في مواجهة التهديدات الصهيونية باجتياح رفح على الحدود المصرية، تثبت اليمن أنها لن تتراجع عن نصرة أشقائنا في أرض غزة وفلسطين، فإذا كانت المراحل السابقة تشمل حماية البحر الأحمر وباب المندب والبحر العربي والمحيط الهندي، فإن المرحلة الرابعة سيصل مداها إلى البحر الأبيض المتوسط، وبذلك يتم إيقاف الملاحة البحرية عن الكياaن الصهيوني في الموانئ الثلاثة التي يعتمد عليها، وإن كان شركاء وحلفاء الصهاينة من الحلف الصليبي لن يسمحوا بذلك وسيمدونه بكل احتياجاته سواء من خلال الجسور البرية أو الجوية، كما حدث في المرات السابقة.
وإذا كان الخذلان هو الأساس من قبل دول الطوق الأردن ومصر، والاسناد للصهاينة من قبل السعودية والإمارات، فإنه لا يعول على موقف دول مثل المغرب أيضا في ممارسة أي دور لحماية الأشقاء على أرض فلسطين وغزة، بل أن دورها في خدمة الصهاينة لا يقل عن بقية الدول الحليفة إن لم يتفوق عليها بحكم إن من يقفون على سدة الحكم في الكيان الصهيوني، هم من يهود المغرب سواء في السلطة أو المعارضة.
اليمن في مواقفها المبدئية والشجاعة لمساندة مظلومية الأشقاء في أرض غزة وفلسطين، تؤكد صدق القول بالعمل، رغم المخاطر الكبيرة والتحالفات الصهيونية والحلف الصليبي والصهاينة العرب الداعمين للكيان الصهيوني ولا يختلف الأمر كثيرا في الحاضر عنه في الماضي فعندما شعرت مصر بسعي الصهاينة للعدوان في عام 1967م أعلنت إغلاق خليج العقبة وأنها لن تسمح لأي سفينة تحمل العلم الإسرائيلي أو أية سفينة تحمل مواد استراتيجية، ولم تنتظر أمريكا، بل سارعت من فورها على لسان رئيسها –آنذاك- «جونسون» الذي صرح أن الحصار عمل غير مشروع وتهديد خطير للسلام، ولم يقف الأمر عند ذلك الحد، بل صرح قائلا: «إن خليج العقبة ممر مائي دولي» وصرح وزير خارجية بريطانيا بنفس المضمون.
فإذا كانت أمريكا وبريطانيا والحلف الصليبي في الماضي القريب حولوا الهزيمة النكراء التي ألحقها الجيش المصري باليهود عام 1973م إلى نصر بفعل الجسر الجوي الذي مولته أمريكا من خلال العواصم الأوروبية وجزر «الأزروس» كما يؤكد ذلك المؤرخون العسكريون، فقد مدتهم بأحدث المعدات العسكرية والإلكترونية وأحدث أنواع الأسلحة مع الخبراء وهي أسلحة لم تدخل بعد في خدمة القوات الأمريكية ذاتها، وهو ما أدى إلى أن تنقلب الموازين ويتم إيقاف الحرب بسبب ذلك، وعقد مجلس الأمن الدولي جلسة دعا فيها إلى إيقاف الحرب، وقبل الطرفان بذلك، إلا أن جيش الكيان الصهيوني استغل التفوق له فشن الهجمات المتتالية وأباد الجيش المصري المحاصر بارتكاب مجازر جماعية، وتعذيب وحشي حتى استسلم له وهي ذاتها الأساليب التي يمارسها في كل حرب ومواجهة.
أما اليوم فإن غزة تقاوم وتقاتل وحدها لأكثر من سبعة أشهر، والجسور الجوية والبرية والبحرية ترسل المؤن والأسلحة وأفواج المرتزقة والمجرمين للقتال في صفوف الصهاينة على أرض غزة، وتختلف المواقف، فبينما كانت الدول العربية مساندة وداعمة بسوريا ومصر ولبنان في مواجهة الصهاينة أصبحت اليوم تدعم الصهاينة وتؤيد إبادة الأشقاء على أرض غزة وفلسطين وتنفرد اليمن بالمدد والعون للمظلومين والمحاصرين هناك وهو يؤكد أن المواقف المبدئية هي مواقف الرجال الذين لا يخافون في الله لومة لائم، فالمعركة مع الصهاينة وحلفائهم- معركة وجود لا معركة حدود.
إن هذه الحرب (7 أكتوبر) صحيح أن الصهاينة هم رأس الحربة، لكن أمريكا وحلفاءها هم من يحركونها ويديرونها وهم من يتحكمون في كل صغيرة وكبيرة، ولولا ذلك لانهار الكيان الصهيوني وانتهت أساطيره وأسطورته، أما الأنظمة العربية فهي خاضعة ذليلة، تعطي الصهاينة ما يريدون، وأبرز مثال على ذلك التنازل عن القرارات التي تصدر عن مؤتمرات القمة العربية واحدة تلو الأخرى، فمؤتمر الخرطوم لعام 1967م أقر الآتي: (1) وحدة الصف العربي ووحدة العمل الجماعي وتصفية جميع الشوائب .. والالتزام بميثاق التضامن العربي. (2) تضافر الجهود لإزالة آثار العدوان على أساس أن الأراضي المحتلة أراضٍ عربية يقع عبء استردادها على الدول العربية جميعا. (3) العمل على توحيد الجهود في العمل السياسي والدبلوماسي لإزالة آثار العدوان وتأمين انسحاب القوات الإسرائيلية. (4) إمكانية استخدام البترول كسلاح في المعركة، وأيضا دعم الإمداد العسكري لمواجهة كافة الاحتمالات.
ومع توالي القمم العربية وجدنا تخلي كل الدول العربية عن كل هذه القرارات والسعي نحو إقرار التطبيع والاعتراف بإسرائيل ومحاربة المقاومة ودعم الصهاينة ووصل الأمر إلى إعلان أن المقاومة إرهاب ويجب حماية الصهاينة من المقاومة وإيكال الأمر إلى السلطة الوطنية الفلسطينية وهو الأمر الذي يؤكد أن ما تقوم به اليمن اليوم وفي ظل حكومة الإنقاذ وقيادة السيد العلم قائد الثورة والمسيرة القرآنية هو دور يحمي ويدافع عن كرامة الأمة العربية والإسلامية ويعيد لها حقوقها المسلوبة، وينصر مظلومية الأشقاء على أرض الرباط، ومسرى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أولى القبلتين وثالث الحرمين.
ومن هنا فالتصعيد في مرحلته الرابعة يكتسب أهمية كبيرة لخطورة تحركات العدو الذي يمثله الكيان الصهيوني والحلف الصليبي الذي تقوده أمريكا، وأيضا الحلف الصهيوني العربي المطبعون والراغبون في التطبيع ويريدون أن يكون لهم نصيب من كعكة السلام، حتى ولو كان ذلك على حساب دماء وأشلاء الأشقاء على أرض غزة وفلسطين، وaلذلك فإن عملية السلام المزعومة التي يخطط لها ما هي إلا استنزاف للجهود والوقت يوطد فيه الصهاينة أنفسهم في المجتمع الدولي وفقا للاستراتيجية التي يتبعونها ويساعدهم على ذلك الحلف الداعم لهم لكن صحوة ونهضة الشعوب في أقطار الأرض أنهت ذلك التمدد والاتساع حتى داخل أوساط المجتمع الأمريكي والأوروبي الداعم الأكبر للكيان الصهيوني، ويمثل الحراك الطلابي والجماهيري الواسع القوة التي ستعجل بزوال الاحتلال، فدول أمريكا اللاتينية معظمها أصبحت اليوم تدعم القضية الفلسطينية وتدعم تحرير فلسطين والشعوب الإفريقية أيضا لها موقف مشرف وقوي وخاصة دولة جنوب إفريقيا التي قدمت الدعوى ضد الإبادة الجماعية والفصل العنصري، وشعوب أوروبا تحركت وفي آسيا.
واليمن قدمت المواقف المشرفة التي يؤيدها الأحرار في فلسطين والعالم، والمؤسف حقا هو تحرك الدول العربية المطبعة بعكس رغبات وتوجهات الشارع العربي، وتكميمها أفواه الأحرار والزج بهم في السجون إرضاء للصهاينة والحلف الصليبي وهي مرحلة من مراحل الظلم والطغيان، يأتي بعدها الفرج والنصر القريب من الله.