مستشفيات ومدارس غزة أهداف أساسية لحرب الإبادة الصهيونية..قتل الجرحى والأطفال والنازحين تحت رايات الأمم المتحدة.. والقانون الإنساني حبر على ورق

الثورة / تقرير
يمعن العدوان الصهيوأمريكي في استهداف الأماكن التي يفترض أن تكون آمنة في غزة، ومنها المدارس المظلّلة مبانيها بمعظمها بعلم الـ«أونروا»، والتي تكتظ بالأطفال والنساء والنازحين، حيث لجأت آلاف العائلات إليها طلباً للحماية، هرباً من المجازر المتنقّلة، لتجدها كغيرها، أهدافا أساسية لآلة القتل والإبادة الصهيوأمريكية، وأهدافا رئيسية لحرب العدو الإجرامية.
لا مكان آمناً في غزة، و«علم الأمم المتحدة لم يعد كافياً لحماية الفلسطينيين»، كما أعلن مدير وكالة الأونروا في قطاع غزة، مؤكداً ليس فقط عجز الوكالة عن القيام بدورها ومهامها بحماية النازحين الموجودين في مراكز وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى «أونروا»، بل أيضاً تنصّل الوكالة من القيام بمهامها وواجباتها وأهدافها الأساسية التي أنشئت من أجلها. وأتى هذا التصريح بُعيد مجزرة جديدة تعرضت لها مدرسة جباليا في غزة، من ضمن سلسلة مجازر تتعرض لها المدارس ومراكز الإيواء المعدّة لاستقبال النازحين في غزة.
ومنذ بداية العدوان لجأ نحو 700 ألف نازح إلى 92 مدرسة من بينها 83 تابعة لـ«أونروا». وتعرضت قرابة 20 مدرسة تحتضن نازحين لاستهدافات مباشرة، عدا عن تلك التي تصيب محيط المدارس بشكل دائم.
ويمكن رصد المجازر التي استهدفت المدارس منذ بداية العدوان لغاية 14 من الشهر الجاري كالآتي:
في 8 نوفمبر استُهدفت مدرسة تابعة لـ«أونروا» في خان يونس (قرب مفترق أنصار) تضم عدداً كبيراً من النازحين، أصيب العشرات منهم.
بين 3 و4 نوفمبر، أي خلال 24 ساعة فقط، صبّت طائرات العدو حممها على خمس مدارس مرتكبة العديد من المجازر، أبرزها في مدرسة الفاخورة في جباليا («أونروا») كانت تؤوي آلاف النازحين، ما أدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين وجرح آخرين، ويوم أمس عاود العدو قصف المدرسة مرتكبا مذبحة مروعة ارتقى فيها أكثر من 200 شهيد، بالتزامن مع قصف على مركز إيواء في تل الزعتر كذلك.
وتعرضت مدرسة أسامة بن زيد في الصفطاوي، أيضاً، لقصف مباشر أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 50 وإصابة العشرات.
وارتقى 20 شهيداً وأصيب العشرات في قصف مدفعي استهدف مدرسة في شمال غزة. وفي مدرستين في مخيمَي جباليا والشاطئ، استُشهد 23 نازحاً. وفي 2 نوفمبر قصف العدو الإسرائيلي مدرسة أبو حسين («أونروا») في مخيم جباليا، ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 20 وعشرات الجرحى، كما قُصفت مدرسة أبو عاصي بالقذائف الفوسفورية المحرم استخدامها في الأماكن المأهولة، ما أدى إلى استشهاد 5 نازحين على الأقل. كما استهدفت مدرستين تحولتا إلى ملاجئ في مخيم البريج للاجئين، ما أسفر عن استشهاد شخصين على الأقل، وعشرات الجرحى. وفي 8 نوفمبر استهدفت مدرسة تابعة لـ«أونروا» وسط مدينة غزة، ما أدى إلى استشهاد العشرات. وفي العاشر من هذا الشهر ونتيجة للقصف الإسرائيلي المباشر لمدرسة البراق، انتُشل 50 شهيداً على الأقل.
وجنّبت العناية الإلهية آلاف النازحين في مدرسة تؤويهم شمال قطاع غزة من مجزرة كبيرة، عندما استهدفت صواريخ الطائرات المعادية ساحة المدرسة على نحوٍ مباشر، ما أحدث حفرة عميقة جداً، وكان النازحون حينها في أسرّتهم ما حال دون حدوث الكارثة.
وما يتأكد أن العدوان الصهيوأمريكي يتقصد قصف مدارس النازحين التي يفترض أن تكون محمية بموجب القوانين الإنسانية، وما يحدث يؤكد بما لا يقبل الشك بالقصد العمدي لارتكاب العدو الصهيوني جرائم الإبادة باستهدافها الأمكنة التي تضم أكبر عدد من الفلسطينيين، وهم بطبيعة الحال مدنيون عزّل، غير آبه بما تتمتّع به هذه الأمكنة من حماية وفقاً للقانون الدولي الإنساني.
وفي ظل الحصار المحكم على قطاع غزة، ومنع وصول المساعدات إلا ما نُدر، تتردى يوماً بعد يوم أوضاع النازحين داخل المدارس، فيما الـ«أونروا» عاجزة عن تقديم الحد الأدنى، لبقاء النازحين على قيد الحياة.
وليس خافياً على أحد ما تعانيه غزة من نقص حادّ في المياه والطحين، وانعدام الكهرباء والوقود، مع العلم أن هناك، وفق مصادر الـ«أونروا»، حوالي 700 ألف نازح توزعوا على 92 مدرسة تابعة لها، وأقرّت الوكالة أنها غير قادرة على الوصول إلى 57 مدرسة يقدّر بأنها تؤوي حوالي 160 ألف نازح حتى 12 تشرين أول، بعدما صدرت أوامر بالإخلاء من قبل سلطات الاحتلال، وأنها عاجزة إزاء ذلك عن تقديم المساعدة أو حماية النازحين، وليس لديها معلومات عن احتياجاتهم وظروفهم. وهذا ما يطرح كثيراً من علامات الاستفهام، سيّما أن هذه المهام تأتي في صلب الغاية التي تأسّست من أجلها الـ«أونروا».
أما بالنسبة إلى تلك الخاضعة لرعاية الوكالة فوضعها لا يبدو مغايراً كثيراً، وتُشير الوكالة في تقريرها إلى خطر تزايد الأزمة الصحية العامة، في ظل بيئة تتسم بالنزوح الجماعي واكتظاظ الملاجئ، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للمياه والصرف الصحي، ويضيف التقرير أن الظروف في الملاجئ غير إنسانية وتشهد مزيداً من التدهور مع مرور الأيام.
ويلفت التقرير إلى أن المساحة المتاحة للشخص الواحد مثلاً في مركز تدريب خان يونس التابع لها، أقل من مترين مربعين، ويتشارك 600 شخص على الأقل مرحاضاً واحداً! فيما تستضيف إحدى المدارس في مخيم المغازي أكثر من 22800 نازح! والوضع ينسحب على باقي المدارس لجهة الاكتظاظ. وهي ليست مصمّمة لاستضافة هذا العدد الهائل من الناس ولا تتوافر فيها مرافق كافية لتوفير ظروف معيشية آمنة وكريمة. ولعلّ أكثر من يتأثر بهذه الظروف المعيشية القاسية في الملاجئ هم ذوو الاحتياجات الخاصة، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة والحوامل وكبار السن ومرضى السرطان والأمراض المزمنة الأخرى، كون هذه الملاجئ غير مجهّزة لتقديم الخدمات المتخصّصة التي تحتاجها هذه الفئات الضعيفة.

العدوان على غزة يسقط بقايا القانون الدولي الإنساني
عرّت الحرب الإجرامية القذرة على غزة، حقيقة النظام الدولي وما يحويه من مفاهيم ومصطلحات، ومنها القانون الدولي الإنساني، التي تنسف جميع قواعده ومبادئه، كل دقيقة في غزة، عبر آلة العدوان الإسرائيلية المسنودة أمريكيا وغربيا والتي تحصد مئات المدنيين العزّل جلّهم من الأطفال والنساء، وتقصف جميع المنشآت والمباني التي يُفترض أنها محمية وفقاً لتلك القوانين.
إذ إن القانون الدولي ينص على حظّر استهداف المدارس حيث أماكن تجمّع النازحين، ويشكل ذلك في حال حصوله جريمة حرب، أما إذا كان الاستهداف ضمن هجوم واسع على المدنيين، أو إذا كان مبرمجاً، والقائمون به يدركون أنهم يستهدفون المدنيين، فهذا أخطر ويرتقي إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية، وهو ذاته ما يحدث حالياً في غزة.
غير أنه يحدث والغرب يواصل الدعم والإسناد، وأمريكا تواصل إرسال الأسلحة والدعم المباشر عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا وبكل وقاحة.
أما عن استخدام الذخائر المحتوية على الفوسفور، (والتي أُلقيت على مدرسة أبو عاصي أخيراً) فهو يعتبر خرقاً لاتفاقية جنيف (1980)، التي تحظّر رمي هذه الذخائر في الأماكن المأهولة، لأنها تصيب من دون تمييز بين مدنيين ومقاتلين، وتسبّب آلاماً لا مبرّر لها، وهي محرّمة في تلك الحالة.
لكن العدوان الصهيوأمريكي الغربي يدك غزة ومستشفياتها بالفوسفور ودون توقف، وعلى مرأى ومسمع العالم ودعم الغرب وأمريكا.
لم تبق الحرب الإجرامية على غزة أي مجال للحديث عن هذه القوانين والشعارات والقيم، ولم يبق الدعم الأمريكي والغربي لهذه الحرب أي مجال للتحدث والتشدق بهذه الشعارات، فهذه الحرب عرت وفضحت وأسقطتها جميعا.

قد يعجبك ايضا