البطل والكومبارس

فؤاد الحميري

 - 
*حياتنا بكل أبعادها السياسية  والاقتصادية  والاجتماعية  والثقافية  والعسكرية ما هي الا رواية أو هي - بوصف أكثر شعبية - فيلم . في هذا الفيلم شخصيات رئيسة وأخرى فرعية . أو أبطال وكومبارس .
وغالبا ما يكون الك

*حياتنا بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية ما هي الا رواية أو هي – بوصف أكثر شعبية – فيلم . في هذا الفيلم شخصيات رئيسة وأخرى فرعية . أو أبطال وكومبارس .
وغالبا ما يكون الكومبارس أكثر عددا من الأبطال . وكلما كان الفيلم ذا صبغة حربية كان الكومبارس فيه أكثر وأكثر حتى ليصلون الى آلاف مؤلفة .
هذا العدد الكبير من الممثلين الفرعيين ليس دورهم خطف الأضواء من الأبطال أو صرف الانتباه عنهم . بقدر ما هو إظهار لمركزية البطولة في الفيلم ومحورية الأبطال فيه . فهم كواكب تدور حول النجم الاكبر وتسبح في فلكه . فتزيده حضورا وفاعلية وتأثيرا .
وكم في حياتنا الفردية والجماعية من أبطال وكم وكم وكم فيها أيضا من كومبارس .
* البطل في ( الحياة/ الفيلم ) ليس ضرورة أن يقهر كل خصومه على طريقة ( رامبو ) فيبيد جيشا كاملا بسلاحه الشخصي الذي لا تنفد ذخيرته . كما وليس بالضرورة أن يكون مجيدا للألعاب القتالية متفننا في التفلت من أعدائه على طريقة ( جاكي شان ) . بل يمكن أن نجد ( بطلنا ) مقهورا مظلوما محاربا يضيق عليه ( السياسي الكومبارس ) ويحاربه ( العسكري الكومبارس ) ويطارده ( البوليس الكومبارس ) ويعتدي عليه ( الفتوة الكومبارس ) ومع ذلك يبقى هو الحكاية والرواية . هو المركز والمحور . هو البطل والبطولة .
* ولكم تعجب الكثيرون حين رأوا خيول الهمجية المغولية تدوس عواصم الحضارة الإسلامية وقالوا : ربما نتفهم أن تنهزم تلك العواصم لكونها تخلت في لحظة ما عن سنن التقدم ونواميس االانتصار . ولكن ما لا ولن نتفهمه أن تكون الهمجية هي البديل عن المدنية وأن تصبح ( الحظيرة ) هي البديل عن ( الحضارة ) . فإذا صح أن ينهزم أولئك فلا يجوز – بحال – أن ينتصر هؤلاء !!
ولو استدعت أذهان المتعجبين حقيقة ( الحياة / الفيلم ) وما يحكمها من ثنائية ( البطل والكومبارس ) لأدركوا أن قبائل المغول – بكل ما فعلته – ما كانت إلا كومبارس في فيلم الحضارة الاسلامية . مهمتها الوصول بالاحداث الى ذروة ( الاكشن ) حيث ينتفض البطل مستعيدا لنفسه عزتها وكرامتها . ولأمته منزلتها وحضارتها .
مختتما – بذلك – دورة زمنية تمثل ( فيلم ) مكتمل الاركان . لتبتدأ دورة زمنية ثانية وفيلم آخر جديد .
وللإنسان – في كل زمان ومكان – حرية الاختيار في أن يتسلم دور البطولة أو يستسلم لدور الكومبارس .

قد يعجبك ايضا