مواطنون : يجب وضع حلول وبدائل تحمي الموظفين من بطش بعض ملاك العقارات وجشعهم

الحلول ضعيفة لا ترفع عنهم الظلم : الإيجارات.. كابوس يرهق المواطنين.. والعدوان يعمق معاناتهم

محامون : المشكلة تكمن في عدم وجود إجراءات قانونية تتناسب مع ظروف العدوان والأوضاع الاقتصادية الحالية

مأساة كبيرة يعيشها المستأجرون في العاصمة صنعاء جراء الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تسبب بها العدوان وفاقمتها معضلة انقطاع الرواتب، فبين غياب البديل المناسب وجشع بعض ملاك العقارات أضطر البعض إلى النزوح خارج المدينة بحثا عن مأوى له وأولاده بعد ان تفاقمت المعاناة وضاعف العدوان والحصار حدتها إلى مستويات غير معقولة .
الثورة / مصطفى المنتصر

عبدالله النهاري – أستاذ في مدرسة القديمي منذ 24 عاما ووالد الشهيد محمد عبدالله النهاري الذي استشهد في جبهات القتال يكابد منذ أعوام معاناة التهديد والوعيد بالطرد من المنزل الذي يقطن فيه هو وأسرته في العاصمة، فبعد انقطاع الرواتب بات الأستاذ عبدالله أحد ضحايا هذه الأزمة والحرب العدوانية الشنيعة والتي تهدد سكينته واستقرار أسرته بعد أن تلقى عدة إشعارات بالخروج من المنزل .

معاناة البحث لا تنتهي
الأستاذ عبدالله يقول : تنقلت منذ عام 2017 في أكثر من ثلاثة منازل وآخرها كان هنا في حي الجراف الذي لا استطيع المغادرة منه لقربه من المدرسة التي اعمل فيها وبالرغم انني أسدد إيجارات شهرية الا ان ذلك لا يكفي لمواجهة جشع صاحب المنزل الذي يطلب زيادة في كل عام ولا يكف عن مضايقتي وأسرتي حتى أنني سجنت عدة أيام بسبب رفضي الخروج من المنزل .
النهاري يستغرب أيضا من عدم وجود ضمانات للموظفين والمدرسين الذي باتوا اليوم ضحية لمن اسماهم سماسرة العقارات، والذين لا يكفون عن استغلال معاناة الناس وتحويلها إلى فرصة للجشع والكسب غير المشروع وينافسون بذلك مجرمي الحرب الذين كانوا ولازالوا هم سبب هذا الدمار والمعاناة التي يعيشها المواطنون منذ بدء العدوان السعودي الأمريكي على بلادنا .

لا يوجد لدينا بديل سوى رفع الإيجار
بالمقابل ذهبنا لمتابعة المشهد من الجانب الآخر واستطلعنا رأي صاحب المنزل الذي يقطن فيه الأستاذ عبدالله الذي بدوره أبدى مرونة في التعاطي حول المسألة وبررها بارتفاع الأسعار والأوضاع الاقتصادية وان الخمسين الف ريال إيجار الشقة الذي يدفعها المستأجر لا تكفي حاجته من المصاريف الشهرية له وأسرته المكونة من 12 شخصا .
الأخ يوسف مرشد يقول: أن لدي اثنتي عشرة نسمة وجلهم بنات وانا أعيل كل هذه الأسرة وأسكن معهم في شقة واحدة ولدي شقتان أقوم بتأجيرهما واصرف العائد على أطفالي وأسرتي، والجميع يدرك اليوم كم هي المعاناة صعبة وبحيث ان المائة الألف التي احصل عليها من إيجار الشقق لا تكفي لمصاريف دراسة الأولاد .
ويضيف يوسف : اعمل فوق باص أجرة واسترزق الله يوميا ومع ذلك لا يكفي ذلك لتوفير كل متطلبات المنزل من أكل وشرب وملابس وكهرباء ومصاريف دراسة وجامعة وعندما أردت رفع الإيجار واجهت مشاكل عديدة من قبل المستأجرين الذي رفضوا الزيادة وهم بالحقيقة أحوالهم ليست افضل مني ومع ذلك فنحن في الهواء سواء ولابد من ان يقدم أحدنا تنازلاً للآخر .

صعوبة الحصول على بديل
ويواجه المستأجرون في العاصمة صنعاء صعوبة كبيرة في البحث عن منازل للإيجار تتناسب مع الأوضاع الصعبة التي يعيشونها ولاسيما شريحة الموظفين، نتيجة الحرب العدوانية التي شنتها دول العدوان السعودي الأمريكي على اليمن وتسببت بانقطاع الرواتب ومفاقمة المعاناة الإنسانية المترتبة عن الحرب الاقتصادية الشنعاء التي تمارسها قوى العدوان منذ العام 2015م.
الزميل أبو ماجد عبدالمجيد هو الآخر عانى من هذه المعضلة التي أجبرته إلى اللجوء للقضاء والذي بدوره قام بسجنه في حبس محكمة شمال الأمانة 20 يوما دون أي وجه حق كما يقول سوى انه كان مجبرا على الدفاع عن بيته الذي يسكن فيه قرابة 25 عاما.
أبو ماجد قال: القضية لم تكن تستدعي أخذي عنوة إلى احد سجون المحكمة والقضاء فيها عشرين يوما ناهيك عن الحملة الذي شنت ضدي وأنا لاحول لي ولا قوة أنا وبقية سكان العمارة الذين تفاجأوا برفع الإيجار بنسبة 50 % في الوقت الذي بالكاد نتمكن فيه من توفير الإيجار الشهري والالتزام بتسديده رغم انقطاع المرتبات .
وأضاف : حجم المعضلة التي نعيشها جراء انقطاع الرواتب كبيرة أصبحت لا تطاق في الوقت الذي غاب فيه الدور الملقى على عاتق الحكومة في توفير ضمانات وحلول تخفف من الأعباء التي يواجهها الموظفون جراء هذه الأزمة وهل يعقل ان تكون هذه المعاناة دون حلول أو رادع يضمن للموظفين المبيت بمنازلهم دون ان يتعرضوا لإهانات ومضايقات وجرجرتهم إلى الأقسام والسجون سوى انهم ضحايا هذا العدوان الأرعن.

قانون طوارئ
يقف القانون عاجزاً عن حماية المستأجرين، من بطش ملاك العقار في واحدة من أكثر المشاكل تعقيدا والتي باتت أروقة المحاكم والنيابات تعج بها على مدى أعوام الأمر الذي يدفع بالقضاء و في أحسن الحالات إلى تسوية النزاعات بين الملاك والمستأجرين بطريقة “ودية”، لا توفر للمستأجرين الحماية الكاملة ، وقد تتسبب بسجنهم لأيام واجبارهم عن الخروج عنوة من منازلهم.
بدروه المحامي موسى فاضل يرى أن المحاكم ملزمة بتطبيق نص القانون الذي لا يتعارض مع القاعدة الشرعية التي لاتقيد حرية مالك العقار” المنزل” أن يتصرف بحقه كيف يشاء ومتى يشاء، حيث لا تستطيع المحاكم أن تمنع المؤجر أن يرفع قيمة الإيجار، وكل ما يوفره القانون هو مهلة الإخلاء من قبل المستأجر.
ويضيف موسى أن المشكلة في اليمن تكمن في عدم وجود قانون طوارئ ينظم العلاقات بين المستأجر والمؤجر أثناء الأزمات كالوضع الذي نعيشه الآن كحالة استثنائية والذي يتطلب وجود قانون طوارئ يحمي المستأجر من بطش الملاك ويخفف من حدة المضايقات التي يتعرضون لها .
وأشار إلى أنه من الضروري حل مشكلة النزاعات الحاصلة بين الملاك والمستأجرين، حيث أصبح الوضع بحاجة إلى قانون للطوارئ والذي بدوره يلزم الملاك بعدم رفع الإيجارات، من منطلق قواعد عرفية أخلاقية، تحفظ المستأجرين والملاك حقوقهم، ولا تسمح لأحد بممارسة الابتزاز.

قد يعجبك ايضا