الثورة /يحيى الربيعي
مثلت ثورة 21 سبتمبر نقطة تحول جوهرية في مسار العمل التعاوني والتنمية المستدامة في اليمن. فقد فتحت الثورة الأبواب أمام الشعب للتحرك نحو تحقيق أهداف حيوية تتضمن الأمن الغذائي، توفير الدواء، والملبس، في ظل هذه الثورة، كان التركيز على تعزيز إنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية التي تُعد النواة الأساسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي.
تأسيس الجمعيات التعاونية
بعد الثورة، تم تأسيس 116 جمعية تعاونية، تتضمن 64 جمعية متعددة الأغراض و50 جمعية متخصصة في الحبوب، بالإضافة إلى جمعيتين للثروة الحيوانية والسمكية. بلغ عدد المساهمين في هذه الجمعيات 118,543 مساهماً، يمتلكون إجمالي 159,924 سهماً، برأس مال يقدر بـ 1.6 مليار ريال يمني، تُعتبر هذه الجمعيات كيانات مستقلة تدير شؤون أعضائها، مما يُسهم في تحسين أوضاعهم المعيشية وتعزيز التعاون في تقديم الخدمات وتقليل التكاليف، وبالتالي تحقيق التنمية المستدامة ورفد الاقتصاد الوطني.
دور الاتحاد التعاوني الزراعي
على مسار إعادة التعافي للمؤسسات والهيئات الزراعية، سعت الثورة وتنفيذا لتوجيهات القيادة الثورية والسياسية ساهمت مؤسسة بنيان التنموية بالشراكة مع شركاء التنمية وتحت إشراف اللجنة الزراعية والسمكية العليا في تفعيل الاتحاد التعاوني الزراعي، الذي يسعى لتلبية احتياجات الجمعيات من خلال التدريب والتأهيل لكوادرها الإدارية والتنفيذية. يُركز الاتحاد على البناء المؤسسي وتنظيم الجوانب الداخلية للجمعيات، بما في ذلك الجوانب التنظيمية والمالية والقانونية، بالإضافة إلى التركيز على الجوانب الفنية في الزراعة والثروة الحيوانية.
التدريب وبناء القدرات
حظيت عملية التدريب وبناء القدرات بأهمية خاصة، حيث تم تدريب 741 من الهيئات الإدارية للجمعيات و55 مديراً تنفيذياً و67 محاسباً، كما تم تنظيم الدورات التدريبية وورش العمل لتحسين مهارات الأعضاء وتعزيز التعاون بين الجمعيات الزراعية، ما يزيد من قدرتها على مواجهة التحديات عبر تبادل المعلومات والخبرات.
تحقيق الاكتفاء الذاتي والتمكين الاقتصادي
عمل الاتحاد بالتعاون مع مؤسسة بنيان وشركاء التنمية على تنفيذ مشاريع متعددة تركز على التمكين الاقتصادي وتعزيز الزراعة التعاقدية، بهدف تقليل فاتورة الاستيراد. ففي عام 2021، تم تحقيق خفض في فاتورة استيراد الثوم بقيمة 10 ملايين و500 ألف دولار، من خلال زراعة 11,500 طناً. وفي عام 2023م، تم تخفيض فاتورة استيراد التمور بنسبة 12 %، حيث تم استيراد 47,404 أطنان بتكلفة بلغت 28,442,000 دولار.
المهرجانات الزراعية والشراكات
تساهم المهرجانات الزراعية التي ينظمها الاتحاد بالشراكة، مع الجهات ذات العلاقة، في تسويق منتجات الجمعيات بشكل واسع على تعزيز الشراكة الفعالة مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص لدعم الأنشطة الإنتاجية. كما يقوم الاتحاد بتطوير استراتيجيات فعالة لتحسين مهارات المزارعين، من خلال تنظيم مدارس حقلية وورش عمل ودروس عملية لرفع مستوى المعرفة الزراعية.
نموذج العمل الجماعي
لقد شكلت ثورة 21 سبتمبر محطة فارقة في تفعيل الجمعيات التعاونية في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية. إذ تتعاون مجموعة من فرسان التنمية ورائدات التنمية البالغ عددهم 29 ألف فارس ورائدة تنمية تم تدريبهم وتأهيلهم على أساسيات العمل التطوعي والمبادرات المجتمعية في مختلف المجالات الخدمية والصحية والصحة الحيوانية والبحوث والإرشاد والإعلام الزراعي والهندسة والري والمحاسبة والمحاماة وضباط الإقراض.
ويسهم الفرسان في مساندة الجمعيات التعاونية في تفعيل المشاركة المجتمعية في التنمية وتحفيزها وحشد المتاح من الجهود والإمكانيات لتلبية احتياجات المجتمعات المحلية في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما يسهم في رفع قدرات المجتمعات على تنظيم وإدارة وتحسين شؤون حياتهم اليومية، والتوسع في زيادة فرص العمل والحد من الفقر من خلال دعم وتشجيع المشاريع الصغيرة والأصغر والأسر المنتجة.
تركيز على الأولويات الثلاث
يسعى الاتحاد التعاوني الزراعي بالتنسيق مع شركاء التنمية، إلى تكوين نموذج يحتذى به في العمل الجماعي، ويعزى نجاحه إلى اهتمام القيادة الثورية والسياسية بأهمية ترسيخ العمل التعاوني لمواجهة التحديات، وذلك من خلال التركيز على ثلاث أولويات رئيسة: الغذاء، والدواء، والملبس. كما تم الاهتمام بشكل خاص بإنشاء الجمعيات التعاونية الزراعية باعتبارها حاضنة للمزارعين، مما يعزز من فعالية الزراعة وتحسين الإنتاج، وخلق قنوات تواصل فعالة بين الجمعيات والمجتمع المحلي والجهات الرسمية.
نجاحات الزراعة التعاقدية
أخيراً، حققت الجمعيات التعاونية نجاحًا ملحوظًا في الزراعة التعاقدية من خلال توقيع عدد من الاتفاقيات مع التجار والشركات في عدة سلاسل منها القمح والثوم والتمور والبقوليات والذرة الشامية، وقد ساهم ذلك في ضمان نجاح جزئي لتسويق تلك المنتجات الزراعية.