على نحو استثنائي احتشدت الساحات أمس الأول، تأكيداً على مواصلة السير على طريق القدس وتأييدا لمعركة «الفتح الموعود».. وذاك أذان للعالمين بأن الشعب اليمني بدأ يخط أول سطور التاريخ المعاصر لليمن الحديث..
احتشدت وصلّت على الشهداء وارتفع صوت الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني، والتأييد لعمليات القوات المسلحة، في وقت أعلنت فيه القوى الاستعمارية حملتها لقمع الأصوات الحرة، فصّعدت من استهدافاتها لدول المقاومة وقتلت العشرات خلال اسبوع في: سوريا، لبنان، إيران، والعراق، وبالتزامن أطلقت دول التحالف البحري – الذي شكّلته أمريكا لحماية الكيان الصهيوني – وعيدها لتوجيه ضربات ضد اليمن، فيما أكد مجلس الأمن ارتهانه للإدارة الأمريكية بتحميله اليمن تبعات الفوضى التي صنعتها أمريكا والكيان الصهيوني في البحر الأحمر وباب المندب، بسبب تجاوزهما للتحذيرات اليمنية.
تجلت المؤامرة التي يراد من خلالها استعادة الهيمنة على دول العرب والمسلمين، وفي هذه الأجواء يبدو من الطبيعي أن تبرز القوة اليمنية الفتية لتتسلم دفة الدور الريادي في حسم المواجهة مع الكائن الأمريكي.
سبقت واشنطن ذلك بتهيئة الرأي العام العالمي لتصعيد الموقف مع اليمن، دون تقدير للمآلات المحتملة، وهو ربما ما يفسر حرص أمريكا على تشكيل الحلف البحري من دول العالم، لعدم ثقتها في تحقيق أهداف هذه المقامرة والتي ستعني سيطرة وتمكيناً أكبر للقيادة اليمنية على البحر والمضيق اليمني، وهو ما لا يرجونه، وربما ساعتها سيتلاوم الأعداء على ما صارت إليه الأمور، إنما الأكيد أنهم بقيادة رأس الفتنة أمريكا سيتقاسمون معا مسؤولية هذه التبعات.
نحن في ما يبدو على موعد مع مواجهة مصيرية نكون فيها أو لا نكون، ومع هذا التصعيد الذي ارتفع فيه مستوى الشيطنة الأمريكية من المهم أن تخرج المنطقة العربية من قمقم المذلة التي أرادت أنظمتها لهذه الأمة أن ترزح تحت وطأته، وأن تقول كلمتها بأنها أقوى من الوضعية التي يراد لها أن تبقى فيها، فهي على أرضها أدرى بالتفاصيل وقادرة على أن توجه الصفعات إلى هذا القادم من على بُعد آلاف الكيلو مترات من أجل أن يكتُم نفسها ويمنعها عن اتخاذ أي قرار بالمبادرة للدفاع عن السيادة العربية في الأراضي والبحار.
وما يرتسم في الأفق هو عقد زمني لن يكون فيه لأمريكا الصوت النهائي، رغم اعتمادها مبدأ تبرير الوسيلة لأجل الوصول إلى الغاية كيف ما كان، فالاستنفار يعُم عواصم المقاومة، حيث هناك تجد بصمات الإجرام الصهيوأمريكي واضحة، كما الغضب يُلهب الشارع العربي والإسلامي، ولا يبدو من مفر لاسترجاع القدس وكل الأراضي العربية المحتلة، وعلى أمريكا التعاطي بموضوعية مع هذه الحقيقة، والتي لن تعني بأي حال إلغاء وجودها من الخريطة وإنما ستساعدها في ان تكون أكثر إنسانية في التعامل مع باقي الشعوب، وحينها فقط يمكن أن تتكامل المصالح ويعم السلام.
التاريخ – وفي هذه المرحلة تحديدا – يدعو باقي الدول الحرة لأن تقف إلى جانب اليمن، وأن يتوحد الصوت أمام ما سيحمله المبعوث الأمريكي ليندركينج من مقترحات يزعم أن من شأنها تخفيض حدة التوتر.