الثورة/ أحمد المالكي
أثبتت استراتيجية الإنفاق التي اعتمدتها فصائل المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام في حركة حماس فاعليتها العسكرية التي أنهكت العدو وأربكت كل حساباته العسكرية، فمنذ الـ7 من أكتوبر 2023م، وبعد عملية طوفان الأقصى والاجتياح العسكري لجيش الاحتلال لقطاع غزة، استطاعت المقاومة أن تفشل كل أهداف الحرب المعلنة على قطاع غزة بما فيها، استرداد أسراه والقضاء على حركة حماس وقياداتها، فكانت الأنفاق المعضلة بل جهنم التي تلتهم آليات العدو وجنوده وضباطه وللشهر السادس على التوالي، وتعد الأنفاق في قطاع غزة أحد العناصر الرئيسية للصمود والتمكين للفلسطينيين في مواجهة الحصار والعدوان الصهيوني، وتمتد هذه الشبكة السرية تحت الأرض على مسافات طويلة، وتعتبر وسيلة حيوية لنقل البضائع والمواد الضرورية وتنفيذ العمليات العسكرية والمقاومة الفاعلة ضد جيش الكيان الغاصب.
عملية حفر الأنفاق وتوسيعها داخل قطاع غزة المحاصَر والمراقَب منذ عقود، شكلت نموذجاً أسطورياً على «صراع الأدمغة» بين المقاومة والاحتلال الإسرائيلي، إنها الأنفاق أو كما يطلق عليها «مترو غزة» و»السلاح الاستراتيجي» لحركة حماس، لأكثر من عقد من الزمان، وأثبتت الأنفاق في غزة أنها أداة حاسمة في ترسانة حماس، إذ مكنت المقاومين من إحباط وهزيمة الجيش الإسرائيلي في أحداث ومواقف عدة وحتى الآن.
توجد ثلاثة أنواع رئيسية من الأنفاق المستخدمة في قطاع غزة، هي حسب تقارير دولية وهي:
الأنفاق الهجومية: وتستخدم لاختراق الحدود وتنفيذ هجمات خلف خطوط قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما تُستخدم أيضاً كمرابض لراجمات الصواريخ ومدافع الهاون، مما يوفر الحماية لوحدات المدفعية من الغارات الجوية ويسمح لها بإطلاق الصواريخ من تحت الأرض.
الأنفاق الدفاعية: تستخدم هذه الأنفاق داخل الأراضي الفلسطينية لإقامة الكمائن ونقل المقاتلين بعيداً عن الرؤية الجوية للطائرات الإسرائيلية والغارات، وتعد هذه الأنفاق وسيلة للتمويه والحماية للمقاتلين وتعزيز قدرتهم على المقاومة.
الأنفاق اللوجستية: تستخدم كمراكز قيادة وسيطرة لإدارة العمليات وتوجيه المقاتلين، يجري استخدامها لإقامة القادة الميدانيين وتخزين الذخائر والعتاد العسكري وتجميع القوات، تحتوي هذه الأنفاق على غرف اتصالات داخلية لتسهيل التواصل بين أفراد المقاومة.
كما تشير بعض التقديرات إلى أن شبكة أنفاق حماس هي الأكبر في العالم بعد شبكة المنشآت التي بنتها كوريا الشمالية تحت الأرض.
وقد نشرت صحيفة «معاريف» تقريرا بهذا الشأن تحت عنوان «جهنم تحت الأرض، والتحدي الهائل للجيش الإسرائيلي، هذا هو عدد الأنفاق في غزة».
ويقول جون سبنسر، رئيس دراسات الحرب المدنية في معهد الحرب الحديثة في الأكاديمية العسكرية الأمريكية وست بوينت، إن حجم «التحدي في غزة مع الأنفاق تحت أرضية فريد من نوعه».
وفي مقال نشره قبل بضعة أيام قال سبنسر، وهو ضابط سابق في الجيش الأمريكي، إن شبكة الأنفاق الكبيرة والمتشعبة تشكل معضلة عصية على الحل، وخطرا يتربص بالقوات البرية الإسرائيلية.
وتشير بعض التقديرات إلى أن شبكة أنفاق غزة تضم ألفا و300 نفق، ويبلغ طولها نحو 500 كيلومتر، وأن عمق بعضها يبلغ 70 مترا تحت سطح الأرض.
ووفقا لبعض التقارير، فإن ارتفاع معظم هذه الأنفاق يصل إلى مترين فقط، في حين يبلغ عرض معظمها مترين أيضا، وبرغم ما يدعيه جيش الكيان من تدمير لبعض الأنفاق إلا أنها مازالت اللغز الذي حير مخابرات وأجهزة الكيان الغاصب، والمخابرات الغربية حتى اللحظة.