خروج الأسرى شيء مُبهج، مُبكٍ، مُفرح، مُؤلم للجميع، سواء أكان المُشاهد في انتظار أسيرٌ له، أو أنه من الشعب المبتهج بخروج مجاهديه من غياهب الجُّب، كُلنا يعترينا ذات الشعور كشعور أهالي الأسرى، نفرح ونبتهج لخروجهم وعودتهم للنور من جديد، ونحزن ونتألم كجزءٍ أول لخروج البعض بحالة صحية سيئة، فمنهم المعاق، ومنهم مبتور اليد، وآخر مبتور الرجل نتيجة التعذيب، ولكن بشجاعة نقولها أن أسرانا خرجوا رافعي رؤوسهم بمعنويات عالية، وهمم عالية، فلا خوف على رجال تشرّبوا روح الجهاد معنى ومبنى وذاقوا حلاوته مُنذُ الصغر.
وكجزءٍ آخر نحزن ونتألم حال انتظارنا لعودة أخواننا، أو آبائنا، أو أبنائنا الأسرى والمفقودين، وننتظرهم من عامٍ لآخر لخروجهم من الأسر، ونترقّب ملامحهم أو تلويحات أيديهم، علّها تُعرف من بين مئات الأسرى، ننتظر ونترقّب وكُلٌ منا يحرك عيناه على شاشة التلفاز، ويتطلّع الكشوفات، أوَربما يرى أخاً له، أو قريباً بين الجموع، ولكن ليس هُنالك أثر، لكنها خطوة عظيمة خروج أسرى بهذا العدد الكبير وقبلها مثلها وهكذا نأمل خروج بقية الأسرى في الصفقات القادمة.
هكذا الأبطال فقبل أن يصلوا إلى أحضان أهاليهم، يرفعوا أياديهم للدّوِي بصرخة مزلزلة تهز كيان العدو إلى نحره، وهذه تعتبر رسالة عالمية من كل الأسرى، أنهم بأسرهم لهم ما أسروا إلا أجسادهم فقط، أما روحيتهم فهي ذات الروحية الإيمانية، التي حملت الجهاد، وانطلقت من وازع ديني، ومن حب ورغبة في قتال الأعداء، وأنهم كل ما بقوا في السجون ازدادت الروحية الإيمانية فيهم حد السماء، وازدادوا فراسة نحو أعدائهم، لن يضعفهم سجن ولا تعذيب ولا تهديد، بل أصبحوا هم الرجال الذي يشكلون الخوف والرعب لكُل سجّان.
نعم قالها خير الخلق صلوات الله عليه وعلى آله عن شعب اليمن: (الإيمان يمان والحكمة يمانية) دُمتَ شعبي مقداماً معطاءً شامخاً أبياً ما هزتك طوائرهم، ولا قصفهم ولا اعتداءاتهم ولا طغيانهم، بل بكل جريمة يرتكبونها ما ازددتَ إلا قوةً ورغبةً في انتزاع أرواحهم من الأجساد، ما وهنَت ولا للوهن في تاريخك مجال، دُمتَ الشعب الذي يهابه الجميع حين يُذكر، شعبٌ يُقرن بالأصالة والرجولة والقوة والبسالة فدُمت ودام ذِكرك الطيب.