أحداث عمران الأخيرة والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والمواجهات المسلحة في أكثر من قطر عربي, كل تلك التداعيات ألقى بظلالها على الأطفال وسلوكياتهم وطرق احتفالهم بالعيد لهذا العام فلا تكاد تخلو منطقة ولا حارة من الأطفال المسلحين بألعاب المسدسات والرشاشات والتي أصبحت متاحة لهم وتباع في كل مكان .
محاكاة
طغت ألعاب “السلاح” ومحاكاة المعارك والحروب الدائرة على ألعاب الأطفال في أمانة العاصمة صنعاء وغيرها من المدن اليمنية منذ اليوم الأول لعيد الفطر المبارك. وانتشرت أنواع عديدة من ألعاب المسدسات والآليات والرشاشات بين الصغار وباتت شوارع الحارات والأزقة ساحة للمواجهات ومسرحا للكر والفر بين الفرق التجارية في محاكاة للأحداث الجارية على الساحتين الوطنية والإقليمية.
وبالفعل فإن هذه “الأسلحة” لها ذخائر تباع معها بأسعار مقبولة وفي متناول الصغار مما جعل هذه الألعاب الخطرة تنتشر بصورة كبيرة.
مخاطر جمة
تقوم استراتيجية هذه الألعاب العنيفة على توجيه كل طفل سلاحه إلى الآخر وإطلاق الرصاصات البلاستيكية صوبه”, وهو ما ينطوي على مخاطر عديدة على سلامة الصغار.
وتوضح أم حنان وهي من أبناء حي نقم بأمانة العاصمة بأن ابنها علي ذا التسعة أعوام أصيب بطلقة مطاطية من لعبة “رشاش آلي” عندما وجهها إليه ابن عمه الذي يقاربه في العمر.
وتضيف هذه الأم – وهي معلمة في إحدى مدارس العاصمة – بأن الطلقة أصابت ابنها في أسفل عينه اليمنى مما أدى إلى تورمها, وتشير إلى أن العناية الإلهية وقفت إلى جانب صغيرها عندما ابتعدت الطلقة قليلا عن إصابة قرنية العين والتي كانت ربما تسبب له أذى كبيرا.
وبالتأكيد فإن الطفل على ليس الضحية الوحيد لهذه الألعاب الخطرة فهناك أعداد ليست بالقليلة من الأطفال ممن أصيبوا بإصابات مختلفة.
أخطاء فادحة
يعتبر صمت الأسرة عن اقتناء أولادها للألعاب التي تنطوي على العنف من الأخطاء الفادحة التي يقع فيها الكثيرون.
ويقول الدكتور حمير الحيمي – وهو أخصائي بطب الأطفال – بأن كثيراٍ من أولياء الأمور وخصوصا من الآباء لا يكتفون بغض الطرف عن شراء أبنائهم لهذه الألعاب الخطرة بل منهم من يعمل على تشجيع صغاره على اقتنائها وممارستها.
ويضيف بأن العديد من الأطفال يصبحون عرضة لمخاطر عديدة جراء قيامهم بالألعاب الخطيرة حيث يصاب عدد منهم بإصابات جسدية مباشرة, ناهيك عن الآثار النفسية التي تخلفها مثل هذه الممارسات على حاضر ومستقبل الأطفال.
ويشير إلى أن قيام الصغار بهذه الألعاب يولد لديهم نزعات للعنف والذي قد يتحول مستقبلا إلى سلوك ضار بالمجتمع وأمنه وسلامته.
ويربط الدكتور الحيمي – وهو طبيب بمستشفى الثورة العام – بين ظهور هذه الألعاب وبين أحداث العنف والاحتجاجات التي تشهدها الساحة الوطنية والاقليمية, ناهيك عن التأثير المباشر لما يعرض على شاشات التلفاز من مشاهد للعنف والقتل.
ويؤكد على دور الأسرة في التوعية وإرشاد أبنائها بمخاطر ممارسة هذه الألعاب.
دراسات علمية
الآثار المترتبة على ممارسة الصغار لألعاب العنف لا تتوقف عند الأخطار المباشرة التي قد تحيط بهم بل تصل إلى تهديدات مستقبلية.
وتؤكد الدراسات العلمية في هذا الشأن بأن الأطفال الذين يقومون بممارسة ألعاب تنطوي على عنف تزداد لديهم التصرفات العدوانية بنسبة كبيرة مقارنة بأقرانهم ممن يبتعدون عن ألعاب العنف.
وتشير الدراسات إلى أن الأطفال عند ممارستهم لألعاب العنف يزداد عندهم ضغط الدم ويرتفع معدل ضربات القلب أيضا كما تزيد كمية (الأدرينالين) في الدماغ وهي نفس الأشياء التي تحدث للإنسان الطبيعي عندما يجد نفسه في شجار عنيف مع آخرين.
المسئولية الضائعة
وتبقى المسئولية عن انتشار وتوسع ألعاب العنف بين الأطفال بمثابة المسئولية الضائعة, إذ يصعب تحديد طرف معين عن هذه الظاهرة.
وفي الوقت الذي تدافع فيه الشركات المصنعة للألعاب العنيفة بالقول بأن هذه الألعاب لا يوجد لها أي تأثير على سلوكيات الأطفال وإنما تقع مسئولية ذلك على مشاهد العنف التي تعرض على وسائل الإعلام وعلى ما يقوم به السياسيون وأطراف النزاع السياسي والاجتماعي من مواجهات, وهذا التبرير يبدو منطقيا إلى درجة كبيرة, إلا أن المسئولية الأبرز تظل ملقاة على عاتق الأسرة التي عليها أن تبذل كل ما في وسعها لحماية أبنائها من كل المخاطر والسلوكيات الضارة.
وتقول الأخصائية النفسية الدكتورة عبير الصنعاني, وهي طبيبة نفسية في مستشفى 48 النموذجي: إن الطفل يتأثر تأثيرا مباشرا بالإرهاب وبما شاهده من مشاهد العنف أمامه, فكل الأحداث التي مرت أمام أعين الأطفال جعلت الكثير منهم يقلد ويحاكي العنف الذي شاهده فتراهم الآن وقت فترة العيد يستمتعون بالألعاب التي تحتوي على المسدسات والرشاشات التي تباع لهم حيث أخذت لعبة الكر والفر النصيب الأكبر بين العاب الأطفال لهذا العام
وللإرهاب الذي يشاهده الطفل انعكاسات نفسية وسلوكية كثيرة على كافة شرائح المجتمع وخصوصا شريحة الأطفال, ويمكن أن نشير إلى أبرز هذه الانعكاسات النفسية على الأطفال العدوانية والقلق والشعور بالإحباط واليأس كما له أيضا العديد من ردود الأفعال الاجتماعية مثل الانسحاب الاجتماعي ضعف الأداء في العمل وفي الأداء المدرسي انخفاض مستوى التواصل والتفاعل مع الآخرين ضعف الثقة بالآخرين والاعتماد الزائد على الآخرين وعلى المستوى الجسدي يتسبب في زيادة مستويات التعب والإرهاق وانخفاض الشهية والوزن الشعور بالصداع وانخفاض جهاز المناعة والإصابة بالأمراض المختلفة وله انعكاسات عديدة على المستوى المعرفي لدى الأطفال منها ضعف التركيز وضعف الذاكرة وضعف القدرة على اتخاذ القرار الاستغراق في الأحلام والأوهام والخيالات وظهور مشاكل في النطق والكلام والرسوب والتأخر الدراسي وضعف في اتخاذ القرار والحيرة والارتباك والتشويش .
حيث أن الأطفال الذين تأثروا بالحروب قد يصابون بأمراض نفسية مثل الخوف وكرب ما بعد الصدمة وأمراض ذهنية, أيضا إصابتهم بعدم التكيف والانخراط بالآخرين .
وبعد أن يكبر الطفل أغلب الأحيان تطرأ عليه مايسمى “الاضطرابات بالشخصية”.
تصرفات غريبة
وتضيف الدكتورة عبير: الآن هناك قنوات تخص الأطفال على حسب قولهم تعلم الطفل العنف بكافة أشكاله, لا ننسى أن الأطفال من عمر أربع سنوات يعتبر مثل الاسفنجة يمتص كل ما حوله ويحاول تقليدها دون معرفة النتائج وذلك بسبب عدم الرقابة والتوجيه من الوالدين لأطفالهم ومراقبة تصرفاتهم كونها طفولية, دون ملاحظة أنها قد تزداد سوءاٍ بحسب قول الوالدين انه طفل صغير لا يعرف شيئاٍ رغم أن الطفل شديد الذكاء بعمر الرابعة وهذا يعتبر نوعاٍ من الإرهاب الطفولي الذي يستمتع به الطفل وهو لا يعلم نتائجه بسبب عدم الرقابة والاختيار الجيد للبرامج يستفيد منها الطفل فكريا وعضليا .
وكثيرا ما نلاحظ الأطفال في الشارع يلعبون بالمسدسات ويوجهونها إلى أقرانهم الصغار وعيونهم تقرع بالعنف ويصبح خيال الطفل كأنه حقيقة, كما نلاحظ أيضا انتشار العنف بشكل عام بين الأطفال, فمثلا يضرب الطفل أخاه أو صديقه ضرباٍ مبرحاٍ حتى تسيل منه الدماء دون أن يحرك ذلك فيه رحمة أو إحساساٍ كل ذلك من أبرز آثار مشاهد العنف والمواجهات التي يشاهدها ويعاصرها الأطفال.