قال تعالى: “اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا”، ملعوناً وأصبح رمزاً للشر، رمزاً للكفر والفجور والعصيان، وأصبح رجساً خبيثاً، أصبح ضالاً من المضلين، ولذلك اتجه بحقد شديد على آدم وكل إنسان، أصبح كائناً شريراً سيئاً لم يعد فيه شيء من الخير والصلاح ولو بنسبة ضئيلة، يتجه في كل مؤامراته وأعماله وتصرفاته من خلال ما هو عليه من سوء وكفر ورجس وخبث ودنائه والعياذ بالله، تغير شامل في واقعه، فهو يحرص على أن يوقع الناس في الفساد والكفر والضلال، يحرص على أن يصدهم عن صراط الله المستقيم، أن يثبطهم عن طريق الخير والقيم الفاضلة والإيمان.
ويعمل “بكل ما هو فيه من حقد وما تحول إليه من خبث وشر وكفر أعلن حربه على آدم وذريته على الإنسان على البشر قال (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ) رأى أن تكريم الله لآدم هو تكريم عليه، وهو تكبر وطغى (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا) يعني لأسيطر عليهم ولأقودهم إلى نار جهنم، وطلب المهلة من أجل أن يوظف كل ذلك العمر الطويل أن يوظفه في حربه على البشر، بدافع عقدة الحقد والكبر، بعد أن وصل إلى الحضيض من المقام المعنوي الكبير.
ولا مجال في المصالحة معه في حقده على البشر، لا يمكن المصالحة معه في هدنة أو صلح، لا مجال في ذلك هو في حرب مستمرة مع الإنسان، لكن ما يمكن هو التحصن من اختراقه والحماية من تدخله السيء.
ذلك أن طبيعة حربه على الإنسان تحددت من أول يوم، من يوم إعلانه حربه على الإنسان (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)، سأعمل على اغوائهم عن الطريق الذي رسمته لهم الذي تحقق به كرامتهم والعزة، وتبقي لهم كرامتهم الإنسانية.
Prev Post
Next Post