
أعداد غفيرة من الشباب والخريجين يراكمون شهاداتهم منذ سنوات دون القدرة على النفاذ إلى سوق العمل المحلي الذي يعاني من اختلالات عديدة وانحسار كبير للوظائف المتوفرة في شتى المجالات.
في هكذا وضع لن يكون هناك استقرار اجتماعي واقتصادي وسياسي ولا تنمية وتطور في مجتمع أكثر أعضائه عاطلين عن العمل وشاعرين بالتهميش والإقصاء فالهدف الرئيسي لعملية التنمية الناجحة هو أولٍا وأخيرٍا المواطن إذ هو في الحقيقة الأداة الرئيسية للتنمية وغايتها في نفس الوقت.
ووصلت عدوى الصراعات إلى أهم مفاصل حياتنا اليومية ولهذا تتحدى البطالة التي نكشف عن احدث معدلات ارتفاعها استراتيجية مواجهتها التي أقرتها الحكومة وصادق عليها البرلمان مؤخرا ويسعى أصدقاء اليمن لتبنيها بشكل رسمي والمعروفة باسم “استراتيجية التشغيل” والتي تحتاج بحسب تقديرات رسمية إلى 500مليون دولار.
يكشف تقرير رسمي حصلت “الثورة”تنمية بشرية” على نسخة منه عن ارتفاع معدل البطالة في أوساط الشباب اليمني الى 52.9 % .
و بادرت الحكومة بحسب التقرير إلى توظيف أكثر من 70 ألف حالة جديدة ومع أهمية هذه الخطوة في تحسين الاستقرار الاجتماعي والمعيشي للسكان إلا أنها شكلت عبئاٍ كبيراٍ على الموازنة العامة للدولة”.
ويشير التقرير إلى أنه تم إعداد خطة وطنية لتشغيل الشباب وتسعى الحكومة إلى توسيع القدرة الاستيعابية للبرامج كثيفة العمالة بما يواكب تدفقات المساعدات الخارجية في حين تعول الحكومة للحد من البطالة على التسريع بإتاحة تعهدات المانحين للإنفاق على برامج إعادة إعمار المناطق المتضررة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية.
معدلات
تعد مشكلة البطالة أحد أهم التحديات التي تواجه اليمن خصوصا وانها تتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تبلغ 52.9% في الفئة العمرية 15-24 سنة كما تبلغ نسبة 44.4% في الفئة العمرية 25-59 سنة وتنتشر البطالة بنسبة كبيرة بين المتعلمين حيث تبلغ 25% من العاطلين وهم من يحملون مؤهلات التعليم الثانوي فما فوق.
ويرى أستاذ الإدارة الحديثة بجامعة صنعاء الدكتور احمد الماوري أن معدلات البطالة تتزايد في ظل تزايد أعداد الداخلين الجدد إلى سوق العمل والتي تقدر بحوالي 200 ألف شخص سنويا وبصفة خاصة مع الأحداث التي شهدتها اليمن خلال الأعوام الثلاثة الماضية وانعكاساتها على الاقتصاد الوطني.
ويقول أن اليمن – كغيرها من الدول- التي أخذت باليات السوق وإعادة النظر في دور الدولة ولم تعد هي المشغل الرئيس لكل طالبي العمل إضافة إلى تطبيق برامج الإصلاح المالي والإداري بما تضمنته من خصخصة وتخفيض العمالة وغيرها أدت إلى تزايد ظاهرة البطالة خاصة في ظل الدور المحدود الذي يقوم به القطاع الخاص في التوظيف في ظل بيئة غير آمنة وغير مستقرة.
مقترحات
يضع الدكتور أحمد مجموعة من المقترحات لمواجهة أزمة البطالة والتنفيذ الفاعل لاستراتيجية تشغيل الشباب خصوصا مع توسع هذه الظاهرة ومؤشرات قد تحولها إلى أزمة يصعب التعامل معها.
ويرى أولاٍ ضرورة إجراء مسح وتحليل لواقع ظاهرة البطالة وتوفير معلومات دقيقة عن حجم الظاهرة وخصائص القوى غير العاملة ونوعية المهارات المطلوبة لها لتأهيلها لسوق العمل وأن يتم عمل قاعدة بيانات حديثة ومتجددة باستمرار تعنى بهذا المجال.
ويشير إلى أهمية رسم استراتيجية واضحة المعالم لمواجهة هذه الظاهرة يشارك فيها كل الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص إضافة إلى منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة بالإضافة إلى ضرورة وجود تنسيق فعال بين الجهات التعليمية والجهات المعنية بالتخطيط وبسوق العمل بحيث يتم تحديد المهارات والتخصصات المطلوبة لسوق العمل والعمل على تلبيتها في مخرجات المؤسسات التعليمية والحد من المخرجات غير المطلوبة.
برامج
طبقا لمختصين : لا بد من مراجعة البرامج في المؤسسات التعليمية وأن تخضع لرقابة صارمة من جهات الإشراف والعمل على تطويرها باستمرار بحيث تركز على النوع أكثر من الكم بحيث تضمن تزويد الخريجين بالمهارات اللازمة لسوق العمل.
ويؤكد منسق البرامج بالمؤسسة الوطنية للتدريب عصام النقيب أهمية توفير بيئة استثمارية مشجعة للاستثمار لخلق المزيد من فرص العمل أمام الشباب وهذا يتطلب معالجة الاختلالات الأمنية وإصلاح البنية التحتية وإحداث إصلاحات حقيقية في المجالات الإدارية والمالية والاقتصادية اللازمة.
ويرى أن هناك حاجة فعلية لإنشاء جهة تتولى إرشاد وتوجيه الشباب نحو فرص العمل المتاحة والمستجدات في سوق العمل ومساعدة الشباب على تنمية مهاراتهم.
خطوات
يدعو خبراء الحكومة وشركاء التنمية الدوليين الى مراجعة المخصصات الحالية واتخاذ الخطوات الضرورية لضمان توجيه أموال المساعدات نحو المشاريع التي لها أثر سريع على حياة المواطن وخلق فرص العمل لا سيما للشباب والنساء بحسب مقررات الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
وتقتضي الضرورة التركيز على المشاريع التي لها عائدات استثمارية اجتماعية كبيرة وسريعة وهذا الأمر يتطلب إعطاء الأولوية في التخصيص للمشاريع والأنشطة المدرجة تحت خطة عمل توظيف الشباب التي تم استكمالها مؤخراٍ وخطة عمل توسيع الأمن الغذائي التي مدتها خمس سنوات مع الوضع في الاعتبار الاحتياجات المحلية في مختلف المناطق والتوزيع الجغرافي للمشاريع عند تخصيص التعهدات لبرامج التشغيل.
ويؤكد النقيب أهمية توفر الحوافز أمام الأسر والطلاب من أجل الاستثمار في رأس المال البشري بعبارة أخرى من الأرجح أن تتأثر الحصيلة التعليمية بشكل أكبر بالطلب على القوى العاملة أو التوقعات ذات الصلة أكثر من تأثرها بعرض الفرص التعليمية كما يقول منسق البرامج في المؤسسة الوطنية للتدريب حيث تستند المعايير الحالية على القرابة والمعرفة أكثر منه على الجدارة بالإضافة إلى عدم خضوع عملية التوظيف إلى ضرورة تطوير حرفية الوظيفة العامة بل تْعتبر وسيلة لاستيعاب العدد المتنامي من الباحثين عن عمل.