رِجالِ اللهِ الواثِقينَ بربِّهِمْ والمُتَوَكِّلينَ عليهِ، الوَيْلَ والثُّبورَ، لَما راحَ يَلُوذُ بالفرعونِ الأمريكيِّ طَلَباً للحُلولِ.

فولَّى مُدْبِراً يَجُرُّ أَذْيالَ الهَزيمةِ والخَيْبةِ والخُسْرانِ، وبِسَيِّدِهِ الأمريكيِّ يَسْتَنْقِذُهُ لِيُنْزِلَهُ مِن فَوْقِ شَجَرَةِ الغُرورِ، ويُخْرِجَهُ مِن مُسْتَنْقَعِ ورْطَتِهِ في غَزَّةَ مَذْمُوماً مَدْحُوراً كالشَّيطانِ الرَّجيمِ.

فلمّا كانَ لهُ ما كانَ، وتَوافَقَ الطَّرَفانِ على وقْفِ عُدوانِهِ الآثمِ، إذا بهِ يُراوغُ وينقلبُ على الاتّفاقِ، ويَخْرِقُ وقْفَ إطلاقِ النّارِ، ويَظَلُّ بِاحْتِلالِهِ القائمِ على أرضِ غَزَّةَ جاثمَ.

لا رَيْبَ أنَّهُ عَدُوٌّ مُخادِعٌ، وبنَقْضِ العُهُودِ بارِعٌ، وإلى الإفسادِ في الأرضِ مُسارِعٌ، فلا دِينَ لهُ ولا ضَميرَ ولا وازِعَ، ولا يَرُدُّهُ رادِعَ.

بَيْدَ أنَّ يَمَنَ الحكمةِ والإيمانِ، وهو يُدْرِكُ حقيقةَ العَدُوِّ المُجْرِمِ الجَبَانِ الذي ضَرَبَ اللهُ عليهِ الذِّلَّةَ والهُوانَ، لا عَهْدَ لهُ ولا أيمانَ، بدَأَ مِن فَوْرِهِ يُعِدُّ العُدَّةَ ويَتَهَيَّأُ لجولةٍ أُخْرى، تَتْلُوها صَوْلاتٌ وجَوْلاتٌ، لَنْ تَتوقَّفَ إلا بِمُواصلةِ الجهادِ في سَبيلِ اللهِ في مَعْركةِ الجهادِ المُقَدَّسِ والفَتْحِ الموعودِ، وزَوالِ الغُدَّةِ السَّرَطانيّةِ منَ الوجودِ، وذلكَ وَعْدُ اللهِ المَلِكِ الدّيّانِ لِعِبادِهِ الصّالحينَ.

ومِن أجلِ ذلكَ، أَبْرَقَ اليَمَنُ بِقيادَتِهِ الثَّوريّةِ والسِّياسيّةِ وقُوّاتِهِ المُسَلَّحَةِ الباسلةِ إلى الإخوةِ الأعزّاءِ في غَزَّةَ هاشمَ، أنّ عاصِمَةَ العَواصمِ باستِنفارِها الدّائمِ باتَتْ أكْثَرَ استعداداً وجاهزيّةً لِخَوْضِ أعْظَمِ المَلاحمِ البطَوليّةِ بِطُوفانِها القادمِ، ولَنْ تَتَأَخَّرَ في أيِّ حالٍ مِنَ الأحوالِ، تَنْطَلِقُ بِعَوْنِ اللهِ وبِالتَّوَكُّلِ عليهِ مِنْ مُنْطَلَقِ (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا)، عن دَعْمِها وإسْنادِها وثَباتِها على مَوْقِفِها الحاسِمِ وقَرارِها الصّارمِ.

فَلَقَدْ أَضْحَتْ أَشَدَّ بَأْساً وقُوَّةً مِمّا كانَتْ عليهِ مِن قَبْلَ، وكذلكَ هُمْ أُولُو البَأْسِ الشَّديدِ وأَهْلُ العَزائمِ الذينَ لا يَخافُونَ في اللهِ لَوْمَةَ لائِمٍ.

فَهَيْهاتَ يا بَنِي غَزَّةَ الكِرامَ والمُجاهِدينَ العِظامَ أنْ تَتَخَلّى يَمَنُ الحِكْمَةِ والإيمانِ، يَمَنُ الشُّمُوخِ والإباءِ وشَمارِيخُهُ الأوْفِياءَ ومُجاهِدُوهُ الأتْقِياءَ وقادَتُهُ الأوْلِياءَ، عنِ الدَّعْمِ والإسْنادِ وتُؤَكِّدُ لكمْ مِن جَديدٍ أنَّها باقِيَةٌ على العَهْدِ بِكُلِّ صِدْقٍ وعِزَّةٍ وشُمُوخٍ وكِبْرِياءَ.

فما كانَ لها أنْ تَتخلّى عن إخْوانِها في الإيمانِ، وقَدِ امْتَزَجَتِ الدِّماءُ بالدِّماءِ، وقُوبِلَ العَطاءُ بالعَطاءِ، وقُرِنَ الفِداءُ بالفِداءِ.

أَلا وإنَّ اليَدَ لا تَزالُ قابِضَةً على الزِّنادِ، ومتى ما قَرَّرْتُمْ سَنُعاوِدُ الكَرَّةَ بِدَعْمٍ وإسْنادٍ تَصاعُديٍّ، فَبِفَضْلِ اللهِ وقِيادَتِنا الرَّبّانِيَّةِ ومَسيرَتِنا القُرْآنيّةِ، مَعاذَ اللهِ أنْ نُخْلِفَ المِيعادَ أو نَتَخَلَّفَ عنِ الجِهادِ والدَّعْمِ والإسْنادِ، أو نُذَرَكُمْ تُواجهُونَ عَدُوَّ اللهِ على انْفِرادِ.

لا سِيَّما وَأنَّ مُجاهِدِينا هُمْ أُولئِكَ الذينَ قالَ اللهُ سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْهُمْ: (رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا).

والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ.

قد يعجبك ايضا