بين انتدابين

طاهر محمد الجنيد

 

الانتداب البريطاني أستُخدم لتوطين اليهود وتمكينهم من احتلال فلسطين تحت إشراف سلطات الاحتلال البريطاني, والانتداب الأمريكي يهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني وزيادة المساحة التي يسيطر عليها تحت الاشراف المباشر لأمريكا وإدارة بريطانيا (بلير) ، ويتم تحويل غزة من الاحتلال إلى الوصاية لكن بعنوان (خطة سلام) ، لا فرق بين نصوص مواد صكوك الانتداب، فخطة السلام التي فرضها التحالف الصهيوني الصليبي بعد رفضه كل القرارات الأممية السابقة – باستخدام (الفيتو) – الداعية لإيقاف جرائم الإبادة والتهجير القسري والجرائم ضد الإنسانية.

لقد حول هذا التحالف الهيئات الأممية إلى شريك أساسي في كل الجرائم وجعل منها مطية لتحقيق كل طلبات المجرمين الذين سخّروا كل إمكانياتهم لمواصلة ارتكاب أبشع الجرائم .

المحكمة الجنائية الدولية أدانت كيان الاحتلال بارتكاب جرائم الإبادة، والتهجير القسرى والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب ومجلس الأمن الذي لم يستطع إيقاف تلك الجرائم يناقض نفسه ليقر ما يسمى (خطة ترامب) وكأن كل تلك الفظائع والجرائم التي شهد عليها العالم لا دخل لهم بها.

خطة الإجرام التي وافق عليها مجلس الأمن بالقوة والإجبار تُجرم المُعتدى عليهم، غزة محاصرة وكيان الاحتلال اعاد احتلالها ودمرها ولها حق الدفاع الشرعي وحق تقرير المصير قبل أو بعد احتلالها بموجب القانون الدولي الذي يكفل حق تقرير المصير والكفاح المسلح لمواجه الاحتلال.

القانون الدولي يعتبر الاحتلال والإجرام الصهيوني منتهكا للقانون الدولي والمواثيق الدولية التي تجرم من يتعمد ارتكاب جرائم الإبادة بتجويع السكان ومنع دخول المساعدات الإنسانية، والخطة الإجرامية الجهنمية تجعل المساعدات أساسا للمساومة و لفرض إملاءات وشروط الإجرام التحالفي، وتعطي كيان الاحتلال الحق في التحكم في دخولها (المساعدات الإنسانية) والإشراف عليها وهي مفارقة عجيبة لا تستند إلى أي عقل أو منطق، فكيف يتم مكافأة القتلة والمجرمين وجعلهم القائمين على تطبيق بنود ما يسمى (خطة السلام).

التحالف الإجرامي حوّل غزة من إدارة الاحتلال إلى الانتداب والوصاية على المكان والإنسان، فقد صادر كل الحقوق ولم يستثن حقا من خلال نصوص ما قيل أنها خطة سلام أعطى لنفسه حق إنشاء مشاريع اقتصادية يشرف عليها ممولو الإجرام من كل الأجناس، وفيما يخص السيطرة على البشر فالاعتماد على رئاسة (ترامب) لمجلس السلام وإقصاء المقاومة ، ولن يتم اشراكها في إدارة القطاع لا بشكل مباشر أو غير مباشر .

الاستعانة بسلطة محمود عباس وبأشخاص أكثر طاعة وحرصا على مصالح الإجرام الصهيوني وتسليمها مقاليد السلطة كما في الضفة الغربية وتم اقصاؤها بالقوة بواسطة الاحتلال .

اعتبار المقاومة إرهاباً ونزع سلاحها وتدمير كل الوسائل التي تمكنها من الدفاع عن نفسها وعن حقوقها ونفي قاداتها إلى الخارج حتى يتم ضمان أمن كيان الاحتلال، وهي خطوات تتجاوز الممكن إلى المستحيل بتحويل المجرم إلى بريء وراعي للسلام واعتبار المجني عليه مجرم وإرهابي يجب قتله وإبادته.

القضاء على المقاومة سيتم بالتعاون مع صهاينة العرب لضمان أمن كيان الاحتلال، وليس الأمر بجديد أن يتم إشراك الأردن ومصر والإمارات والسعودية كممولين فقد كانت اشتراطاتهم القضاء على المقاومة للمشاركة في إعادة الإعمار.

الأمن سيكون من خلال إنشاء قوة استقرار تشرف عليها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لإدارة غزة والسيطرة عليها وسيكون من أولويات مهامها(منع دخول الذخائر وتسهيل دخول البضائع) وسيتم الاتفاق بين الطرفين على آلية فض الاشتباك وسيتم ضمان ان لا تحتل إسرائيل غزة كما ضمنت بريطانيا عدم توطين اليهود في فلسطين، وكما ضمن صك الانتداب عدم المساس بحقوق الطوائف الأخرى، وكما تعهدت أمريكا بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة قبل اكثر من عشرين سنه من الآن؛ حتى ان القوات البريطانية كانت تصادر السلاح من المقاومة الفلسطينية وتعدم المجاهدين وتتعاون مع العصابات الصهيونية على تدمير القرى والبلدات الفلسطينية وتسليمها لليهود وتوطنهم بدلا عنهم الانسحاب لكيان الحتلال لن يتم إلا بعد الاطمئنان التام بعدم وجود تهديدات والمجال مفتوح لإعادة الاحتلال ومسموح للإجرام الصهيوني ان ينشئ محيطاً أمني يتحكم فيه بكل ما يتعلق بغزة، واذا خالفت حماس أو بقية الفصائل فالعقوبات جاهزة ومن ضمن ذلك منع دخول المساعدات الإنسانية التي اصبح استخدامها كسلاح بموجب ما يسمى خطة سلام.

الإجرام الذي تقوده أمريكا والمتحالفون معها يراهن على إفراغ غزة من سكانها بالقوة و من الداخل بواسطة المليشيات المدربة للاغتيال والإجرام وممارسة كل أنواع الإرهاب، لأن خطة الإجرام تريد الوصول إلى تهجير ما بين مليون وسبعمائة إلى مليون وثمانمائة ألف إنسان كما صرح شريك الإجرام (ترامب) وهي ذاتها الخطة التي ينفذها مجرم الحرب (نتن ياهو) بتحديد الوجهة لإعادة توطين سكان غزة فتلك هي القضية الحقيقة، بتقديم خيار لهم حينها سيغادرون كما يحلم الإجرام والمجرمون، ويتفق معه شريك الإجرام (ترامب).

الجحيم الذي مارسه المجرمون على مدى السنوات الماضية لن ينتهي حتى لو تم ضمان امن كيان الاحتلال وضمان استمرار سيطرة صهاينة العرب والغرب على السلطة والحكم، لأن الإجرام كالنار المشتعلة توقد القلوب المجرمة وتجعلها تستمتع كلما سفكت دماء الأبرياء، وهو ما يجعلها تطلب المزيد كما أن الأموال الحرام التي يسيطرون عليها والثروات الطائلة التي يسعون إلى سلبها لن يستطيعوا الاستحواذ عليها مادام هناك من يرفض التسليم لهم والسكوت عن إجرامهم.

واذا كان الإجرام الصهيوني المدعوم من التحالف يستحل دماء الأبرياء من الأطفال والنساء في فلسطين، فان الإجرام المدعوم من الإمارات والمتحالفين معهم يمارس أبشع الجرائم في السودان وليبيا واليمن ولولا ان اليمن امتلك زمام المبادرة والرد لاستمر الإجرام إلى مالا نهاية.

قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة لا تساوي شئيا ولا يتم تطبيقها على الإجرام والمجرمين لكنها تطبق على المعتدى عليهم وعلى الشعوب العربية والإسلامية والحل ليس في الخضوع للإجرام والتسليم له بل في مواجهته والتصدي له وبذل النفوس والأرواح قربانا في سبيل الله وفي سبيل مواجهة الإجرام والمجرمين والقضاء على كل مشاريعهم، لأن الله أخبر عباده المؤمنين بقوله تعالى ((فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين على القتال عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله اشد بأسا وأشد تنكيلا)) النساء84،

وأبلغ المؤمنين ان المواجهة مستمرة مع تحالف الإجرام قال تعالى((ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ))البقرة 217.

 

قد يعجبك ايضا