مرضى يموتون قبل السفر وآخرون يفقدون أرواحهم وممتلكاتهم في طريق عدن
حصار مطار صنعاء.. جريمة العدوان المستمرة بحق أبناء الشعب اليمني
450 ألف مريض بحاجة ماسة للسفر للعلاج في الخارج، يتوفى منهم من نحو 30 حالة مرضية يوميا
المريضة مريم توفت على سلم الطائرة والوالد أبو بكر قبل السفر بشهر
إجمالي ما خسره المريض عبدالفتاح للسفر عبر مطار عدن نصف مليون ريال وهو نفس قيمة تذكرة السفر إلى القاهرة للعلاج
وزارة النقل أعلنت أن مطار صنعاء الدولي جاهز بنسبة 100% وبدرجة عالية من الكفاءة والخبرة وبكوادر يمنية مؤهلة تأهيلا علميا وفنيا
يواجه الشعب اليمني الصامد عدواً سعودياً إماراتياً يجيد المراوغة والأساليب الخبيثة حيث توقفت طائراته عن قصف اليمنيين لكن حصاره الاقتصادي بحق اليمنيين عامة والمرضى بشكل خاص، لم يتوقف.
الشكل الأبرز لهذا الحصار نراه مع استمرا إغلاق مطار صنعاء الدولي لارتباطه بحاجة الكثير من اليمنيين للسفر لا سيما المرضى.
مطار صنعاء الدولي هو أكبر وأهم مطار في البلاد ويخدم 70% من سكان البلاد وأكثر من 5000 مسافر يوميا، ومنذ اللحظة الأولى كان المطار على بنك الأهداف، ليتم ضربه وإعطاب طائراته وأبراجه وصالاته وكل ما يتعلق بضمان سلامته، الأمر الذي أدى إلى حرمان ملايين اليمنيين ولاسيما مصابي الحرب من نافذة مهمة للسفر والعلاج، ثم فرض عليه حصاراً خانقاً تضرر منه المرضى وهم الأشد حاجة للسفر لتلقي العلاج في الخارج وللأسف يتعرضون لأشد المعاناة وبعضهم يموت قبل ان يتمكن من السفر، البعض الآخر يشد الرحال إلى مطار عدن أو مطار سيئون فيكون عرضة للعصابات الإجرامية في الطريق وقد يفقد روحه وربما كل مدخراته والحوادث الكثيرة شاهدة على ذلك….
“الثورة” التقت أحد الحجاج العائدين من مطار صنعاء ثم عدد من أقارب المرضى الذين تضرروا من حصار مطار صنعاء.
الثورة / أحمد السعيدي
من حديث الحجاج العائدين من مطار صنعاء استوجب علينا التذكير بمعاناة المرضى حيث أستقبل مطار صنعاء الدولي خلال الأيام الماضية 2037 حاجاً بعد اتمامهم مناسك الحج والعمرة للعام 1444هـ، ليرتفع إجمالي الحجاج العائدين عبر مطار صنعاء الدولي إلى 2186 حاجاً وقدّم المطار كافة الخدمات الأرضية للرحلة المدنية القادمة من جدة بمهنية وفنية عالية حسب ما هو معمول به في المطارات العالمية ومنظمة الطيران المدني الدولي الإيكاو، وتسهيل الإجراءات لضيوف الرحمن بما يضمن الأمن والسلامة في مجال الطيران والمسافرين.
من هؤلاء الحجاج العائدين الحاج محمد النزيلي من محافظة إب الذي تحدث لـ”الثورة” عن متعة السفر عبر مطار صنعاء وأمنيته في السماح للمرضى للسفر إلى أي وجهة للعلاج عبر مطار صنعاء الدولي وتوفير الوقت والجهد والمال:
” شعور ضخم وارتياح كبير أن نزور بيت الله الحرام عبر مطار صنعاء فقد شعرنا جميعاً بالعزة والكرامة وأن لدينا وطناً ومطاراً نسافر منه وإليه مثل بقية دول العالم كوننا نعتبر المطارات الأخرى في البلاد محتلة ولم تعد لأبناء الشعب اليمني وهذا ابسط حقوقنا ان نسافر عبر مطار صنعاء وليس هناك مبرر من حصاره لهذه الفترة الطويلة، أنا وجميع الحجاج استمتعنا بالسفر لأداء مناسك الحج عبر مطار صنعاء حيث استطاع أهلنا وأقاربنا الاطمئنان علينا وسهولة توديعنا وكذلك استقبالنا، والسفر عبر مطار صنعاء وفر علينا رحلة معاناة للوصول لمطار عدن أو مطار سيئون حيث تتمثل هذه المعاناة في الوضع الأمني في المناطق المحتلة فقد تكون فريسة للعصابات الإرهابية والإجرامية التي تقطع طريقك وتنهب ما معك واذا رفضت قد تخسر روحك… وأيضا توفير في الوقت والمال ولذلك نشكر القيادة السياسية والثورة في هذه اللفتة الجميلة التي لاقت ارتياح جميع الحجاج وأهاليهم وننتظر اللحظة التي يكون مطار صنعاء الدولي متاحاً أمام الشعب اليمني وخصوصاً فئة المرضى إلى كل الوجهات ويرحل المحتل عن بقية مطارات الجمهورية اليمنية”
معاناة المرضى وانتظارهم
بحسب وزارة الصحة فإن450 ألف مريض بحاجة ماسة للسفر للعلاج في الخارج، يتوفى منهم من نحو 30 حالة مرضية يوميا، إضافة إلى 8 آلاف مريض بالفشل الكلوي بحاجة إلى عمليات زراعة الكلى بصورة عاجلة في الخارج ومن هذه الحالات المواطنة اليمنية المريضة مريم حمود هادي التي توفت قبل صعود الطائرة وتوجهها إلى المملكة الأردنية الهاشمية لتلقي العلاج في المستشفيات الأردنية بعد معاناة كبيرة مع المرض وانتظار طويل للرحلة الجوية التي تأخرت نتيجة الحصار الجوي المفروض على اليمن وليست مريم حالة فردية ولكنها نموذج لآلاف الحالات التي تنتظر الموت بعد تضاؤل الأمل في النجاة بسبب تقييد حركة مطار صنعاء وحصر رحلاته لجهة واحدة هي الأردن وتقليل عدد الرحلات لثلاث رحلات أسبوعيا، وبحسب وزير الصحة الدكتور طه المتوكل فان المطار لا يزال تحت الحصار فلا يمكنه استقدام الأجهزة الإشعاعية أو استيراد الأدوية بشكل مباشر أو استقدام الطواقم الطبية وأن العدوان منع وصول بعثة طبية إيطالية اشتملت التخصصات غير المتوفرة في اليمن رغم تقديم البعثة كل ما يطمئن كون مهمتها طبية بحتة وكذلك رفض دخول جراحي قلب أطفال إلى صنعاء ويفرض الموت البطيء على 3 آلاف طفل مصابين بتشوهات قلبية، ونوه وزير الصحة بأن وصول وفود طبية هو الطريقة المثلى لإنقاذ آلاف المرضى، لأن أقل من 10% من المرضى هم القادرون على السفر في ظل الحصار وتبعاته.
حالات مرضية
وليست حالة المتوفية مريم الأولى ولم تكن الأخيرة حيث التقينا بحالات مشابهة منها أسرة الوالد أبو بكر السياني التي انتظرت صحوة ضمير المعتدي السعودي لفتح مطار صنعاء أمام الرحلات العلاجية لإنقاذ حياة رب الأسرة أبو بكر لكن دون جدوى، فبعد أصابته بورم خبيث في النخاع الشوكي قرر له الأطباء عملية زرع نخاع في جمهورية مصر أو الهند وقد تأخر الانتظار حتى فارق العم أبو بكر الحياة متأثرا بحصار عدو غاشم لا يعرف معنى الإنسانية يقول المهندس وليد-الأبن الأكبر للعم أبو بكر لـ”الثورة” عن هذه المعاناة:
” أصيب والدي بهذا المرض بداية العام 2017 وتقررت له العملية العام التالي فانتظرنا فتح مطار صنعاء لنسافر من هناك وعندما تأخر ذلك فكرنا في السفر عبر مطار عدن ولكننا استبشرنا بفتح مطار صنعاء إلى مصر والأردن فقمنا بالتقديم وانتظرنا دورنا ثم تم إلغاء الرحلات إلى مصر ولم يعد لدينا إلا الأردن فقدمنا مرة أخرى إلى الأردن ومن هناك نقرر إلى مصر أو الهند وعندما تأخرت الإجراءات التي استمرت عام كامل واقترب موعد السفر إلى شهر كان الموت اسرع بعد معاناة طويلة تمكن فيها العلاج الكيماوي من الفتك بأبي رحمة ربي تغشاه الذي تسبب العدوان والحصار في حصد روحه الطاهرة، ولذلك رسالتي للعدوان هي ان تترجل وتترك المدنيين والحالات الإنسانية وشأنها وتواجه عدوك في جبهات القتال وتثبت قدرتك هناك دون استخدام الأساليب القذرة اللا إنسانية”
فتاة في ريعان الشباب
ومن هذه الحالات أيضاً فتاة في مقتبل العمر ” م.س” 18 عاماً تسبب قصف طائرات العدوان بإصابتها بالسكر نتيجة هلعها وخوفها لقرب القصف من منزلها ومع مرور الأيام تضاعفت إثار ذلك المرض المزمن حتى نال من نظرها وأكد الأطباء ضرورة سفرها للخارج لمعالجة وتثبيت النظر مالم ستفقد نظرها شيئاً فشيئاً حتى العمى تماماً وبالفعل تدهور لديها النظر ولم تعد تكفي النظارة وهي لا زالت تنتظر رفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي لتلحق ما تبقى من بصرها لتعيش شبابها كما صديقاتها، حيث أكدت انها تموت في اليوم مائة مرة وليتها تموت وترتاح، وليست تلك الحالات إلا نموذج من مئات وربما آلاف الحالات التي تستدعي ان تقوم الأمم المتحدة التي تدعي الإنسانية بواجبها الطبيعي في حماية المدنيين وتفعيل الوضع الإنساني وتجنيب المرضى الصراع والاقتتال.
طريق العلاج ينتهي بالموت والنهب
حالات مرضية سئمت الانتظار حتّى ينم رفع الحصار عن مطار صنعاء الدولي وتضاعفت المعاناة المرضية فقررت السفر عبر مطار عدن أو مطار سيئون رغم كل ما في ذلك من مخاطر على حياة المريض ومن معه وعلى ممتلكاتهم أيضاً حيث يتعرض المسافرون باتجاه هذين المطارين لهمجية نظام المرتزقة الذي يختطف بعض المسافرين والزج بهم في السجن ليموتوا هناك، وذلك للمساومة بهم سياسياً دون ان يعير المرضية الإنسانية أي اهتماماً وأيضاً يكون المسافرون عرضة لسطوة العصابات الإجرامية التي تشهد انتشاراً واسعاً نتيجة الانفلات الأمني للمحافظات المحتلة والتي تحاول نهب وسلب ما معك بالإكراه وان رفضت فلا تبالي في إزهاق روحك دون تردد كما حدث مع الموطن السنباني وغيره في الطرق المؤدية إلى مطار عدن وخصوصاً في لحج أو إلى مطار سيئون وبالتحديد صحراء الجوف ومارب…
أحد هؤلاءِ الضحايا هم عائلة المختطفة الصحفية نزيهة الجنيد التي تعرضت لمحاولة تقطع من مسلحين في صحراء الجوف وهي في طريقها إلى مطار سيئون وعندما نجت من ذلك التقطع تم اختطافها في مأرب وبسبب لقبها تم الزج بها في السجن مع ابنها لتزداد حالتها المرضية سوءً لتقول بعض الروايات انها توفت في السجن وجثمانها في أحد المستشفيات…
أما المواطن ريدان الجعمي من أبناء محافظة ريمة فقد تقطع له المسلحون في نقطة أمنية بمحافظة لحج وهو برفقة أخيه ووالدته ونهبوا كل ما لديهم من أمتعة وتكاليف الرحلة العلاجية التي افتدوا بها عن أرواحهم ثم عند وصولهم عدن لم يتمكنوا من السفر وتواصلوا مع أهلهم لإرسال لهم ما يكفي لهذه الرحلة العلاجية لتعويض ما نهبته تلك العصابات الإجرامية.
تكاليف باهظة
من يضطر للسفر للعلاج عبر مطار عدن أو سيئون يتحمل أعباء إضافية وتكاليف باهظة حتى يصل إلى سلم الطائرة وقد توازي تلك التكلفة سعر تذكرة السفر إلى الدولة التي يقصدها المريض للعلاج… المواطن عبدالفتاح الريدي ممن سافروا للعلاج عبر مطار عدن واكتوى بتلك الأعباء والتكلفة الإضافية حيث يؤكد لـ”الثورة” ان الذهاب من صنعاء إلى عدن فقط كلفه عبر سيارة تابعة لشركة ارحب لتأجير السيارات اكثر من مائة ألف ريال ناهيك عن مصروف الطريق وعند الوصول إلى عدن تأخرت الرحلة 48 ساعة فاضطر للمكوث في فندق كلفه أكثر من خمسين ألف ريال بسبب سعر الفنادق المرتفع في المحافظة المحتلة عدن، ونفس ذلك المبلغ كان ثمن مكوثه هناك وتناول وجبات الإفطار والغداء والعشاء وغيرها من الأشياء العادية التي سعرها مضاعف هناك بسبب ارتفاع الدولار ومعه أسعار المواد الغذائية، وعند العودة من رحلة العلاج عاد إلى صنعاء عبر نفس سيارة الأجرة وبمائة الف ريال إضافية ليكون إجمالي ما خسره نتيجة حصار مطار صنعاء نصف مليون ريال وهو نفس قيمة تذكرة السفر إلى القاهرة.. وتساءل المواطن عبدالفتاح عن تلك التكلفة أليس المريض أحق بها ولماذا لا يتم استثناء المرضى والسماح لهم بالسفر عبر مطار صنعاء كونهم حالة إنسانية لا تدخل في حسابات دول العدوان العسكرية.
مطار دولي جاهز
ورداً على مزاعم دول العدوان ان مطار صنعاء غير مهيأ وغير جاهز لانطلاق واستقبال الرحلات من وإلى الدول الأخرى أكدت وزارة النقل التابعة لحكومة صنعاء أن مطار صنعاء الدولي جاهز بنسبة 100% وبدرجة عالية من الكفاءة والخبرة وبكوادر يمنية مؤهلة تأهيلا علميا وفنيا “حيث جدد وزير النقل في صنعاء، عبدالوهاب يحيى الدرة، التأكيد على جهوزية مطار صنعاء الدولي التشغيلية الفنية والمهنية، لاستقبال كافة الرحلات المدنية والتجارية وأشاد وزير النقل، خلال زيارة لمطار صنعاء ومعه وكيل هيئة الطيران المدني والأرصاد رائد جبل ومدير مطار صنعاء خالد الشايف، بجهود قيادة هيئة الطيران المدني في الحفاظ على جهوزية عمل المطار الفنية، والتطوير والتحديث لمرافقه بشكل عام، وفقا للاشتراطات والمتطلبات الدولية، المعمول بها في المطارات العالمية ومنظمة الطيران المدني “الايكاو” وأن مطار صنعاء يقدم خدمات ملاحية جوية لطائرات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، والمنظمات الدولية الإنسانية العاملة في اليمن بشكل يومي، بكوادر يمنية مؤهلة بشهادة موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية، الذين يغادرون ويصلون مطار صنعاء.
يُذكر أن مطار صنعاء يعمل بمهنية وحيادية تامة في خدماته الملاحية الجوية والخدمات الأرضية التي يقدمها للرحلات الأممية والمنظمات الإنسانية”.. موضحا أن المطار يستقبل ست إلى سبع رحلات تابعة للأمم المتحدة، والمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن بشكل يومي على جاهزية كاملة في صالات المسافرين والمدرج الرئيسي لهبوط وإقلاع الطائرات والخدمات الأرضية والمرافق التي تقدّم خدمات ملاحية جوية تضمن أمن وسلامة المسافرين.