مطهر الأشموري

مفاضلة «ترامب» بين الفضاء وغزة!!

 

 

ها هو ترامب يؤكد أن كل الشعارات التي استعملها الاستعمار الأوروبي الأمريكي ومنذ الحرب العالمية الثانية عن الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل وغيرها -كلها- شعارات كاذبة ومخادعة لتبقي على الاستعمار بل وتجدد وتعيد هذا الاستعمار..
هكذا وبكل وقاحة وصلف يتحدث ترامب باسم أمريكا عن تهجير الشعب الفلسطيني من غزة بل ويؤكد أن أمريكا ستتولى غزة وتحولها إلى مناطق للشاليهات ونحو ذلك..
هذا الاستعمار الذي تتبناه أمريكا «ترامب» هو امتداد و تجديد للاستعمار الغربي ولا يفرق عنه إلا في قدرات الفتك والقتل و الدمار و التدمير..
طبيعي في منطقتنا أن نركز على التواطؤ و الخذلان وحتى التآمر من الأنظمة العربية وربطاً بذلك خذلان الدول الإسلامية..
و التركيز على هذه المحورية لا يجعلنا نهتم بصورة وجوهر أمريكا و ليس بما يلمع بها واجهتها من شعارات كاذبة مخادعة..
لنا افتراض أن فلسطين في هذا العالم ليست دولة عربية ولا إسلامية فإنه لا أحد يتوقع أو يتصور هذا الطرح الأمريكي «الترامبي» وفي القرن الواحد والعشرين، لأن الشائع في العالم هو أن الاستعمار ولى وانتهى و إلى غير رجعة..
أمريكا تؤكد للعالم وليس فقط للشعب الفلسطيني بأن الاستعمار ظل يمارس الاستعمال و هذا التفعيل هو ما كان يتطلب المخادعة في مجمل وواجهة الاستعمال و هو الأشنع من الاستعمار.. ولهذا فأمريكا حين تريد وحين تضطر تعود إلى أفعال و تفعيل الاستعمار المباشر بإجرام أكبر وبدمار أوسع و أشمل..
ومن الواضح أن ترامب يتعامل مع الأنظمة العربية ـ بعضها وربما معظمها ـ باستعلاء وغطرسة استعمار لا تراعي سيادة ولا استقلالية وإن شكلياً.. ولذلك فمجمل تصرفات وقرارات المعتوه ترامب أكدت أن أمريكا استعمارية وأبشع من أي استعمار في التاريخ البشري..
ولهذا فإن طوفان الأقصى وحرب الإبادة الجماعية على غزة لم تعر فقط الكيان الصهيوني أمام العالم بل عرت أمريكا بنفس القدر..
ربما الفرق أو الفارق الأهم تاريخياً هو أن كل العالم بات معيناً بمواجهة الاستعمار الأمريكي و بما يحدث في التاريخ..
لم يعد الشعب الفلسطيني ولا الأنظمة العربية والإسلامية بكل ما في واقعها هي المعنية فقط بل العالم لأن تحقيق ما تريد أمريكا ترامب هو بمثابة هزيمة وانهزام لكل العالم..
الشعب الفلسطيني حتى لو لم يناصره وينتصر له العالم- بما في ذلك العربي الإسلامي- فإنه سيظل المتمسك المتثبت المتجذر في أرضه يقاوم ويقاتل حتى لو أُفني، وبالتالي فإنه على ترامب أن لا يظل يهدد الدول التي يريدها أن تستقبل المهجرين الفلسطينيين و ليدفع بجيشه وأحدث و أفتك الأسلحة لديه إلى غزة..
نحن نراهن فقط على أن الشعب الفلسطيني ذاته لم ولن يقبل التهجير لأنه بات يرى الموت وحتى الفناء هو الأشرف له وهو الأفضلية من تقبل تهجير جديد، ويفترض أن أمريكا وترامب قد فهما واستوعبا هذا من كل ما جرى تجاه غزة حتى الآن..
إذا بات ترامب يسير في هذه القرارات الجنونية والتصريحات المجنونة لترهيب وإرهاب العالم فهو مخطئ لأن العالم لم يعد يتحمّل هيمنة الغرب لأكثر من 500 سنة..
بغض النظر عن الموقف العالمي في حرب جديدة على غزة كما أعلن «ترامب» فالعالم بات في ضرورة حيوية وجودية لمواجهة أمريكا لأنها هي التي كانت و باتت الاستعمار الغربي وليست فقط مجرد امتداد..
لقد هدد ترامب بردع روسيا والصين من خلال حرب فضاء ولعل ذلك أفضل لتجنب الأرض شر وإجرام أمريكا حتى يتم الحسم في الفضاء، لكنه سرعان ما عاد لحروب الأرض ويهدد بحرب على غزة لنقول له شن حربك على غزة كما تريد ولا تحتاج تهديد مصر والأردن أو غيرهما لأننا ببساطة تشبعنا و مللنا وسئمنا أقوال و تصريحات ترامب ونريد أفعالاً في حرب فضاء أو حتى حرب غزة إن كنت تراها الأسهل لك!!.

قد يعجبك ايضا