يكتبها اليوم / أحمد يحيى الديلمي

العدوان وخيانة النُخب السياسية العربية

 

بغض النظر عن مواقف الأنظمة العربية المخزية والهجينة إلى حد الوقاحة تجاه قضية العرب الأولى فلسطين الجريحة، نتحدث عن المواقف الأكثر خذلاناً وانبطاحاً واستسلاماً للآخر من قبل القوى السياسية في الوطن العربي، وعلى وجه الخصوص الأحزاب والجماعات اليسارية بتوجهاتها الأممية والقومية والمنظومة التي تعمل تحت يافطة الإسلام السياسي، وفي المقدمة جماعة الإخوان المسلمين بكل تفرعاتها ومنها حماس التي خذلتها هذه الجماعات وأصبح العدو الصهيوني يتفرد بها ويخوض ضدها حرب إبادة شاملة.
هذه الجماعات التي تتلطى بالدين لا تحرك ساكناً، أوقفت حتى الحديث عن الكيان الصهيوني وأعماله القبيحة حتى في المساجد، بعد أن ظلت ردحاً من الزمن تتحدث عن مظلومية الشعب الفلسطيني ولم تتردد عن فتح باب التبرعات التي ذهبت أدراج الرياح ولم يصل منها إلى الفلسطينيين شيء، وكذلك القوى اليسارية التي ظلت تتحدث عن الإمبريالية الرجعية عقوداً من الزمن، طالما راهنت على دورها في نصرة الشعب الفلسطيني والعمل على سحق القوى الرجعية والإمبريالية في كل مكان، وها هي اليوم تسرح وتمرح في أحضان هذه الرجعية بل وتتقاضى الرواتب منها، قد نسمعها بين الحين والآخر تتحدث عن الثورات والمواقف المماثلة فقط من أجل الاستفادة منها واستمالة عواطف الناس لمزيد من الكسب وأخذ الأموال تحت يافطة دعم الشعب الفلسطيني «إنا لله وإنا إليه راجعون «، كيف نتعاطى مع هذه النخب السياسية والثقافية؟! وأنى للمواطن المغلوب على أمره أن يتحمل مثل هذه النزعات الشيطانية التي لا تتوانى عن الاستفادة من كل شيء حتى المبادئ والقيم والأخلاق.
في هذا المضمار نجد المقاومة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية تناضلان وحدهما في الميدان وتتحملان الضربات تلو الضربات من العدو الصهيوني الغادر، والعالم العربي والإسلامي بالكامل يتفرجون عليهم ولا يحركون ساكناً باستثناء بعض الإدانات وعمليات الشجب والاستنكار اليتيمة، بل إن بعض هذه القوى لا تكتفي بالصمت والخذلان، لكنها توجه الاتهامات إلى إيران وتطالبها بالنصرة وتحاول أن تخذل المناصرين من أبناء العرب، كما يحدث مع أنصار الله في اليمن والحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان، فهم في نظر هؤلاء مجرد باحثين عن مواقع متقدمة في مسار العمل السياسي العربي.
إنها مصيبة فعلاً أن يصل الحال بالمثقفين العرب والمسلمين إلى هذا المستوى من الانبطاح والتدني والخذلان، بما يؤكد أن النفوس باتت مسحوقة وغير قادرة على التعاطي بإيجابية مع القضايا الأساسية للأمة، والاستمرار في الانبطاح لأمريكا وبريطانيا أهم دولتين ترعيان الكيان الصهيوني وتدعمانه بكل الوسائل حتى في حربه الحالية ضد حماس في غزة وضد حزب الله في لبنان وأنصار الله في اليمن، والعالم كله يتفرج ولا ناصر لهم إلا الله سبحانه وتعالى وهو القادر على الانتصار لهذه القوى الحية في الأمة وتأييدها.
كم يحُز في النفس أن نجد رجلاً ماركسياً أو إخوانياً يتندر على إيران ويتهمها بالتخاذل والتراجع عن نصرة الحلفاء، والقول بأنها قذفت بحلفائها إلى واجهة اللهب المحرق وكله زوراً وبهتاناً، وهي التي مدت هذه القوى بالأسلحة والمال بعد أن خمدت نارها وخذلها أبناء جلدتها، ألستم معي بأن الحالة مزرية؟!! وأن الخيانة قد استشرت وبلغت مبلغاً فضيعاً في دماء هؤلاء وجعلهم يتنكرون حتى لأهم المبادئ التي طالما تحدثوا عنها إلى حد المزايدة على الآخرين وقذفهم بالتهم الباطلة، بينما الخيانة والعمالة أصبحت اليوم واضحة لكل ذي بصيرة، ولو أنهم سكتوا فقط لكان خيراً لهم، لكنهم يتمادون في خدمة الكيان الصهيوني، يا لها من مأساة ويا لهم من عرب!! باعوا كل شيء حتى ذواتهم في سبيل الحياة المدنسة والبقاء غير السوي في الحياة وإن شاء الله ستسود وجوههم يوم النصر العظيم، يوم أن يتزحزح هذا الكيان الصهيوني الغاصب عن أرض فلسطين وتعود اللحمة إلى الكيان الفلسطيني والعربي والإسلامي بشكل عام، وليس ذلك على الله ببعيد، والله من وراء القصد..

قد يعجبك ايضا