أجواء عيدية مليئة بالثبات في مواقع العزة والكرامة
الزيارات الرسمية.. القوافل العيدية.. الاهتمام بأسرهم… أبسط ما يمكن تقديمه لهؤلاء العظماء
يعيش اليمنيون فرحة عيد الأضحى المبارك بين أهاليهم آمنين مطمئنين بفضل رجال وهبوا أنفسهم للدفاع عن الأرض والعرض، وفضلُّوا البقاء في الثغور على العودة لقضاء أيام العيد في بيوتهم، ولولاهم بعد الله سبحانه وتعالى لوصل العدوان ومرتزقته إلى أراضينا وعاث فيها الفساد، كما يحدث في المحافظات الجنوبية، ولذلك كان حقاً على اليمنيين تقبيل رؤوس هؤلاء والدعاء لهم في هذا العيد بأن يثبتهم الله وينصرهم، ويجعلهم الحصن الحصين للبلاد الطيبة وأهلها الأحرار..
في هذه السطور نسلِّط الضوء على هؤلاء العظماء وتضحياتهم، ونلتقي بعضهم ونسمع منهم كيف يقضون أوقاتهم في جبهات العزة والكرامة؟، وكيف هي الأجواء العيدية عندهم؟، وما هو واجب المجتمع تجاه تضحياتهم؟، فتابعوا:
الثورة / احمد السعيدي
من جبهة نجران تواصلنا بالمجاهد أيمن الكحلاني ليحدثنا عن أجواء العيد في مواقع العزة والكرامة، وكيف يقضي مع زملائه المجاهدين أوقاتهم، فتحدث لــ»الثورة» قائلاً: “أجواء عيد الأضحى المبارك من أروع ما يكون، ونشعر بالعزة والكرامة ونحن نقضي عيدنا في مواقع النصر والبطولة، محتسبين الأجر الكبير من الله، فنحن في رباط بالنيابة عن الشعب اليمني العظيم، والذي يستحق منا أكثر من ذلك، وما أرواحنا وأوقاتنا وأعيادنا إلا فداء لله ورسوله والمستضعفين الذين واجهوا العدوان بصمودهم وصبرهم، ونحن بالنيابة حملنا السلاح وأكملنا المهمة، وواجهنا العدو في جبهات القتال بكل بأس وثبات، قضينا أول أيام عيد الأضحى المبارك بترتيب إيماني توعوي بدأناه بصلاة الفجر في جماعة، ثم طبقنا البرنامج، وبعدها قمنا بالتكبير والتهليل استعداداً لصلاة العيد، كما علمنا رسولنا الكريم صلوات الله عليه وعلى آله، ثم صلينا العيد وخطب بنا أحد المجاهدين خطبة عن الثبات واحتساب الأجر؛ كوننا نرابط في الجبهة في أيام عيدية يكون عامة الناس فيها في بيوتهم وبين أهاليهم، وعند الساعة التاسعة صباحاً تفاجأنا بزيارة رسمية من قيادة محافظة حجة لتهنئتنا بالعيد، وقدموا لنا الهدايا العيدية وجعالة العيد، وأوصلوا لنا سلام القيادتين السياسية والثورية سلام الله عليهما، وبعدها أكرمناهم بما قدموه من أضحية، وجلسنا في مقيل معهم نتبادل أطراف الحديث حتى هذه اللحظة”.
برنامج العيد
المجاهد توفيق بحجوج- الذي تولى مسؤولية إمداد المجاهدين بكل المستلزمات بعد استشهاد شقيقه ماجد تحدث لـ»الثورة»: «تبدأ أجواء العيد عندما يقوم الشخص اللوجستي المسؤول على الجبهة بإدخال مستلزمات الأفراد من ملابس وأحذية وصابون ومعجون ومقص أظافر، ويتم توزيعها على كل فرد في الجبهة، وهذا قبل العيد بيوم، وفي صباح العيد يجتمع الأفراد على حسب المكان الذى هم فيه؛ لأنه لا يستطيعوا أن يجتمعوا بشكل كبير بسبب الطيران، يلبس الأفراد الملابس الجديدة، ويستحم الأفراد ويقوم الشخص الثقافي في الجبهة والأفراد مجموعين بتكبيرات العيد وصلاة العيد، وثم يقوم الأفراد فيما بينهم بالسلام والمزاورة لكل فرد، ومن ثم يتم إدخال البرع إلى الجبهة، ويقوم الأفراد بالبرع، ويتم إدخال جعالة العيد وتوزيعها لكل فرد في الجبهة، وكذلك يتم إدخال الذبائح وقد هي جاهزة من المطابخ، ثم يأتي أشخاص مشرفون ومسؤولون لزيارة الأفراد والمعايدة، وكذلك يأتي أشخاص عسكريون ومسؤولو الدولة وينقلون لنا تحيات السيد القائد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-، وكل هذا اذا كانت الأجواء هادئة في الجبهة، أما إذا كان زحف أو مواجهات عسكرية فيتم إدخال كل شيء من ملابس وأكل لمكان آمن بحسب توجيه من السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظ الله-، ثم إلى كل شخص وأسرة في صنعاء والمحافظات المحررة.. المواطنون آمنون، وفي الوقت الذي يصلي فيه الناس العيد ويسلمون على الأرحام والمكالف يسقط الشهداء وننسى أنه عيد أو شيء اسمه فرحة عيد، ويضحون بأنفسهم ودمائهم لكي يعيش الشعب اليمني آمناً مطمئناً، وهذا أقل واجب نقدمه للشعب اليمني، وللسيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله-، ولدماء الشهداء، حيث كان السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- يحرص حرصاً شديداً على أن يتم توزيع الملابس الجديدة وجعاله العيد وجميع احتياجات الجبهة ولا ينقصها شيء وبعد أن يتم اكتفاء الأفراد في الجبهة الخطوط الأمامية يتم توزيع الملابس الجديدة وجعالة العيد ومستلزمات الأفراد في المناطق الآمنة».
مع الله
المجاهد علاء الحكمي، قضى ثلاثة أعياد سابقة ومتتالية في جبهات القتال وهو اليوم بين أهله، والذي بدورنا استغللنا وجوده وسألناه عن شعوره عندما كان يأتي العيد وهو مرابط في جبهات القتال فأكد لنا أن الشعور استثنائي باعتبار انه مع الله وفي سبيل الله ويقوم بدوره المقدس أمام الله ورسوله والشعب اليمني الذي تعرض لعدوان غاشم ومحاولة احتلال أرضه ونهب ثرواته، فيما أشار المجاهد الحكمي إلى أن اللحظات العيدية لا تقدر بثمن، خصوصاً عندما تكون هناك ألفة ومحبة بين المجاهدين في الموقع، فيكون هناك سلام ومصافحة عيدية، ثم يتم السماح بالاتصال بأهاليهم لمدة محددة لتهنئتهم بالعيد، وبعدها يستقبلون وفود الزائرين لهم، إذا كانت الجبهة هادئة، أما اذا كانت مشتعلة، فيؤكد المجاهد علاء أن أوقات العيد تمر في استنفار ومواجهة مع العدو، ولا يستطيع الفرد مغادرة مترسه إلا شهيداً في سبيل الله؛ لأن المرتزقة يستغلون المناسبات الدينية، وينفذون الزحوفات ومحاولات التقدم، وذكر الحكمي أنه في أحد الأعياد في جبهة الساحل الغربي كانوا يشتبكون مع العدو من بعد صلاة العيد وحتى ثالث أيام العيد، وكان التوقف فترات قصيرة لا تتجاوز الساعتين.
أجواء روحانية
أما المجاهد وليد عبدالله أبو إسحاق الذي عاد مكرهاً ليزور والدته المريضة، فقد حدثنا عن الأجواء العيدية التي يعيشها المجاهدون في جبهات القتال حيث قال: “يعلم الله أن أبا كيان ردني بالقوة لمزاورة أمي في هذا العيد، وإلا ما كان ودي أرجع، فالعيد في الجبهة له متعة خاصة ومذاق خاص، وأنا كنت العام الأول العيدين في الجبهة وما روحت، فيعلم الله أن في الجبهة أجواء روحانية وإيمانية لا يستطيع اللسان وصفها بالكلمات، ومهما قلت فلا يمكن أن أعبِّر عن تلك الأجواء العظيمة، فهناك تزداد معاني الأخوة بين الأفراد والإيثار، نتدارس القرآن، ونتذاكر بالخير والمنفعة والصلاح، باختصار أجواء إيمانية خالصة بنفوس المؤمنين الصادقين الثابتين على الحق والموقف، وما فيها منافقون، ونقضي ساعات العيد بين التنكيل بأعداء الله والتسبيح والتكبير والتهليل وغيرها من الأعمال الصالحة”.
الزيارات العيدية.. واجب القيادة السياسية
وبسبب هذه التضحيات العظيمة التي يقدمها هؤلاء الأبطال الأشاوس كان لزاماً علينا جميعنا دولة ومجتمعاً تقدير وتثمين هذه التضحيات والمبادرة بالوفاء لهم، ولعل أهم المبادرات الحكومية هي الزيارات العيدية التي ينفذها قيادات الدولة بمختلف مسمياتهم الوظيفية للمرابطين في جميع الجبهات، وينقلون تحايا وتهاني وتبريكات القيادتين السياسية والثورية، ويقدمون لهم الهدايا العيدية، مشيدين بالمواقف البطولية العظيمة والمآثر الخالدة التي سطرها ويسطرها منتسبو الجيش واللجان الشعبية المرابطون في جبهات العزة والكرامة والشرف والبطولة وميادين الجهاد والبذل والعطاء والتضحية والفداء دفاعاً عن الوطن والشعب، وتصدياً لقوى العدوان والطغيان وعصابات الارتزاق والعمالة، هذه الزيارات تعبِّر عن اهتمام وثقة القيادة الثورية والمجلس السياسي الأعلى بأبطال الجيش واللجان في الدفاع عن الوطن، وعن كرامة وعزة وحرية شعبنا اليمني، ومواصلة مسار البذل والعطاء حتى تحقيق النصر الكامل، والتمكين والفتح المبين، وتحرير كل شبر من أرضنا اليمنية من رجس ودنس قوى العدوان والاحتلال.
القوافل العيدية
بدوره يشارك المجتمع بكل فئاته القيادة السياسية الوفاء للمجاهدين المرابطين في أيام الأعياد ويقدم القوافل العيدية لهم في صورة من صور العطاء والإيثار من خلال رفد جبهات الكرامة والاستقلال بعوامل الصمود والنصر، ومع كل عيد تستمر قوافل العطاء اللا محدود التي تجسد حقيقة المعركة المصيرية التي يخوضها كل أبناء الشعب من أجل صيانة السيادة الوطنية، والحفاظ على ثوابت الأرض والإنسان، القوافل العيدية هذه كانت من أهم مظاهر صمود أبناء الشعب اليمني خلال السنوات الماضية والذي وأذهل العالم بمسارعته في الإنفاق لدعم الجبهات بكل سخاء مقتطعاً تلك الأموال التي يخرجها من قوت يومه الضروري ويخرجها وهو في أشدّ الحاجة إليها امتثالاً لقول الله تعالى: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)، وكل ذلك الإنفاق والشعب اليمني محاصر ومقطوعة عنه المرتبات وليس له سوى الاعتماد على الله وعلى نفسه، ولا شك أن تلك القوافل العيدية كان لها الأثر الكبير في صمود الجبهات، كما كانت شوكة في حلق الأعداء الذين لم يكونوا يتوقعون أن الشعب بهذا الإيمان والصمود والمسارعة في العطاء والإنفاق الذي شكَّل إحباطاً لهم، قوافل العطاء العيدية تنوعت ما بين مواد غذائية، ومبالغ مالية وملبوسات شتوية، وكذلك مجوهرات، ومواش ومخبوزات منزلية وفواكه ومكسرات وأدوية ومستلزمات طبية وجراحية وغيرها مما تجود به الأسر اليمنية، حيث تجاوزت بعض هذه القوافل مبلغ العشرة ملايين، وصولاً إلى خمسين مليوناً وأكثر في القافلة الواحدة، وشارك في إعداد هذه القوافل جميع فئات الشعب من جميع المحافظات اليمنية المحررة، كما كانت القوافل النسائية حاضرة بقوة عبر الأمهات والبنات والأخوات لمواصلة التضحية والبذل لله، وشاركن بهذه القوافل لرفد أبطال الجيش واللجان الشعبية في ميادين الشرف في الجبهات، وتستمر قصة الصمود اليماني للعام التاسع توالياً في تقديم القوافل العيدية بما يُسهم في تعزيز صمود المرابطين أيضاً في الجبهات ودحر الغزاة والمحتلين.
الدعاء لهم والاهتمام بأسرهم
واحياناً يبقى الأهم من هذه الزيارات أو تلك القوافل تشجيع المرابطين وتثبيتهم، وعدم الانتقاص من موقفهم، والدعاء لهم في ظهر الغيب بالنصر والتمكين، ولا ننسى أيضاً الاهتمام بأسر أولئك المرابطين وتلمس احتياجاتهم كونهم سلكوا هذا الطريق للدفاع عن ملايين اليمنيين الآمنين في المحافظات المحررة، وهذا أقل واجب تجاه أسرهم وكلٌّ بما يستطيع.