المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ خمسة أشهر، تفوق كثيرا ما حدث في كربلاء العراق عام 61 هجرية .. ولا يمكن المقارنة بين المأساتين.
على مدى خمسة أشهر يعيش 2.3 مليون فلسطيني في غزة كل يوم كربلاء .. قتل، تهجير، تجويع وتدمير .
كربلاء العراق ارتكبها جماعة يدعون أنهم مسلمون ، قُتِلً خلالها الإمام الحسين ، وعدد من أقاربه والعشرات من أنصاره، وجرت مأساتها في بضعة أيام .
لكن كربلاءات غزة يرتكبها يهود ضد المسلمين ، قتل فيها حتى الآن 30 ألفا معظمهم أطفال ونساء ، والجرحى يتجاوزون الستين ألفا .
كربلاءات غزة بدأت قبل خمسة اشهر ولا تزال مستمرة .. لا مقارنة بين الحالتين ، فحجم المأساة في غزة يتجاوز مثيلتها في كربلاء العراق بآلاف المرات .
لا يزال أكثر من مليار مسلم يتفرجون على مأساة غزة ، وكأنهم ينتظرون انتهاء حرب الإبادة ليبدأوا اللطم والتطبير .
قدّم الحسين وأهله وأنصاره أرواحهم ليكونوا نموذجاً لنا لمواجهة الظلم والاستكبار ، فاكتفينا بجلد الذات واللطم والتطبير .
سيعمل الإسرائيلي على محو ذكرى كربلاءات غزة ، ولن يسمح لنا حتى بإحيائها باللطم والتطبير أو بتذكرها في لوحة على مطعم في عمان أو مراكش .
لم يعد لحياة العرب والمسلمين قيمة إذا لم يعملوا على إجبار اسرائيل على وقف حرب الإبادة في غزة ، إذا لم يكن ذلك نصرة لأهل غزة ، فنصرة لنا كعرب ، فما يحدث في غزة هو جزء من المشروع الصهيوني .
على طريقة الحسين في كربلاء ، قدمت لنا غزة- بصمودها وتضحياتها- نموذجاً للحياة بكرامة أو الموت .
الفرصة لا تزال سانحة لنصرة غزة ونيل شرف المشاركة في معركتها المقدسة ، لكن الوقت يمر ، والمعركة تاريخية فاصلة لن تتكرر .
مشاركة اليمنيين في المعركة جاءت في الوقت المناسب ، طرقوا الحديد وهو ساخن، قدموا واجبا دينيا وقوميا ونالوا شرفا سيفاخر به الأجيال .
اختيار اليمنيين للتوقيت المناسب جعل الحلف الأمريكي البريطاني في البحر الأحمر يبدو للعالم وكأنه حلف قراصنة ومجرمين . وبدت اليمن هي الأعظم بنبل أهدافها وإنسانيتها .
اختيار التوقيت المناسب للمعركة أحد أسباب النصر ، هكذا نجحت حماس في 7 أكتوبر الماضي ، وهكذا نجح أنصار الله في اليمن .
لقد كان الإسرائيليون والأمريكيون يعرفون مسبقا طبيعة المعركة التي سيخوضونها في غزة وأهدافها ، وكانوا يتوقعون أن العرب والمسلمين لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام حرب الإبادة والتطهير العرقي التي سيخوضونها في غزة بما فيها من جرائم و مجازر غير مسبوقة في تاريخ العالم .
ولذلك حشدت إسرائيل أكبر قوة عسكرية في تاريخها ، واستدعت 360 ألفاً من جنود الاحتياط ، وأرسلت الولايات المتحدة الأساطيل وحاملات الطائرات إلى شرق المتوسط ، وانضم الآلاف من مرتزقة أوروبا إلى جيش الاحتلال لمنع أي قوة عربية إسلامية من التدخل عسكريا لدعم الفلسطينيين في غزة .
بعد أسابيع من الحرب ، شعر الإسرائيليون بالأمان ، وأدركوا أن تقديراتهم لردود فعل العرب والمسلمين كان مبالغاً فيها .
قواعد الاشتباك في الجبهة الشمالية لا تزال ثابتة .
الأجواء في الضفة الغربية “تحت السيطرة “، ولا تمنع زيادة وتيرة الاقتحامات والاعتقالات وإطلاق العنان لعربدة المستوطنين .
هدوء الجولان لا يؤثر على استمرار العربدة الإسرائيلية في الأراضي السورية .
النفط العربي يتدفق كالعادة ، وملفات التطبيع مفتوحة على مصراعيها .
لم يكن بايدن ونتنياهو يتوقعان أن الأنظمة العربية والإسلامية بهذا الانبطاح والبرود، فبعد أسابيع من حرب الإبادة ، شعر الإسرائيليون والأمريكيون بالأمان . سرّح جيش العدو عشرات الاف جنود الاحتياط ، ونقلت الولايات المتحدة عدداً من قطعها البحرية من البحر المتوسط والخليج إلى محيط باب المندب، بما في ذلك حاملة الطائرات ايزنهاور لمواجهة اليمنيين ، ومع ذلك لم يحصدوا سوى الخيبات المتلاحقة.
وبحسب اعتراف مسؤول وقح في البنتاجون “ عملياتنا لم تؤثر على اليمنيين، ورغم كثافة عملياتنا يرفعون الاصبع الوسطى في وجوهنا «.
يبدو أن أصابع اليمنيين تشابهت على الجنرال الأمريكي مثلما تشابهت البقر على اليهود، ولم يفرق بين السبابة التي لم ترتفع من على الزناد ، والوسطى التي تخيلها، وكل إناء بما فيه ينضح .
aassayed@gmail.com