حرب اليمن على الإرهاب.. حدت من نشاطات المهددة للأمن الإقليمي


> لا بد من نهضة توعوية بمخاطر الوافدين من الإرهابيين وتشديد الرقابة عليهم

> احتضان عناصر العنف والإرهاب لأغراض حزبية  وسياسية .. ضاعف حجم المأساة

> الموقع الجغرافي لليمن جعلها مهوى أفئدة الإرهابيين لإقلاق الأمن العالمي

كان كلام رئيس الجمهورية واضحا حينما قال ” إن 70 % من الإرهابيين غير يمنيين ومن لا يصدق فليذهب إلى ثلاجات المستشفيات حيث سيجد أكثر قتلى الجماعات الإرهابية  أجانب رفضت دولهم استلامهم “.. الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول كيفية دخول هؤلاء الإرهابيين إلى اليمن لممارسة أعمال العنف وزعزعة الأمن القومي للبلاد وإبقائها داخل مربع الصراع.. وكذا التواطؤ الداخلي من قبل من تربطهم مصالح إستراتيجية مع الجماعات الإرهابية ,واستمرار غياب التوعية المجتمعية بمخاطر التستر على هؤلاء الإرهابيين المتسللين إلى اليمن .
الاستطلاع الصحفي التالي يسلط الضوء على المشكلة :

وفي سياق الحديث عن هذه القضية الخطيرة تعددت أراء وتحليلات المراقبين والمحللين السياسيين.. ولكنها اتفقت حول تعاظم خطرها وإضرارها بالأمن القومي اليمني والدولي عموما.. 
وفي توصيفه للظاهرة يقول  الدكتور ناصر العرجلي من جامعة صنعاء : إن  هذه الظاهرة تعتبر  من أبرز مهددات الأمن الوطني والإقليمي كون توافد الإرهابيين الأجانب إلى اليمن خطر ذو شقين : شق أمني بسبب ضعف المنظومة الأمنية بمختلف أشكالها ووجود اختراقات وفجوات كبيرة استطاعت تلك الجماعات اختراقها والتسلل منها والشق الآخر وجود حاضنات فكرية ومدارس داخلية توفر بيئة جاذبة وحاضنة لتلك الجماعات الدموية ولو لم توجد بيئة مواتية ومناسبة لما استطاعت تلك الجماعات أن تبقى لحظة واحدة أو حتى لم تفكر بالدخول لليمن لأنه لا يوجد من يأويها ويوفر لها كل سبل وجودها .
 ونبه الدكتور العرجلي إلى تداعيات غياب التوعية المجتمعية والتي قال إن وجدت لا تزال  قاصرة ولم تصل إلى المستوى المطلوب بموازاة فداحة وحجم وخطورة المشكلة .
تجفيف منابع التمويل
الباحث أنيس شمسان يرى الأمر من زاوية مهمة هي توفر الحماية والتمويل المالي واللوجستي لهم في اليمن من قبل عناصر داخل البلد مما هيأ لهم بيئة خصبة ساعدتهم على البقاء ضمن تنظيم القاعدة.
وأضاف بالقول :  من يريد القضاء على الإرهاب عليه تجفيف منابع تمويله أولا . 
منابع التمويل
فيما يرى المحلل السياسي عبد الله باوزير أن المسألة تتعلق أولا بالتوعية لأنها المحك . وقال :  لقد بحت أصوات من حذروا من عودة تلك الجماعات القادمة من أفغانستان وتوظيفها لصالح هذا الطرف أو ذاك ,حيث تم استيعاب أولئك الإرهابيين واستخدامهم في عمليات إرهابية وساعد على ذلك احتضانهم لأسباب حزبية .
وأكد أن بروز الخطاب التحريضي من داخل المساجد خلال الفترة الماضية وغض الطرف عن ذلك لأسباب مبيتة قد فاقم من خطر التطرف الذي عكس نفسه على الواقع في شكل أعمال إرهابية فتاكة.
ومضى يقول : لم يأت ذلك من فراغ بل في إطار عمل مبرمج تقف خلفه قوى خارجية و أخرى محلية تدعمه من خلال مواقعها في الحياة السياسية و الاجتماعية !¿ وكل ذلك كان مكشوفا لكنه ليس تحت السيطرة.
داعيا إلى تكثيف عمليات التوعية وفق  استراتيجيته تنطلق من  مرحلة ما بعد نزع سلاح كل مليشيات الإرهاب و القوى السياسية ذات النزعات الطائفية والأيديولوجية حتى لا تتسع  مساحات الأعمال الإرهابية وأفغنة اليمن .
الأفغان العرب
المحلل السياسي والإعلامي العربي محمد البرديسي  يرجع تفاقم وتزايد أعداد الإرهابيين الأجانب الوافدين إلى اليمن لعدة أسباب بدأت حسب قوله في  الثمانينات بعد أن كان هناك تأييد تام لسفر من يطلقون على أنفسهم أنهم من المجاهدين حيث كانوا يسافرون يوميا إلى كابول لنصرة الشعب الأفغانى ضد الاحتلال السوفيتي ابان هذه الفترة وكانت على مسمع ومرأى من الحكومة اليمنية الأمر الذي كان له تواجده وجذوره في اليمن لخلق بيئة مشجعة لنمو هذا التنظيم واستقطاب أعضائه, متطرقا إلى دور الإعلام والدولة في  نشر الوعي لدى الشعب اليمنى بخطورة مثل هؤلاء الأجانب على البلاد وأمنها – وقال :إذا لم تستمر الحكومة اليمنية وتطارد وتقتلع وتجفف منابع الإرهاب في كل مكان باليمن فإنني أرى أنهم سينقلون نشاطاتهم الإرهابية حول العالم لتنطلق من اليمن, لذا ينبغي توعية المواطنين وبيان خطورة الإرهاب وأضراره على مستقبل البلاد ولكم في حجم الدمار والتخلف الذي تعانيه أفغانستان إلى الآن خير دليل.
حماية القبيلة
الكاتب والإعلامي أحمد المليكي تحدث عن المساحات الخالية التي  توفر لهؤلاء الوافدين الأمان والتدريب اللازم لعملياتهم وقال : كما إن بعض القبائل توفر لهم الحماية الكاملة لاعتقادهم بأنهم مجاهدين ويدافعون عن الإسلام ولأن التنقل بين المدن والمحافظات يتم بكل سهولة ويسر ولا يوجد من يطالبهم بإثبات هوية خاصة إذا لم يكن مشتبه به وصورته غير معروفة  لقوات الأمن فيعيش في اليمن بحرية تامة وكأنه من أبنائها وكثير منهم يتزوج من بنات القبائل التي يعيشون فيها فيصبحون بذلك أنساباٍ وإذا حدث وعرفت الدولة أنه من الإرهابيين والمطلوبين احتمى بتلك القبيلة التي تدافع عنه كأنه واحد من أفرادها.
ويرجع المليكي أسباب زيادة الوافدين من الإرهابيين في السنوات الأخيرة لكونهم في بلدانهم لا يجدون مكاناٍ يمارسون فيه مخططاتهم ولكون اليمن مساحتها شاسعة ويتوفر فيه السلاح فوجدوا في ذلك مكان آمن ومناسب مع أنهم لا يفعلون تلك الأعمال في بلدانهم ولا يجرؤ أحد مجرد  التفكير بذلك.
لافتا إلى الحلول التي يمكن من خلالها الحد من هؤلاء المتدفقين إلى صفوف التنظيم ومن ذلك متابعتهم أولاٍ من الجهات الحكومية في حال دخولهم البلد كما يقع علي المواطن واجب الدفاع عن وطنه من أمثالهم , فمجرد وجود شخص مريب وغريب لابد من التحقق منه ولماذا هو هنا وبدون أن يعرف أنه مراقب , فلو كل حي وكل مديرية وكل محافظة قامت بدورها في التبليغ عنهم وعن تحركاتهم سوف يعرف الآخرون أنهم ليس مرحباٍ بهم في بلد الإيمان والحكمة ولن يعودوا يفكرون في خوض مغامراتهم فيه .
الأمن القومي
من جانبه يقول الناشط أنور الداعي: إن الإرهاب دخيل على المجتمع اليمني وأن العدل وتطبيق القانون على كل أبناء الوطن هو المخرج من هذه المشاكل .
مؤكدا على أهمية التوعية المجتمعية للوقوف ضد الإرهاب بكل أنواعه وأشكاله وتوحيد الصفوف لمواجهة الإرهاب وكل ما من شأنه الإضرار بأمن ووحدة اليمن واستقراره وبخطورة هؤلاء الأجانب القادمين لليمن تحت مظلته.
وقال الداعي : عدم تعاون المواطنين في الإبلاغ عن أي شخص من جنسية أخرى وعدم وجود أجهزة للكشف عن أماكن الإرهابيين في اليمن ساهم في تكاثرهم, اضافة الى   التواطؤ الداخلي مع من تربطهم مصالح استراتيجية كل ذلك أثر تأثيراٍ سلبياٍ وزاد من تفاقم الإرهابيين في اليمن .
مشددا على أهمية العمل الجاد لصالح الوطن وليس لصالح الأحزاب السياسية وهذا يتطلب وقوف منظمات المجتمع المدني إلى جانب الدولة لتوعية المجتمع بخطورة هذه الظاهرة على مجتمعنا.
الوضع السياسي
المحلل السياسي ماهر شجاع الدين – جامعة صنعاء قال بأن  ضعف أداء الأجهزة الأمنية وشحة إمكانيتها أدى إلى ضعف الرقابة على الحدود وخصوصاٍ البحرية فكما هو معلوم إن لدى اليمن خط ساحلي يمتد لأكثر من 2000 كيلو متر, وهذا يحتاج إلى إمكانيات تقنية وبشرية ومادية للرقابة  عليه بالإضافة إلى  الوضع السياسي المضطرب والذي  أثر سلباٍ على الوضع الأمني مما أوجد بيئة تعتبرها الجماعات الإرهابية ممتازة للنمو والتكاثر خصوصاٍ مع وجود تعاطف ديني في بعض المناطق مع فكر القاعدة  بسبب الجهل الذي تعيشه تلك المناطق بغطاء بعض الأطراف الدولية.
حرب أفغانستان
الحقوقي والقانوني أحمد الخبي يرى بأن تفاقم أعداد  الأجانب في صفوف القاعدة باليمن  يرجع إلى الدور الرئيسي أثناء الحرب في أفغانستان ضد الشيوعية في استقدام تلك  الجماعات  من دول العالم وإرسالهم إلى أفغانستان وبعد انتهاء تلك الحرب عاد الكثير منهم لليمن وبقوا فيها حتى طلبت أطراف دولية ترحيل بعض القيادات الخطرة منهم على أمنها والمنقلبين على الأجندات التي كانت مرسومة لهم من خلال ما يسمى بالقاعدة .
وأضاف : إن من تلك الأسباب العوامل الجغرافية لليمن المتمثلة في جبالها الوعرة والتي تمثل مكانا آمنا لتكاثر هذا التنظيم  في ظل انعدام وجود الطرقات وصعوبة وصول قوات الجيش والأمن إلى تلك المناطق وتابع :بسبب هشاشة الدولة تضاعف تواجد تلك العناصر الأجنبية فيها وبقاؤهم في مأمن بعيدا عن الملاحقة وتمكنهم من ربط علاقات مع نافذين في أوساط القبائل والجيش والأمن.
تصاريح الإقامة
في السياق ذاته أوضح الناشط أديب البركاني  بأن غياب قوانين تصاريح الإقامة وعدم التحري عن هؤلاء الأجانب القادمين إلى اليمن فاقم من خطرهم, حيث يدخل أغلبهم البلاد بطريقة غير قانونية إلى جانب الحماية التي وجدوها من  المناصرين للإرهاب في أوساط بعض القبائل وبعض الأحزاب و المسئولين , كل ذلك أدى إلى تفاقم عدد الإرهابيين الأجانب في اليمن .
التعبئة الخاطئة
ويرى سلطان الرداعي –عضو مؤتمر الحوار الوطني : إن  توافد الإرهابيين الأجانب له عدة أسباب منها : أيدلوجي  لأن منطلق الكثير من هؤلاء ديني متشدد  بسبب فهمهم القاصر لبعض النصوص الدينية سواء الصحيحة أو الضعيفة مثلا منها حديث النبي صلي الله عليه وسلم : انه سيخرج اثنى عشر ألف مجاهداٍ يحررون القدس وبيان الرسول أن اليمن هم أهل المدد وغيرها من النصوص التي تذكر فضائل ومزايا لأهل اليمن وفهم هؤلاء المغلوط لكثير من النصوص جعلهم يجرون اليمن إلى ساحات الإرهاب. 
وقال :الموقع الجغرافي والاقتصادي المتمثل بتحكم اليمن بمضيق باب المندب ومجاورته لبحيرات النفط الهائلة جعله مهوى أفئدة القاعدة لأن إقلاق الأمن فيه سيكون له آثار على اقتصاد العالم بشكل عام لو وصل خطر القاعدة إلى منابع النفط واستطاع جعل مضيق باب المندب ممراٍ غير آمن.
تصدير الإرهاب
فيما يرى الخبير العسكري الدكتور عبد اللطيف العسالي : أن  تضييق الخناق على هذه الجماعات في كثير من بلدان العالم وتشديد الرقابة عليهم في مقابل سهولة الدخول إلى الأراضي اليمنية فاقم من توافدهم إلى اليمن بالإضافة إلى الانشغال يمنيا بالمماحكات السياسية والحزبية.
وقال : هناك ضعف واضح لدى أجهزة الأمن اليمنية أيضا انشغال الجيش والأمن بالحروب الداخلية وضعف السيطرة على الحدود والمنافذ البرية والبحرية بالإضافة إلى  وعورة المناطق اليمنية وسهولة إنشاء أوكار للجماعات الإرهابية وأماكن للتدريبومن جهة أخرى  أياد خفية تعمل على تصفية الحسابات وقوى إقليمية ودولية تعمل على تصدير الإرهاب إلى اليمن, موضحا أن هناك عوامل أخرى تضافرت مع العوامل السابقة ساهمت في ازدياد نشاط الجماعات الإرهابية بشكل عام ومن ضمنها الفقر والبطالة والصراع السياسي وصراع النخب السياسية وتدهور الوضع المعيشي والأمنيالأمر الذي جعل اليمن مرتعا خصبا للجماعات الإرهابية.
منابر التوعية
فيما يرى الناشط والإعلامي عبده الضراب أن الأحداث الأخيرة التي حصلت في بلادنا في العام 2011م وما نتج عنها من اختلالات أمنية جعلت هؤلاء الإرهابيين يقصدون اليمن لعلمهم بأنهم سيجدون ملاذا آمنا لهم بسبب الانفلات الأمني عبر تسهيلات تقدمها بعض القوى .
وبالنسبة للتوعية المجتمعية بخطورة هذه الظاهرة أوضح الضراب أن  هناك قصوراٍ في هذا المجال سواء من قبل وسائل الإعلام أو من قبل الخطباء والمرشدين والدعاة وغيرهم , وأنه لم توضع برامج قوية لتوعية المجتمع بمخاطر هذه الظاهرة  وخاصة في أوساط الشباب الذين تركز عليهم الجماعات المتطرفة وتستقطبهم للعمل ضمن صفوفها , مؤكدا بأن  التوعية بمخاطر هؤلاء الأجانب لا تقتصر فقط على من تم ذكرهم سابقا فرب الأسرة مسئول والمدرس مسئول والمثقف مسئول والمجتمع بكل شرائحه مسئول عن تحصين الشباب من تلك الأخطار والأفكار  وعلى الجميع الوقوف صفا واحدا لمحاربة هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا اليمني والتي تتنافى مع ديننا وتعاليمه السمحة التي تدعو إلى نبذ العنف والتطرف وتدعو إلى الأخوة والتسامح والتعايش بسلام بين كل أبناء الوطن الواحد.
الحوار الديمقراطي
المحلل السياسي والباحث العربي الدكتور أحمد القاسم من جهته دعا اليمنيين إلى العمل على إيجاد مجتمع مدني  ونشر روح الحوار الديمقراطي الهادف والبناء و احترام الرأي والرأي  , وقال : يجب أن يكون المواطن ارتباطه بالوطن والشعب عامة وليس القبيلة والحزب والجماعة حتى لا تكون اليمن مرتعا للصراعات والإرهاب  .

قد يعجبك ايضا