جاءت عملية طوفان الأقصى المباركة ، لتكشف للأمة هشاشة وضعف وضعة العدو الصهيوني الذي ظل طويلا يعربد في فلسطين ، ويحتل بلدانا عربية ويقصف أخرى ، ولتكشف للأمة العربية والإسلامية أن مسلسل النكسات والإخفاقات التي حدثت في العقود الماضية في مواجهة العدو الصهيوني لم يكن سببها إلا التخاذل والتآمر والخيانات من الأنظمة والحكومات العربية والإسلامية ، كما جاءت عملية طوفان الأقصى لتعيد للأمة كرامتها وعزتها ، وأثبتت العملية أن الكيان الغاصب أوهن من بيت العنكبوت، وليس كما زعمت وسائل الدعاية والإعلام الغربية والصهيونية وبعض العربية، بأن الكيان الصهيوني لا يقهر ، ولا كما رسخت الأنظمة العربية الخائبة فكرة أن هذا الكيان الإرهابي اللقيط والهش قوة لا تقهر، وأن المواجهة بالسلاح لا جدوى منها ، وانحدرت نحو المفاوضات والتطبيع والتصالح مع هذا العدو الخبيث، رغم ما فعل ويفعل من مجازر ومذابح وانتهاكات لا حصر لها ، وفرضت هذه الأنظمة سيرك التخلي والتنازل عن الحقوق وحاولت التصالح مع الصهاينة كأمر لا مفر منه.
طوفان الأقصى كانت إذلالا للعدو الصهيوني اليهودي الذليل ، وأبانت ضعفه على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية والداخلية ، وجعلته يذهب للتباكي والاستجداء الخارجي، فيما كان أبطال المقاومة يدكون المعسكرات والثكنات ويقتحمونها واحدة تلو أخرى ، ويثخنون الصهاينة قتلا وجرحا وأسرا .
قادة العدو الصهيوني- الذين يتوددهم بعض الزعماء والأمراء العرب للاحتماء بهم- ما زالوا إلى اللحظة مصعوقين من هول الحدث ، يختبئون في الملاجئ وقلوبهم ترتجف خوفاً وفزعا وذعرا ، وهي المرة الأولى التي نشاهد فيها الفرار والهروب الجماعي لقطعان المستوطنين بقلوب مملوءة بالرعب والذعر والخوف ، والمرة الأولى التي يستكين فيها الصهاينة ويتملكهم الخوف والذل، كما يجب ويفترض.
ما قدمه رجال المقاومة المجاهدين في طوفان الأقصى، يعد تحولا استراتيجيا ونوعيا في صراع الأمة مع عدوها اليهود الصهاينة ، وفيه رسالة إلى كل من تخلفوا عن ركب الجهاد بالسلاح في مواجهة هذا العدو لشعورهم بالعجز والوهن في المواجهة ، ودعوة لهم للتراجع وإعادة تقييم الواقع والالتفاف حول المقاومة التي تمتلك إرادة الصمود والمواجهة والمبادرة والانتقال من الدفاع إلى الهجوم ، بل والذهاب إلى مراحل متقدمة منها وتعزيز معادلات الصراع التي فرضها المجاهدون الأبطال في غزة.
ومن واجب كل الشعوب العربية والإسلامية وكل أحرار العالم اليوم ، الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني العظيم ، والدعم المادي والعسكري بكل السبل والوسائل ، وطوفان الأقصى يفرض نفسه اليوم ، ويستدعي أن تحتشد جيوش الأمة وشعوبها وقياداتها وقدراتها دون تردد ، فما حدث يرسم مشهد ما يمكن فعله بالوحدة العربية والإسلامية في ساحات المعركة ، وإسقاط كل الخلافات وتجاوزها.
هذا النجاح يجب أن يوحد الجميع- محور المقاومة ، شعوب الأمة ، جيوشها قادتها- دون استثناء ، والشعب اليمني بحمدالله في صدارة الموقف وفي مقدمة الشعوب تضامنا ودعما ومساندة ، والقيادة في اليمن كذلك في طليعة المواقف الداعمة والمساندة ، بل إنها على استعداد دائم للمشاركة في المعركة بالرجال والسلاح والضربات ، ولن تقف بالتأكيد عند حدود الموقف والدعم والمساندة ، بل ستبادر إلى الفعل العسكري حين يتطلب الأمر ذلك..