شكّل الهجوم اليمني على مدينة تل أبيب “يافا الفلسطينية” المحتلة – باستخدام طائرة ” يافا” المسيرة – حدثًا بالغ الأهمية يحمل دلالاتٍ وتداعياتٍ سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية مُتعددة.
ففي حين مثّل الهجوم تحديًا استراتيجيًا مُباشرًا لِلكيان الصهيوني، فإنه وفي ذات الوقت أظهر عدة حقائق لا يمكن – سواءً لدول الإقليم أو الداعمين الدوليين – تجاهلها عن هذا البلد وما يعتمل فيه من تطور إيجابي في مختلف المجالات.
ولعل أبرز هذه الحقائق هو التطور النوعي للقوات المسلحة اليمنية وقدرتها على الوصول إلى حيث تريد والضرب حيث تريد عندما تريد إذا كان الأمر ضروريا، هذا أولا.
ثانيا.. قدرة اليمن على إدارة الصراع مع أي قوى تسول لها نفسها إما الاعتداء على السيادة اليمنية أو مس القضايا المصيرية للأمة، كما يحدث حاليا في أرض فلسطين المحتلة.
ثالثا.. إن اليمن لا يمكن أن يقف مكتوف اليدين عندما يتعلق الأمر بنصرة الأشقاء والمظلومين ضد قوى الاستكبار والظلم العالمي وأدواتهما الإقليمية .
لقد حققت القوات المسلحة اليمنية في عملية “يافا” اختراقا أمنيا وعسكريا غير مسبوقٍ في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فالعملية تُعدّ رسالة قوية لِـ إسرائيل وَلِـ داعميها، وتؤكد على قدرة القوات اليمنية على مواجهة التهديدات واستخدامها كسلاحٍ في سياق الصراع، كما يُظهر الهجوم إصرار القوات اليمنية على استهداف إسرائيل بصورةٍ مُباشرة، دون الاكتراث بردّ فعلها المُتوقع، حتى تتراجع عن غيها وتوقف عدوانها وحصارها عن غزة.
بلا شك أن الهجوم فاقم التوتر المُستمر في المنطقة، وزاد من حدة الصراع بين اليمن وإسرائيل وداعميها، وهي نتيجة طبيعية للعملية التي تعد – كما أسلفنا – سابقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني. لكن المؤكد أن ثمة ردود فعل دولية متنوعة، أعربت عن القلق من تصاعد التوتر في المنطقة، وضرورة العمل على وقف العنف وصولًا إلى حل سلمي، وهذا يمثل مكسبا جديداً للمقاومة أضافته جبهة اليمن.
أما على صعيد جبهة العدو الداخلية، فقد أثار الهجوم مخاوف شعبيّة في إسرائيل حول قدرة حكومتها على حمايتها من التهديدات الأمنية، وقد تُشكل العملية ضغطًا سياسيًا كبيرًا على الحكومة الإسرائيلية، مُطالبةً إياها بتقديم تنازلات .
قد تُؤثر العملية على الاقتصاد الإسرائيلي: على قطاع السياحة في إسرائيل، وتسبب تراجعاً في عدد السياح خوفًا من مخاطر التوتر الأمني، ويتوقع أن تتكبد إسرائيل خسائر اقتصادية نتيجةً للعملية، مُتعلقةً بالإنفاق الأمنيّ وتَصَرّفَاتِ مُستثمرين محتملين.
كما قد تُؤدي العملية إلى إعادة النظر في مُبادرات السلام في المنطقة، مُضيفةً تحدياتٍ جديدة على المسار المُستقبلي. يُشير الهجوم إلى ضرورة التقييم الدقيق لِـ إسرائيل لِـ استراتيجيتها الأمنية، وِتَطويرِ أدواتها المُتاحة لِمواجهة التهديدات اليمنية المقبلة.
ختامًا.. يُشكّل الهجوم اليمني المُعلن عنه على تل أبيب (يافا) المحتلة، حدثًا مُهمًا في سياق الصراع في المنطقة، مُترجمًا مُتغيراتٍ جديدة على أرض الواقع، أما تطورات الأحداث في قادم الأيام فإن الأوضاع تبقى مفتوحة على كل الاحتمالات، وبلاشك أن الأيام حُبلى بالمفاجآت.. والعرب تقول.. “لكل حاملة تمام”.