الموناليزا الأفغانية


صفوان الشويطر –
شربات جولا هو اسم الفتاة الأفغانية صاحبة الصورة التي نالت انتشارا عالميا جعلها من أشهر الصور الفوتوغرافية في العالم.
البريق اللافت في العينين الخضراوين والحالة الرثة البادية على ملامحها وملابسها يعكسان مفارقة شبيهة بلوحة الموناليزا حيث السيدة مادونا ليزا تحاول رسم ابتسامة على شفتيها أمام دافنشي بينما تخفي في داخلها حزنا عميقا أعطى لابتسامتها جاذبية خالدة وفي هذه الصورة –كمقارنة موازية للموناليزا- يظهر البؤس على الفتاة بينما تحمل عيناها ثباتا حادا وحماسا شديدا .القصة المثيرة التي تستند عليها الصورة أعطتها بعدا اكبر.
الصورة التقطها المصور ستيف ماكوري عام 84م ونشرت في مجلة «ناشيونال جيوجرافيك «الأميركية عام 85م أثناء الغزو السوفيتي لأفغانستان كانت شربات ذات الاثني عشر ربيعا تعيش في مخيم للاجئين على الحدود الأفغانية – الباكستانية مع جدتها وأخواتها بعد مقتل والديها في غارة جوية سوفيتية . أثناء زيارته للمخيم لفتت شربات انتباه ماكوري فالتقط لها الصورة ونشرها لاحقا تحت اسم «الفتاة الأفغانية «في «ناشيونال جيوجرافيك « وظل الاسم الحقيقي للفتاة مجهولا حتى عام 2002م حين قررت «ناشيونال جيوجرافيك «إرسال فريق عمل برفقة ماكوري للكشف عن اسم الفتاة بعد 17 عاما من تاريخ التقاط الصورة.
وبعد عملية بحث مضنية تم الوصول إلى شربات التي كانت قد تزوجت وانتقلت للعيش في إحدى القرى البعيدة عن المخيم الذي كانت تعيش فيه. حينذاك استعادت الصورة ظهورها وهي تختزل فنيا ومضمونيا مصير وحياة إنسانة واجهت الكثير من الأقدار العنيفة.
القصة تحمل مضمونا إنسانيا عميقا يظهر مدى بشاعة الحروب وحجم البؤس الذي تخلفه في الشعوب, وبرغم أن التركيز الغربي على أفغانستان له مقاصده التي لا تخلو من أهداف سياسية إلا أن الصورة وقصة البحث عن صاحبتها تعكس هما إنسانيا يتجاوز كل الاختلافات.. الهم الذي تنطق به نظرات شربات التي تتضمن أكثر من قراءة وتبوح بكثير من الدلالات.

قد يعجبك ايضا