قائد الثورة والتحولات الجيوسياسية المصيرية

يكتبها اليوم/ طه العامري

 

ما حمله خطاب قائد الثورة والمسيرة القرآنية سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في إحياء يوم الشهداء، من مواقف متصلة بالعدوان الصهيوني الأمريكي علي الشعب العربي في فلسطين لا يندرج في سياق مكانة اليمن في المعادلة الجيوسياسية المتفاعلة في المنطقة وحسب، بل جسدا هوية اليمن الإيمانية والقومية الاصيلة، الهوية التي لا يمكن المساومة عليها، ولا يمكن تطويعها، لأنها تعبر عن هوية وثقافة وحضارة شعب متأصلة وضاربة جذورها في أعماق التاريخ الإنساني، فهو لم يقل ما قاله بحثا عن شهرة أو بدافع المزايدة على الآخرين بل إن ما قاله قليل من الفعل الذي سيكون وستفعله اليمن تحت قيادته وهو الحر الأبي الذي لا يرتهن ولا يقبل لشعبه الارتهان والامتهان، لذا جاءت مواقفه الصادقة معبرة عن هوية شعب وارادة وطن وتجسيدا لعقيدة إيمانية لا تقبل المساومة أو الانتقاص، ولم يتردد أن يشير في خطابه إلى ترحيبه بأي موقف عروبي وإسلامي يتخذه أي نظام عربي إماراتيا كان أو سعوديا، مؤكدا أنهم إن قاموا بمثل هذه المواقف نصرة لأهلنا في فلسطين بأنهم سينالون شكرنا وشكر كل عربي ومسلم ومن يقول مثل هذا القول ليس إنسانا عاديا بل قائدا يعرف أهمية المرحلة والتحديات وكيفية التعاطي معها بروح المسؤولية الدينية والقومية.  نعم.. ما يتصل بالممرات البحرية وبمضيق باب المندب تحديداً هو مضيق يمني مائة في المائة وليس مضيقا دوليا باعتبار أن حركة الملاحة البحرية في المضيق تمر بالجانب اليمني، نظراً لأن الجانب الإفريقي تصعب الملاحة فيه نظرا لوجود الشّعب المرجانية الكثيفة والتي جعلت الملاحة في ذلك الجانب مستحيلة وبالتالي فإن الملاحة وحركة السفن تتم بالمياه الإقليمية اليمنية، وهذا حق سيادي لليمن تنازل عنه (النظام السابق) مقابل امتيازات خاصة، وللعلم أن واحدة من أسباب اغتيال الرئيس الشهيد ابراهيم الحمدي كانت نظرته لهذا المضيق خاصة بعد تمكنه من عقد قمة البحر الأحمر أوائل العام 1977م بحضور رئيس الشطر الجنوبي سابقا (سالمين)،  والرئيس السوداني جعفر النميري، والصومالي محمد سياد بري،  وقد اتفق الحاضرون يومها بتشكيل قوات حماية البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وأكدوا في بيان القمة على هوية البحر الأحمر العربية رافضين عسكرته أو تواجد أي قوة في مياه البحر الأحمر تحت أي مبرر، مؤكدين أن سلامة الملاحة فيه هي شأن عربي مسؤوليته تقع على الدول المشاطئة، ولم يعجب هذا الموقف يومها لا النظام السعودي ولا النظام المصري للأسف فعملوا  على التخلص من الحمدي وسالمين معا، الوضع اليوم يختلف مع صنعاء وإن كان التاريخ يعيد نفسه مع البحر والمضيق.. إذ تملك صنعاء اليوم من الإرادة والعزيمة والشجاعة والقوة والاقتدار ما يمكنها من إحكام سيطرتها على مياهها الاقليمية والتحكم بممراتها ومضائقها دون خوف أو خشية بل وفق القوانين الدولية التي تعطي اليمن حق السيادة على المضيق وتأمين سلامة الملاحة الدولية فيه بشرط أن تتعرض المصالح الوطنية اليمنية أو الأمن القومي العربي لأي خطر، وفي حالة وجود هذا الخطر فإن للدولة المعنية بالسيادة حق التصرف بما هو مناسب وكفيل بإبعاد هذا الخطر بما في ذلك اغلاق المضيق، وهذا ما حدث في حرب 1973م حين طلبت مصر من اليمن الإذن بوضع قوات مصرية في المضيق وبعض الجزر اليمنية في البحر الأحمر ولم تتردد اليمن بشطريه بتلبية طلب مصر، وربما كان هذا جزءا من المواقف التي نسيتها مصر اليوم بعد اتفاقية ( كمب ديفيد)  المشؤومة..؟!  إن ما صرّح به السيد قائد الثورة وقائد المسيرة القرآنية حول باب المندب هو موقف عربي وإسلامي أصيل يعّبر عن هوية شعبنا اليمني الإيمانية والعربية ويعكس حقاً غير قابل للانتزاع وإن ترك بفعل ضعف الأنظمة أول تبعيتها فإن هذا لا يعني النسيان أو التجاهل لحقوق سيادية وطنية.

قد يعجبك ايضا