صبرة : الصمود الاسطوري للدفاع عن سبتمبر جسد وحدة اليمن


الثورة / شوقي العباسي / عبدالكريم الهلالي –

اثنان وخمسون عاما مرت منذ أن قرر اليمنيون أن يكسروا حاجز الصمت والخروج إلى التغيير وإعلان أن الوطن للجميع وليس لأسرة مالكة تتوارث الحكم وتتقاسم ثروات الوطن حيث قرر اليمنيون اخراج اليمن من الانعزال والحكم المستبد بعد ان عانوا سنوات من الظلم والجهل والتخلف فانطلقت شرارة الثورة في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م للتحرر من الحكم الامامي الذي تعمد على تجهيل الشعب الذي كان تواقاٍ للحياة في ظل دولة تضمن للإنسان حياة كريمة حيث جاءت الثورة السبتمبرية حاملة مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة التي تعبر عن آمال وتطلعات أبناء الشعب والحركة الوطنية في كفاحها ضد الإمامة والاستعمار.

مرحلة جديدة
لقد شكل قيام ثورة السادس والعشرين من سبتمبر مرحلةٍ جديدة في حياة الشعب اليمني ورحلته إلى النور بعد أن عانى ويلات الظلم والقهر والاضطهاد والاستبداد من الحكم الأمامي المستبد. وبعد اندلاع شرارة الثورة جسد اليمنيون أفضل معاني ودلائل التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني الذي عبر عنه التفاف أبناء الشعب اليمني شمالاٍ وجنوباٍ في الدفاع عن الثورة بالمال والدم والأرواح وساعدوا في نجاحها ومساندة الثوار بكل ما يستطيعون من أجل بزوغ فجر جديد نحو الانطلاق إلى الحرية والديمقراطية والمساواة حيث انخرط أبناء الشعب للمساهمة في الدفاع عن ثورة 26 سبتمبر وضحوا بأنفسهم في سبيل تحقيقها منذ اللحظات الأولى لقيامها وقدمت قوافل من الشهداء دفاعا عن الثورة والوحدة والديمقراطية وبشكل يجسد تلاحم الشعب اليمني الذي هزم المؤامرات وتغلب على الأخطار التي استهدفت الثورة .
تلاحم شعبي
وفي هذا الخصوص يؤكد رئيس الهيئة العامة لرعاية اسر الشهداء ومناضلي الثورة اليمنية مصلح عبدالله عبدالسلام صبرة أن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر أتت عبر مراحل طوال من النضال الذي شارك فيه أبناء الشعب اليمني كافة بمختلف فئاته من اجل الخروج من العزلة والحكم الفردي بعد معاناتهم الكثير من الظلم في ظل الحكم الامامي الفردي العائلي حيث أوجدت الثورة بعد اندلاع شرارتها الأولى تلاحما شعبيا كبيرا تجسد في مختلف مراحل النضال حتى قيام الثورة الخالدة.
وقال في تصريح لــ” الثورة ” :” لم تكن ثورة سبتمبر ثورة خاصة بفئة أو مجموعة محددة لكنها كانت ثورة شعب تجسدت فيها ابها صور التلاحم الشعبي والاصطفاف الوطني بين أبناء الشعب شمالا وجنوبا حيث هبت المجاميع الوطنية من مختلف المحافظات لمساندة الثوار والدفاع عن صنعاء.
وأضاف : التلاحم والصمود الأسطوري الذي جسده مختلف أبناء الشعب شمالا وجنوبا في الدفاع عن صنعاء كان عاملا رئيسيا في نجاح الثورة ودحر المرتزقة ممن كانوا يحاصرون صنعاء ويعملون على محاولة اجهاض الثورة وإعادة الحكم الملكي حتى أبناء المدارس آنذاك كانوا يحملون الطعام للمرابطين في الثكنات وفي المواقع التي كانت تحمي صنعاء رغم انه لم يكن هناك إلا عدد قليل من المدافعين عنها في الوقت الذي كان المحاصرون لصنعاء أكثر من خمسين ألفا وكان هناك دعم لهم من قبل بعض الدول التي أرادت ان تفشل ثورة سبتمبر الخالدة وهي ثورة الشعب..تلاحم فيها كل أبناء الشعب على مستوى الساحة وكان لديهم العزيمة من التخلص من الجهل والفقر والعزلة والخروج إلى عهد الحرية والعلم والتطور والتقدم والازدهار.
أهمية قراءة التاريخ
ثورة سبتمبر 1962م هي مخاض وطني سبقه أقدم محاولات للثورة في الوطن العربي وحوار فكري قادته مجموعة من الرعيل الأول لمثقفي اليمن بمختلف توجهاتهم السياسية كان هدفه الأول بناء نظام سياسي يجمع اليمن على أسس المشاركة ويعيد لليمن مكانتها التي فقدتها نتيجة نظام مقفل على نفسه قادم من أعماق الماضي ولا يمتلك أي رؤية للمستقبل.
وفي هذا الإطار يقول رئيس الهيئة العامة لرعاية اسر الشهداء ومناضلي الثورة : يجب على الشاب قراءة التاريخ ليعرفوا ما قاموا به الثوار من اجل التحرر والانعتاق من الجهل والتخلف والمرض الذي مارسه الحكم الامامي وان يعرفوا كيف اتحدت عصبة الملكية وعصبة الرجعية وعصبة الرأسمالية ضد الثورة والسعي لإجهاض ثورة سبتمبر لو كانت نجحت بكل المقاييس التي كانت مخططاٍ لها لكانت أحدثت انقلابا كبيرا في كل الجزيرة. وهذا ما يؤكد أن ثورة سبتمبر ثورة بكل المعاني ثمان سنوات من القتال المرير ضد هذه الثورة والاستقرار لم يحدث إلا في سنة 1970م وفي هذه السنة بدأت تتشكل الأمور بشكل مختلف ويكفي أثر سبتمبر إلى الآن بأنها شكلت علامة فارقة في منطقة الجزيرة والخليج في طبيعة العلاقات التي حدثت.
تكامل مرحليي
وأكد رئيس هيئة رعاية اسر الشهداء ومناضلي الثورة أن ما تم الآن من اصطفاف يمثل التكامل المرحلي للثورة السبتمبرية والشعب اليمني وصل الى قناعة انه لن ينجر وراء الدعوات التي تطلقها بعض الفئات والأحزاب لتحقيق مصالح سياسية ضيقة وكل يوم يزداد الاصطفاف الوطني وقناعة الشعب بالاتجاه نحو السلام والحوار وبناء الدولة المدنية الحديثة بعيدا عن اصطناع الازمات فالشعب اليوم اصبح واعي ويدرك تمام مصالحه وليس لأحد الحق ان ينصب نفسه واليا عليه .
الدفاع عن الثورة
رغم تكالب أعداء الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وتأمرهم عليهما إلا إن الشعب اليمني اثبت جدارته وقدرته على إدارة الأزمات والدفاع عن حقوقه المكتسبة والوطنية وبفضل الدعم والتلاحم الشعبي استطاع الشعب اليمني أن ينتصر على الحكم الامامي حتى تم القضاء على فلول الملكيين ومرتزقتهم الذين حاصروا صنعاء سبعين يوما.. فقد كان الجميع في صنعاء (جيشاٍ ومقاومة شعبية ومتطوعين ورجالاٍ ونساءٍ وشباباٍ وأطفالاٍ) قلباٍ واحداٍ وصفاٍ واحداٍ مدافعين عن صنعاء عاصمة الثورة والجمهورية وتحمل الشعب الصامد في صنعاء بصبر وثبات الكثير من التحديات والأزمات .. كما هبت جماهير الشعب في شطري الوطن هبة رجل واحد لفك الحصار المضروب على العاصمة وتقاطرت أعدادا كبيرة من المحافظات الجنوبية للانخراط في الجهد الحربي وفي المقاومة الشعبية التي كانت توجه لفتح طريق صنعاء – تعز ثم اتجهوا إلى الحديدة وشاركوا في الجهد النضالي الشعبي لفتح طريق الحديدة – صنعاء حتى أرست الثورة السبتمبرية دعائم بقائها فأشرقت نور الحرية على ربوع اليمن . بفضل التلاحم الشعبي في تلك الملحمة العظيمة أبلغ معاني الوحدة الوطنية لأبناء الشعب اليمني من مختلف مناطقه وشرائحه ليشكلوا بذلك التلاحم الكبير صمام أمان الثورة وحاضر ومستقبل اليمن الجديد وأشرقت نور الحرية على ربوع اليمن .
الشعب ينتصر للثورة
ويذكر المناضل سنان أبو لحوم في كتابه « اليمن.. حقائق ووثائق عشتها» أن أبناء اليمن اشتركوا جميعٍا شماله وجنوبه في الإسهام لتفجير ثورة الـ26 من سبتمبر والدفاع عنها في مختلف معارك وجبهات القتال حتى انتصرت الثورة اليمنية بمساندة وتلاحم جميع أبناء الشعب إلى جانب أبناء القوات المسلحة.
وتطرق المناضل أبو لحوم إلى دور المناضلين الذين توافدوا من مختلف محافظات اليمن لمواجهة الملكيين الذين جاؤوا من عدن وتعز وإب كانت لديهم دوافع وطنية خالصة ولكن ينقصهم التدريب على السلاح.. إذ كانوا يرسلون إلى المعركة بدون معرفة بالمناطق ويواجهون بمقاومة قبائل لديها خبرة في أرحب أو خولان أو غيرها واشتغلت القبائل الملكية بنهب الواصلين وتكررت العمليات مرات عدة.
الثورة الام
لقد أخذ اليمنيون على عاتقهم مهمة الدفاع عن الثورة واتجهوا نحو الاستقلال من المحتل الغاشم وتحقيق الاصطفاف الوطني في حماية وتحقيق أهداف الثورة اليمنية بكافة أطيافها بعد ان مثلت الشرارة الأولى لثورة 26 سبتمبر التي اندلعت في شمال اليمن آنذاك وشارك فيها كل أبناء اليمن من شمال الوطن وجنوبه بداية العهد الجديد في التحرير من الحكم الامامي في الشمال والاستعمار البريطاني في الجنوب فقد كانت الثورات اليمنية ثورات متعاقبة فقد ثار أبناء اليمن في شمال الوطن وفي الجنوب واجتمع الكل على هدف واحد لتفجير الثورة الأم وعلى ذلك الأساس استطاعوا الانطلاق من خلال 26سبتمبر الثورة الأم لتحرير جنوب الوطن الذي كان في تلك الفترة يرزح تحت الاستعمار ومن خلال شمال الوطن أسسوا أرضية صلبة لينطلقوا من خلالها.
ملحمة نضالية
ويذكر العديد من المناضلين أن ثورة 26 سبتمبر شكلت الظرف الموضوعي لقيام ثورة 14 أكتوبر فما سطره الأحرار في جنوب اليمن مع إخوانهم المناضلين في شمال الوطن أسطورة وملحمة نضالية كما امتزجت دماؤهم في جبال صرواح وحجة وصعدة للدفاع عن ثورة سبتمبر والنظام الجمهوري فيما التحق الكثير من أبناء شمال الوطن بالثورة المسلحة في الجنوب واستشهد الكثير منهم حتى تم طرد الاحتلال البريطاني في جنوب الوطن آنذاك وانتصرت الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين بفضل التلاحم والاصطفاف الشعبي بين أبناء اليمن في الشمال والجنوب. وانتقلت الأوضاع اليمنية إلى مراحل متطورة من السياسة والثقافة والتعليم والحياة الاجتماعية .فثورة 26 سبتمبر كانت فاتحة خير لثورة 14 أكتوبر 1963 المجيدة بمعنى أن هناك تلاحماٍ قوياٍ واندماجاٍ كاملاٍ فيما يتعلق بأهداف الثورة اليمنية منذ لحظتها الأولى, إلى جانب الحلم اليمني سواء في إيجاد النظام الواحد أو قضية الوحدة والديمقراطية والحرية والتي كانت مسعى حثيثا للثوار اليمنيين, وهي الأهداف التي ضحى من أجلها أولئك الشهداء والأبطال والمناضلون ومعهم الكثير من أبناء شعبنا.
مرحلة دقيقة
ويأتي الاحتفال هذا العام بالعيد الثاني والخمسين لثورة 26 سبتمبر الباسلة والوطن اليمني يمر بمرحلة دقيقة وحساسة تستدعي الاصطفاف الوطني لجميع أبناء اليمن بمختلف توجهاتهم وشرائحهم من اجل الوصول إلى حلول لما يمر به اليمن من ازمة وتحفظ كيانه وآمنه واستقراره وتكاتف الجهود المختلفة لبناء اليمن الجديد, يمن النظام والقانون , يمن العدل والمساواة , يمن النهضة الاقتصادية, ولن يتحقق ذلك إلا بالتلاحم والاصطفاف من اجل الوصول الى تحقيق الأهداف والالتزام بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافقت عليها كافة القوى السياسية .

قد يعجبك ايضا