الوسيط العماني طلب مهلة محدودة لصرف المرتبات ورفع الحصار عن المطارات والموانئ
الوفد العماني يغادر بعد نقاشات 4 أيام.. صنعاء: لا مزيد من الوقت وبانتظار خطوات عملية
مطلعون: تعنُّت تحالف العدوان سيُسقط فرصة الوقت الضائع وبانتظاره عواقب وخيمة
الثورة / عبدالرحمن عبدالله
غادر الوفد العماني، أمس الأحد، العاصمة اليمنية صنعاء، بعد سلسلة مشاورات عقدها مع القيادة اليمنية في صنعاء استمرت 4 أيام، وغادر الوفد العماني برفقة رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام مطار صنعاء بعد ظهر أمس، ووصل مسقط مساء.
وكان الوفد العماني قد وصل الخميس إلى العاصمة صنعاء في زيارة هي السادسة خلال فترة خفض التصعيد، من أجل التباحث لحل الملفات الإنسانية على رأسها المرتبات ورفع الحصار.
ووصل الوفد العماني بعد خطاب لقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في ذكرى الإمام زيد بن علي عليه السلام السبت قبل الماضي، أكد فيه بأن الفرص التي أتيحت أمام الوساطة العمانية كافية، وقال ” أفسحنا المجال للوساطة بالقدر الكافي وما لم نشهد تطورات إيجابية ولم يقلع السعودي عن عدائيته فإن موقفنا سيكون حازماً وصارماً”، وحذر مملكة العدوان السعودية من المماطلة ومن الخضوع للإملاءات الأمريكية.
وأضاف: لا يمكن للحال الراهن أن يستمر بما هو عليه، لن ينجو السعودي ويترك شعبنا محاصراً يعاني وبلدنا مدمراً، وحذر تحالف العدوان من مغبة أن يتوهم أن بإمكانه بعد الفشل في الحرب العسكرية، أن ينتقل إلى الخطة “ب” بالحصار والتجويع وبحرمان شعبنا من ثروته، لتحقيق أهدافه، وقال: لا يمكن أن يعيش السعودي في أمن ورفاهية ويحرك الاستثمارات في نيوم وغيرها وشعبنا محاصر يعاني.
ومنذ الإثنين قبل الماضي تكثفت التحركات الإقليمية والدولية باتصالات وتحركات عديدة بهدف إيجاد حلول للملفات الإنسانية، شملت زيارة للوفد العماني إلى صنعاء وتصريحات أمريكية وأممية متعددة.
وفيما كانت تتصاعد آمال اليمنيين بأن يلتزم تحالف العدوان بصرف مرتبات الموظفين، ويرفع الحصار عن مطار صنعاء وموانئ الحديدة، لم يحمل الوفد العماني بجديد من جانب تحالف العدوان الذي يتعنت ويرفض المضي في حل الملفات الإنسانية، وجاءت زيارة الوفد العماني في سياق جهود الوساطة التي تقوم بها سلطنة عمان الشقيقة، وبهدف إحياء العملية التفاوضية ضمن رؤية واضحة تعالج الملفات الإنسانية الأكثر إلحاحا وتمس كل مواطن يمني”.
وحسب مصادر فإن الوفد العماني نقل رسائل من جانب السعوديين إلى القيادة اليمنية تضمنت تأكيدات بأن السعوديين حريصون على السلام، حيث لم تعد صنعاء منذ مدة تستقبل أي رسائل مباشرة من السعوديين احتجاجا على إعادة تقييد الرحلات الجوية من مطار صنعاء من 6 رحلات إلى ثلاث كل أسبوع، وأضافت المصادر بأن الوفد العماني أكد للقيادة اليمنية في صنعاء بأن السعوديين جادون في تنفيذ ما تم التوافق عليه خلال شهر رمضان بخصوص صرف المرتبات وفتح مطار صنعاء وإزالة القيود على موانئ الحديدة.
وحسب المصادر فإن القيادة في صنعاء أكدت بأن الوقت ليس متاحا لأي نقاشات وأن المطلوب هو التنفيذ والمضي في خطوات عملية، لصرف المرتبات ورفع الحصار .
وكان رئيس الوفد الوطني أكد لدى وصوله مطار صنعاء يوم الخميس على أن تبدأ النقاشات بتنفيذ البنود الإنسانية، وقال “إذا لم تبدأ العملية التفاوضية بتنفيذ البنود الإنسانية فلا يمكن البناء على نوايا إيجابية للطرف الآخر”، معتبراً أنه “لا بد أن يتم البدء بصرف المرتبات وبتحسين وضع المطار والموانئ وإزالة القيود، لأن الحصار لا يزال قائما على كل الأصعدة”.
كذلك أكد رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام بأن موقف الرباعية (أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات) ” موحد في عرقلة الملف الإنساني، معبرا عن الأمل في أن ينتهي هذا التجمع السيئ”.
لا فرص لنجاح الوساطة وسط تعنت دول العدوان
رغم الفشل في تحقيق أي خطوات إيجابية منذ بدأت الهدنة الأممية في إبريل من العام 2022م، وانقضائها في أكتوبر من العام نفسه، وامتداد خفض التصعيد بعد انتهاء الهدنة إلى اليوم التزاما من صنعاء بإتاحة الفرصة أمام جهود الوسطاء، إلا أن ما هو واضح هو أنه لا شيء سيتحقق بعد هذه الزيارة، فتحالف العدوان بكافة أقطابه يريد إخضاع الملفات الإنسانية للمساومة السياسية والعسكرية، ويريد به انتزاع تنازلات سياسية وتحقيق مكاسب عسكرية.
ففي موضوع المرتبات تعتبر الإدارة الأمريكية بأن صرف مرتبات اليمنيين مسألة معقدة، وشروط غير مقبولة ومتطرفة، كما جاء على لسان المبعوث ليندر كينغ المعين من قبل بايدن لشؤون اليمن، وفي التفاصيل فإن الإدارة الأمريكية لا تريد فقط أن تستمر الحرب العدوانية والحصار على اليمن، بل وتريد تفكيك القضايا وفصل كل قضية عن الأخرى، بل وتجزئة كل قضية في إطارات تقسيمية، ففي العموم تعتبر صرف المرتبات أمرا مستحيلا، وفي تفاصيل التفاوض تطرح أحيانا صرف رواتب المعلمين، وفي أحيان أخرى تضيف صرف رواتب الموظفين، وهكذا تريد التلاعب بهدف كسب الوقت لضمان استمرار خفض التصعيد، وفي الحقيقة هي لا تريد صرف رواتب الموظفين لا معلمين ولا غيرهم وإنما تحاول دغدغة الأجواء بهذه المكائد، حسب مصدر مطلع.
والحال نفسه في ملف رفع الحصار والحظر على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، تعمل الإدارة الأمريكية على ألا يحصل اليمنيون على حقهم في السفر كما بقية العالم، ولا على حقهم في الحصول على الوقود والغذاء بشكل طبيعي وسلس، وتسعى في المجمل إلى تكبيل اليمنيين من أي عمل عسكري ينتزع حقوقهم، من خلال الحفاظ على خفض التصعيد باتباع سياسة العصا والجزرة.
جاء خطاب قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الذي وجه تحذيرات واضحة وحاسمة، ليدفع بالإدارة الأمريكية إلى التحرك ولكن في نفس المسارات، فأجرت اتصالات مع السعوديين ومع الإماراتيين بهدف تلافي أي ضربة عسكرية ترتب لها صنعاء، وقد وصل الوفد العماني في زيارة سادسة ضمن دور عمان الوسيط، لكنه ليس بعيدا عن الهامش الأمريكي بكل تأكيد.
إملاءات أمريكية وانصياع سعودي إماراتي
لا يأبه الأمريكيون بأي جهود لتحقيق السلام في اليمن، يركزون فقط على أن يستمر العدوان والحصار وحالة المراوحة وخفض التصعيد، وألا تعود العمليات العسكرية على دول العدوان، ولا تنظر الإدارة الأمريكية إلى الحرب على اليمن إلا باعتبارها مصدر تمويل لها، وعمل يحقق لها أجنداتها في اليمن، وتتخذ من الجهود الدبلوماسية أداة للتخدير الوقتي والتلاعب بالوقت، وفرصة لإطلاق حرب هجينة ومركبة إعلاميا وثقافيا ودعائيا على الداخل اليمني بهدف تقويض الوضع الداخلي لصالح العدوان ولهذا تسعى إلى إطالة أمد حالة اللا سلم واللا حرب المسيطرة حاليًا على المشهد اليمني، وتلعب على التبعات الإنسانية التي سببها الحصار والعدوان.
ما أكدته الفترات الماضية منذ بداية الهدنة ثم انتهائها إلى خفض التصعيد، وحتى وصول الوفد العماني ومعه وفد سعودي قبيل عيد الفطر الماضي أن مملكة العدوان السعودي أيضا ما زالت خاضعة للإملاءات الأمريكية، ولم تقرر بعد المضي في سلام، إذ لم تفض النقاشات التي جرت في صنعاء نهاية شهر رمضان إلى أي نتائج ولم تلتزم مملكة العدوان بأي خطوات إيجابية.
وحسب مصادر فإن مملكة العدوان السعودية ترغب في استمرار التفاوضات لكن بلا نتائج وفي مراوحة فارغة، لسبب خشيتها من أي ضربات عسكرية نحوها، ولأنها ليست جادة في أن تنهي الحرب والعدوان وتنتظر أي تحولات إقليمية أو دولية لصالحها.
ولهذا فشلت كل جولات التفاوض والنقاشات والجهود التي بذلتها سلطنة عمان الشقيقة خلال الفترة الماضية ولم تحقق نتيجة، وقوضت كل الفرص الإيجابية التي وضعتها صنعاء أمام تلك الجهود بسياسة ممنهجة اتبعتها دول العدوان، حيث مارست دول العدوان عملا ممنهجا لا بطرح وجهات نظرها فحسب، بل ويؤدي إلى إفشال كل الأطروحات والنقاشات، ولهذا لم تخرج الجولة الأولى ولا الثانية ولا الخامسة والسادسة بأي جديد، سوى أنها أثبتت عدم جدية العدوان في السلام ورفضه الحلول الإنسانية، وإصراره على استمرار العدوان والحصار.
ولعل الفرصة المحدودة جدا التي وضعت بوصول الوفد العماني إلى صنعاء، ستلاقي مصير سابقاتها، وهو ما يتوقعه مطلعون وعلى صلة بالمفاوضات، أكدوا للثورة بأن تحالف العدوان وبالأخص الأمريكي والسعودي يستمرون في التعنت وبشكل مشدد إزاء الملفات الإنسانية، وهو ما تدركه صنعاء بكل وضوح، وتدرك بأن تحالف العدوان لا يريد إلا كسب وقت أطول فقط يعزز من أوراقه ويتمكن من تفعيل الخطة “ب” التي تستهدف الوضع الداخلي اليمني، في قلب المشهد لصالحه، لكن القيادة اليمنية في صنعاء لن تنتظر أكثر.
تحالف العدوان..وإفشال فرص السلام
تعتبر الملفات الإنسانية المدخل الوحيد للوصول إلى سلام عادل ومشرف، والمسار الإجباري للوصول إلى سلام هو بدفع مرتبات الموظفين ورفع الحصار عن الموانئ وعن مطار صنعاء، وكان من المقرر أن ينجز هذا الملف خلال الهدنة الأممية التي انتهت مدتها في شهر أكتوبر من العام الماضي، لكن تحالف العدوان حاول الانقلاب حتى على بنود الهدنة الصريحة وليس فقط بالانقلاب على المسار الذي نصت عليه بضرورة إجراء مفاوضات عاجلة لصرف المرتبات ورفع الحصار، ولم يلتزم تحالف العدوان لا بالبنود التي تضمنتها الهدنة ونصت عليها، ولا بالمسار التفاوضي الذي فتحت أبوابه صيغة الهدنة تلك.
ورغم التعنت والإصرار على استمرار الحرب والحصار والانقلاب حتى من بنود الهدنة الإنسانية، تركت صنعاء الأبواب مفتوحة أمام جهود الوساطة حتى بعد انتهاء الهدنة، وظلت تلتزم ضبط النفس واستمر خفض التصعيد لعشرة أشهر وبفترة أطول من فترة الهدنة الأممية نفسها، وحدث خلال هذه الفترات نقاشات وجولات تفاوض متعددة، وفي جميعها لم يثبت إلا أن تحالف العدوان يريد استمرار الحرب والحصار على الشعب اليمني، بهذه الطريقة القائمة، ويُخضع الملفات الإنسانية للمقايضة ولتحقيق أهداف عسكرية وسياسية، ويسعى في المقابل إلى تكبيل اليمنيين من أي عمل عسكري ينتزع هذه الحقوق الأساسية التي يريد عسكرتها بالمراوحة والمساومات الطويلة.
في المقابل اتجه تحالف العدوان إلى تفعيل ما وصفها قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي الخطة “ب”، وهي إطلاق حرب إعلامية ودعائية وتحريضية مركبة، عبر ماكينة دعائية وإعلامية رسمية، ومن خلال تفعيل شبكة واسعة من الحسابات الوهمية في مواقع التواصل الاجتماعي، والدفع بشخصيات تقيم في صنعاء لإطلاقها تحت عناوين مطلبية وحقوقية داخلية، وبهدف استثارة اليمنيين وتثويرهم واستغلال معاناتهم التي تسبب بها، والتي كان ملزما بكل الاعتبارات أن يعالجها.
والواضح أن التعنت من تحالف العدوان سيستمر حتى بعد عودة الوسيط العماني ولن يستفيد من أي فرص جديدة، وسيمضي في غيه وغطرسته ولن يستجيب لأي مطالب ولو في حدها الأدنى، وهو ما أشار إليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في خطابه الأخير حينما حذر السعودي بألا يتوهم بأنه بعد فشله في الحرب أن ينتقل إلى الخطة «ب» بالحصار والتجويع وبحرمان شعبنا من ثروته، وأضاف “لا يمكن للحال الراهن أن يستمر بما هو عليه..لن ينجو السعودي ويترك شعبنا محاصراً يعاني وبلدنا مدمراً”، ولا يتصور النأي بنفسه عن تبعات ما فعله ويفعله، ويترك بلدنا مدمراً ومحاصرا وشعبنا يجوع” موجها تحذيرات واضحة وصريحة وحاسمة من مغبة الانصياع للإملاءات الأمريكية.
ومن المؤكد أن تحالف العدوان الذي دفع بالشعب اليمني إلى أسوأ أزمة إنسانية في القرن المعاصر، لا يريد إنهاء هذه الأزمة، بل يسعى إلى توظيفها لتحقيق ما فشل في تحقيقه بالحرب العسكرية، وما مضى من فترة خفض التصعيد أثبت ذلك، وهذه النقطة هي من أوضح النقاط الأساسية التي تثبت بأن الحرب أمريكية صهيونية على اليمن، فمن طبائع حروب أمريكا والصهاينة أن تكتسي بالتضليل والزيف والدجل والتحريض والتهييج والأكاذيب وبتوظيف المعاناة التي أحدثتها الحرب لزعزعة الصفوف وإسقاط اليمن من داخلها.
جاء خطاب قائد الثورة في ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام لينهي هذه المهزلة التي طالت، وما إن أنهى القائد خطابه حتى بدأ الأمريكيون باتصالاتهم وفي اليوم الثاني وصل ليندر كينغ إلى الرياض وتحدث بضرورة الإسراع في حل الملف الإنساني، وهو الذي كان قبل الخطاب بـ24 ساعة يتحدث لصحيفة إماراتية ويقول عن صرف المرتبات بأنها مسألة معقدة، أي لا تنتظروا أيها اليمنيون رواتبكم، في الوقت الراهن اشتغلت الاتصالات إلى الأشقاء في عمان بأن تحركوا بوساطاتكم بعد توقف طويل، ويوم أمس الأول اتصل وزير الخارجية الأمريكي بنظيره السعودي ليعيد كيل ليندر كينغ، ووصل أمس أيضا وفد الوساطة العمانية إلى صنعاء وما زال حتى اللحظة موجودا.
لا يعلق اليمنيون آمالا على أن الأمريكي سيصرف المرتبات ولا في أن يمضي السعودي بعيدا عن الإملاءات الأمريكية، ولا في أن تنجح جهود سلطنة عمان في إقناع العدوان بالمضي في خطوات عملية لحل الملف الإنساني، سيواصل الأمريكي التلاعب بكل شيء وبتحريف الحقائق وتضليل الناس، ويواصل السعودي الانصياع لإملاءات أمريكا، والموقف الأمريكي الذي يعتبر صرف المرتبات شروطاً مستحيلة وغير مقبولة، ومسألة معقدة هو موقف أطراف العدوان ورباعيته “السعودية، الإمارات، بريطانيا، أمريكا”.
أولويات القيادة في صنعاء واضحة، صرف رواتب الموظفين كحق مستحق لكافة الموظفين من الثروات الوطنية الغاز والنفط وعائداته المكدسة في البنك الأهلي السعودي، رفع الحصار عن مطار صنعاء، ورفع القيود عن موانئ الحديدة، وقد كان الرئيس المشاط واضحا في لقائه مع الوفد العماني حينما أكد بألا وقت أمام التلاعب، وأن هذه القضايا لا تخضع لمفاوضات، والتي يجب أن تركز على الخطوات العملية لحلها.