الثورة/ احمد السعيدي
قبل أكثر من ربع قرن أطلق الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، المشروع القرآني كمشروع توعوي لبناء الأمة على أساس من الثقافة القرآنية، وعملي يجعلها جديرة بمواجهة أعدائها وتحذيرها من خطر المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة، ومنذ ذلك الحين تكالبت عليه قوى الخارج والداخل حتى سقط شهيداً، إلا أن مشروعه الحق عاش وانتشر، وفي الواقع الراهن تكشفت الحقائق وتجسد كل ما حذر منه وتنبأ به الشهيد وفي كل ذكرى لاستشهاده تمر، يزداد المشروع قوة ويصل إلى مدى أبعد ويحمل تأثيراً أكبر في تاريخ الإسلام والمسلمين.علماء في رابطة علماء اليمن تحدثوا للثورة عن مشروع الشهيد القائد وأثره على الواقع اليوم…
الثورة/ أحمد السعيدي
في البداية تحدث العلامة عبدالله العزي بالقول: إن الكلام عن سيرة ومسيرة الشهيد القائد السيد حسين بدرالدين الحوثي طويل، فإذا أتى الكلام عنه كعلم من دعاة الهدى فإنه يتطلب التدرج الذي سار عليه في الدعوة إلى المشروع بشتى وسائل الحكمة والموعظة الحسنة، فالمتأمل لملازم الهداية يجد أن كل موضوع منها مرتبط ارتباطا وثيقا سواء في سياق الملزمة الواحدة أو في سياق الملازم المتفرقة، ولما كانت كذلك فإن الأعداء يعملون على تقديم دعوته وهديه، منفصلا عن بعضه البعض ليتمكنوا من تشويهه بغية الصد عن الاستفادة منه، وهذا من وجهة نظري من أخطر الأشياء التي يجب التنبه لها، فضلا عن سعيهم- أي الأعداء- إلى اتهامه بتهم تخالف الواقع والحقيقة، ولذلك فإن الواجب علينا مواجهة التشويه والتزييف والاتهامات التي يعمل عليها أعداء الإسلام من داخل الإسلام فضلا عن أعداء الإسلام من خارجه بشتى الوسائل لكي نسهم في إيصال الهدي المحمدي الأصيل إلى كل إنسان في هذه الأرض، ومن المعروف تاريخيا أن معركة التشويه لكل دعاة الهدى والحق من آل محمد عليهم السلام ومن معهم لم تكن وليدة اليوم بل كانت من عهد الإمام علي عليه السلام، ولأن الأعداء على مر التاريخ يتحكمون في المال والإعلام والسلطة نجد أن بعض التشويهات قد أصبحت أشبه ما تكون بالحقائق الثابتة ولذلك نجد سماحة السيد القائد عبدالملك الحوثي يدعو دائما في أغلب محاضراته إلى ضرورة الوعي الرشيد الذي يحصِّن الإنسان من تقلبات أصحاب الباطل والوعي، هذه هي البصيرة التي دعا إليها الإمام الأعظم زيد بن علي عليه السلام في مقولته المشهورة « البصيرة البصيرة ثم الجهاد».
تعظيم شعائر الله
بدوره قال العلامة عدنان الجنيد: «إذا كان الله تعالى قد أمرنا بتعظيم شعائر الله، مثل (البُدُن) المهداة للبيت الحرام، وجعل تعظيمها علامة لتقوى القلوب -لارتباطها بدين الله-، فكيف بأولياء الله وخاصة عباده، الذين كان لهم الأثر الكبير في تغيير الناس، وربطهم بالله وبكتابه، وتحريرهم من عبودية الظالمين؟!! فإنهم من أعظم شعائر الله، وعلامات دينه الحنيف. ولهذا كان الاحتفاء بذكرى استشهاد الشهيد القائد (حسين بن بدر الدين الحوثي) – رضوان الله عليه – تعظيماً لشعائر الله تعالى. ناهيك عن أن ذكراه هذه تعد أيضاً من أيام الله. والتذكيرُ بأيام الله مطلبٌ قرآني، قال تعالى: (وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ).. وأيام الله هي النعم الجسام، والأحداث العظام، والوقائع الفخام. ولا شك أن ثورة الشهيد القائد، ووقوفه ضد الظالمين، واستنهاضه للناس في مواجهة المستكبرين، وإحياءَه للمنهج القرآني العظيم، وتكالبَ المستكبرين عليه وعلى مشروعه القرآني حتى نال الشهادة، كل ذلك يدخل في عموم قوله (أيام الله).. وتذكير الأمة بذكرى استشهاده هو تذكير بالمبادئ العظيمة والقيم الكريمة التي استشهد السيد حسين من أجلها.. فقد كان – رضوان الله عليه – من كبار الصالحين المجاهدين، حيث امتلأ قلبه بالنور والصفاء، واليقين والوفاء، بعد أن رمى حب الدنيا إلى القفا، وأخلص في بيع نفسه من الله تعالى، فقابله الله بالعطاء كان يحمل همَّ أمة، لما فيه من قوة العزيمة وعلو الهمة، مستشعراً المسؤولية في تحركاته الجهادية، غير مبالٍ بكل مصالحه الشخصية، الآنيّة والمستقبلية.. لم يفكر في يوم من الأيام بتأمين مستقبله ومستقبل أولاده، كما يفعل أهل الغفلة وأصحاب الأحلام، الذين ليس لهم هَمٌّ غير ذلك، سواءً كان من حلال أو من حرام.. كان – رضوان الله عليه – هَمَّهُ الوحيد الذي عنه لا يحيد، نصرة المستضعفين، وإسعاد الناس والعباد المؤمنين، وتحريرهم من رق وعبودية الظالمين، أهل الفساد وقلة الدين، وطرد المحتلين الطامعين والمستعمرين؛ ليعُمَّ بعد ذلك الأمن والأمان، وينتشر العدل في عموم البلاد، لتصير جنة بين الجنان. لهذا حريٌّ بنا أن نحتفي بذكرى استشهاده، لنستلهم من جهاده وتحركه القرآني الدروس والعبر، حتى نسير على خطه الجهادي والتنويري ثم كيف لا نحتفي بذكرى هذا القائد العظيم، ونحن نجد المجتمعات الإنسانية في مشارق الأرض ومغاربها تحتفل بذكرى ميلاد أو وفاة زعمائها وقادتها، لا سيما أولئك الذين كان لهم أثرٌ كبيرٌ في تغيير مسارها إلى ما فيه رقيها وسعادتها.. وإذا كان كذلك، فكيف لا نحتفي بذكرى هذا القائد الذي أخرج الشعب اليمني من كهف العمالة والوصاية، إلى فضاء العزة والكرامة، من كهف عبودية الطاغوت، إلى فضاء عبادة رب المُلك والملكوت، من كهف الموالاة للصهاينة والأمريكان، إلى فضاء موالاة الله ورسوله وأهل القرآن..
مشروع لبناء الأمة
بينما تحدث العلامة صالح الخولاني قائلاً: «برز الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بمشروعه القرآني التوعوي والعملي الرامي لبناء أمة جديرة بمواجهة أعدائها والاعتماد على نفسها في شتّى المجالات، في مرحلة كانت الأمة في حالة من التيه الكبير، وبعيدة كل البُعد عن الثقافة القرآنية، ومقيّدة بأنظمة تخدم المشروع الأمريكي المهيمن على معظم دول العالم وعلى وجه الخصوص الدول العربية وأبرزها اليمن التي كانت سياسة نظامها، إبّان حكم علي عبدالله صالح، تنسجم بشكل كبير مع التوجهات الأمريكية، وتحت وصايتها وتخدم مشروعها، حتى وصل الحال إلى أن تتلقى الأوامر والتوجيهات من الإدارة الأمريكية بما يخدم مصالح ومشروع الأخيرة ويضرّ بهوية وثقافة الشعب اليمني وباقتصاد بلده وإضعافه عسكريا والتحكم بجيشه، حيث كان الشهيد القائد يرى أن الأمة في ذلك الحين قد وصلت إلى مرحلة من الانحطاط الكبير، بأن أصبحت بشكل كامل تحت سيطرة أعدائها، بعكس المُراد لها، باستثناء حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، ما دفعه إلى التحرك لانتشالها من وضعيتها تلك، بدءاً من منطقة مرّان بصعدة مقر إقامته، في أواخر القرن العشرين وبدايات القرن الحادي والعشرين، وعمل – كما تحدث السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في فعالية تأبين الشهيد القائد سنة 1434هـ، بالدرجة الأولى – على دعوة الأمة إلى القرآن الكريم، وتعزيز الثقة بالله من خلال القرآن الكريم، أما الصعوبات والتحديات التي واجهت الشهيد القائد بداية اطلاق المشروع القرآني، فلقد واجه الشهيد القائد صعوبات عدّة وتحديات كبيرة قبل وبعد اطلاق المشروع القرآني، على المستوى الثقافي والعسكري، فكان بداية تحركه مليئاً بالمعوقات والتهديدات، إذ كان أي تحرك عملي أو حتى توعوي في مواجهة الهجمة الأمريكية على الأمة ومقارعة استكبارها، يجعل من هذا التحرك هدفاً “مشروعاً” في نظر السلطة العميلة للنيل منه واستئصاله، كون السلطة في ذلك الحين تُعد أداة قمع في يد الإدارة الأمريكية وهذا ما أثبتته الأحداث منذ العام 2004م وما قبله وحتى العام 2009م، خلالها شنّت السلطة بمرحلة حكم علي عبدالله صالح 6 حروب ظالمة على محافظة صعدة بغرض إنهاء هذا المشروع، وبضوء أخضر أمريكي، عندما استشعر الأخير خطورة هذا المشروع عليه، ولم يكن المشروع بالأساس يستهدف النظام بالداخل بل يهدف لإنهاء الهيمنة الأمريكية على الأمة”.