عندما كان الشهيد القائد السيد حسين – عليه سلام الله ورضوانه – مُحاصرا هو وعدد من رجاله لا يتجاوزوا عدد أصابع اليدين، في كهف بمنطقة مران في محافظة صعدة في الحرب الأولى عام ٢٠٠٤م ، قال له أصحابه الذين من حوله « يا سيدي لقد أحاطوا بنا من كل الاتجاهات»، فكان رد الشهيد القائد لهم بكل إيمان وثقة بالله عز وجل «والله محيط بهم» وبعد عشرين عاما من هذا ها هم اليوم رجال وأبناء مدرسة ومنهج الإيمان القرآني والمسيرة القرآنية، رجال الكهف هبطوا من السماء وصعدوا من البحر ونبتوا من الأرض ليحيطوا السفن الإسرائيلية في عرض البحر الأحمر من جميع الاتجاهات، وذلك بفضل وتأييد الله سبحانه جل شأنه..
الشاهد هنا إن قيادة ورجال وشباب ومجاهدي المسيرة القرآنية بصمودهم وثباتهم على نهج وثوابت هدى الله، والتزامهم بمبادئ وقيم كتاب الله، وعملهم بمشروع وسنن الله في التغيير، دفنوا الوصاية الخارجية على اليمن التي كانت لقرون من الزمن تذل اليمن وشعبها وجيشها، وها هي بلادنا ويمننا اليوم وبفضل وتوفيق الله وحكمة القيادة الثورية وبتضحيات دماء عظمائها أصبحت لديها القيادة اليمنية التي تمتلك القرار، والشعب اليمني الذي يمتلك الإرادة، والجيش اليمني الذي يمتلك القدرة، أصبحت اليمن حديث القنوات العالمية كلها، ولكم ان تخيلوا لو ان اليمن ما زالت تحت حكم السفارات، والله ما كنتم رأيتم ولا لمستم هذا الشموخ والهيبة والقوة والعزة والكبرياء الذي نشهده اليوم..
إن قرار وقدرة وإرادة اليمن للمشاركة في معركة غزة يظهر بلاء الوعي العظيم في منهجية ونهج قيادة المسيرة القرآنية، وقيم هوية الشعب اليمني الإيمانية، ومواقف مشروع الجيش اليمني الجهادية، الذين جعلوا من اليمن دولة برزت بالحق كله لمواجهة الباطل كله، فعملية رسم العلم اليمني والعلم الفلسطيني على بدن طائرة الهيلكوبتر اليمنية التي حطت على متن السفينة الإسرائيلية “جلكسي ليدر” التي استولى عليها وصادرها الجيش اليمني في عرض البحر الأحمر، وظهور مقاتلي القوات المسلحة اليمنية وهم يضعون على جباههم صورة فيها شعار معركة طوفان الأقصى وصورة للناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” ويتوسطهم العلم الفلسطيني، ثم رفع العلم اليمني والعلم الفلسطيني على السفينة نفسها أثناء اقتيادها للسواحل اليمنية وهي لا زالت في عرض البحر، انتصار من نوع خاص في أهم واخطر معركة استراتيجية في الوعي الفردي والجمعي اليمني والعربي والإسلامي والإنساني..
يتمثل هذا الانتصار أولا بانتصار غزة وفرض شروطها بالهدنة وإطلاق سراح الأسرى، وثانيا انتصار ساحق في توحيد معركة أحرار وشرفاء محور المقاومة وأحرار وشرفاء الأمة ورفض عدم تجزئتها، وإلحاق هزيمة ماحقة للعدو الصهيوني في الحرب الميدانية والنفسية من ناحيتين، الناحية الأولى تتمثل في تثبيت مفهوم الانتصار والاسناد والدعم والتأييد الميداني والمعنوي الكلي والتام في وعي الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة، والناحية الثانية تتثمل في رسم صورة للهزيمة والإذلال والهوان والتنكيل الدائم والمستمر في ذهنية كيان العدو الإسرائيلي والمتحالفين والمطبعين معه..
نهج المسيرة القرآنية ومواقفها هو نهج الوفاء والانتماء والإسناد النابع من القلب والروح والصدق والمعمد بالفداء والتضحية، وهو النهج الذي قابله اليوم التأييد الشعبي واسع النطاق على المستويين العربي والإسلامي، وإشادات ومباركات للعمليات اليمنية كافة والتي كان آخرها عملية السيطرة على السفينة الإسرائيلية في البحر الأحمر، وخلاصة هذا نقول نم قرير العين يا قائدنا الشهيد، فقد حقق الله ما كنت تصبو إليه وقد ارتفعت راية الإسلام وقد توحد شعبك اليمني وأمتك العربية والإسلامية تحت راية الحق وقد اصبح جميع زملائك وأصحابك وتلامذتك وأبنائك اليوم يضربون عمق الكيان الصهيوني وينكلون به أشد تنكيل، وبفضل الله وتأييده ونصره، فرضوان الله عليك وكتب الله لك الأجر والثواب من فم كل يمني حر وشريف يشعر ويشهد ويلمس ويطعم اليوم العزة والنصر والكرامة والتمكين..