أحمد المالكي
دعيت أنا ومجموعة من الزملاء الصحفيين للاطلاع على المشاريع الخيرية التي تنفذها مؤسسة بنيان خلال شهر رمضان وطوال العام، هذه الدعوة لم تكن الأولى فنحن منذ بداية الشهر الكريم نحضر لتغطية الفعاليات الرسمية التي تم فيها تدشين مشاريع البر والإحسان الخيرية العملاقة التي تنفذها مؤسسة بنيان والهيئات الرسمية كالزكاة والأوقاف سواء بشكل مستقل أو بالشراكة فيما بينها وبرعاية رسمية من الدولة والقيادة الثورية.
كما أن الدعوة لم تكن للاستهلاك الإعلامي أو الترويج لهذه المشاريع الخيرية بغرض التكسب والاسترزاق أو جني الأموال والأرباح للمؤسسة عن طريق هذه المشاريع( الخيرية) ‹ كما يعرف عن عمل المنظمات الأجنبية (النفقات التشغيلية) أو ما كانت تعرف بالجمعيات الخيرية، التي كانت تعمل تحت مسميات حزبية معينة أو غير ذلك من المسميات، بل جاءت الدعوة من باب الشفافية المطلقة للقائمين على هذه المشاريع لنقل صورة واضحة وشفافة للرأي العام عن طبيعة البرامج والآليات التي يتم تنفيذها واتخاذها والجهود التطوعية الكبيرة التي تبذل لإيصال الصدقات إلى مستحقيها الفعليين من المستفيدين في المساحات والمناطق الجغرافية المحددة ومن منطلق ديني وإنساني بحت لنيل الثواب والأجر من الخالق عز وجل، ووفقاً لتوجيهات الله في القرآن الكريم الذي يشدد ويحث على أهمية التراحم والتكافل عن طريق الحض والعمل على إطعام الطعام للفقراء والمساكين والمحتاجين، خاصة وقد حذر الله القادرين في القرآن من خطورة الذنب العظيم عند التقاعس عن أداء هذا الواجب الديني والاجتماعي المتمثل في إطعام المسكين والذي مآله عذاب جهنم والعياذ بالله.
ومن الواضح أن هذا الحراك التكافلي الخيري الرسمي والشعبي الهائل الذي نشهده في ظل العدوان والحصار الغاشم لم يأت من فراغ، بل جاء من وعي وبصيرة يمانية إيمانية تقودها وترسخها قيادة قرآنية ممثلة بسماحة السيد العلم عبدالملك بدر الدين الحوثي، ومعه جيش من المؤمنين الذين اتخذوا القرآن منهجاً وموجها للعمل الخيري وللجهاد والبناء والتنمية، وتعزيز مبادئ التعاون والتراحم والتكافل والترابط في أوساط المجتمع ومواجهة أعداء الله وأعداء الوطن.
ولأننا حمّلنا أمانة نقل الصورة عن هذه المشاريع الخيرية كما رأينا وسمعنا من القائمين عليها ومن باب الواجب الإعلامي الذي نتحمله في الحض على إطعام المساكين، هناك ثلاثة مشاريع تتبناها مؤسسة بنيان بالدعم والشراكة مع هيئة الزكاة وفاعلي الخير من التجار وبعض الشركات والداعمين الرسميين، لعل أبرزها وأكبرها (مشروع الوجبة الرمضانية) بمبلغ إجمالي يصل إلى مليار و500 مليون ريال والذي تم تدشينه بداية رمضان بالتعاون مع هيئة الزكاة التي مولت جزءاً من المشروع، وبالشراكة مع الشركاء الآخرين.
الوجبة الرمضانية حسبما أوضح لنا الأخ مجاهد المهلا- رئيس قطاع العلاقات والإعلام والتمويل في مؤسسة بنيان، تتكون من دجاج وخبز وزبادي بإجمالي 615 ألف وجبة خلال شهر رمضان المبارك يستفيد منها 260 الفاً و574 مستفيداً في أمانة العاصمة وأجزاء من محافظة صنعاء.
المهلا أكد أن الوجبات تخضع لرقابة وفحص دقيق للتأكد من نظافتها وجودتها، ويتم توزيعها وفق آلية سلسة عبر 160 نقطة يعمل فيها مندوبون متطوعون بعضهم من جرحى الحرب والعدوان.
هذا بالنسبة لمشروع الوجبة الرمضانية وهناك مشروع آخر موسمي هو مشروع اللحوم والأضاحي العيدية الذي تستفيد منه أكثر من 41 ألف أسرة، بالإضافة إلى مشروع الأفران الخيرية الذي يستمر طوال العام لنفس الأسر المستفيدة.
ما يثير الدهشة والانبهار هو أن برامج الإطعام هذه يديرها ما يقارب ألف متطوع من فرسان التنمية بينهم معاقون حركياً ومكفوفون يقومون بتوزيع الوجبات وأكياس الخبز بأنفسهم بشكل يجعل الإنسان يقف احتراماً وإجلالاً لهؤلاء الأشخاص الذين تجاوزوا إعاقتهم بعد أن بذلوا أرواحهم في جبهات العزة والكرامة ليجندوا أنفسهم في خدمة الضعفاء والمساكين راجين الأجر والثواب من الله عن طريق توزيع الوجبات الرمضانية وأكياس الخبز عبر مشاريع الإطعام هذه إلى منازل الأسر، حيث يتم الحرص على توصيل الوجبات بطريقة لا تمتهن المستفيدين وتحافظ على كرامة الأشخاص بالذات الأسر الفقيرة والمتعففة.
برامج ومشاريع الإطعام والتكافل التي تنفذها هيئتا الزكاة والأوقاف ومؤسسة بنيان وغيرها تعتبر بالفعل ظاهرة يمانية إيمانية لا مثيل لها في المنطقة والعالم الإسلامي تعكس الأخلاق الكريمة والأصيلة للشعب اليمني الكريم والمعطاء، لكن تبني هذه المشاريع ورعايتها من قيادات الدولة والمؤسسات الحكومية الرسمية هو الشيء الملفت حقيقة والذي لم نلمسه خلال العقود الماضية، وهو الأمر الذي يشير إلى أن اليمن بقيادته القرآنية الحكيمة تحرص على تطبيق شرع الله القويم فيما يتعلق برعاية الفقراء والمساكين وإيصال الزكوات والصدقات إلى مستحقيها الحقيقيين وليس العكس كما كان يحصل سابقاً حين تم تعطيل العمل بهذه القيم والأخلاق الكريمة للشعب اليمني بعيدا عن اهتمامات الحكومة والعمل الرسمي.
وفي الأخير هي دعوة صادقة للتجار والشركات وفاعلي الخير للتوجه نحو دعم مثل هذه المشاريع الإنسانية التكافلية والخيَّرة كمشروع إطعام والوجبات الرمضانية والأفران الخيرية ومشاريع الزكاة والأوقاف والتي تعزز الترابط المجتمعي وتخفف من وطأة المعاناة المعيشية التي فرضها العدوان والحصار الغاشم على بلدنا منذ ثمانية أعوام، والتي تسهم أيضاً في معالجة مشاكل الفقر والعوز في بلدنا، خاصة وأن الأموال والزكوات أو الصدقات تصل إلى أياد صادقة ومخلصة تحرص كل الحرص على إيصال الدعم والصدقات إلي مستحقيها الحقيقيين من الفقراء والمحتاجين.
ولا يفوتني أخيراً أن أشير إلى أن أي عمل كبير قد يمر بأخطاء وسلبيات وحسبما أوضح لنا القائمون على مشاريع الإطعام هذه، هناك حرص على معالجة الأخطاء والسلبيات التي قد تحدث، وهناك غرفة عمليات تستقبل الشكاوى من الجمهور المستفيد للإبلاغ عن أي أخطاء أو تجاوزات قد تحدث هنا أو هناك .