الإدارة تتهاوى .. والمساءلة غائبة

حاوره / محمد راجح –

*الشباب يحتاجون لمشروعات صغيرة وليس لمن يوعيهم بمخرجات الحوار

يرى مدير مركز تطوير الإدارة العامة بجامعة صنعاء الدكتور عبدالعزيز المخلافي أن مشكلة اليمن بالدرجة الأولى إدارية لأن متطلبات القضاء على الفساد والفوضى يتطلب إدارة قوية وحازمة.
داعيا إلى تفعيل عنصر المساءلة لإصلاح الوضع الإداري المتهاوي وتغيير النمط الروتيني الممل الذي يفاقم الاختلالات ويبدد الموارد.
وقال الدكتور المخلافي في لقاء خاص لـ الثورة” تنمية بشرية” إن الاهتمام بالعنصر البشري هو السبيل الوحيد للارتقاء والنهوض وتحقيق أهداف التغيير المنشود.
منتقدا الانتشار المكثف لمراكز ومؤسسات التدريب والتأهيل بدون معايير على حساب التعليم مؤكدا أن الشباب بحاجة لمشروعات صغيرة وليس لمن يوعيهم بمخرجات مؤتمر الحوار أو مكافحة الفساد كما تعمل مثل هذه المؤسسات التي لا ترتبط بأي صلة بجهود مكافحة الفقر والبطالة.

– ممكن تحدثنا عن دور مركز تطوير الإدارة كغيره من المؤسسات التدريبية في عملية التأهيل الإداري وهل تحقق مثل هذه المراكز الهدف المطلوب في هذا الخصوص¿
– نعمل على تأهيل القيادات الإدارية العليا الإدارة كما هو معروف علم وفن قائمة على أسس علمية وخبرات وممارسات وتجارب ونحن نعيش مرحلة تغيير شئنا أم أبينا وإذا لم نغير سنتغير .
متطلبات القضاء على الفساد والفوضى الخلاقة يتطلب إدارة قوية وحازمة وما تم تعليمه يتم تطبيقه لدينا فكرة في هذا الخصوص سيتم تطبيقها خلال الفترة القادمة تتمثل في أن مدراء العموم الذين سيتم تأهيلهم وتدريبهم منحهم على الأقل دبلوماٍ في الإدارة العامة حتى يتمكنوا من إدارة منظماتهم بصورة فاعلة ومن خلال ما نقوم به في تأهيل القيادات العليا نجد تأثير ذلك لكن هناك صعوبات ومعوقات تفوق قدرات مثل هذه المسؤوليات.

روتين
* ما هي مشكلة الإدارة في اليمن وكيف يمكن إصلاحها¿
– مشكلتنا اننا نمتلك كوادر وكفاءات لكنهم مكبلون ومقيدون لأن العمل الإداري لدينا عقيم وروتيني ومشكلتنا في الإدارة تتمثل في الثقافة المكتسبة منذ عقود وانعكاسها السلبي على الوضع الإداري والذي يسير وفقاٍ لنمط روتيني معين وأيضاٍ لم تجد من يسألك وهذا خطأ جسيم بمعنى أن الوضع الإداري رتيب وممل وفي وضع متهاوُ وفوق كل ذلك نفتقد للمساءلة ولهذا ينبغي تفعيل عنصر المساءلة لإصلاح الوضع الإداري وكذا سيادة القانون واحترام النظام والقانون ولهذا نفتقد لقيادات تكون قدوة في العمل الإداري والمرؤوسين يتبعون مرؤوسيهم وإذا كان القائد الإداري كفؤاٍ وفعالاٍ وجدياٍ وعملياٍ ويدير عمله بقدرة عالية سيكون النجاح حليف الجميع ولا يمكن أن يحسب النجاح لقائد إداري بدون مرؤوسين لانهم مساهمين مساهمة فاعلة في نجاح العمل الإداري لكن المشكلة أننا نفتقد لأبجديات الإدارة ولهذا كيف يمكن للكوادر العاملة أن تقدم عملا إداريا نموذجيا ملموسا ولهذا نحتاج لتأهيل القيادات الإدارية العليا للنهوض بالوضع الإداري بصورة عامة .

العنصر البشري
* في ظل الصعوبات والأوضاع الراهنة كيف يمكن أن تؤثر برأيك على تدهور الكيان الإداري وتأثيره على الوضع الاقتصادي والمعيشي بصورة عامة¿
– إذا ظللنا نسير بنفس النمط الحالي فالأوضاع ستزداد تأزماٍ ومادامت كل أزمة تخلق أزمة فسيظل الوضع صعباٍ للغاية ولهذا يجب الاهتمام بالعنصر البشري فهو السبيل الوحيد للارتقاء والنهوض انظر إلى مهاتير محمد خلق بالعنصر البشري نهضة كبيرة في ماليزيا وهذا الاهتمام ينبغي أن يتم من خلال التدريب والتأهيل والتغذية والتعليم والصحة ووضعه في المكان المناسب وانتظر بالتالي نتائج إيجابية أيضا التركيز على المساءلة وإصلاح الأجهزة الرقابية لتقوم بدورها على أكمل وجه في المساءلة والمساهمة في التغيير الإداري الإدارة تعتمد على أربعة عناصر رئيسية هي التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة قد تكون العناصر الثلاثة الأولى متوفرة ولو ظاهريا لكن الرقابة منعدمة هناك أيضا تداخل كبير في القوانين وخصوصا قوانين السلطة المحلية والمركزية واللامركزية ونحن اليوم كما هو معروف ننشد السير نحو الفيدرالية ولهذا ينبغي الانتباه لهذه النقطة الهامة في توزيع المسؤوليات والصلاحيات غالبا لا يمثل نقص الموارد المالية لكن المشكلة الحقيقية في غياب العنصر البشري لأن العنصر البشري هو الذي يجعلك تتحكم في الإدارة المالية ولهذا لدينا مشكلة في الثقافة التي نمارسها وعدم غرس المفاهيم الإدارية السليمة وعدم تنفيذ ممارسات الإدارة كعلم وفن .
فجوة
* لكن المشكلة أيضا في عدم وجود أساس بناء والمقصود هنا بالتعليم والاختلال القائم بين المخرجات ومتطلبات التغيير والتطوير¿
– لا يجب أن نرمي الحمل على جهاز التعليم لدينا خطط وسياسات من المفترض ان تسير على نفس النهج لكن الفجوة لاتزال قائمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل أيضاٍ لدينا مشكلة في ممارسات قطاع الأعمال لأن هذا القطاع لا يساهم في ردم هذه الفجوة مثلاٍ إذا كان لديك أعمال بحوث لطلاب سنة ثالثة تتطلب نزول ميداني لسوق العمل تجد امتناع قطاع الأعمال عن التعاون ويتخوف بصورة غريبة وغير منطقية ولهذا التعليم قد لا يشكل مشكلة وخصوصاٍ في الجامعات الحكومية بعكس الخاص ولهذا ينبغي على وزارة التعليم العالي إرساء معايير الجودة وتطبيق كافة معايير وأسس التعليم العالي على الجامعات الخاصة ما يمارس حالياٍ نموذج قديم كان معمولاٍ به في الاتحاد السوفيتي وهو أن النجاح للجميع والتميز لمن أراد هذا هو مسار الجامعات الأهلية الأهم في كل ذلك نحتاج لوجود شراكة حقيقية بين القطاع الخاص والجامعات لفهم احتياجات ومتطلبات سوق العمل.

أهداف
* هل مراكز التدريب والتأهيل المنتشرة بكثافة تفي بالغرض لتضييق هذه الفجوة القائمة وإدماج المخرجات بسوق العمل¿
– يجب أن تعمل هذه المراكز وفق أهداف وآليات محددة تسير عليها لكن هناك مراكز مشكلتها أنها مسيسة وتعمل بشكل نمطي وتعمل بما يسمى بمنظمات المجتمع المدني حيث يتجاوز عددها 17 ألف منظمة وهي في الغالب تغازل الجهات المانحة بشعارات متعددة مرتبطة بحقوق الإنسان والمرآة والتدريب الخاص لمخرجات الحوار وغيرها من الشعارات الفضفاضة الشباب لا يحتاجون لمن يدربهم في كيفية مكافحة الفساد وبدل ما تعمل على ذلك لماذا لا تقدم له كل الاحتياجات اللازمة لعمل مشروع صغير يديره وينتفع به أما أننا نظل نقدم أعمالاٍ لا تسمن ولا تغني من جوع مثل أن تدرب الشباب وتوعيهم بمخرجات مؤتمر الحوار ما بيد هؤلاء الشباب في هذا الأمر لأنهم ليسوا صناع قرار ولهذا لا ترتبط مثل هذه الأعمال وهذه المنظمات والمراكز بأي صلة بجهود مكافحة الفقر والبطالة.

قد يعجبك ايضا